الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نداء.... إلى مدّعي التجديد في الدين

راندا شوقى الحمامصى

2021 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إرفعوا أيديكم فلن تفلحوا أبدا.. لأن هذا عمل الله فالتجديد والتغيير يأتي من الله .. الكلمة الإلهية تجدّد الخلق
والخلق، بكل بساطة، هو إيجاد بديع لما لم يكن له وجود من قبل سواء كان مادياً أم معونياً. وبصفة عامة الخلق المعنوي سابق علي الخق المادي لأنه فكرته وأصله وتصوّره. ولذلك كانت الكلمة الإلهية دائما هي بداية أمم لم تكن لها وجود سابق، وأصل الحضارات الجديدة. فالمجدد اللاحق للحضارات بكلّ مكوناته وآلائه أثر مكنون وسرّ مستور وقوّة كامنة وقدرة محفوظة في الكلمة الإلهية، وعندما تستقر وترسخ أحكامها وتعاليمها ووصاياها في وجدان الإنسان وتتفاعل مع عقله وتفكيره تخرج ثمراتها وتتحقق أهدافها وتبرز في عرصة الوجود. مثلها في ذلك مثل البذرة التي تحوي كل إمكانات الشجرة من جذورها وفروعها وأوراقها وزهورها وثمارها، ولكن لكي يلوح كل ذلك الخير المكنون لابدّ من غرسها في محيط مناسب لنموّها وزكائها، وتعهّدها بالرعاية والمواظبة علي ريّها كي تؤتي أكلها.
وظهور الكلمة الإلهية مشروط بوجود مظهرٍ لها يتّخذ قالباً بشرياً ليعكس نورها وينقل معانيها بلسان البشر من عالم الغيب إلي عالم الشهود، فيكون دوره بمثابة المرآة النقية الصافية التي تعكس شعاع الشمس ولا يُري فيها إلا ذلك الضوء الباهر المنير للديجور المحيط بالوجود الإنساني. وقد أبانت الكتب المقدّسة أنه لا سبيل لبلوغ الخطاب الرحماني إلي العالم الإنساني إلا من وراء حجاب، مع كونه افتتان عسير، لأن البشر، وياللأسف، لا يرون إلا الحجاب. "ما أنت إلا بشرٌ مِثلنَا ..." ولا تصل بصائرهم ومداركهم، إلا فيما ندر، إلي ما وراء الحجاب. فيصرف القالب الجسماني والهيكل البشري انتباههم عن المصدر الأخفي والسر الأعظم الذي من وراء الحجاب يلهم ويوحي ويأمر ويحكم ويدبّر وبيده مقاليد الخلق والأمر. وهكذا يخفي ذلك القالب البشري، رغم ضرورته، الحقيقة المنعكسة في المظهر الإلهي كما يخفي السحاب بعضا من ضياء الشمس.
فإذا ما حان الحين وطار ذلك البلبل السماوي إلي الرفيق الأعلي، وغاب ذلك الحجاب من الوجود، وصعد المظهر إلي الرب الودود، يزداد علوّ الكلمة الإلهية ويتسع انتشارها، ويتهافت المقبلون عليها لأن االناس بحكم فطرتهم وقصور بصائرهم يميلون إلي الإيمان بالغيب ويستسهلونه عن الخضوع والخشوع للحقيقة النوراء الماثلة أمام ناظريهم. ولكن ما من شكّ فيي أن تأثير الكلمة الإلهية باق، وسطوع النور السماوي الذي تنزّل مستمر ولا ينتهي سريان تأثيرهما في أوصال الوجود بعد توقف الوحي بانتقال حاملها إلي الجنة العليا.
ولا غرو في أن الغيوم تحجب النور أحيانا، ويحجبه الضباب أحيانا أخري، ثم في وقت لاحق يحجبه السحاب. فنري الخفيف من هذه الحجبات فما هي إلا أبخرة وغازات متصاعدة من الأرض وأن وجودها ما هو إلا أمر عارض وزائل أما النور فهو باق ومستمر ودائم. وهكذا تكون الكلمة الإلهية باقية بدوام المشيئة الإلهية والسلطة الربّانية. ولكن قد يخفت إلهامها ويفتر تأثيرها نتيجة لما يحيط البشر من حلكة الظنون وظلام الأوهام مع مرور السنين والأيام وتقادم العصور والأزمان؛ تلك الحجبات المتصاعدة من نيران النفس والهوي فتكون بذلك سبباً لهلاكهم وزوال ملكهم.
وكما أن الساعة السابقة علي انبثاق الفجر تكون أشدّ ساعات الليل ظلمة كذلك يكون ديجور هذاالظلام الروحاني، وما تكون تلك الحلكة إلا علامات يبشر اشتدادها وعِظمها بانبثاق فجر الكلمة الإلهية من جديد، وتكون إشارة وعلامة إلي قرب عودة الرّبيع الرحماني بكل جماله وبهائه مذيبا للسحب بدفئه ومبدّدا للغيوم بنوره، فتعود الحياة والحركة إلي الوجود وتشرق الأرض بنور ربها.
ولا تخلو الحقب التي تتزايد فيها الأزمات الدينية من دروس. فهي آية علي عجز الفكر البشري مستقلا عن العون الإلهي في تدبير شئون الأرض وما عليها. ومن العسير أن نجد في التاريخ أي تقدّم أساسي أو نمو وازدهار في أي حضارة لم تستلهم قيمها المعنويّة وتستمد قوتها الدافعة من النبع الإلهي الذي لا ينضب. وإن لم تقدم فترات التردي الحضاري السابقة علي ظهور الرسالات السماويّة شيئا لكفاها إظهارها، بصورة قاطعة، أن الاحتياجات والملمّات الكبيرة التي تعتري الأمم لا يمكن مواجهتها وعلاجها بخيارات وبدائل انسانية، أو بما يقع في دائرة الابتكار الانساني الذي لا يغني عن الابداع المستمدّ من هداية السماء.
يختلف تأثير الكلمة الإلهية عن تأثير أفكار البشر التي يلتف حولها المؤيدون والمناصرون حال حياة صاحبها، وقد يمتد صلاحها الي زمن قصير نسبيا بعد حياته خيث يظهر من الأفكار والآراء ما يطغي عليها أو يدلّل علي شططها. بينما يستمر تأثير الكلمة الإلهية لفترات طويلة تمتد إلي آلاف السنين، في غياب مظهرها حتي تخرج الي الوجود كل ثمراتها ونعمها. فهي أبديّة سرمديّة لا تغيب حقيقتها عن الوجود حتي بعد ظهور رسالات أخري من بعدها. لأن كلمات الله مترابطة علي نسق واحد ومطابقة للحقائق التي لا تتغيّر. لذا فإن كل رسالة تؤيد ما جاء من قبلها وتصدّق عليه وتبشّر بما سيأتي من بعدها، فتكون بذلك خاتمة الماضي وفاتحة الآتي.
ويدون التأثير الخلاق للكلمة الإلهية إلي أن تنضب الروحانيات من القلوب وتُنسي الكلمة وتطغي الماديّات وتنطفئ شموع الفكر وُيستبدل التديّن الحقيقي بالتعصّب الأعمي ويتحول هم الناس من الأركان الأساسية للدين إلي القشور والسّطحيّات، فيتفشي مرض الخرافات والأوهام وتتفتت وحدة الأمة وتهِن قوتها ويتفرّق رأيها وتتشتّت رؤيتها, فيذهب ريحها وتعيش الأمة ظلمات الجمود والتقليد.. حتي تنبثق الكلمة الإلهية بقواها الخلاقة من جديد واهبة الإبداع والتجديد مرة أخري لتنير السبيل لبشريّة التائهة في غياهب الظلم والتفكّك والانحلال. إنها حقّا الكلمة التي يرسم الوحي فيها خارطة عالم مبشّر جديد وجنس بشريّ واعد سعيد.
من كتاب جنة الكلمة الإلهية..دراسة في الكتب المقدسة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - باقي المعلومة
صابر راضي ( 2021 / 9 / 18 - 22:15 )
من هو مؤلف هذا الكتاب؟ و متي صدر؟ و ما هي هذه الكتب المقدسة؟و هل يوجد مثال واحد وارد في المقال علي كلمة من الكلمات الالهيةّ؟ مثال واحد علي هذه الكلمة الازلية السرمدية لم اجد في المقال.
اذا كان بالفعل توجد قوة خلقت كل هذا الكون و يالتالي خلقت كذلك الانسان و اعطيت الانسان العديد من الامكانيات و منها القدرة علي الكلام فالسؤال هو هل القوة التي اعطيت الانسان القدرة علي الكلام تستطيع هي كذلك ان تتكلم ام انها خرساء؟ لا يعقل ان القوة التي خلقت الانسان و اعطيته القدرة علي الكلام تكون هي نفسها خرساء و بالتالي السؤال هو هل كلمت هذه القوة الانسان و ماذا قالت للانسان اذا كانت قد كلمته؟
اذا كلمت القوة التي خلقت الكون الانسان فان كلامها سيكون مفهوم جدا و واضح جدا كل انسان يمكن ان يفهمه
و سيكون كلام مهم جدا و مفيد جدا و ضروري جدا لحياة الانسان و سيكون هذا الكلام الهام المفيد الضروري عن كيف يعيش الانسان بطريقة صحيحة و كيف يعامل الاخرين.
و يالتالي سيبدأ الكلام الالهي اولا عن اقرب الاشخاص الاخرين لنا ثم عن غيرهم من الاشخاص . ما هو حق اقرب الناس لنا علينا ثم ما هي حقوق الاخرين غير القريبين لنا علينا؟


2 - المؤمنون لا يعنيهم المنطق
أنور نور ( 2021 / 9 / 19 - 03:51 )
أستاذ صابر راضي تسلسل 1
يا سيدي أنت تتكلم بالمنطق .. والمؤمنون في كل الاديان ليسوا ملتزمين بالمنطق , لهم منطق خاص - ان صح وجود منطق لديهم .. فكل ما في الأمر ان المؤمن بفكرة ما أو عقيدة ما , قد سكنت برأسه وحبكت تمام الحبكة . سواء بالوراثة . أو بالاعجاب العاطفي لسبب قد يكون صغيراً جداً ولكنه عند المؤمن سبب ثمين جداً
فان حاولت تقويم المنطق غير المستقيم عند المؤمن , رد عليك بمنطق نشاز من نوع آخر .. فان حاولت تقويم ذاك النشاز المنطقي عنده , رد بنشاز من نوع ثالث .. ورابع ,, وخامس .. الي ما لانهاية . وبالتالي لا يمكنك أن تصل لنتيجة أو اتفاق مع المؤمن بعقيدة ما - دينية أو سياسية أو اجتماعية - لا هو يستطيع اقناعك - باللامنطق ( القوي والسديد ! كما يراه ! ) ولا أنت يمكنك اقناعه بالمنطق القويم . وكل منكما يرثي لحال الآخر .! هذا هو الحال الغالب للمؤمنين / عدا الاستثناءات.. حيث يوجد من المؤمنين . من يمكنه المراجعة والتدبر , وشجاعة اختيار الصواب ولو عند غيره
تحية للأستاذة كاتبة المقال .. ونطمع في أن يتسع صدرها ويقبل حقنا في ابداء رأينا هذا.. مع احترامنا لحقها في التعبير عن رأيها و الاعتزاز بعقيدتها

اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي