الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس عاشوراء بين منطقتي الثورة والمنصور-القسم الثالث

صوت الانتفاضة

2021 / 8 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يعد حي المنصور من أرقي الاحياء السكنية في بغداد؛ منذ نشأته واغلب ساكنيه من قوى السلطة والمترفين والاثرياء، يمتاز بنظافته وجماليته العمرانية وطرقه المعبدة وخدماته الجيدة، قياسا على بقية اماكن بغداد الاخرى، ويعتبر مكان سياحي لأهالي مدينة بغداد، لكثرة أماكن الترفيه، من نوادي ومعارض وشوارع تجارية؛ قد يكون حلم أي شخص في بغداد السكن في ذلك الحي، لما يحظى به من سمعة "مدنية".

مثلما يقال فأن البورجوازية كانت قد حاربت الدين في بداية نشأتها، فهي التي رفعت شعار "فصل الدين عن الدولة"، لكنها ما ان طردت النمط القديم "الاقطاعي-الكنسي"، وتسيدت الواقع بكل تفاصيله، حتى انقلبت على مفاهيمها، فقامت بإيداع شعارها "فصل الدين عن الدولة" في متحف التاريخ، سامحة وبشكل قوي وفعال في ان يكون الدين أحد أكثر أسلحتها الفتاكة في مواجهة الجماهير، لهذا فقد عملت على ان يكون الدين موجودا في مناطق العمال والكادحين ومناطق الأثرياء على السواء، فقط انها قامت "بتقسيم للعمل" من نوع ما، أي ما الذي يتوجب ان يفعله هذا وما يجب ان يفعله ذاك.

"القديم يموت والجديد ينمو" هو ما حصل بعد احداث 2003، فقد زال، مات النظام القديم كله، باثرياءه وقادته، وحل المنتج الأمريكي الجديد من قوى الإسلام السياسي، فكان حي المنصور أحد أبرز الأماكن التي قطنها هؤلاء الجدد، فتسمع ان هذا البيت كان يسكنه فلان الفلاني، الذي هو أحد اركان النظام القديم، واليوم يسكنه فلان الفلاني، من اركان النظام الجديد.

عندما تتجول في شوارع حي المنصور، في أشهر الطقوس، لا ترى تلك المشاهد الموجودة في مدينة الثورة، فعلى الرغم من ان بعض قيادات الإسلام السياسي هم من سكنة المنصور، وقسم منهم من قادة الميليشيات، رغم ذلك فلا تجد ذلك الهيجان والتوتر الطقوسي، تكاد لا ترى تلك المظاهر والانفعالات الجياشة، وقد تتسأل مع نفسك: اليست الطقوس هي هي؟ اليس من يحكم الثورة هو نفسه من يحكم المنصور؟

اذن هناك تقسيم للعمل "الديني-الطقوسي" من جانب القوى البورجوازية العالمية، وهذا التقسيم ليس حكرا على العراق، فقد نجده في أماكن عديدة حول العالم، فقط انه يتجلى بشكل أنصع وأوضح في هذا البلد، فالأمريكان اسسوا الحكم الديني في العراق بعد 2003، وشكلوا بهم طبقة بورجوازية طفيلية، ذيلية، تابعة لسلطة الرأسمال العالمي، وهذه الطبقة عملت على تغييب الوعي الحقيقي عند الجماهير، وجعلتهم يسكرون في افيون الدين والطقوس، محققة الامن والأمان والحياة الرغيدة لها، وللمعدمين والفقراء والعمال النعيم الاخروي.

كتب ماركس بحق يقول ((وما له قيمة في الدولة المسماة دولة دينية ليس هو الإنسان، إنما هو التخلي عن الجوهر الإنساني)) لقد تخلى الانسان في هذا البلد عن التفكير في واقعه الحياتي والمعيشي، وظل يعيش على اساطير الماضي وطقوسه؛ وكل ذلك بفضل سلطة دينية مقيتة، تلعب على وتر هذا الماضي، وتسلب الانسان جوهره الحقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية تواصل التصدي لكل محاولات الت




.. 78-Al-Aanaam


.. نشر خريطة تظهر أهداف محتملة في إيران قد تضربها إسرائيل بينها




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف الكريوت شمال