الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إشكالية الدعم الخارجي للحركات التغييرية - بزاف - نموذجا

صلاح بدرالدين

2021 / 8 / 2
القضية الكردية


مقدمة توضيحية :
حراك " بزاف " مشروع فكري ، ثقافي ، سياسي ، مدني ، حواري ، ظهر بعد عام من اندلاع الثورة السورية ( ٢٠١٢ ) في الداخل ، وفي أوساط التواجد الكردي السوري في الشتات ، هدفه إعادة بناء الحركة الكردية السورية ، وتوحيدها ، وصياغة مشروعها القومي والوطني للسلام ، وإقامة هياكلها التنظيمية على أسس جديدة من الانفتاح ، واللامركزية ، وتعايش التيارات السياسية المتباينة ، واستعادة شرعيتها ، وترسيخ استقلاليتها ، وتعزيز دورها البناء ، والخلاق ، والمشارك الإيجابي على الصعيد السوري من اجل التغيير الديموقراطي وبناء سوريا الجديدة التعددية التشاركية ، وتفعيل مهامها القومية على قاعدة التضامن ، والتنسيق ، والحفاظ على الشخصية الكردية السورية المميزة ، وانتخاب هيئاتها ومؤسساتها ، وذلك عبر المؤتمر الكردي السوري الجامع ، بعد توفير شروط ومستلزمات عقده من ثلثين من ممثلي الوطنيين المستقلين ، ومنظمات المجتمع المدني ، وثلث من أنصار الأحزاب الكردية السورية التي تتعهد الالتزام بنتائج المؤتمر .
حراك " بزاف " لايسعى ( بعكس انطباعات البعض الخاطئة ) الى إضافة جسم حزبي جديد يضاف الى عشرات الأحزاب المعلنة ، وليس بصدد إقامة تشكيلة عددية يطلق عليها اسما حزبيا ، ويحدد له شعارا يميل الى أحد طرفي الاستقطاب الحزبي ( ب ي د أو ب د ك – س ) ليعتاش ، وينال البركة والمكافأة ، وان كان ناويا على ذلك لتم منذ اليوم الأول لقيامه قبل نحو تسعة أعوام ، حيث رفض كل الاغراءات ، والعروض المقدمة اليه لاستيعابه ، ولو قبل على نفسه ذلك لكان قد نال الحظوة أكثر بكثير من الآخرين ، ومن ثم اصبح جزء من الاصطفافات ضمن احد طرفي الاستقطاب الراهن ، وهو العنوان السلبي الأبرز الآن في مأسات شعبنا ، ومحنة حركتنا .
بحسب رؤية " بزاف " فان البنية الأساسية للحركة الوطنية الكردية السورية لم تتهالك بالكامل ، اذا اعتبرنا ان تلك الحركة لاتقتصر على المؤسسة الحزبية فقط ، بل تشمل الجمهور الواسع من مستقلين ، ووطنيين ، من كل الطبقات الاجتماعية ، من عاملين في المدن والارياف ، ، ومبدعين من أطباء ، ومهندسين ، ونساء ، ومحامين ، والجيل الشاب الذي شارك قسم منه في الاحتجاجات السلمية ، والتظاهرات ، بداية الانتفاضة السورية وسجن بعضهم وعذبوا وخبروا الحياة السياسية ، عندما نقول إعادة البناء نقصد تجاوز العقلية الحزبية وتنظيم الطاقات الخلاقة المعطلة قسرا وإعادة تنظيم الكتلة التاريخية ، من جديد وعمودها الفقري الشباب ، والوطنييون المستقلون ، وببرامج جديدة ، وقيادات شابة جديدة ، وخطاب جديد .
مناقشة قراءت خاطئة
( " لن ينجح مشروع – بزاف – الا بدعم دولي " ، " لن يتحقق مشروع – بزاف – الا باحتضان ورعاية اقليميين " ، " لن يرى مشروع بزاف – النور الا بتوفير دعم مالي خارجي " ، " لن يتقدم مشروع – بزاف – الا بمباركة اما – قنديل – أو – أربيل " ) ، وكم كنت أتمنى ولو قراءة صحيحة واحدة مثل : " لن ينجح مشروع – بزاف – الا باحتضان ، وقبول شعبي ، جماهيري ، نخبوي كردي سوري ، وقد صدرت تلك القراءات من فئتين : واحدة من ذوي النوايا الطيبة ، الحريصة على نجاح المشروع البزافي ، وأخرى من المترددين ، الرماديين ، الذرائعيين ، وجلهم للأسف من الوسط الثقافي أو المتعلم .
أولا - في مسألة الدعم الدولي
في حقبة الحرب الباردة التي انتهت بداية تسعينات القرن الماضي ، والصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي ، كان هناك حد أدنى من " التضامن الاممي بين قوى الثورة العالمية الثلاث – دول المعسكر الاشتراكي سابقا ، والحركات العمالية والتقدمية ، والديموقراطية في الغرب ، وحركات التحرر الوطني لدى شعوب آسيا ، وافريقيا ، وامريكا اللاتينية ، ذلك التضامن النظري الذي تحقق منه القليل على أي حال ، لانجده اليوم في العلاقات الدولية بعد حلول مبدأ " توازن المصالح " مكانه ، وفي الحالة السورية وعقب الثورة أعلنت اكثر من ستين دولة وبينها دول عظمى وكبرى عن الالتزام بالصداقة مع الشعب السوري ، وضد نظامه المستبد ولكن ماذا قدمت تلك الدول للثورة ؟ هل ناصرتها لتحقيق أهدافها ؟ الجواب قطعا لا فقد تعاملت مع السوريين من منطلق مصالحها وليس من اجل تحقيق أهدافهم ، والنتيجة الان خمسة دول محتلة ، وعشرات مناط نفوذ ، وسلطات الامر الواقع تأتمر بأوامرها ، وتخدم نفوذها الى درجة التضحية بالبشر ، والامر يسري بصورة اكثر وضوحا في الحالة الكردية السورية وتحديدا بين أمريكا ومنظومات – ب ك ك و قسد ، والمسميات الأخرى ، حيث وضع الكرد باسوأ احواله ، أما حركته ففي حالة تشرذم ، وانقسام ، وعداء المحاور .
ثانيا - في مسألة الرعاية الإقليمية
توزعت الرعاية الإقليمية السياسية ، والمعنوية ، والحماية العسكرية ، بين كيانات المعارضة الرسمية ( المجلس ، الائتلاف ، لجنة التفاوض والمؤسسات الأخرى ) ، والفصائل المسلحة ، والكتل والمجموعات السياسية ، ونالت مجموعات حزبية كردية جزء منها ، ولكن وبعد مضي نحو عشرة أعوام ماذا حصل ؟ هل تم حل القضية السورية ؟ هل ساد السلام والوئام ؟ هل عاد المهجرون والنازحون ، وهل اعيد الاعمار ، وتحرر السجناء والمخطوفون ؟ هل زال الاستبداد ؟ وهل تم حل القضية الكردية ؟ .
ثالثا – مسألة الدعم المالي الخارجي
كلنا نعلم أن كيانات المعارضة السورية ( المجلس الوطني السوري والائتلاف ومؤسساتها ) تلقت منذ عشرة أعوام مليارات الدولارات ( ليس هناك سجلات ووثائق بين أيدينا لان المانح والمستلم لم يتركا أوراقا رسمية معلنة ومنشورة ، بالتسليم والاستلام ) ، كل مايعلمه السورييون أن دول الخليج كانت تتبارى في بدايات الثورة في صرف المبالغ الطائلة ليس من اجل انتصار الثورة بل لشراء الذمم ، وتامين الولاءات ، وانعكس ذلك علنا في صراع الفصائل المسلحة ، والتيارات السياسية ، والعسكريين والمدنيين ، والإسلام السياسي ، والعلمانيين ، وكانت النتيجة المزيد من التفكك ، وتراجع الثورة ، وتقدم النظام ، وانقسام المعارضة .
على صعيد المناطق الكردية والمختلطة ، فقد نالت منظومة – ب ك ك – ومسمياتها حصة الأسد من الأموال المنقولة وغير المنقولة والاليات العسكرية ، والهبات الامريكية ، وهي تقدر بالمليارات في غضون تسعة اعوام ، من عائدات النفط ، والغاز ، والحبوب ، والمعابر ، ونتج عن ذلك تقديم الدعم المالي لمركز – قنديل – الذي وسع بدوره مجال اعتدائاته على مواطني إقليم كردستان ، وتشديد القبضة الأمنية الحزبية المستبدة ورفض وقمع الاخر المختلف ، والتنازل عن مبدأ تقرير مصير الشعوب ، وتشويه جوهر القضية الكردية السورية ،وتحويلها من مسألة شعب الى أمور مناطقية ، وصفقات مشبوهة مع نظام الاستبداد ، اما ( المجلس الكردي ) الذي يعتاش على مساعدات الاشقاء في إقليم كردستان العراق ، ويعيش قسم من قيادته حياة البذخ والترف ، فلم يخطو خطوة واحدة نحو الامام منذ عشرة أعوام ، ومازال ينتظر بمذلة ( حصته ) من مغانم سلطة الامر الواقع التي يعتبرها هو نفسه غير شرعية ، بل دخيلة حسب بياناته واعلامه ؟! .
على ضوء هذه الحقائق والوقائع ، فان حراك " بزاف " لم ينشأ من اجل اتباع منهج هذه الأحزاب والمجموعات السالفة ذكرها ، وإعادة تجربتها الفاشلة ، وممارسة نفس أعمالها ، وانتهاج طرقها وأساليبها المعتمدة على الخارج ( فكرا ، ومالا ، وشرعية مستوردة ) ، ولن يضلل حراك " بزاف " شعبه يوما بالوعود ،استقواء بالخارج ، بل بالاعتماد على شعبه والاحتماء بدفئ احتضانه ، ولم يظهر من أجل الانخراط في نفس معادلة ( إدارة الازمة ) بل في سبيل التصدي لها وحلها ليس كاضافة رقم حزبي ، بل عبر عملية مدروسة ، متقنة ، تبدأ من البنية التحتية للحركة ، وليس بترتيبات فوقية ، شكلية ، وبمعالجة جذرية بإعادة البناء من جديد اعتمادا على تعزيز العوامل الذاتية أولا في ( البرنامج ، والبناء التنظيمي ، واستعادة الشرعية القومية ، والوطنية ) وهي السلاح المجرب في نضال الشعوب ، هذا هو السبيل الصحيح مهما كان طويلا وشاقا ، ويستحق التضحية وبذل الجهود من اجله .
الدور الكردي السوري معطل ولاوزن له قوميا ، ووطنيا ، وإقليميا ، ولن يكون بالافق المنظور والمتوسط أي انجاز يذكر في تحرير المناطق وانتزاع الحقوق ، وحل قضيته كمسألة شعب مؤجل ، مادامت أداته النضالية خارج الفعل أي أن حركته القومية الوطنية السياسية مشتتة ، منقسمة ، وحراك " بزاف " اختار الطريق الواقعي الاسلم ، والاضمن ، ولكن قد يكون الأطول ، والأكثر جهدا واعتمادا على النفس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات| هل تصبح فلسطين عضوا في الأمم المتحدة بعد التصويت السا


.. -أين المفر؟-.. تفاقم معاناة النازحين في رفح




.. الغرب المتصهين لا يعير أي اهتمام لحقوق الإنسان في #غزة


.. الأونروا: أوامر إسرائيلية جديدة بتهجير 300 ألف فلسطينى




.. رئيس كولومبيا يدعو لاعتقال نتنياهو: يرتكب إبادة جماعية