الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.

محمد فُتوح

2021 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


النقاب .. أهو معركتنا الجديدة ؟؟.
------------------------------------------
إن المتأمل للشارع المصرى ، سيكتشف بلا عناء ، ازديادا فى أعداد النساء المسلمات المنتقبات ، فى الشوارع ، فى الأسواق ، فى المواصلات العامة ، فى المؤسسات الحكومية ، بل ونجدهن فى النوادى الرياضية ، وأماكن الترفيه المختلفة .
والتساؤل الذى يتبادر إلى الذهن ، ما سر ازدياد أعداد المنتقبات فى مصر ؟ . وفى هذه الآونة الأخيرة بالذات ؟ .
هل هو شعور بعض النساء ، بأن الحجاب لم يعد كافياً ، ليفى بشروط الحشمة الاسلامية ، فلجأن إلى النقاب لأنه يخفى الجسم كله ، من الرأس وحتى القدمين ؟. هل ارتديت النساء المسلمات النقاب ، من أجل المزيد من التقرب إلى الله وإرضائه ؟.هل هناك علاقة بين إرضاء الله ،وارتداء النقاب؟.
لقد بدأ النقاب يكسب أرضاً على حساب المرأة ، فكثير من المنقبات كن محجبات فى وقت من الأوقات ، فهل هو التطاحن والصراع ، على أيهما أكثر احتشاماً ، وأكثر صوناً لعفاف المرأة ؟ .
لقد اخترق النقاب طبقات اجتماعية ، تتنوع وتتدرج بين الفقر والغنى ، وإن كان النقاب قد انتشر أكثر ، فى الطبقات الدنيا ، وأيضاً لاقى قبولاً بين الأعمار المختلفة ، عند الفتيات فى مقتبل العمر، وكذلك النساء المسنات.
إن النقاب مثله ، مثل كثير من القضايا فى الدين الإسلامى ، وجدناه مسألة خلافية من الناحية الدينية . فالبعض يأتى بالحجج التى تؤيده ، والبعض ينفى ذلك. والتساؤل هنا ، لماذا يتعصب ويتشنج ، الطرفان بالإصرار على تبنى أحكام قطعية مطلقة ، يكون من شأنها نفى الآخر، وتهميشه ، وإدانته ، بالرغم من أن القضية هنا ، لا تتحمل كل هذا التعصب والتشنج . ولماذا كل القضايا الخلافية فى الاسلام ، لا تجد الا المرأة ، كبش فداء ؟؟.
لقد آثار النقاب كثيرا من اللغط فى داخل مصر، وخارجها ، ولا يزال. وبعيداً عن هذا اللغط ، أود هنا أن أشير إلى عدة نقاط وهى :
هل ارتداء النقاب يشكل نوعاً من الراحة ، راحة الجسم ، وحرية الحركة وخاصة فى أيام الصيف ، شديدة الحرارة والرطوبة ، التى قد تصبح حقا خانقة ، ومزعجة ؟؟.
ما هى علاقة المرأة المنتقبة بمجتمعها ؟، وما هى مساحة حريتها عندما تتماس وتتلامس وتحتك بالأفراد ، الذين يعيشون فى هذا المجتمع ؟.
ما تأثير ارتداء النقاب ، على المكتسبات والحقوق ، التى ناضلت المرأة من أجل الحصول عليها ؟ .
إن للملبس وظائف عديدة ، من بينها الشعور براحة الجسد ، وحريته وسهولة حركته . فهل يؤدى النقاب هذا الدور بنجاح ؟. إن النقاب الذى ترتديه المرأة ، لا يؤدى دوره ، ولا يتناسب مع مناخ الصيف ذو الرطوبة والحرارة القاسية ، والتى تزعج النساء اللائى لا يرتدين النقاب ، فما بالنا بالمرأة التى تتدثر بالنقاب من أعلى الرأس إلى أطراف القدمين ؟؟.
إن حرية المرأة التى ترتدى النقاب ، ليست منعزلة عن طبيعة المجتمع التى تعيش فيه . إن ارتدائها لهذا الزى، سوف يجعلها عرضة للاصطدام بما هو مجتمعى . فالأمر لا يخص المرأة المنتقبة ، ولا يخص حريتها فى أن ترتدى النقاب وحسب ، بل هو يمس المجتمع كله ، فى تعاملاته معها ، كى يحمى مواطنيه ومنهم المرأة المنتقبة ذاتها . ومن هنا تنشأ المصادمات التى تسبب الكثير من المشكلات .
وعلى سبيل المثال ، فمن حق بعض الجهات الأمنية فى المؤسسات الحكومية ، وغيرها ، التحقق من شخصية المنتقبة ، ومن حق رجل المرور أن يطالب المرأة المنتقبة والتى تقود سيارة ، بأن تكشف عن وجهها لكى يتحقق من شخصيتها . إلا أن هذه الممارسات قد تغضب النساء المنتقبات ، فيفسرنها على أنها جور على الحرية الشخصية.
إن ارتداء المرأة للنقاب ، سيجعلها تخسر كثيراً من الحقوق التى نالتها المرأة ، وكافحت وناضلت من أجل الحصول عليها . إن طبيعة ملبسها يشكل عائقاً ، يحول بينها وبين العمل فى كثير من الوظائف ، فى مجالات الطب والهندسة والشرطة ، والفنون والإعلام المرئى وغيرها من الأعمال ، التى تقوم بها النساء فى بلاد أكثر تقدماً من بلادنا ، كالالتحاق بالجيش وارتياد الفضاء .
فمن غير المعقول مثلا ، أن تجرى طبيبة ما ، إحدى العمليات الجراحية وهى ترتدى النقاب . وبذلك تكون المرأة المنتقبة ، قد تسببت فى تقليص أدوار المرأة التى اكتسبتها ، وحاربت من أجلها عبر السنوات الماضية . ومن هنا تصبح المرأة المنتقبة ضد نفسها ، وضد مصلحة النساء الأخريات ، وضد مصلحة المجتمع ككل .
إن وجه الإنسان ، هو جوهر صورته وعنوان شخصيته ، والتواصل الناجح بين الناس ، يتطلب أن يرى كل من المتحاورين وجه الآخر ، فتعبيرات الرضا والسخط والغضب والفرح والاعتراض والموافقة ، كلها تظهر من خلال ملامح الوجه وإيماءاته وتعبيراته المختلفة . وفى حالة المرأة المنتقبة كل هذه التعبيرات تصبح بلا فائدة ، لأنها اختزلت شخصيتها فى مجرد صوت . ومع أن الصوت بدرجاته ونوعية نبرته ، له أهميته فى عملية التواصل ، إلا أن عملية التواصل سيصيبها نوع من القصور والفشل . فأنت لا تستطيع أن تتواصل بشكل ناجح مع إنسانة ، تخفى نفسها وراء ستار من القماش ، لا يستطيع الإنسان أن يتواصل مع شخص يتكلم معه ، من وراء حاجز أو جدار يخفيه.
أيضاً ، فإن المرأة المنتقبة عند تغطيتها لوجهها ، تعلن بشكل مباشر أن وجهها ، وجسمها ، عورة ، ويجب أن تختفى عن الأنظار . وهذا فى حد ذاته إساءة من المرأة لنفسها ، وإدانة فى نفس الوقت ، لكل الرجال . حيث أنها قد حولتهم جميعاً – دون أن تدرى – إلى كائنات جنسية.
والحقيقة أن وجه المرأة ، أو جسم المرأة ، ليس عورة . والرجال ليسوا كائنات مهوسة بالجنس ، يفكرون فيه فى كل وقت.
يكاد يصبح النقاب ، وتغطية النساء ، معركتنا الجديدة . معركة المصير والهوية ، والعنوان الكامل الأمثل لمعنى الفضيلة . هل ارتداء المرأة المسلمة للنقاب ، هو الذى سينشر الأخلاق والفضيلة والشرف ؟. هل ارتداء النقاب سيحارب ويمنع الفساد ويقضى على الفقر والبطالة ؟. إن الأخلاق والفضيلة والشرف ، أمور ليست لها علاقة بزى الإنسان وملبسه ، سواء كان يخفى الوجه أو يظهره . إن الأخلاق أوالفضيلة ، تنبع من داخل الإنسان ، من قناعاته بالقيم الإنسانية العامة ، كالعدل والحرية والمساواة . إن شرف الإنسان يكمن فى عمله الدؤوب ، وجهده المتواصل ، فى شتى مناحى المعرفة و العلم والفكر والإبداع ، ليصنع عالماً أكثر تقدماً وتحضراً ورقياً.
إن معركة النقاب حامية الوطيس ، التى تدور رحاها فى الداخل ، والخارج ليست إلا تعبيراً عن البطالة الفكرية ، والتصحر العقلى ، والفراغ النفسى . إنها تدل على أننا نحن المسلمون ، نخوض معارك دونكشوتية ،
لا طائل من ورائها ، غير إضاعة الجهد والوقت والعمر ، فى أمور لا تقدمنا خطوة واحدة نحو المستقبل ، بل تجعلنا نتقهقر إلى الماضى البعيد.
إن المعركة الحقيقية ، التى يجب أن نسعى إليها جميعا ، هى تحقيق العدالة ، والقضاء على الفقر والتسول والبطالة والجهل والمرض . إنها المعركة التى تطلق حرية الرأى والفكر و الإبداع ، وتدين مصادرة الكلمة ومنطق تكميم الأفواه ، وخنق الكلمات فى الحناجر ، وقص أجنحة الحرية واغتيال العقل على مذبح الخرافات. إنها المعركة التى نأخذ فيها بأسباب العلم والتقدم فى شتى مناحى الحياة ، لكى ننتج ما نأكله ، ولا نصبح عالة على عالم يسارع الخطى نحو المستقبل ، ونحن نجلس فى مقاعد المتفرجين الخاملين ، لا نملك الا أن نشتم العالم المتقدم ، ونخوض فى معارك تؤدى الى المزيد من تغييب العقول ، والوصايا على أجساد النساء ، باسم الفضيلة .
متى نفيق من هذه الغيبوبة التى طالت ، وأحكمت قبضتها على أرواحنا وعقولنا وأجسادنا ؟؟. متى نعيد للعقل فاعليته ومكانته واحترامه، لنثبت لأنفسنا ، وللعالم من حولنا ، أننا بشر نستحق الحياة ؟؟.
----------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ


.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح




.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا