الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح من الماضي إلى الحاضر ونحو المستقبل

سامي عبد الحميد

2021 / 9 / 12
الادب والفن


في الندوة التي اقيمت في (منتدى المسرح) احتفاءً بالمخرج المسرحي العراقي المغترب (جواد الأسدي) وجّه المخرج والناقد الشاب (صميم حسب الله) اللوم للمحتفى بهما (فاضل خليل) و(جواد الأسدي) ولعدد من الذين قدموا شهادات عن انجازات وابداعات المخرجين، لأنهم راحوا يستذكرون الأعمال المسرحية التي قدمتها الفرق المسرحية الخاصة وبالأخص (فرقة المسرح الفني الحديث) ويشيدون بها، معلقاً على أن الماضي راح وولى وإن المهم التعرّض الى عطاء الحاضر وما قد يجيء به المستقبل. ونحن لا نلوم ولا نعيب على (صميم) لومه وتعليقه ولكننا فقط نذكّره بحقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها بأن مسرح الحاضر هو وليد مسرح الماضي ومسرح المستقبل لا يقوم إلا على تراث الماضي والحاضر. صحيح أن لكل عصر فنونه وذائقته، ولكن ألا تعتقد يا صميمم، بأن فنون هذا العصر تولدت عن فنون العصور التي سبقت ولا يمكن أن يكون هناك انقطاع بين هذه وتلك، ولو لم تكن تلك لما صارت هذه، وإلا لماذا ندرس تأريخ المسرح منذ ظهور كتابات انخيلوس وسوفوكليس ويوريبيديس وارستوفانيس، ولماذا نسترشد بطريقة ستافسلافسكي ونقارنها بطروحات ميرهولد، ولماذا نشيد ببرخت ومسرحه الملحمي وندرس بعمق قرين المسرح لارنو، ولماذا نقارن بين الكلاسيكية والكلاسيكية الجديدة، ثم والرمانتيكية ثم الواقعية والرمزية والتعبيرية؟ ثم لماذا نميل إلى وصل أعمالنا المسرحية الحاضرة على وفق مواصفات المدارس السابقة؟
يا (صميم) لولا (حقي الشبلي) لما صار (ابراهيم جلال) و(جعفر السعدي) و(جاسم العبودي) ولولا اولئك الثلاثة لما صار (بدري حسون فريد) و(سامي عبد الحميد) و(قاسم محمد) و(فاضل خليل) و(صلاح القصب) وغيرهم. وعندما نقارن بين مسرحيات اولئك ومسرحيات مخرجي هذه الأيام فإنما نقصد التقييم والنقد والتفضيل، فكيف نقيم ما يقدم اليوم من عروض مسرحية مقارنة بما قدمه اساتذتنا الذين علّمونا لكي نصل الى حقيقة كون أعمالنا اكثر تقدماً من أعمالهم أو كونها أقل قيمة لكي نعمل على رفع قيمتها الى مستوى أعلى. الفنان الحقيقي هو الذي يتواضع ويعترف بإبداعات الآخر إن كانت حقاً إبداعات. نعم قد يكون التلميذ اكثر ابداعاً من معلمه، ولكن لولا ذلك المعلم هل كان تلميذه سينبغ؟
كل الشعوب تفتخر بتراثها الثقافي وتستذكره وتشيد به، وإن لم تفعل فهي ناكرة للجميل، ولذلك فمن حق (فاضل خليل) و(جواد الأسدي) أن يفتخرا بتراث فرقة المسرح الفني الحديث ويستذكراه في كل مناسبة وفي كل حين، ومن واجب جيلك يا صميم، والجيل من بعدك أن يتعرف على ذلك التراث ويدرسه ويستنتج أسباب تميّزه وتفوّقه. لقد خاضت فرقة المسرح الفني الحديث غمار جميع المدارس المسرحية وجميع الأساليب والتقنيات، وحتى تلك التي يعتقد البعض من مسرحيي هذه الأيام يمارسون جدتها هذه الأيام. ماذا تريد يا صميم أكثر من أن اذكر لك أمثلة لما أسلفت. فقد دخلنا الى عالم المسرح الطليعي واللا معقول في (الرجل الذي صار كلباً) و(رحلة في الصحون الطائرة) و(في انتظار غودو) واستخدمنا ما يسمى (داتاشو) في مسرحية (الخرابة) وهي من المسرح الوثائقي. لقد اقتبسنا من الرواية في (النخلة والجيران) واستلهمنا التاريخ في (تموز يقرع الناقوس) وهي كذلك مسرح صورة. وقدمنا مسرحية (لوركا) المعنونة (بيت برناردا البا) بشكل ومضمون لم يفعله مسرحي غربي مثلما فعلنا، وخصوصاً في استخدام منظر رمزي للبيت وهو (السجن / القفص)، لقد استفدنا من التراث العربي بمحاولة لتأهيل المسرح كما فعل (قاسم محمد) في (بغداد الأزل بين الجد والهزل) وفي (زاد همي وسروري في مقامات الحريري)، صمم (كاظم حيدر) مسرحاً دوّاراً فوق خشبة المسرح الثابتة. هل تريد المزيد؟ هناك المزيد ولك أن تقرأ تأريخ المسرح العراقي.
للأسف هناك العديد من مسرحيي هذه الأيام، لم يتعرفوا على انجازات المسرح العراقي الماضية، ولا يعرفون من هو (حقي الشبلي) وماذا فعل، ومن هو (ابراهيم جلال) وماذا ابتكر ومن هو (جاسم العبودي) وماذا عَلَمْ؟ ومن هو (عادل كاظم) ومن هو (نور الدين فارس) ومن هو (محيي الدين زنكنة) ومن هو (فلاح شاكر) ومن هو (جليل القيسي) وماذا كتبوا ؟ وما هي مضامينها وما هي أشكالها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غيرته الفكرية عرضته لعقوبات صارمة


.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية




.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي