الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح التزمت صفة حميدة.

اسكندر أمبروز

2021 / 8 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يوجد في جميع المعتدقات والخرافات الدينية في هذا العالم درجة خطيرة من التزمّت والتعصّب والانغلاق الفكري , متشكلة على شكل أسوار عالية محصّنة , تحجب العقل والمنطق والتفكير النقدي من الوصول للخرافة أو حتى العمل باستقلالية داخل الفكر المؤمن.

وطبعاً هذا الكم الهائل من التزمت الفكري والتعصب الديني للخرافات الدينية لا يأتي من تلقاء نفسه , وإنما يتشكل ويتطوّر شيئاً فشيئاً منذ الطفولة حتى الوصول الى مراحل شديدة التزمت تجعل الشخص المؤمن رافضاً للحقيقة والعلم والتفكير والمنطق حتى وإن تمت مواجهته بهذه الأمور ودحض خرافته أمام عينيه.

وطبعاً هنالك درجات عديدة للتزمت متفاوتة بين الخرافات الدينية , ولا تتساوى جميعها وهذه حقيقة , فالمؤمن بخرافة عمو جيسوس مثلاً , يتعامل ويتواصل مع جميع المختلفين عنه بشكل سليم وطبيعي جداً , يتقبل النقد والسخرية الموجهة لدينه وخرافته , لا بل ويدخل في نقاشات عقلانية ويعترف بالهزيمة في بعض الأحيان , ويبقي دائماً على مجال للنقاش والشك والتفكير.

وهذا طبعاً لا يعني أن المسيحية دين عقلاني وأنه بفضلها صار أتباعها بهذا الانفتاح الفكري السليم , وإنما يعود الفضل في هذا الى الثورات التي لعنت رب المسيحية ورب رجال الدين المسيحيين والذين تم ترويضهم على مرّ قرون طويلة في عصر الأنوار الأوربي , ولكن حال المسيحية اليوم من ناحية التزمت أفضل بمليون مرّة من دين بهائم الصحراء.

فلو نظرنا لهم (أي لبهائم الصحراء) سنجد تزمتاً ينتمي للعصور الوسطى , وتعصّباً أعمى لا يجب أن يقبله عاقل...!!

فمهما قدَّمتَ من أدلّة لبهائم الصحراء على فشل دينهم ودمويته وحيونته وعدم تماشيه مع أ ب الحياة , ومغالطاته الفكرية والعلمية والمنطقية...الخ.
فنادراً ما يتحرّك الماء الراكد في عقله , فالحديث معه (كأنك عم تحكي مع حيط) كما نقول في سوريا , ففعلياً صادفني العديد من هذه الأشكال على أرض الواقع , والذين ينغلقون على أنفسهم مهما قدّمت لهم من أدلّة وبراهين على بطلان فكرهم وخرافتهم.

والأنكى من ذلك , أنه وفي دوائر وأوساط بهائم الصحراء , صار التزمت والتعصب للخرافة مدعاة للتفاخر , حيث لا يكتفي المؤمن بإغلاق أعصاب التفكير والمنطق في دماغه , بل يعمل على تحطيمها من الأساس , متفاخراً أمام الناس أن "عقيدته صلبة" أو أنه "قوي الإيمان" وأن شيئاً لن يؤثر في قناعته الباطلة تلك.

واليوم نعلم طبعاً في أوساط البشر والمتنورين أن هذا الكلام مرفوض تماماً
فتقبّل الآخر المختلف وفتح مجال للشك وإعادة النظر في جميع الأفكار الشخصية هو أساس العقلانية والعقل المتنوّر (وطبعاً هنالك من يتمتع بهذا الفكر من بهائم الصحراء ولكنهم قلّة وغالبهم إمّا ترك الدين أو تجاهله تماماً).

ومن يتعصّب لأي فكرة ما فهو بحاجة الى دورة في التفكير النقدي والتحليل العقلاني للأمور , وطبعاً التزمّت فكرة خبيثة في ذاتها , ولكن يجب مراعاة اختلاف أشكالها , فمثلاً المتزمت البوذي سيكون قمّة في الأخلاق والتسامح والمحبة والإنسانيّة , على عكس المزمت الدعدوش الذي نعلم تماماً ماهيّة شكله ومضمونه.

فمسألة التزمّت الديني هي مسألة نعيشها يوميّاً مع المؤمنين , والتي يجب العمل على إيجاد حلّ لها , والحل الأفضل بالنسبة لي هو رمي الحقائق الصّادمة , وترك المؤمنين يهرجون ويمرجون في بحر من النقد اللاذع ضد خرافتهم , فلن يقبل أحدهم كلاماً ونقداً مباشراً , وإنما سيبحث بنفسه , كما بحثنا نحن عندما تركنا الدين , وهذا في رأيي هو أفضل أسلوب لسحق الدين وخرافاته الفاجرة والفاسدة.

وأمّا خطاب التحاور والمناظرات وكل هذا الكلام , فلن يأتي بنتيجة مع أشكال اتخذت التزمّت مفخرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر