الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنغير سلوكنا... لنصلح تصرفاتنا

حسن سمر
باحث في الفلسفة السياسية

(Hassan Soumer)

2021 / 8 / 16
المجتمع المدني


من المؤسف أن تجد نفسك تعيش في القرن الواحد والعشرين مع بعض الأشخاص الذين لا يمكن إلا أن نقول عنهم أشباه إنسان لا غير. في حوالي الساعة السادسة والنصف مساءا استعملت وسيلة ترامواي للتنقل من أجل قضاء بعض الأغراض. أول ما ولجت القاطرة تبين لي أنها لا تتوفر على جهاز المكيف وبدأ على الكثيرين العرق والعياء الناتج عن ارتفاع درجة الحرارة بالإضافة إلى الازدحام والهلع من انتقال الفيروس في ظل انعدام شروط التباعد بين ركاب القاطرة. إلى هنا الأمور قد تبدو عادية لأننا تعودنا في وسائل النقل على مثل هذه الأمور التي لا يستحيل فهم منطق أصحابها . لكن الغريب بالنسبة لي عندما اعترض بعض الركاب على السائق وطلبوا منه تشغيل المكيف ظنا منهم أن له يد في ذلك. وبكل لباقة واحترام اعتذر السائق وقال بأنه غير مسؤول عن تشغيل أو إيقاف المكيف، وليس هذا دوري أنا مجرد سائق أنفذ الأوامر التي تطلبها الإدارة. وأضاف إن كان هناك من مشكل فعليكم بوضع الشكاية لدى الجهاز المسؤول بالمركز الإداري. وكرر التأكيد على أنه لا يد له في ذلك وأنه مجرد سائق. واسترسل قائلا بأنه رفض الانطلاق بهذه القاطرة منذ البداية لأنه دائما يعاني من اعتراض الزبناء عليه لكن فرضوا عليه ذلك وما عليه إلا التنفيذ وإلا لا يخفى عليكم مصيري. كلام معقول وجهه السائق بكل احترافية واحترام للجميع. وقد استغرق زمن توقف القاطرة حولي أربع دقائق حيث سيتفجأ السائق بأحد الرؤساء يهاتفه بكلام صاخب وبصوت عالي ينم عن غضب صاحبه. قائلا لصاحبنا بأنه تأخر وعليه الانطلاق وما كان عليه أن يتوقف للحديث مع الناس. ورد عليه السائق بأن الركاب اوقفو جهاز الإنذار ويستحيل الانطلاق في ظل تزايد غضبهم من عدم وجود مكيفات مشتغلة. لكن هذا الرد لم يشفي غليل الرئيس الذي يبدو عليه متأثرا بسلطوية أواخر القرن الماضي. وأغلق الهاتف في وجه السائق. فتابع صاحبنا السير، استمر الركاب في ترديد بعض الجمل مثل "هو مسكين معليه والو غي شيفور.. " "جهنم كحلا هادي.." طبنا... حمام هذا ماشي ترام... نطق الآخر بمجرد دخوله في المحطة الموالية "البراز هذا….
كل هذه التعابير تعبر عن غضب الركاب وقد نتفهم الأمر. لكن ما أثارني لماذا نفتقد الإنسانية في بعض المواقف التي يجب أن نكون انسانيين أكثر. لماذا لا نحاول فهم بعضنا البعض.
وأكثر شيء أكد لي أننا لسنا مؤهلين لنكون من أهل زماننا هذا شخص يبدو في الأربعينيات من عمره عندما وصل إلى حيث أراد، بدون ذرة خجل خرج ووقف في أمامية القاطرة من جهة السائق وقال"وترااااااام وترااااام ثفو عليك.." بصقة في اتجاه السائق. وذهب في حال سبيله بدون أن يشعر بتأنيب ضميره. لماذا البصق في اتجاه السائق رغم أنه حاول أن يقنع الجميع بأنه ليس مسؤولا عن تشغيل المكيفات وايقافها وغامر بمنصب وظيفته. لماذا نحن عنصرين نأكل بعضنا البعض. لا نعرف أن نتعامل مع بعضنا ونحقق نوع من الانسانية بيننا لماذا الحقد والبغضاء بيننا.من أين لنا هذه الوقاحة هل من التربية أم المدرسة أم المسجد أم الشارع... صراحة عندما نفتقد للأخلاق لا يمكن أن تستمر الحياة على شاكلتها خصوصا مع بعض التصرفات التي تصدر من البعض منا، عندما نفتقد للضمير الأخلاقي ضمير بلا قلب لا يعرف الرحمة وتقبل المعذرة، يريد كل شيء على منواله وان تسير دائما الأمور كما شاء. غبي هذا المسكين لا يعرف حال الدنيا. إن كنه الإنسان يظهر مع كل موقف وموقف وفي الصعاب يتبين الحديد والالماس والذهب. فما عليك إلا أن تختار ما يناسبك. عادي جدا أن تصادف أحيانا بعض التصرفات التي قد لا ترضيك وهذا وارد جدا. لكن عليك أن تحسن التصرف وأن تعي أن تصرفك وفعلك ما هو إلا نتيجة أخلاقك وتربيتك وان تتعلم كيف تضع نفسك في موقع ومواقف الآخرين . لست بعاجز أن تصحح أي عطب يبدو لك غير مناسب في التربية التي تلقيتها. لقد أصبحت راشدا عاقلا قادرا على التمييز بين الخير والشر والظلم والحق. والأجدر بك أن تضع نفسك في مكان كل إنسان لكي تتعلم معنى الصبر وتفهم دواعي كل فعل. وأن تحترم من يحترمك رغم عدم استحقاقك لذلك الاحترام.
اخيرا اتقوا الله في أنفسكم وفي بعضكم البعض. في نهاية الأمر الكل في طريق الفناء فما الإنسان إلا ذاك الكائن المقذوف به هناك بتعبير هايدجر.أو كما جاء في خاتمة كتاب الهوامل والشوامل لأبي حيان التوحيد "إن الإنسان قد أشكل عليه الإنسان.".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات واعتقالات في الولايات المتحدة الأمريكية.. حراك جامعي


.. الأمم المتحدة: هناك جماعات معرضة لخطر المجاعة في كل أنحاء ال




.. طلاب معهد الدراسات السياسية المرموق في باريس يتظاهرون دعمًا


.. الأمم المتحدة: الهجوم على الفاشر بالسودان سيكون له عواقب وخي




.. مصر تعرض على إسرائيل عدة أفكار جديدة كقاعدة للتفاوض حول الأس