الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولوزية - من أجل فكر فلسفي مقاوم (2)

محمد بقوح

2021 / 9 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


1- الاختلاف
يعتبر دولوز أصل الأشياء هو الاختلاف، وليس المطابقة الذي يعتمد عليه الفكر المفارق، لإثبات هوية الإنسان. لهذا، عمل دولوز على إعادة قراءة الإرث الفلسفي الغربي، قديمه وحديثه، انطلاقا من مبدأ الاختلاف الذي يعني عنده التميز و الملفت والإبداع.
من هنا، سميت الدولوزية بفلسفة الاختلاف، لأنها تنتصر للحق في الإبداع والتفكير المختلف، وللهامش والبعد، والسطح الظاهر، ضد التقليد، والمركز، والقرب، و العمق الخفي..
إن فلسفة الاختلاف الدولوزية، من جهة، تعيد الاعتبار للنضال في الحياة، ولكل ما هو إيجابي وجميل وعملي في الطبيعة و الوجود..
كما انها، من جهة أخرى، كانت تحاور، بل وجدت في وضع صراع فلسفي، ضد فلسفة المقولات والتجويد والتعالي، بدءا بفلسفة أفلاطون و ديكارت، مرورا بكانط وهيغل، وصولا إلى سارتر وهايدغر.. إنها فلسفة الأمل التي قالت لأعداءها الذين أعلنوا موتها: مازلت ممكنة.. مادام وجود الإنسان ممكنا كذلك.. لهذا دعمت الدولوزية فكر الصيرورة كفكر محايث بشكل كبير جدا..
2- المسطح الفلسفي
إنه مفهوم جديد في التفلسف الدولوزي. يعني به الحقل المعرفي الذي تخضع فيه المفاهيم الفلسفية للتنشئة والتكون، قبل مرحلة الإبداع، مثل مسطح الذات، ومسطح الله، ومسطح الفكر، ومسطح الموضوع.. إلخ.
ولكل مفهوم فلسفي عند دولوز مسطحه الفلسفي الذي يناسبه. وقد تلتقي عدة مفاهيم فلسفية دولوزية، بسبب جذعها الفلسفي المشترك، حول نفس المعنى الفلسفي، الذي تكون وأبدع في إطار مسطح فلسفي واحد.
من هنا، يكتسي مفهوم المسطحات الفلسفية عند دولوز بعدا فلسفيا محوريا، لأنه، على أساسه، يتم تقييم المفاهيم الفلسفية الكائنة والسائدة، وإبداع المفاهيم الفلسفية الممكنة الجديدة.
هكذا، تتأسس الدولوزية كفلسفة عمل، على فعل الهدم، سعيا لتجاوز صورة الفكر، وليس الفكر، المهترئة، و إبداع فكر التحديث والحركة، التي هي جزء من الطبيعة البشرية.
إنها دعوة جريئة، من دولوز كفيلسوف تنويوي، غالبا ما يصنف في إطار ما بعد الحداثة، رفقة ديريدا وفوكو، ليس إلى نبذ كل ما هو قديم أو أصلي..، بل إلى إعادة قراءته، وبعث الحياة فيه، سعيا لاستمرارية القيم الإنسانية العليا، والقطع، طبعا، بالضرورة، مع فكر الخرافة و النكوص و القطيع، الذي يستعمل إيديولوجيا لأغراض سياسية ضيقة.
3- الانقلاب الفلسفي
أهم ما قام به دولوز، فلسفيا، هو التأكيد على الطابع المحايث للتفلسف، باعتبار التفكير الفلسفي عمل طبيعي يراد به الطبيعة البشرية. يعني توجيه خطاب الفلسفة، ليس إلى المتلقي العادي كمتلق أساسي، بل، غايته هي جمهور الفلاسفة، سواء منهم الحاضرين بوجودهم المادي والروحي، أو الغائبين بحضورهم الرمزي من خلال إرثهم الفلسفي.
أما عن محتوى ذلك الخطاب، فيمكن القول أن دولوز حاول ممارسة نوعا من النقد الفلسفي الذاتي، ومحاولة إبداع مفهوم جديد للفيلسوف. أي اعتبار التفلسف نتيجة لفعل التفكير المحض اولا، بمعنى استقلالية الفلسفة كمعرفة فكرية جوهرها النقد، عن باقي المعارف الأخرى بكل انواعها و تجلياتها.
وثانيا، النظر إلى الفلسفة كإبداع للمفاهيم الفلسفية، وليس مجرد سباق بين الثنائيات و الجدليات.. أو التموقع في المدارس و المذاهب و التوجهات..
بهذا المعنى، يعتبر الباحثون عمل دولوز في المجال الفلسفي، بمثابة انقلاب مختلف على مستوى منظوره في التفلسف.
4- مفهوم الجذمور
إنه أحد المنجزات الدولوزية التي ابدعها دولوز من خلال اطروحته الفلسفية. ويقصد به عملية إعادة زرع و استنبات المعطى الفلسفي بطريقة تجعله أكثر قوة وتجديد وإبداع. وقد نجحت الدولوزية في قراءتها لتاريخ الفلسفة، إلى حد بعيد، في تجديد فهم التراث الفلسفي، قديما وحديثا.
من هنا، يكتسي مفهوم الجذمور كأداة للتفكير والفهم الفلسفيين، طابع الهدم للنزعة الأصولية، ومن تم نقده الجذري لمجموعة من المفاهيم الفلسفية الكلاسيكية كالاصل والبداية والنهاية والهوية و التعالي.. إلخ.
هكذا، يكون للدولوزية كفلسفة فكر مقاوم، اشتغال فلسفي أساسي في علاقتها بمثلث الحياة:
1-الذاكرة المشتركة سعيا لتحقيق التعايش الإنساني الطبيعي.
2- الديمومة كفعل الحركة الدائم، مستلهمة مفهوم الصيرورة السبينوزي.
3-الدافع الحيوي المرتبط بالتشكل الذاتي للكينونة الطبيعية التي يعتبر الإنسان جزءا منها.
5- دولوز قارئا لماركس
يدخل اهتمام دولوز بماركس، في إطار فلسفته السياسية التي قرأت الفكر الماركسي من منظور مفهوم الاختلاف. يعني، باعتبار ذلك الفكر إحدى أسلحة الفلسفة المقاومة ضد الهيمنة الرأسمالية كنظام سياسي عنيف.
لهذا، وارتباطا بمسألة الدولة، فدلوز هنا كفيلسوف الصيرورة، ردا على الفيلسوف الماركسي، يؤكد على أن الغاية من التاريخ البشري ليس هو التحرير، وإنما هو التعايش، أي جعل ما هو إيجابي وتقدمي حي في الشكل القديم للدولة، بل في أي مظهر من مظاهر الوضع البشري، يمتد و يستمر ويتناسب مع شكلها الحديث(مفهوم الديمومة).
.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو