الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تخلّى الملاك الحارس عن حراسته

رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.

2021 / 8 / 13
الادب والفن


حين كان لا بدّ من النوم
أمام أنين القضبان الصارخ بالفراغ
أمام وحش الجدران المُكبّل
كان عليّ اختراع تهويدة
ترسلني، قاربٌ ورقي ينطلق من يدِ طفلٍ
نحو هاوية النهر
وما أهمية التلاشي بالغرق
حين يكون الثمن أعصاب مبللةً
باردةً مثل نهاية غُصن شقيقة النعمان في المزهرية
مصيرها النوم النهائي
لكنّها باردةٌ مؤقتاً..

حين كان لا بدّ من النوم
أمام قرع الباب المجنون
لجاري الذي يفصلني عنه حائطٌ قزم
جاري المُخيف الذي يصدف أنه يُشبهني
عدا أنه لا يحمل لوني..
كان عليّ اختراع تجسيداً أقوى للتهويدة
حين كان ظهري يشتاقُ الى خدر تربيت الأم
حتى الغفوة..
فكان الملاك الحارس..
يحملُ بإحدى يديه شمعة مُترقرقةٌ
كعينهُ عليّ
والأخرى
تتأهب لسطوِ جاري المجنون
بينما جناحاه يغطيان ما يكفي من الضوء
في أُفق جفنيّ المُغلقين
لأنهُ يعرف أني لا أنام في الضوء
وأخاف الظلمة..

حين كان لا بد من النوم
على أرضيةٍ
مهما لانَ سُمكها
ترفض عظامي مُعاملتها على غير أنها خَشبةٍ
قُطعِت تواً من الشجرة، وأُلقيت
في مهبِّ الموج..
كان علي اختراع يداً ضخمة
تحملُ الماء والموج
والخشبة التي أستلقي عليها..

لكنّي استيقظتُ فجأة
لأجد الشمعة مرميةً
تختنق بشمعها،
تبكي نفسها بجانبي..
وورقةً مُهملةً كُتب فيها:
"معذرةً، لم يستطع عقلي تحمّل كل ذاك القرع"

لن أنتحب،
لن أذرف ما ذرفتهُ الشمعة.
خيالي عنيدٌ باختراع الحنان
يُغذّيه قحط المُحيط المسكين
عديم الخيال..

أخبرني شخصٌ بنبرة خوف
لا تلعبي الغُميضة مع الأشباح
لا تهربي، لا تنامي!
أحبيني، أكُن لكِ ملاكاً حارس
أكن لك تهويدة تهزُّ سريرك حتى الصُبح
أحبيني أكن لكِ كهفٌ من شقائق النعمان
لكنني لعبتُ معه الغميضة،
على سبيل الاختبار
ولم يظهرُ بعد
رغم أني صحتُ كثيراً عليك الأمان!

هُنالك نجمةً
خُلقت لتحبس نفسها بين الجموع
بهالةٍ تسطع للمقاومة
دفاعها عن نفسها سحب البصر.

لأن ثمة تلك الفكرة التي تولد مع المرء
أُختٌ توأم غير مرئيةً للآخرين
الفكرة التي يكبرُ محاول لمسها، وفهمها
ويتبعها كما لو كان قطة تتبع كُرة صوف
تلك الأخت التي حصل عليها في قُرعةٍ عبثية
سترسم شكل وجهه
وتُحدد عنه توقيعه
مهما تعثر في متاهات الكون الشاهقة
في محاولة منه لإيجاده..

ثمة من تكون اخته ظلٌ أبيض
وحقل مُبهج من زهور التوليبٍ
ثمة من تكون اخته شقةً في علية عمارة كئيبة
لا تتجاوز الخمسة أمتار في أربعة،
وثمة من تكون اخته
ساحرٌ رديء يدعي أنه ملك الموت..

هكذا، نولد مع الأشياء
بلا خيار الرفض
لكنّ خيار المعايشة
أو المقاومة
ينمو معنا
مثل نبتةٌ ضئيلة تسمع دويّ الإعصار
القادم من بعيد..

قررتُ مقاومتهُ
بملاكي الحارس
لكن ملاكي
مثل كل شيءٍ آخر
خذلني!

2021/8/11








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم