الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكذوبة التخصص

محمد أبو قمر

2021 / 9 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قالوا محدش يقول رأيه في المسائل الدينية غير المتخصصين ، وبيقصدوا بالمتخصصين خريجي الأزهر فقط ، وفي الحقيقة دا كلام غريب ومثير للعجب ، يعني كده الفيلسوف مثلا إللي بحوثه بتشمل المسائل الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية والدينية والثقافية وكل ما يتعلق بمعارف البشر وحتي فيما يتعلق بالكون والطبيعة وقوانين الوجود بصفة عامة ملوش حق وفق الكلام ده إنه يتعرض لأي مسألة دينية ، طيب كيف يتناول المفكر مثلا برضه شئون المجتمع في الوقت الذي يعتبر الدين عنصرا من عناصر المعرفة الإنسانية؟؟!!.
حاجه تانيه خالص : خريج الأزهر متخصص في الدراسات الدينية وليس متخصصا في الدين ، فهو يدرس تفاسير بشرية للنصوص المقدسة ، ويدرس فقه الفقهاء الذين أدلوا بآرائهم في النصوص الدينية وهم بشر ليسوا أنباء ولا آلهة ، وحين تنصب دراسته علي النصوص فهو يدرسها من وجهة نظر مذهبية ، والمذهبية إنتاج بشري وليست منزلة بتوجيه من الله ، وهكذا فإن التخصص في هذه الحالة ليس تخصصا في الدين ذاته إنما هو تخصص في المذهب ، تخصص في دراسة وحفظ ما قاله البشر بشأن النصوص المقدسة ، أما النصوص ذاتها فهي شأن إلهي ، النص المقدس أنزله الله للبشر ليتدبروه كافة وليستشرفوا جميعهم منه المقصد الإلهي ، وليس من حق فئة أو جماعة احتكار هذا التدبر أو هذا الاستشراف ، فمصلحتي غير مصلحتك ، وشأني مع الله غير شأنك ، وطريقة حياتي غير طريقة حياتك ، ومتطلبات وجودي غير متطلبات وجودك ، فكيف والحال كذلك تفرض رؤيتك للنص عليّ؟؟!!.
إن القول بقصر التفسير أو قصر الإدلاء برأي في النص المقدس علي المتخصصين فقط في الدراسات الدينية هو قول سياسي من شأنه احتكار المعرفة ويشير إلي قصور عقلي لدي بقية خلق الله ، واحتكار المعرفة يعني بالضرورة فرض الهيمنة علي الضمير الإنساني ، ومصادرة الوعي وحرمان الإنسان من التفاعل مباشرة مع إرادة خالقه ، فالدين علي وجه الخصوص هو علاقة خاصة جدا بين الفرد كفرد وبين خالقه ، ونقاء الضمير الإنساني يعود أساسا إلي إعمال عقل الفرد فيما يتلقاه مباشرة من إرشادات إلهية وليس عبر وسيط حدد لنفسه مسبقا ودون موافقة بقية الناس الطريقة المذهبية التي ينظر من خلالها إلي النص المقدس.
إحتكار المعرفة كاحتكار السلع الضرورية ، ذلك أن احتكار السلع يؤدي إلي هيمنة المحتكر علي مقدرات الشعب واستغلاله وفرض الهيمنة عليه ونهب أرزاقه ، كذلك احتكار المعرفة ففي ظل إدعاء التخصص يهيمن محتكر المعرفة علي عقل الأمة ويفرض هيمنته علي ضميرها وينمطها ويجمد حياتها ويدير شئون حياتها وفقا لمعارفه المذهبية.
ويلاحظ أن أصحاب مقولة قصر الكلام في المسائل الدينية علي المتخصصين مدفوعين بالخوف من عدة أشياء :
1- الخوف من منافسة الدعاة التلفزيونجية من غير خريجي الأزهر لهم ومنازعتهم في السلطة علي عقل الأمة ووعيها.
2- الخوف من دخول المفكرين والفلاسفة ذوي الاعتبار حقل مناقشة نفاسير وفقه وفتاوي الأولين وإظهار تاريخيتها وظروفها المعرفية ومن ثم كشف الغطاء المتحجر وبيان مدي مخالفة الكثير من المقولات القديمة للمقاصد الإلهية ، ومدي الجور والظلم الواقع علي مستقبل الأمة باستحضار مفاهيم ماضوية لكي تتحكم في الحاضر وتغلق أبواب المستقبل.
3- التخويف من أنتشار فوضي التفاسير والتأويل وإدعاء أن دخول غير المتخصصين في التعامل مع النصوص أو مناقشة التراث سوف يؤدي إلي ضياع الدين.
وبخصوص ذلك كله فإنه :
أولا - إحتكار المعرفة الدينية هو الذي أدي إلي ظهور كثير من الدعاة الارهابيين والنصابين والمحتالين والاونطجية.
ثانيا - كسر الاحتكار ودخول المفكرين والفلاسفة ومنح الناس حرية تدبر شئونهم هو الذي ينقي الضمير ويصفيه ويفتح أفق الناس ويؤدي إلي غزارة في الأفكار الأمر الذي يتيح للناس حرية الاختيار بضمير يقظ وعقل واع وتدبر حكيم ومن ثم يتعدل ميزان القيم ووتخلص القيم الأخلاقية من شوائبها المترتبة علي التواكل والمرتكنة إلي الوصاية والوساطة.
ثالثا - وهو الأهم يتخلص الخطاب السائد من التكرار الممل والجمود الذي فتح المجال واسعا لكل الأفكار التي شوهت الدين ووضعتنا في مأزق حضاري لا نعرف كيف نتخلص منه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اتفق معك
حسين زاهر ( 2021 / 9 / 7 - 02:17 )
لاشك اننا فى مصر نواجه مشكله صعبه ومعقده جدا , هذه المشكله هى تواجد الازهر الارهابى والشيوخ الدواعش الارهابيين , كنت اتمنى ان لايتواجد الازهر او الشيوخ المجرمين فى مصر

اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah