الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وجهة نظر / العلمانيون ..والواقع الراهن ..!؟

خليل صارم

2006 / 8 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المسلم به أن العلمانية قد أشبعت بحثاً على مدى اتساع رقعة هذا الكوكب .. لاننكر أن هناك اختلاط في المفاهيم .. ومع أن العلمانية هي مجرد مفهوم قابل للتطور بتطور العصر وليست نظرية محكومة بقواعد وأطر محددة قد تصل يوماً ما الى حدودها القصوى ثم تنكفئ على نفسها كنظرية تمدد الكون لتقف موقف مضاد للتطور الحتمي .
من الثابت أن العلمانية تعمل لدفع الناس للاهتمام بشؤون دنياهم الأمر الذي يفسح المجال في تطوير المجتمعات بعيداً عن الغيبيات التي تتسم بالخرافة والجهل .. وبالتالي فان الغيبيات تبعد الانسان عن الواقع مستسلماً للمجهول الذي يكبح جماح تطوره وتجعله يقع فريسة القوى الظالمة التي تستثمره الى الحد الأقصى .
لقد سبق لنا وأكدنا على علمانية الإسلام على خلاف رؤية فقهاء السلطة الذين راكموا كماً هائلاً من الغيبيات والتفسير المنحرف له ليسهلوا على السلطات المتعاقبة عبر قرون السيطرة المطلقة على المجتمع .. في الحديث الشريف * ( اعمل لدنياك وكأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك وكأنك تموت غدا ً )* صحيح متواتر* ..والواضح أنه يحض على الاهتمام بشؤون الدنيا الى الحد الأقصى مشترطاً أن يكون ذلك مستنداً على المنظومة الأخلاقية .( بمعنى علمانية مثالية ). وهو المقصود بـ.. اعمل لآخرتك وكأنك تموت غداً .. على خلاف ماجنح اليه فقهاء السلطة والذين أثبت الواقع أن لاعلاقة لهم بالإسلام من قريب أوبعيد . ان هذا الحديث يمكن اعتباره أساس المنطق العلماني الذي يستبعد رجال الدين عن أية علاقة بالسلطة لثبوت اغراقهم المجتمع بالغيبيات بشكل مطلق وتسببهم بخلق النزاعات المذهبية والطائفية في المجتمع بمعنى تفتيت المجتمع واضعافه حفاظاً على مصالحهم ومصالح السلطة .فهذا الحديث يحض الناس على الاهتمام بشؤون دنياهم بأولوية ( وكأنك تعيش أبدا ) .
لقد لاحظنا أن مفاهيم العلمانية ليست واضحة حتى الآن في أذهان الكثير ممن يزعمون العلمانية ويظهرون بمظهر المثقفين .. ليطفو موروثهم على السطح فور حدوث المسبب . وقد تم بحث هذه الجوانب وتم تبيان أن لكل مجتمع مفاهيمه المرتكزة على واقعه الاقتصادي والثقافي والاجتماعي فما يصلح من العلمانية في أوربا قد يسبب لمجتمعاتنا بعسر الهضم .. وما يخرج من قواعد في أوربا على أيدي مثقفين أوربيين تكون مستندة لواقع ومستوى تطور المجتمعات الأوربية . قد لايصلح لنا إطلاقا.وهناك فرق واضح بيننا وبين الشعوب الأوربية من حيث النهضة والتطور ( وليس معيباً أن نقر هذه الحقيقة بل المعيب المكابرة عليها ) . الأمر الذي يفرض على مثقفينا واجباً هو ضرورة الخروج بمفاهيم عن العلمانية تتلائم ومستوى مجتمعاتنا ويعتبر تمسكهم بالمفاهيم الأوربية من قبيل الجهل والتقصير . وهذا بالطبع لايمنحنا المبرر للتمسك بموروث مليء بالأخطاء والانحرافات وأنه يجب بداية العمل على تنقية الموروث وعزل الايجابي عن السلبي فيه .
من هنا أردت الوصول الى اللحظة الوطنية .. فالعلمانية كما هو واضح لاتعني الاستغراق بالواقعية الى حد التطابق مع القوى المعادية للوطن والتوجهات الوطنية حتى ولو كانت مستندة الى مفاهيم غير علمانية . هذه ليست واقعية .. هذا انحراف يطابق تماماً انحراف فقهاء السلطة . مع أن العلمانية تعطي معنى الوطنية مفاهيم أرقى وأكثر بعداً وتطوراً من التعصب الأعمى . مع ذلك فإن هناك لحظات لابد منها للتعصب الوطني وهي لحظات ليست دائمة ولكنها مرتبطة بأزمة أو أزمات يمر بها الوطن .
من قرأ التاريخ يذكر أن أول خطاب لستالين اثر اجتياح قوات الغزو الألماني لحدود روسيا قال فيه ( ياأبناء كاترين العظيمة ) ولم يقل أيها الرفاق البلشفيون .. وعلى حد علمي أن كاترين لم تكن رفيقة ولكنها كانت على رأس امبراطورية مرهوبة الجانب .. اذا ً فإن ستالين نادى الشعب في الأزمة الوطنية بما يعيد الشعور بالعظمة للروس فاستنهض فيهم الشعور بالعزة الوطنية والانتماء الى امبراطورية وامبراطورة عظيمة في التاريخ .
من هنا أرغب بالتلميح الى مايحصل الآن في هذه المنطقة ..التي تمر بأزمة مفصلية قد تخرج منها هذه الشعوب وقد تبدلت رؤيتها للعالم بشكل أكثر حضارية وتطوراً تتجاوز فيه أزماتها الأخلاقية وحالة التردي التي تعيشها أو أنها تعود الى عمق التاريخ وتدفن فيه .وعليه فإن مايحدث في لبنان معركة مصيرية ضد عدو عنصري نازي بل أشد عنصرية من النازيين يمكن لنا أن نضعه في هذه الخانة ( خانة اللحظة المفصلية ) .
في هذه المعركة لامجال للوقوف عند التفاصيل ومن له الحق بقيادتها أو من ليس له الحق بذلك والبحث في الخطأ من الصواب ..وكم ملاك على رأس الدبوس . هناك حالة وطنية ..وبعد الانتهاء يمكن لنا جميعاً أن نطرح آرائنا ووجهات نظرنا ونظرياتنا .. وهذا ماسيحدث شاء من شاء و أبى من أبى .. من يعتقد أن الأصولية سوف يقوى عودها هو واهم ويقرأ الواقع قراءة خاطئة .. بل على العكس فان انتصار اسرائيل المطلق هو الذي سيدفع بهذه المجتمعات الى أحضان الأصولية المتطرفة على شكل ردة فعل شرسة..وهذه هي اللعبة الصهيونية التي لعبت على مدى نصف قرن .. فقد تراجعت القوى التقدمية والحضارية لحساب الأصولية كردة فعل قد لاتتسبب مشكلة سياسية لصاحبها مع الأنظمة كبداية برزت من خلال الزعم بالتمسك بالشعائر لتتنامى الى فكر متشدد أعمى يرى بنفسه أنه يحتكر الحقيقة المطلقة .. فتحت ستار التدين والتمسك بالشعائر تم ضخ أسوأ أنواع الفكر الأصولي المتطرف الذي لايتقيأ سوى الدم والمجازر والحقد على كل شيء . وقد تم كل ذلك برعاية أمريكية مباشرة وغير مباشرة على الرغم من ضخ الأكاذيب عن ديمقراطية وحرية ثبت أنها مزيفة وكاذبة . في حين أن الانتصار على الصهيونية المتمثلة بإسرائيل باعتبارها أحد أشكال العنصرية الأشد سوءاً والتي فرضت معاييراً مقلوبة على أبناء المنطقة أثارة حفيظتهم بسبب سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية على الأمم المتحدة واستمرارها بسياسة الكيل بمكيالين ان هذا الانتصار مهما كان بسيطاً يفسح المجال للفكر المتطور كي يستعيد مكانته على الساحة وهذا مالاحظناه بعد حرب تشرين .. ومن تابع لاحظ كيف أن الفكر قد تطور في المسرح والبحث والقصة والشعر وكافة أشكال الأدب وبتواز تام تطور المفهوم السياسي بشكل تصاعدي وسريع . لكن النكسات التي تلت ومن بينها حرب لبنان واجتياح 82 وتفتيت الصومال ومشاكل السودان وضغوط الأنظمة ثم الهجمة الأمريكية العلنية على المنطقة ..كل ذلك أصاب الفكر التقدمي والعلماني بنكسات مشابهة لمصلحة الأصولية والفكر السلفي المتشدد . وهذا بالضبط مايسعى اليه النظام الأمريكي ليبرر للرأي العام العالمي ولمجتمعه حروبه التي باتت تشمل الكوكب كله تقريباً , لتحقيق أهدافه الأساسية بالسيطرة وكل من يصدق أن النظام الأمريكي يعمل على تعميم الديمقراطية والحرية هو واهم ولاعلاقة له بالسياسة على الاطلاق .
ان مايحدث في لبنان هو فرصة ذهبية لقوى اليسار والعلمانية كي تعود لتحتل الساحة وتسيطر على الشارع .. في ظل مسرحيات الأخوان المسلمين والقوى الأصولية التي تزعم ..مجرد زعم وقوفها الى جانب المقاومة اللبنانية والفلسطينية .. وذلك بقصد قطع الطريق على القوى الوطنية من علمانية ويسار وقومية وكافة الأطياف الشريفة بكافة أشكالها وتنفيس احتقان الشارع ( مسرحية الأزهر التي تتكرر اسبوعياً ولاتخرج عن نطاقه ومزاعم محاصرتها من قبل النظام ) .
من الواضح أن المقاومة في لبنان تعي تماماً ان الأصولية تقف ضدها ولاتتمنى لها الانتصار في حين أن كافة القوى الوطنية يسارية.. قومية.. علمانية قد اصطفت الى جانب المقاومة اللبنانية وهكذا الحال في الشارع العربي والعالم . ( تشافيز ) وشوارع أوربا ..
بكل أسف فقد لاحظنا أن بعض العلمانيين لدينا وتحت مزاعم الواقعية قد غرقوا بواقعيتهم الى حد التطابق مع النظام العربي والقوى العنصرية في العالم فوجدوا أنفسهم يقفون ضد المقاومة تحت مزاعم أنها أصولية دينية .. في حين أن سلوكيتها
و خطابها كان بعيداً كل البعد عن ذلك .. وأن ظروف السرية قد فرضت عليها شيئاً من ذلك .. لكن اصطفاف قوى الوطنية من يسار وعلمانيين ..وشرفاء العالم قد كشف موقف الأصولية الفعلي الذي تبين أنه يعادي تماماً هذه المقاومة .
نعود للحالة الوطنية ..وتذكروا مقولة ستالين في الحرب العظمى الثانية .. هو موقف طبيعي في الأزمات يتخذه القادة والشعوب . أما بقية المزاعم والاتهامات فهي ساقطة تلقائيا ً . ذلك أن من يطلقها لايعي حركة التاريخ والمجتمعات ومراحل تطورها .
هذا هو واقع الحالة اللبنانية وعلى القوى العلمانية وقوى اليسار والتقدم وقوى الشرفاء الوطنيون أن يعوا هذه الحقائق وإعادة ترتيبات الأولويات وصياغة فكر يتلاءم مع المرحلة الجديدة لأن أي تقصير سيفسح المجال أمام الأصولية المخادعة والمتلونة لمليء الشاغر مستثمرة الأحداث لمصلحتها مع أنها وقفت علناً بوجه المقاومة وقوى التغيير وحاولت محاصرة الشارع باسلوب خبيث ومسرحي بحيث بدا وكأنه يتحرك من خلالها وهذا حقيقة كان مجرد لعبة من الأصولية على عادتها . ان المرحلة مرحلة قوى التقدم والحضارة في المجتمع فلا يجب افلاتها حتى ولو أدى الأمر لبذل التضحيات مهما كانت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال