الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التأطير التربوي الديني في ظل المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي6

سامر أبوالقاسم

2006 / 8 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ونحن إذا ما أردنا تجاوز هذا المأزق المحفوف بالمخاطر، والذي يجعل إمكانية سقوط أية مقاربة لموضوع تدريس المواد الإسلامية في خانة الإفراط أو التفريط، نود أن نعالج الموضوع من زاوية الرصد العلمي والموضوعي لما يقع من تغيير في المناهج والبرامج المتعلقة بهذه المواد طيلة الخمس سنوات الأخيرة في ارتباط بإصلاح المنظومة التربوية.
فمشكلة الإصلاح البيداغوجي الذي يطال اليوم مناهج المواد الإسلامية، بمضامينها وطرقها وأدواتها ووسائطها المختلفة، هي أنها ذات وجهين:
وجه إصلاحي يمكنه تجسيد الطموح المأمول، وهو الوجه الذي يعلن عن نفسه من خلال الاختيارات والتوجهات العامة المؤطرة للإصلاح البيداغوجي بشكل عام، والذي يعمل على إبراز مدى التوافق مع اختيارات تربوية واضحة ومع توجهات بيداغوجية واعية ومعلنة، كما يعمل على توضيح مدى انسجام هذه الاختيارات والتوجهات مع انتظارات المجتمع المغربي.
ووجه آخر "مقاوم" لما يمكن أن يطال هذه المواد الدراسية من إصلاح، وهو الوجه الذي يعلن عن نفسه، إما من خلال التعبير عن الانغلاق في مجال التخصص الضيق للمادة الدراسية، وإما من خلال الارتكاز على المنحى التكفيري، وإما من خلال التفنن في إبراز أوجه المزايدة السياسية التي تطال هذا الحقل، مثله مثل باقي الحقول المجتمعية الأخرى.
وهنا يكمن التوتر الحقيقي الذي تعرفه سيرورة الإصلاح، التي ينبغي أن تطال هذه المواد على غرار باقي المواد الدراسية الأخرى داخل المنظومة التربوية. والوقوف موقف التحليل لهذا النوع من التوتر يفضي إلى أن هناك تجاذبا لا يتعدى كونه يلعب دورا سياسيا بامتياز، ويلغي في المقابل كافة أنواع التواصل العلمية والموضوعية بخصوص الإشكالات البيداغوجية والموضوعاتية الحقيقية التي يطرحها الإصلاح التربوي بعمق.
لقد أصبح العديد من الفاعلين والمهتمين والمتتبعين لحقل التربية والتكوين، على اختلاف مشاربهم ومواقعهم السياسية والاجتماعية والثقافية، معنيا أكثر بالمساهمة في عملية التغيير الذي يطال المناهج والبرامج التربوية. وهذا الانكباب على المساهمة الفاعلة في إنتاج وتطوير وتقويم المناهج والبرامج لا يمكن للمرء إلا أن يكون داعما له، بواسطة المواكبة بنفس نقدي صريح يروم المناحي العلمية والموضوعية، لئلا يتحول الاهتمام ذاته إلى هاجس لمختلف أشكال وأنواع المزايدة. هذا الانكباب ينبغي أن يتحول إلى اهتمام تربوي دائم ومسترسل في الزمان، على اعتبار أن الإصلاح التربوي يشكل أسا من أسس التغيير المجتمعي المنشود من ناحية، وركيزة لتعديل اتجاهات الناشئة المغربية وانفعالاتها وسلوكاتها من ناحية أخرى.
وانطلاقا مما يعتمل اليوم في واقع حالتنا الوطنية، ومن خلال عمليات الرصد الممكنة والمتاحة، وحسب وتيرة التتبع والاشتغال في مختلف مواقع نبض المجتمع، يمكن التأكيد على أن التعليم الديني بالطرق التقليدية المتعارف عليها في مجتمعنا، وممارسة التأطير والتوجيه الديني بالطرق والأساليب الكلاسيكية التي ما تزال سائدة في جزء من مؤسسات التنشئة الاجتماعية والثقافية، لهما مفعول كبير وخطير على مستوى رفع وتيرة الغلو والتطرف الديني في مجتمعنا، وبالنظر إلى مجموع الوقائع والأحداث التي طالت مجتمعنا في العقدين الأخيرين على الأقل، يمكن القول إن مطلبي تجنب اختزال "الحقيقة الدينية" في "الحقيقة السياسية"، وإعادة النظر في الطرق والكيفيات المعتمدة في عمليات التنشئة والتأطير والتوجيه، أصبحا يشكلان ضرورة مجتمعية غير قابلة للتجاوز.

الهوامش:

1. وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، الوثائق الكاملة وخلاصات أشغال المنتدى الوطني للإصلاح، الطبعة الأولى، 2006، ص: 10.
2. الميثاق الوطني للتربية والتكوين، النص الكامل، منشورات المركز المغربي للإعلام، ص:8.
3. منهج التربية الإسلامية، محمد قطب، الجزء الأول، ص 37.
4. نفس المرجع أعلاه، ص: 5.
5. نفس المرجع أعلاه، ص: 9.
6. الكلمة الافتتاحية للمنتدى الوطني للإصلاح، المنعقد بيوليوز 2005.
7. أضواء على مشكل التعليم بالمغرب، ص: 141و142.
8. نفس المرجع أعلاه، ص:149و150.
9. نفس المرجع أعلاه، ص: 152.
10. الوثائق الكاملة وخلاصات أشغال المنتدى الوطني للإصلاح، الطبعة الأولى، 2006، أوليات، ص: 38.
11. مجلة الوحدة، العدد الخاص بالتعليم في الوطن العربي، ص: 17.
12. الوثائق الكاملة وخلاصات أشغال المنتدى الوطني للإصلاح، الطبعة الأولى، 2006، المنطلقات، ص: 44.
13. نفس المرجع أعلاه، ص: 53.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد أنباء سقوط طائرة الرئيس الإيراني.. المرشد الأعلى: لا تعط


.. عالم دين شيعي: حتى القانون الألهي لا يمكن أن يعتبره الجميع م




.. 202-Al-Baqarah


.. 204-Al-Baqarah




.. 206--Al-Baqarah