الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلاف الرأي وفساد القضية !!

سلام ناصر الخدادي

2021 / 7 / 31
المجتمع المدني


نشأت في مجتمعات الشرق عموماً ، والعربية منها خصوصاً ، بعض الفئات التي امتازت على إظهار الولاء والطاعة والتبجيل لمن لهم سلطة جاهٍ أومالٍ أو منصب .. نتيجة الظروف القاهرة والغزو والإحتلال وما رافقه من إذلال وتعسف ومحو الشخصية والهوية والقيم .. وفرض نوع من الطاعة للسلطة واتباعها .. أو للوصول الى مبتغى أو مطامع لهم ..
ونشأت هذه الفئات وتدربت ومارست المديح والثناء لمن كان ومهما كان ! واصبحت هذه المفردات المتداولة المسموعة والمقروءة ، مقبولة في حياتهم ، ثم صار منهجاً رسمياً تبنته الدولة ومفروضاً على الناس ! .. بوسائل إعلامها المقروءة والمسموعة والمفروضة قسراً ، أن تمدح وتصفق وتنتقي كلمات الإعجاب والصفات الحميدة (حتى وان كانت مفقودة!) لمن هو أعلى منصبا أو جاه أو رتبة أعلى !!
وعرفنا تماماً .. ان من ينتقدُ فهو معارض و(مغرد خارج السرب) ! .. وممنوعاً حتى من البوح خلسة ! فللحيطان آذان ، وكتّاب التقارير يتربصون في كل مكان !
ورأينا بحياتنا ، كم من الصحفِ حجبت ، واغلقت ومنعت من الصدور (لانتقادها) حالة معينة ، أو لنشرها موضوعاً خارج المألوف !!
وكم من الكتّاب سجنوا ، أو أبعدوا ، أو تم تهديدهم أو تصفيتهم بسبب (الرأي أو الفكر) الذي يحملونه ..
وهكذا تم تأسيس ثقافة المديح والثناء في مجتمعاتنا ونشرها واعتمادها منهجاً في حياتنا .. وإبعاد الإنتقاد والرأي الآخر مهما كان مُصلحاً أو إيجابياً !
ولقد تفنّن المداحون المتملقون بأساليب التزلف والتودد ، وسلكوا طريق الزحف للوصول الى غايتهم ، ومسح الأكتاف والتذلل .. مع حقيبةٍ محمولةٍ على الظهرِ دائماً ، ملأى بالكلام الجاهزِ المعسول .. والجميل من القول .. ومسح الغبار .. ولعق الذيول !! حاملاً اياها في حلّهِ وترحالهِ تقربّاً وتودداً !
ورويداً رويداً .. ترسخت هذه القيم بمرور الزمن .. وكثر اللاعبون على الحبال ، وازداد عدد المصفقين لهم !!
وصار من يجهر برأي مخالفٍ ، مدان ! وتوّجه له سهام الشكِ والريبة والسؤال !! يضاف اليها اللوم وقاذع الكلام !
المهجر والديمقراطية !
مع انتشارنا في بلدان المهجر واستقرارنا فيها ، وجدنا مساحة الحرية الكافية لإبداء الرأي ومعارضة الآخرين بكل حرية .. وبدأنا نعي ونعرف (شغل) الديمقراطية وحرية الفكر والتعبير ! وأن تجهر بصوتك ورأيك بلا خوف او ملاحقة من أجهزة الأمن ! وأيقنّا تماما ان اسلوب حياتهم بالحكم هو : هناك فريق يعمل وفريق آخر يراقب وينتقد ويضع الحلول !
ومع هذا ، مازال البعض يحمل في ذهنه ما ترسّب من مخلفات الماضي من تصفيق فارغ ! .. مازال يعيش بأوهام وأحلام قديمة ويرفض أن يصحو منها ! بل يرفض حتى أن تكون واقع حال فعلاً !! ويعتبر مخالفة الرأي ضد شخصه وكيانه ومركزه العتيد !!
الإنتقاد ليس انتقاص ! ولا سُـبّـة أو طعـن بالشـرف !
وبدأنا نجامل بعضنا في كتاباتنا حين ننتقدُ حالةً ما ، أو نطرح وجهة نظر مغايرة لما مطروح .. فـنضعُ العبارة الشهيرة :
"إختلافُ الرأي ، لا يفسدُ للوّدِ قضية" لكي لا نثير حساسية البعض مما نكتب ! واحياناً كثيرة اخرى ، نتوجسُ خيفةً ممن يتوقعون إن الموضوع يشملهم ! وإنّ ما كُتبَ ، عن قصدٍ وإصرار بحقّهم ! وهذه المصيبة !
فنقرأها ونبتسمُ .. لأننا نعرفُ ساعةَ كتابتها لم تكن هناك قضية !! فلا خصام ولا زعل !!
بالمقابل ، نعرف ان بعض الفارغين الذين صار في غفلةٍ من الزمن بمنصبٍ معين أو (رئيس) ما !! .. قد عاشَ ، وترعرعَ ، ونشأ ، ونما لديه اسلوب الثناء والكيل بلا حساب مدحاً ونفخاً وتزلفاً !! مصدقاً ما يقالُ ويسمعُ ! ومطمئِنَ النفس ان ما قيلَ بحقه .. هو حقيقة لا غبار عليها !!
وحتماً يريد أن يجرب حظه ، ويحشر نفسه ، ويقول، ويتحدث، ويتبنى، وينظّرأ ويخطط !!
نعم .. فقد (كان) !! ولابد ن يستمر لـ(يكون) دائماً !!
متناسياً ان المناصب لا تولّد الأفكار ! وإن الدرجات الوظيفية شيء والعقول الناضجة الخلاقة شيء مختلف تماماً !!
فليس كل من تبوّء منصباً صار فهيماً عليماً يجب أن يُتبع !!
القـيـادة للـفـكــر ..... ولـيـس للمـنـصـب !
ولهذا ، ما أن تستجد (قضية) معينة ، ودار حولها النقاش وكثرت الآراء ، وتبادر لتطرح وجهة نظرك ، أو تدلو برأيك ، والذي ربما يختلف كثيرا عما يُطرح .. فـتحاور بالمنطق لا بالغيبيات أو التأويل ، وتدفع بالحجة والدليل ، وليس بالتسويف والوعود الفارغة !!
ولمجرد انك اختلفت برأيك .. ولأن خطابك خلا من المداهنة والتأييد !! انقلب (البعض) ضدك ، وصرت عدواً ! وبدأ هذا يكيل وذاك يرعد وآخر يزبد بتافه الكلام وبذيء اللسان ، بعيداً عن الذوق !!
لقد تعلّم هؤلاء النفر ، من بعض السذج على التمجيد والتعظيم والتبجيل !! فتثور ثائرته ، وينزع قناعه .. فتظهر حقيقته ! ويشمّر عن ساعده بعبارات التنكيل والتسقيط !
وتبدأ حاشيته بمباركته وتمجيده !! وبشن حملة شعواء تعضيداً وإسناداً له .. حتى وإن لم يعرفوا الموضوع برمته !!
هؤلاء بلا رأي ولا موقف ثابت ، وممكن جداً أن تراهم اليوم معك ، وغداً ضدك ! .. بل تجد لهم في كلِ قدرٍ مغرفة !
أما صاحبنا .. فقد نفخ صدره ، ونفش ريشه ، واختال مزهوّاً بأصحاب المغارف !!
نسخة منه :
_ الى جماعة : رافعي الأيدي الموافقين دائماً !
_ الى جماعة : ان حضر لا يُعد ، وإن غاب لا يُفتقد !
_ الى جماعة : خلّي المس نايم بطبيخه !!
_ الى جماعة : المنجز الوحيد لهم .. حضور مجالس العزاء !
_ الى جماعة : انا لا افكر .. اذن أنا موجود ! 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار