الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقية الوهابية..محمد حسان نموذج

سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي

2021 / 8 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالنسبة لشهادة الشيخ محمد حسان اليوم في المحكمة الخاصة بقضية داعش امبابة

صرح الشيخ بالآتي: "أن أي جماعة تستحل الدماء المحرمة للمسلمين وتستحل دماء إخواننا وأبنائنا من أفراد الجيش والشرطة فهى جماعة منحرفة عن كتاب الله وسنة رسوله وكانت سببا في التنازع والخلاف»، موضحا أن أفكار تنظيم القاعدة تكفيرية ويحكمون على المسلمين بالردة والحكم على جميع الحكومات الإسلامية والعربية بأنها كافرة ومرتدة كما أنهم يستحلون الدماء، وأن جماعة الإخوان في بداية دعوتها تحولت إلى البحث عن الحكم وتولت رئاسة الجمهورية ومجلس الشعب ومع ذلك لم توفق في حكم مصر لأنها لم تستطع أن تنتقل من فكر الجماعة إلى فكر الدولة ومن سياسة الجماعة ذات الطيف الواحد إلى سياسة الدولة متعددة الأطياف، وبعد حدوث الصدام بين جماعة الإخوان والدولة وجميع مؤسساتها رفعت شعار الشرعية أو الدماء، وكنت أتمنى التنازل عن الخلافة، كما أن جماعة الإخوان كونوا فرقا سميت باللجان النوعية اقتحمت مقرات الدولة وخربتها." انتهى

وبعيدا عن الاستطراد في تاريخ الشيخ وفيديوهاته وخطبه الموثقة التي تنفي هذا الكلام أتحدث بصفتي إخواني سابق وباحث في شئون الجماعات، ومُناظر قديم ضد الوهابية، وأقلها بكل صراحة أن الشيخ كذب عمدا في المحكمة بطريقة أسوأ من التي ظهر عليها حسين يعقوب، وسبق القول أن حسانا هو أكثر وضوحا في التكفير وصناعة الإرهابي من يعقوب وإليك مجمل دعوة حسان طوال 30 عاما في شرائط وخطب..

1- الخلافة والشريعة فرض عين
2- الدستور والقوانين والبرلمان كفر بمنهج الله واستبدالها بحكم الله واجب، وهذه النقطة كانت محور مناظراتي ضد الوهابية في الواقع والإنترنت طوال سنوات
3- التمثيل والموسيقى والأغاني حرام وأموالها حرام، وذلك الحكم يعني مصادرة أموال الممثلين والمطربين والموسيقيين
4- اللحية فرض والحليق عاصي إلى أن يتوب
5- السلفية هي الفرقة الناجية ومن دونها في النار
6- تكفير كل المخالفين بالرأي - ما دام خلافهم ليس عن حديث صحيح - واعتبارهم على بدعة إلى أن يتوبوا ويجب فيهم إعمال حكم المرتد
7- المسلم يجب أن يكره غير المسلم طبقا لقاعدة الولاء والبراء، والمشكلة الكبرى تعريفهم للمسلم جعل كل مختلف بالرأي معهم وفقا للنقطة السابقة هو كافر مرتد يجب قتله وكراهيته..
8- أموال البنوك حرام وكافة مؤسسات الدولة تقوم على منهج بشر لا على حكم الله
9- التبشير بالمهدي والخلافة وإشغال الناس بملاحم وفتن آخر الزمان
10- إحياء الفتوحات والغزوات باعتبارها سنة مهجورة ومصدر عزة وكرامة المسلمين

الشيخ حسان كان يدعو لهذه القواعد بوضوح وله شريطين في الجهاد الأول : بعنوان "جراح وآمال" جعل فيه الجهاد والتوسع الديني هدف كل مسلم، والثاني: بعنوان "الجهاد سلعة ثمنها الجنة" حرّض فيه على الجهاد بالمطلق وأنه الطريق الوحيد لتطبيق الشريعة..

فتكون مراحل صناعة الداعشي مكتملة بدءا من الصغائر كتحريم التمثيل والأغاني إلى ألعاب التسلية كالشطرنج والطاولة والكافيهات بالعموم.. فيأخذ المتطرف موقفاً من الفن والإبداع والتروية عن النفس، أصبح لدينا شخصا معقدا معزولا..ينتقل آليا لتحريم كل مظاهر العصر من البنوك إلى الدساتير كونها ظاهرة لعالم يرفضه، وينظر لكل من يعمل بها ويدافع عنها على أنه مُحارب لله.ثم ينتقل إلى الاعتقاد بأهمية الشكل فيُطيل لحيته ويُكثر من استعمال السواك، وغالبا يلبس الجلباب أو أزياء المجتمعات المحافظة كالخليج وأفغانستان.. فيتحول الدين لديه إلى دين شكلي صرف..

ثم يتغير ذوقه الفني ويصبح ذوقه وهّابيا.. وبدلاً من الاستماع إلى القرآن بأصوات أبناء بلده يبدأ بسماع القرآن بأصوات الخليجيين لاعتقاده أن لديهم أصل الدين وهم أهل الصلاح (أساتذة حسان الذين علّموه الوهابية وجاء مبشرا بها في مصر) ..ثم تكون محطته الأخيرة بسماع محاضرات الولاء والبراء والفرقة الناجية وملاحم آخر الزمان..فيشرع في تكفير الآخرين والاعتقاد بقرب زوال الدنيا وعليه فعل شئ قبل الزوال، حتى يقع أسيراً للجماعات ويتم تجنيده بسهولة بعدما رأوا فيه كل عناصر التطرف..فيحمل السلاح ويقتل الأبرياء..

في الحقيقة لو أراد الشيخ نفي تهمة التطرف عنه ومسئوليته في صناعة الإرهاب عليه بمراجعة ال 10 بنود المذكورةن فهي تمثل ثوابت في السلفية الجهادية والشيخ حسان يقول بها، وبما أنه لم يتراجع عن أي بند منهم فشهادته في المحكمة شهادة زور وتبرؤ من تلاميذه الذين صدقوه وظنوه بطلا لا يخاف إلا الله، وهاهو الشيخ مع أول امتحان يظهر جبانا خائفا كي لا يُسجَن وتُختَم حياته بطريقة بائسة..

كذلك تعاملت مع متطرفين كثيرين من الإسلام والمسيحية لم أرَ متطرفا أكثر عدائية وضيقا للصدر والعقل من السلفي الذي صنعه حسان ورفاقه، يريدك أن تتدين كما يريد هو، الأمر يتجاوز حد العقيدة والمذهب، بل يدقق في كل الخصوصيات ولا يحترم أي تنوع مهما كان تافها، وبالنظر للقواعد العشرة المذكورة فتعني أن السلفي لن يراك بصورة طبيعية فإذا امتلك القوة سيقتلك أو يؤذيك بأي شكل..

فحتى إذا أصبحت سلفيا وتسمع موسيقى..لن ترضيه، وإذا أطلت لحيتك ولكن اتبعت الصوفية ..لن ترضيه، وإذا استخدمت السواك ولبست الجلباب وصليت الفرائض والسنن لكن لا تقول بالفرقة الناجية..لن ترضيه، وإذا آمنت ببعض بشيوخه وانتقدت ابن تيمية..فلن ترضيه، وإذا قلت بوحدة الأمة وتعاملت مع الشيعي أيضا لن ترضيه..وإذا اتبعت كل ما سبق وسمعت الغناء وشاهدت السينما لن ترضيه وهنا متطرفي المسيحية أرقى بكثير لانهم لا يحرمون الموسيقى والغناء ويتعاملون مع السينما والتمثيل عادي..

السلفي لا ينظر للإسلام كدين أو منهج..بل كفرقة وجماعة معزولة ظلت تضيق وتضيق حتى انحصرت فيه وفي شيوخه، فكرة الاختلاف ليست موجودة في قاموسه الشخصي، فالحق أبلج دائما وهو يراه بوضوح..حتى في السياسة..غير مسموح لك بالاختلاف معه، يسقط فورا من أحكام الدين على الأحزاب والسياسات والدول، فإذا خالفته في أمر ما عدّك من الفرق النارية ال 72، وإذا حاورته لتقريب وجهات النظر تبرأ منك بوصفك ضالا مضلا..حسب عقيدة الولاء والبراء.

السلفي المقصود هنا لا يعني بالضرورة انتماءه لإحدى الحركات السلفية الموجودة، بل ربما يكون متدينا عاديا غير منتظم في جماعات، أو أزهريا تشرّب عقائد الوهابية في الأزهر وتأثر بخطب حسان ورفاقه، أو سياسيا وإعلاميا وفنانا تأثر بصحوة الإسلاميين في السبعينات ، وما زال على صلة وسماع لكل رموزهم واحترام لشيوخهم من أيام شرائط الكاسيت..ونموذج إيمان البحر درويش ماثل للعيان فهو تكفيري قِحّ وعدو للإبداع والفنون برغم ممارسته إياهم سنوات..

لذلك فالسلفي المقصود هو أسوء منتج ديني ظهر ربما في التاريخ، فالأخبار الواردة من التاريخ عن المتشددين لم يجمعوا كل هذا السوء مرة واحدة، فلربما تجد من يؤمن بكفر فلان وعلان من الماضي، لكن يسمع الموسيقى كما سمع فقهاء الأموية الموسيقى في بلاط الخليفة "الوليد بن يزيد" في قصر عمرة، أو يؤمن بالجهاد والغزو لكن لا يجمع كل مخالفيه في النار بمن فيهم مسلمين، مثلما كان سائدا في العصرين الأموي والعباسي الأول حيث لم يكن حديث الفرقة الناجية معروفا وقتها..

السلفي الذي صنعه حسان هو أسوء نتاج معرفي تراكمي إسلامي منذ وفاة الرسول إلى الآن، لم يقف إلا على كل ما هو سئ..حتى رأينا فجيعة داعش وتوحشهم وسقوطهم الديني والإنساني والعقلي..فالداعشي في الحقيقة هو قمة ما وصل إليه السلفيون من فكر (مُجرّب) بعضهم شعر بالصدمة وعكف على المراجعة، لكن الأغلبية منهم ما زالت على غيها وضلالها وعدوانها وتربصها بكل مصلح وعاقل يعظهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كلهم اسلام سياسي وهدف واحد
منير كريم ( 2021 / 8 / 9 - 19:32 )
تحية للاستاذ الكاتب المحترم
السلفية الوهابية حالة خاصة من الاصولية الاسلامية التي تضم الاسلام السياسي السني والشيعي
بعض الحكومات التسلطية تحاول استخدام فريق ضد اخر من فرق الاسلام السياسي وهذا قصر نظر شديد
كل فرق الاسلام السياسي يودون بعضهم البعض في قلوبهم والسنتهم منافقة
شكرا لك


2 - لماذا لم ينشر تعليقي
احمد علي الجندي ( 2021 / 8 / 28 - 15:29 )
لا اعلم لماذا لم ينشر مراقب التعليقات تعليقي
المهم ولو اني لست في صدد ان اعيده
اقول
التقية الوهابية اسوأ من الشيعية
لان التقية الشيعية منشأها الاضطهاد المستمر من قبل الاخرين
نعم
المسيحين واليهود اهل كتاب يدفعوا الجزية وهم صاغرين
اما الشيعة فماذا هم ؟
مجرد خراف للذبح !!!!!!!
ومن هنا نتجت التقية لكي ينقذوا انفسهم من عدو لا يتوانى ابدا بقتلهم
اما التقية الوهابية فهدفها هي الدخول في المجتمعات بشكل سلمي وبعدها تفكيكها من الداخل ضمن شعارات رنانة مثل الوحدة وخدمة الوطن
وبعد القوة تبدأ حملة الاقصاء والتكفير
وبعد ذلك
حملة القتل والشرمذة
وبعد ذلك معاداة كل شيء حضاري في الحياة
وبعدها يرسلون اتباع لهم جدد في دول
اخرى
انا رأيت هذا في مصر وأرى ذلك اليوم في تونس والجزائر
بل حتى في الاردن
وسيستمر ذلك مرة وبعدها
ظننت ان بانتهاء او سحب الدعم السعودي للوهابية ستنتهي
ولكن هل ستنتهي حقا
؟