الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إستقبال الناجيات من بطش داعش ..بقرار ديني وتأريخي لدى الأيزيدية

عيسى سعدو

2021 / 8 / 15
المجتمع المدني


مقدمة
لا يخفى على أحدٍ حجم وهول ما إرتكبه تنظيم داعش الإرهابي من جرائم ضد أبناء المجتمع الايزيدي في العراق عامة وفي منطقة سنجار الواقعة غربي مدينة الموصل ، على وجه الخصوص . تلك الجرائم الذي فتح تنظيم داعش الإرهابي أولى فصولها في مطلع شهر آب / أغسطس من العام 2014 كان للنساء الأيزيديات النصيب الأكبر منها وذلك لتعرضهن الى الخطف والسبي والإغتصاب .


كانت جريمة سبي وإغتصاب النساء الأيزيديات ، أبشع جريمة إرتكبها تنظيم داعش الدموي على الإطلاق ، لم يخفي داعش جريمته الكبرى تلك ولا إرتكبها في السر بل أعلن عنها وتفاخر بها كما فعلها في العدد الرابع من مجلة دابق التابعة للتنظيم والذي صدر باللغة الإنجليزية في 12 تشرين الاول / اكتوبر2014 حيث خصص فقرة كاملة مكونة من عدة صفحات في المجلة لشرح إقدامه على جريمة سبي الأيزيديات وتفسيرها مُرفقة بالقرائن.

لعلها آخر إعترافات داعش تلك ، ما أدلى به القيادي الداعشي سالم مشعان الجبوري المعتقل لدى خلية الصقور الإستخبارية في لقائه مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) الذي بث في الأول من شباط / فبراير من 2021 ويحتفظ الكاتب بنسخة منه ، حيث قال الداعشي سالم مشعان الجبوري عن سبي النساء الأيزيديات :" الشيخ عبد الله قرداش أبى الا أن تسبى الأيزيدية " فيرد عليه المذيع ، بأي سبب وكيف بررها ؟ فجيب الجبوري نقلا عن قرداش " مادام هي مسألة شرعية فأطبقها ، هذه السُنة أُحييها "




من اهم القرارات في تأريخ الديانة الأيزيدية

بعدما تم سبي وإغتصاب النساء الأيزيديات ، كان المجتمع الأيزيدي مع مع رجال دينهم أمام موقف تأريخي وإنساني وإجتماعي وديني ، فأما أن يحافظوا على مجتمعهم ويحتضنوا النساء المظلومات أو أن اي قرار آخر سيؤدي الى تدمير نسيج المجتمع وتشويه سمعته محليا ودوليا وتحوله من مظلوم إلى ظالم .
لذلك كان القرار الصحيح والغير مسبوق في أي مجتمع شرقي أن يقرر الأب الروحي الأعلى للأيزيديين في العراق والعالم المرحوم بابا شيخ خرتو حاجي إسماعيل ( 1933 - 2020 م) بإستقبال كل النساء اللواتي تعرضن الى ظلم داعش واصدر سماحته هذا القرار باللغة الأيزيدية في كتاب رسمي ، كما وجه فيديو مسجل الى كافة الايزيديين في السادس من أيلول/ سبتمبر2014 .

في السادس من شباط / فبراير من العام 2015 أصدر القرار ذاته باللغة العربية حيث قال ما نصه عن النساء والاطفال المختطفين والناجين :" نرى في المرجعية الدينية الأيزيدية إن هؤلاء قد أجبروا على ممارسة شعائر دينية تنافي الديانة الأيزيدية تحت الضغط والإكراه والقوة ،نؤكد بأن هؤلاء الناجيات والناجين يبقون أيزيديين أنقياء وليس لأحد أن يمس عقيدتهم الأيزيدية بشيء لأن ما تعرضوا له خارج إرادتهم " كما دعا الأب الروحي سماحة بابا شيخ خرتو حاجي إسماعيل (رحمه الله ) الى مد يد العون للناجين والناجيات " كي يعودوا الى ممارسة حياتهم الطبيعية وليتجاوزوا المحنة التي مروا بها "



أما في الفيديو الذي بث في منتصف العام 2015 (يحتفظ الكاتب بالفيديو في أرشيفه) فوجه فيه سماحة بابا شيخ كلمته الى الناجيات الأيزيديات وشكرهن قائلا :" دعاؤنا ورضانا على كل ناجية تأتي ، فهي إبنتنا وإختنا ومرفوعة الرأس ونشكرهن كثيرا ، ندعوا للباقيات والباقين (المختطفات والمختطفين) الرجوع بالخير والفرح "


بابا شيخ .. كالأب للناجيات والناجين

بابا شيخ خرتو حاجي إسماعيل ذلك الرجل الوقور ذو اللحية البيضاء ببياض قلبه الرحيم وثيابه النقية وعمامته المبجّلة الذي رحل الى جوار ربه في عام 2020 ، عُرف بمواقفه الثابتة في الدعوة الى السلام والتعايش بين أبناء مختلف الأديان وبُعده نظره في القضايا الراهنة وقد تجلى ذلك في قراره التأريخي بإستقبال الناجيات والناجيين من بطش داعش ، حتى وفاته كان يستقبل الناجيات والناجيين في معبد لالش بنفسه وكانوا يعتبرونه أبا لهم .


ترحيب المجتمع الأيزيدي بالقرار

لاقى القرار ترحبيا واسعا بين الايزيديين فأستقبلوا كل الناجين من كلا الجنسين وأصبحت هذه القضية دينية وإنسانية في وجدان كل فرد أيزيدي وفي الحقيقة كان للنخب الثقافية والإجتماعية ونشطاء مواقع التواصل الإجتماعي دورا كبيرا في غرس تلك المحبة بقلوب الأيزيديين تنفيذا لقرار بابا شيخ وكان نبأ تحرير مختطفةٍ يصبح قضية رأي عام يتداول على الفيسبوك بالتهانئ والتباشير السارة حتى اصبحت كلمة " قدِيسة " لا تفارق إسم أي ناجية ، كالقديسة نادية والقديسة اخلاص والقديسة لمياء والخ، وقد كان لهذا القرار تأثيرا وتحفيزا كبيرين في ظهور الناجيات في المحافل الدولية والإدلاء بشهادتهن عما عانين منه ،وإرتبط الشبان الأيزيديون بالشابات الناجيات فما كانت قصة زواج الشاب علي من الشابة الناجية فيان التي أصبحت على كل لسان الا ترجمة ووفاء لذلك القراروقد تبعتها عشرات من قصص الحب والزواج بين الناجيات والناجين وبقية أفراد المجتمع .

لقد اثبت ذلك القرار وعي المجتمع الأيزيدي ورجال دينه وطبقته المثقفة وتماسكهم ومدى الحب بين بعضهم البعض رغم كل الابادات والفرمانات السابقة والحالية .

ترحيب محلي وأممي بالقرار

-في 26 آيار / مايو 2016 قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف في الصراعات المسلحة زينب بانغورا :" أنا فخورة بقرار بابا شيخ الإيزيديين القاضي بقبول النساء الناجيات في المجتمع. هذا أمر غير مسبوق".

-في 17 كانون الاول / ديسمبر 2017 كرّم مجلس النواب العراقي سماحة بابا شيخ خرتو حاجي إسماعيل بدرع تقديري "لمواقفه النبيلة في ارساء السلم وحماية المراة الايزيدية الناجية من ايادي الارهاب " .

-في 27 حزيران /يونيو 2018 الطبيب الكونغولي الشهير الذي حاز جائزة نوبل للسلام في عام 2018 مناصفة مع الناشطة الأيزيدية نادية مراد، دينيس موكويغي قال عن قرار إستقبال الناجيات والناجين :" بفضل هذا الموقف، يمكن للأيزيديات الإدلاء بشهاداتهن ، يمكنهن كنساء كسر الصمت".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة


.. إعلام إسرائيلى: إسرائيل أعطت الوسطاء المصريين الضوء الأخضر ل




.. كل يوم - خالد أبو بكر ينتقد تصريحات متحدثة البيت الأبيض عن د


.. خالد أبو بكر يعلق على اعتقال السلطات الأمريكية لـ 500 طالب ج




.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان تنديدا بالحرب الإسرائيلية