الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التعليم أساس التطور

سهاد الخطيب
سكرتيرة رابطة المرأة العراقية فرع النجف وناشطة مدنية وسياسية.

2021 / 8 / 23
التربية والتعليم والبحث العلمي


منذ تاسيس الدولة العراقية تطور التعليم بشكل ايجابي، وكان العراق يمتلك نظاما تعليميا يعتبر من افضل انظمة التعليم في المنطقة يدل على ذلك اتساع ظاهرة الدراسة خارج العراق والعودة بمعارف وعلوم أسست لمستوى عالٍ في التعليم في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث بلغت نسبة القادرين على القراءة والكتابة في تلك الفترة كبيرة جداً بسبب حملات مكافحة الامية، حسب مؤشرات منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو)، . وبدا هذا المستوى يتردى بسبب الحروب التي خاضها النظام السابق والحصار الإقتصادي.
واستمر هذا التردي كذلك بعد عام 2003، وارتفعت نسبة الأمية من جديد، وبالمجمل فانه لاشك أن العملية التربوية في العراق تعاني من واقع سيّء ومليئ بالازمات وتدني مستوى التعليم، حسب مؤشرات التقارير الدورية لليونسكو أيضاً.

أزمة العملية التربوية ومظاهرها
لقد برزت مشاكل وتحديات جديدة واجهت التعليم في العراق ترتقي الى مستوى أزمة تخلف مزمنة، ومظاهر ذلك:
1- إنتشار الامية حيث بلغت نسبتها 18% من مجموع السكان.
2- إنتشار المدارس الطينية في محافظات جنوب العراق ووصل عددها الى (٢٠٠٠) مدرسة.
3- قلة المباني الدراسية المناسبة فهناك مدارس مزدوجة وحتى ثلاثية الدوام، وحسب وزارة التربية يحتاج العراق الى تسعة آلاف بناية مدرسية جديدة.
4- قلة ايام الدراسة سنويا حيث تبلغ 151 يوماً.
5- تسرب الاطفال من مقاعد الدراسة، وحسب الامم المتحدة يوجد مليون و200 الف طفل لايذهب للمدارس، وهذه خسارة مستقبلية للمجتمع.
6- إنتشار الفساد المالي في ملفات بناء المدارس وطباعة الكتب المدرسية خارج العراق.
7- ضعف كفاءة المعلم بالتزامن مع ضعف المناهج وطرق التدريس وعدم مواكبتها للتطور.
8- تدخلات في مناهج التدريس ذات طابع سياسي وطائفي.
9- إتساع ظاهرة المدارس الخاصة والدروس الخصوصية وباسعار باهضة، وهذا يقلص فاعلية سياسة التعليم المجاني.
10- تفتقر حوالي ٧𧷆% من المدارس الى المياه النظيفة ودورات المياه الصحية.
11- عدم وجود او ردائة (المختبرات للعلوم، المكتبات، المراسم ووسائل الايضاح).

أهم أسباب هذه المظاهر ومن يتحمل المسؤولية؟
1- تسييس النظام التعليمي وتداعيات الحروب التي خاضها العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى سقوط النظام في 2003.
2- عدم الاستقرار الأمني واستهداف العاملين بالتعليم من خلال إعتداءات ًوقتل واغتيالات.
3- التدخلات السياسية التي تؤثر في تطوير البحوث الخاصة بالمناهج.
تعرض المعلمين والطلاب للتهجير القسري. 4-
5- قلة التخصيصات المالية في موازنات العراق الترليونية.
6- سوء الادارة وإنعدام الخطط الاستراتيجية لبناء وتطوير التعليم.
7- المحاصصة المقيتة وتاثيرها السلبي الكبير.
8- التساهل في منح الشهادات العلمية.
9- إهمال البحوث وتطوير المناهج الاكاديمية.
10- دخول الفساد المالي والاداري نظام التعليم.
11- إفتقار العراق لابسط معايير الجودة في التعليم (ابنية متهالكة، قلة توفير الرحلات المدرسية، انعدام المكتبات، قلة المختبًرات العلمية، اهمال النشاطات الرياضية والفنية واللاصفية)
12- ضعف الاهتمام بالتعليم التقني وانعدام الابتكار بسبب غياب الدعم والحوافز.
. الإفتقار الى تدريب المعلمين المستمر للنهوض بمستواهم العلمي والمعرفي وعدم الاهتمام بمستواهم المعيشي 13-

الترابط بين مستوى التعليم وتطور المجتمع ؟
المجتمع والتعليم مرتبطان مع بعضهما البعض فلا يمكن الفصل بينهما فالمجتمع لايمكن ان يتطور ويتحدث او يحافظ على مكانته اذا لم يتساوى مع المجتمعات الاخرى بالتعليم، فالتعليم يسهل التقدم الاجتماعي والاقتصادي من جهة، وينقل المعارف والخبرات وتحديثها وتطويرها من جهة اخرى، وبالتالي يتعلم ابناء المجتمع ويتحسن ادائهم في بيئة المعارف العلمية والتكنولوجية، فالبلدان التي تحقق النجاح والتقدم والتنمية هي تلك البلدان التي تهتم بالتربية والتعليم وربطه مع حاجات البلاد، وتجارب دول العالم التي تطورت من دول فقيرة الى متقدمة مثل سنغافورة دليل واضح لنا، ولذلك فان التعليم في العراق بوضعه الحالي لايمكنه ان يساهم في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وسيبقى الوضع الاقتصادي متخلفا لسنوات في المستقبل.

هل يمكن تجاوز هذا الوضع نحو التقدم او العودة الى مستوى السبعينيات ؟ وماهي مستلزمات تحقيق هذا الهدف؟
نعم يمكن تجاوز هذا الوضع نحو التقدم اذا توفر الأساس الدستوري والارادة السياسية للحكومة والدولة. وفي مراجعة بسيطة لفقرات الدستور نقرأ ان المادة 34 من الدستور نصت على (التعليم عامل اساسي لتقدم المجتمع وحق تكفله الدولة وهو الزامي في المرحلة الابتدائية وتكفل مكافحة الامية) فهل هو كذلك في العراق الحالي؟
والمادة 34 ثانيا نصت على (التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله) فهل هو كذلك؟؟ أليس هناك تشجيع للتوسع في المدارس الاهلية والاتجاه لخصخصة التعليم في العراق ؟؟
والمادة 34 ثالثا (تشجيع الدولة للبحث العلمي للاغراض السلميةبمايخدم الانسانية وترعى التفوق والابداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ).

ما يرد في الدستور كلام جميل، ولكن هل يتم تطبيقه فعلا؟
حسب تقرير منتدى دافوس الاقتصادي فان 3 مليون طفل في العراق لايذهبون الى المدارس فاين تطبيق المادة 34 من الدستور؟ وكيف سنبني الوطن مستقبلا بدون التعليم المتطور؟
التربية والتعليم ركن اساسي لخلق مستقبل واعد ولكن 80%؜ من مدارس العراق بحاجة للاصلاح والترميم. وعدد طلاب الصف النموذجي هو (18/25) طالب بينما في العراق يصل عدد الطلاب في الصف الى ( 50/80/90) طالب، يترافق ذلك مع وجود عدد الاميين والمتهربين من الدراسة حوالي 7 مليون طالب وتزداد النسبة بسبب الفقر واضطرار الاطفال للعمل لاعانة ذويهم.

ولإ صلاح المنظومة التربوية والتعليمية في مختلف مراحلها وتصفية اثار المرحلة السابقة نحتاج الى:
1- التغيير في المناهج وفق اسس علمية بعيدا عن التخندق الطائفي والاثني وتكريس الوطنية والمًواطنة وقيم التسامح والمحبة والمساواة والديمقراطية والتعددية..
2- إعتبار قطاع التربية والتعليم من الاولويات المهمة وتخصيص الموارد المالية والمادية والبشرية اللازمة له والاهتمام بتوفير الابنية المدرسية بمواصفات عالية. .
3- إبعاد وزارة التربية ومديرياتها عن المحاصصة الحزبية والطائفية المقيتة التي أدت الى فشل ذريع بالعملية التربوية.
4- تنمية قدرة الطالب على التفكير النقدي واستيعاب منجزات العلم والحضارة المعاصرين وتوظيفها في مجالات العمل والاختصاص.
5- وضع خطط لضمان مكافحة الامية وضمان مجانية التعليم وتفعيل الزاميته في الدراسة الابتدائية ومعالجة ظاهرة التوسع بالتعليم الاهلي، وشمول رياض الاطفال بالسلم التعليمي والزامية التعليم وفق ماجاء بالدستور.
6- وضع الطالب في مركز العملية التربوية واحترام الهيئات التدريسية وممارسة الديمقراطية في الحياة الدراسية وتشجيع النشاطات اللاصفية والاهتمام بتدريب العاملين بهذا القطاع وتحويل مجالس الاباء والمعلمين الى هيئات ساندة ومشاركة بالعملية التربوية.
7- اصلاح التعليم العالي وإستقلال الجامعات وحرمتها وعدم تقييدها بانتماء عقائدي او ايدولوجي.
8- إعتماد استراتيجية وطنية متوازنة في البعثات والزمالات وفي القبول في الجامعات والمؤوسسات التربوية، تقوم على اساس الكفاءة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المتقدمين على اسس طائفية وقومية وحزبية.
9- الاهتمام بالتعليم التقني والمهني ومتابعة تطبيق القوانين والضوابط الخاصة بالمدارس والجامعات الاهلية.


.......................................................................
* تربوية ومديرة مدرسة في محافظة النجف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التعليم بلا تنوير لايفي بالغرض
منير كريم ( 2021 / 8 / 23 - 07:04 )
تحية للاستاذة الفاضلة
التعليم مهم جدا في التقدم لكن يجب ان يستكمل بالتنوير
التنوير اعمال العقل في فهم الحياة وتطويرها والتنوير يحتل مكانة استثنائية في بلدان الشرق الاوسط لانها تعج بالتيارات الاصولية الظلامية التي تفسد التفكير العلمي
وللاسف لم تهتم الاحزاب السياسية بمسألة التنوير بل كانت احزابا سياسية صرفة تتصارع على السلطة وبنفس الوقت لم تتكون خلال تاريخنا طبقة مثقفة مستنيرة (باستثناء افراد) بل كانت طبقة متعلمة (حملة شهادات ) لكنها جاهلة مما سهل الارتداد الفكري
شكرا لك

اخر الافلام

.. بلينكن ينهي زيارته إلى الصين، هل من صفقة صينية أمريكية حول ا


.. تظاهرات طلابية واسعة تجتاح الولايات المتحدة على مستوى كبرى ا




.. انقلاب سيارة وزير الأمن الإسرائيلي بن غفير ونقله إلى المستشف


.. موسكو تؤكد استعدادها لتوسيع تعاونها العسكري مع إيران




.. عملية معقدة داخل المستشفى الميداني الإماراتي في رفح وثقها مو