الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفكار حول مزايا الفلسفة

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2021 / 7 / 26
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


------------------------------
الفلسفة - كما أفهمها - هي قولٌ كليٌ دقيق ومجردْ،
عمادها المنطق و قدرة الذهن على التجريد،
و ديدنها الدقة في عقل المفاهيم،
وسعيها هو طلب الحقيقة ، ضمن حدود الفهم اللحظي في ذهن الفرد المتفلسف.
والذي لا يُميّزه شيء عمّن سواه من الأفهام سوى انه فهم انساني منطقي حصيف، استطاع إثر الدهشة والسؤال ، أنْ يعي رحيب جهله اكثر من غيره وحسب ..
وللفلسفة بفعلها النقدي العقلي، مأثرة فضلى، تتبدى في أنّها تُعلمنا فنّ إعادة النظر الدائمة، فيما نحمل من حقائق، و ما نُجل من يقينيات، أو نقدس من أفكار .
و هي التي تجعلنا نتفكر بعمق، عبر تكرار لا ينقضي ولا ينقطع ، في معنى الحياة ككل، و تدفعنا لأن نتأمل ملياً في حال جدواها و مثواها ..
وربما الأهم من ذلك كله ، تعلمنا كيف نحترم الحتميات في ناموس التغيير الكوني،
وتجعلنا أقدر على فهم معنى الضرورات التي تتراصف توالياً في مجرى الواقع، ومن ثم تمكننا من تقبلها دون امتعاض مسرف لا طائل منه.
بمعنى آخر ، الفلسفة تبين لنا أهمية ان نتقبل ضرورات هذا الواقع كما هي، و تدفعنا أكثر من أي شيء آخر، لأن نعمل على فهمها، قبل الشروع والاستعجال في رسم الخطط لتغييره جذريا..
و تشجعنا على ان نفهم ضرورات الواقع كما هو، دون ان نُعقلن أوهامه الجذابة أو نُمَطق خرافاته الآسرة للألباب وحسب .
و الضرورة - كما ازعم تعريفاً وفهماً - هي مايمكن وصفه بالحال اللازم لما لا مناص من وقوعه.
أي هي عبارة عن تلازم تعاقبات لواقعات حيادية نحو وجودنا ، وكذلك نحو تقيمنا لموقعها وأثرها على كافة مناحي حياتنا، ليس لها ان تكون ذات مناسبة سعيدة او تعيسة..
انما نحن الذين نسبغ عليها صفة الخير اذا وافقت رغباتنا وميولنا ، ونمنحها صفة الشر حين تخالف أهواءنا وأمنياتنا .
كما ان امتلاك ناصية التفلسف - في تقديري- سيجعلنا اكثر هدوءا وحنكة ، إبان وقوع الحوادث، و أكثر سيطرة على انفعالاتنا إبان الملمّات الكبرى أو عند تدفق عظائم الخطوب،
و تعتبر المقدرة على التفلسف بمثابة معيار لرصانة الفهم عندنا ، وتوازن الوعي النفسي لدينا ،
بخاصة، عندما تخالف تلك الأحداث ووقائع الخطوب المعيشة، افكارنا اليقينية المُحكمة، او حين تبدو لنا مخالفة تماماً لسياق التطور و مجرى الواقع .
قصارى القول :
أنا أعتقد أن دراسة الفلسفة وأسس التفكير العقلي، وامتلاك ملكة التفكير النقدي الفلسفي، هي التي تعصم أذهاننا من الوقوع في شباك العواطف بالمطلق، و بالتالي تمنع أفهامنا من أن تنهج منهجاً مضللاً ، أو تمضي في شطط نحو تحليلات واستنتاجات بعيدة عن الموضوعية .
و لا ينبغي لنا أن ننسى ، بأن العقل - في النهاية - هو مقدرة المرء على الإحاطة الذهنية، و حصافته في التحديد و التنظيم ، و كذلك في امتلاك المقدرة على مهارة الربط بين المدركات والانطباعات، التي تمّ ولوجها الى الذهن عبر الحواس .
و لربما من أعظم فضائل العقل النقدي اليقظ لدى المرء، تكمن في حسن اختياره للوسائل الصحيحة لاكتساب المعرفة الموضوعية، ومن ثم تنظيمها و تكييف استعمالها جيداً، كي تتلاءم والغايات المراد تحقيقها. بغض النظر عن خير أو شر تلك الغايات.
أخيرا : أزعم أن اختلاف افهامنا عن بعضها البعض ، إنما يعود إلى مقدار هذا التنظيم, والى مدى صحة ذاك الربط ، الذي يضبط مسارات الفهم المتعددة فينا ، التي تحدد لنا عمق صوابية كل الاتجاهات الفكرية نحو سعيها الدؤوب إلى سؤدد الكمال المنشود في طلب الحقيقة ..
وليس هناك اجمل عندي من أن اختم مقولتي هنا بعبارة للفيلسوف المفرط بإنسانيته "نيتشه :
" إن الفلسفة ليست تأسيسا لديانة ولا تبشير بحقيقة, ولا وعدا بالحرية و السعادة, بل هي نبش في الأسس, وتعرية للأصول, و ازالة الأقنعة و فضح الأوهام ..."
للحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو