الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفع الصور قبل فوات الأوان

طارق الحارس

2006 / 8 / 16
المجتمع المدني


قرار ( حكيم ) ذلك الذي اتخذه السيد مقتدى الصدر في صلاة الجمعة الأخيرة والذي طالب فيه برفع صوره من جميع دوائر الدولة .
ربما أن السيد قد اتخذ هذا القرار احتجاجا على المداهمات التي شنتها قوات الجيش العراقية التي تساندها القوات الأمريكية لمدينة الصدر في بغداد أو القوات البريطانية في البصرة لاعتقال مجموعة من جيش المهدي ، تلك المداهمات التي تكررت في الآونة الأخيرة ، أو ربما هناك أسباب أخرى دعته الى اتخاذ هذا القرار .
شخصيا ، لا تهمني الأسباب بقدر ما يهمني القرار ، ذلك القرار الذي انتظرت تنفيذه منذ عودتي من العراق بعد الزيارة السريعة التي قمت بها الى هناك بعد سقوط النظام بعام واحد ، إذ أفزعتني الصور والجداريات العديدة التي تغلف شوارع وجدران البنايات في بغداد وبعض المحافظات التي زرتها ، فضلا عن جدران مكاتب الدوائر الحكومية . ليس صور وجداريات السيد مقتدى فحسب ، بل صور وجداريات العديد من زعماء الأحزاب الدينية والسياسية الذين دخلوا الى العراق بعد سقوط النظام الصدامي .
صديقي الذي عاد مؤخرا من العراق حدثني عن هذه الظاهرة بشكل أكثر تفصيلا أو أكثر افزاعا ، إذ ذكر لي أنه رأى ، فضلا عن الصور والجداريات المعلقة في الشوارع والدوائر الحكومية ، رأى عددا من أفراد قوات الجيش والشرطة ببدلاتهم العسكرية يضعون صور زعماء أحزابهم الدينية على أكتافهم .
يحمل بعضهم مسؤولية لصق هذه الصور في الشوارع والدوائر الحكومية على المواطنين ، إذ يقولون أن المواطن العراقي يشعر دائما أنه بحاجة الى ( الرمز ) أو ( البطل ) ، لذا فهو الذي يختار بطله ليضع صورته في هذا الشارع أو تلك الدائرة وبعضهم الآخر يقول أن المواطن يعبر عن حبه وتقديره لهذا الزعيم من خلال وضع صورته هنا أو هناك .
صدام في لقاء تلفازي مع قناة أجنبية أجاب عن سؤال يتعلق بكثرة صوره المعلقة في كل مكان قائلا :
الدوائر الحكومية ملزمة بوضع صورة كبيرة لرئيس الجمهورية في كل غرفة من غرفها ، لكننا لا نشترط على الموظف أو الموظفة وضع صورتي على مكتبه الخاص ، لكنك عندما تزور أي دائرة حكومية فستجد أغلب الموظفين يضعون صورا صغيرة لي على مكتبهم الخاص . نحن لا نفرض ذلك ، لكننا لا نمنع الموظف أو الموظفة من فعل هذا الأمر أنهم يعبرون عن حبهم لنا فهل نمنعهم من التعبير عن هذا الحب .
هل كانت تلك الاجابة تعبر عن الحقيقة ؟ نحن أهل العراق أدرى بالصور .. أدرى بالحقيقة !!

قبل سقوط النظام كنا نتحدث بامتعاض واضح عن صور وجداريات صدام التي ملأت شوارع وجدران مدن العراق ومكاتب الدوائر الحكومية حتى أصبح ، من باب النكتة ، أنه هناك صعوبة كبيرة لاسقاط صدام من حكمه ، إذ أن صوره وجدارياته وتماثيله تحتاج الى ثورة خاصة بها والى أشهر عدة من أجل تمزيقها أواسقاطها ، لكن اتضح أن الأمر لم يكن بحاجة الا لنعال ( أبو تحسين ) .
بعد سقوط النظام ظهر الى الواجهة السياسية والدينية عدد كبير من الزعماء الدينيين والسياسيين لا يمكن عدهم بسهولة وهو الأمر الذي أدى الى ضياع ألوان جدران البنايات الرسمية وغير الرسمية بسبب وجود المئات من الصور المعلقة عليها .
نتمنى أن يخرج علينا السيد مقتدى في صلاة الجمعة القادمة ليقرر رفع صوره من الشوارع أيضا ليكون عبرة لغيره من الزعماء الآخرين .
لا نريد أن ترفع صور هؤلاء الزعماء بالطريقة نفسها التي رفعت فيها صور صدام ، لذا عليهم أن يقرروا رفع صورهم من الشوارع والدوائر الحكومية ، قبل فوات الأوان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزيرة ترصد أوضاع النازحين شمالي قطاع غزة بعد أن تقطعت بهم


.. بريطانيا تنشئ وحدة جديدة لأمن الحدود وتنهي -خطة رواندا- لترح




.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد تدفق السياح


.. الحرب في السودان: ما أهمية ولاية سنار و ما أوضاع النازحين إل




.. حكم نهائي بإعدام القاضي المصري قاتل زوجته المذيعة شيماء جمال