الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيه اختلافاً كثيراً _ خطأ استراتيجي واضح في السجعية رقم 8 من ترتيلة البقرة

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2021 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(فيه اختلافاً كثيراً _ خطأ استراتيجي واضح في السجعية رقم 8 من ترتيلة البقرة )

سلسلة في #فقه_الخطأ_القرآني

بقلم #راوند_دلعو

يقول المؤلف المجهول للكتاب المسمى بالقرآن في السجعية رقم 8 من ترتيلة البقرة في سياق حديثه عن ( المنافقين ) ؛ الذين يتظاهرون بتصديق قثم بن عبد اللات ( محمد ) في حين يكذبونه في بواطنهم :

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8)

فلو قمنا بعرض النص على مذبح العقل و من ثَمّ معالجته بشيء من التأني و الحيادية لوجدنا فيه ما يلي :

🍒نلاحظ عند التمعن في قوله ( و من الناس مَن يقولُ ) أن المقصود فرد من الناس ... بدليل قوله: ( مَن يقولُ ) ... فهو لم يقل: ( مَن يقولون ) بل قال: ( مَن يقول )، فهذا يعني بأن المراد شخص واحد من الناس ، لكن المفاجأة أن نهاية السجعية التفتت من المفرد إلى الجمع حيث جاء فيها : ( يقول آمنّا ... و ما هم بمؤمنين ) !!!

فبات تقدير النص كالتالي :

[ و من الناس رجلٌ يقول ( مفرد ) آمنا ( جمع !) بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين ( جمع ) !!! ]

يسمى هذا بأسلوب الالتفات من المفرد إلى الجمع ؛ و هو أسلوب بلاغي يقوم على أساس انزياح الكاتب عن النسق اللغوي المألوف الواضح ، لخدمة جمالية النص من الناحية التدبيجية البلاغية ، و لكن الثمن الذي يدفعه الكاتب هو تلك الضبابيّة و التشابهيّة التي ستحيط بالمعنى حتماً ... فالقاعدة تقول أنّ زخرفة الشكل تأكل من وضوح المعنى ! إذ يُصرِّح أهل البلاغة بأن الالتفات سمة تضليلية يلجأ إليها الشاعر ليأسر وجدان القارئ و يداور مخيلته مراوغاً إياها لخلق نشوة بلاغية تكمن جماليتها في ضبابيتها و عدم وضوحيتها !

🍇 { انظر في تعريف أسلوب الالتفات :
https://www.alukah.net/sharia/0/107637/ }

🔹️ و هنا أرى أن الالتفات { أسلوب يصلح للشعر و النصوص المنسوجة على سبيل الترف الفكري ، في حين لا يصلح لمعمار الرسائل التي تحمل بيانات مهمة خطيرة يجب إيصالها إلى القارئ بوضوح شديد.

و أعتقد بأنه من الواضح جداً أن القرآن من النوع الثاني الذي يحمل بيانات مهمة خطيرة ... و هنا بيت القصيد و مكمن الزلل !! }

لذلك يحق لي أن أطرح التساؤل المشروع التالي :

◾ لماذا بدأ مؤلف القرآن سجعيّتة بالحديث عن رجل مفرد من الناس ثم انتقل إلى الجمع ؟

◽أليس الأحرى بمؤلف القرآن _ و هو الرسالة الخطيرة للبشرية _ و الأسلم له منطقياً و الأدق لغوياً و الأوضح تعبيرياً أن يتجنب الالتفات التضليلي التكلفي و يقول : ( و من الناس من [ يقولون] آمنا بالله و باليوم الآخر و ما هم بمؤمنين ؟ )

أو أن يكمل السجعية بصيغة المفرد كما بدأها ، بأن تأتي على الشكل التالي : ( و من الناس من يقول آمنت بالله و باليوم الآخر و ما هو بمؤمن ) ؟

🔸️ فلماذا تحدث في بداية النص بلهجة المفرد ( و من الناس من يقول ) ، ثم التفت من المفرد فأردفها فوراً بانتقال غير مبرر إلى لهجة الجمع ( و ما هم بمؤمنين ) !!! ؟

◾ ألم يدّعي القرآن في السجعية رقم 22 من ترتيلة القمر بأنه كتاب مُيَسَّرٌ للذكر فهل من مُذَّكِر ، إذ جاء في السجعية: ( و لقد يَسّرنا القرآن للذكر فهل من مُذَّكِر ) ؟

🔸️ ألم يصف القرآن نفسه بأنه ( مُبين ) في أكثر من موضع ؛ و المبين هو المبالغ في البيان و الإيضاح ، أي في قمة الوضوح ؟؟

فهل تنسجم صفة البيانيّة و الوضوحيّة مع اللجوء إلى الأساليب البلاغية التضليلية التي تطرأ على معمار النص فتُضَبِّبَه و تُعَمِّيْه ، كالانتقال العبثي غير الضروري من المفرد إلى الجمع في هذه السجعية ؟

🔹️ ألم يكن أفصح و أبين له أن يبدأ السجعية بقوله : ( و من الناس من يقولون ... الخ ...).

أو أن يقول : ( و من الناس من يقول آمنت بالله و باليوم الآخر و ما هو بمؤمن ... الخ ) !!!

✒ و لمزيد من الإيضاح أقول :

إنَّ المنطق التخاطبي في القضايا الخطيرة الكبرى و المواقف الحرجة المصيرية يقتضي لجوء الكاتب إلى الإيضاح الأكبر و تجنب أي أسلوب لغوي من شأنه أن يعتم على المعنى أو يجعله ضبابياً أو تشابهياً مضطرباً كالالتفات و نحوه ... و من هنا أرى أن الانتقال من الحديث عن المفرد إلى الجمع دون سبب ، ركاكة و عبثية يتنزه الله عنها في هذا الموضع الحساس الخطير _ فنحن من المفترض أننا بصدد الرسالة الأخيرة من الله إلى الإنسان ألا و هي القرآن ، و التي سيترتب على فهمها مصيره الأبدي من الخلود في الجنة أو النار _ .... فلماذا هذا الأسلوب التعتيمي غير المبرر ؟ لماذا يعتني بزخرفة المبنى على حساب وضوح المعنى ؟

تنويه هام 🧠 :

#الحق_الحق_أقول_لكم .... على القارئ أن يلاحظ بأنني لم أحكم على هذا الأسلوب البلاغي ( الالتفات ) الذي لا مبرر له بأنه خطأ لغوي ؛ بل هو وارد في أشعار العرب ، إذ له أدلة من الشعر المنسوب لعصر ما قبل ظهور الديانة المحمدية .... لكنني مع ذلك أقرر بثقة و وضوح و موضوعية بأن اللجوء إلى هذا الأسلوب في سياق الشعر و الرسائل الأدبية المزخرفة التي لا تحمل معان خطيرة ، أمر سليم ... أما اللجوء إلى هذا الأسلوب خلال تبليغ رسالة إلهية لعموم الجنس البشري ففيه تعمية و تضليل لا يليقان بخالق الكون ( على فرض وجوده ) ....

نعم ، من الممكن أن يلجأ الكاتب إلى هذا النوع من الانتقال في سياق الحديث الشعري أو الرسائل ذات المعاني الثانوية .... لكن من غير المنطقي أن يستخدم الكاتب هذا الأسلوب أثناء صياغة الرسائل المصيرية ، كأن يرسل الضابط رسالة مصيرية إلى جندي على الجبهة يأمره فيها بأمر عسكري خطير ثم يُضمِّنها أساليب تضليلية ضبابية كالالتفات الذي سيؤثر حتماً على فهم الجندي لفحوى النص !... فالموقف لا يحتمل النحذلق و التكلف اللغوي ، إذ إن المراد هو فهم الجندي لفحوى الأمر العسكري في الرسالة لا تلذذه بأسلوبها البلاغي ، فالجندي على الجبهة و الرسالة مصيرية ! ... فإذا ما صاغ الضابط رسالته بهذه الطريقة المنطوية على الإرباك في سبيل التحذلق و التكلف البلاغي ، ثم أرسلها إلى الجندي لاستطعنا الحكم على هذا الضابط بالحمق و السذاجة و انعدام المسؤولية و الاستهتار بحياة الجندي المرابط على الجبهة .... فالجندي بحاجة إلى معنى لا إلى مبنى لغوي ! و لكانت آنئذٍ فضيحة مدوية في تاريخ هذا الضابط المستهتر الذي فضّل عَرض عضلاته البلاغية أثناء صياغة رسالة مصيرية !!

هذا في شأن ضابطٍ يرسل رسالة إلى جندي على الجبهة ، فما بالك بإله حكيم مبين يرسل رسالته الأخيرة للجنس البشري الذي يرابط على مفترق طرق ما بين جنة و نار ( وفق زعم محمد ) !!!

🔸️ هل من المنطقي أن ينتقل من مخاطبة المفرد إلى الجمع دون مبرر يخدم السياق ، اللهم إلا لمجرد عرض العضلات البلاغية ؟

🍒 هل هدف الرسالة الأخيرة من الله إلى البشر أن تعرض عضلات الله البلاغية ، أم أن تبين لهم الحقائق من الأوهام ليتجنبوا العذاب الأبدي ؟

فمن هذا المنطلق أحكم على هذا الالتفات بأنه خطأ استراتيجي في معمار و صياغة النص القرآني ، لأنه لجأ إلى أسلوب أقل إيضاحاً من الأسلوب المباشر الأكثر إيضاحاً و بالتالي فصاحةً ...

و ينطبق هذا التحليل على جميع الأساليب البلاغية المترفة التي لا داعي لها و التي ضببت معاني السجعيات القرآنية و زرعت فيها التشابهيّة المربكة التي أدت بدورها إلى اقتتال المحمديين و تشرذمهم إلى مذاهب تكفر بعضها .

🔚 و أخيراً ، أريد أن ألفت نظر القارئ إلى نقطة في غاية الأهمية ... حيث يلاحظ القارئ خلال تحليلي للسجعية السابقة أنني أمسكت عصا التحليل اللغوي من المنتصف حيث الموضوعية في أعلى درجاتها ، فلا أنا من الذين حكموا على هذا الأسلوب بالخطأ اللغوي الصريح ( لم أتكلُّف في تخطئة النص ) ، لأن الحقيقة أنه ليس بخطأ بل له شواهد من الشعر العربي ...

كما أنني من جهة أخرى لست من المرقعين المُلَمِّعين الذين يتكلّفون تنزيه النص القرآني عن أي خلل من خلال أساليب التأويل و لَي أعناق النصوص .... بل حكمت على هذا الأسلوب بأمانة علمية و واقعية موضوعية ، إذ اعترفت بأنه صحيح لغوياً مطروق عربياً ، لكن طبيعة النص و السياقية الخطرة للرسالة اللاهوتية تقتضي حتمية اللجوء إلى الأسلوب الأكثر إيضاحاً و بالتالي فصاحةً في هذا الموضع ، و بالتالي خطَّأتُ استخدام أسلوب الالتفات من المفرد إلى الجمع دون مبرر حقيقي أو مسوغ سياقي ... !

🚫 فالخطأ هنا ليس لغوياً بقدر ما هو خطأ استراتيجي سبكي في عقلانية و منطقية بناء النص ... حيث يفتقد النص بشكل واضح للانسجام بين المعمار الذي أخذ منحىً تضليلياً في سبيل الزركشة العباراتية من جهة ،و السياق التبليغي الحرج الذي تستلزم خطورته وجوب اللجوء إلى أساليب المبالغة في الوضوح و الإفهام ...

و أنا إذْ أُنزّه خالق الكون الذي يتمتع بالكمال المطلق و الذي ليس كمثله شيء _ وفق زعم القرآن نفسه _ عن الوقوع بمثل هذا الخطأ ... تراني أجزم بعدم نسبة هذا النص له ( على فرض وجوده و اتصافه بالكلام ) مع وجود ما هو أوضح و أحكم في هذا السياق !!

تصحيح النص :

و أنا أرى أن النسخة الأصح لنص السجعية الثامنة من ترتيلة البقرة ،كالتالي :

وَمِنَ النَّاسِ مَن { يَقُولُوْنَ } آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8)

كش ملك ... مات !!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القوى الوطنية والإسلامية بفلسطين: ندين أى محاولة للنيل من مص


.. طريقة اختيار المرشد الأعلى في إيران.. وصلاحياته




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. بن غفير يقتحم المسجد الأقصى


.. وزير الخارجية الأردني تعليقا على اقتحام المسجد الأقصى: يدفع




.. وسط حراسة مشدد.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي يقتحم المسجد ا