الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد لم يأت من السماء

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2021 / 9 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


-1-
حينما يصوت الكثير من الناس على برلمانيين فاسدين ويعيدون التصويت عليهم، فاعلم أن المنظومة فاسدة، ولما تشارك في الحملة الانتخابية وتقدم لبعض الناس البرنامج الانتخابي، يقولون لك: نحن لا نريد البرنامج، نحن نريد 200 درهم، فاعلم أن البنية الاجتماعية فاسدة ومنخورة، وعندما يعترض شاب امرأة في فضاء عمومي ويزيل ملابسها أمام الأنظار، فاعلم أننا وصلنا إلى الافلاس. والأنكى من ذلك تجد بعض التعليقات تحمل المسؤولية للمرأة وتحدد لها لباسها على مقاسهم كأن الفضاء العمومي فضاء خاص لهم لا فضاء عمومي ملك للجميع قائم على التعدد والاختلاف والاحترام. ولا تسفعنا أخلاقيات القرون الوسطى ولا هي قادرة على الإجابة على معضلاتنا التراجيدية وانحطاطنا القيمي، بل الأمر يستدعي رجة أخلاقية اسمها التربية الأخلاقية التي ليست بأي حال من الأحوال انحلالا، في اليابان هناك مواد تلقن للطلبة اسمها التربية الاخلاقية وتعلم الناشئة اخلاقيات احترام النفس واحترام الآخرين. . نحتاج الى روسيكلاج فكري وعقلي، نتعلم منه حدودنا وحدود غيرنا. به نعقلن ممارساتنا ونحارب الإفلاس الأخلاقي الذي يدور من حولنا.
-2-
ما يجعل المواطن المغربي صالحا هو إجبارية التربية الأخلاقية التي تنهل من كل الفلسفات والأديان في العالم. وترتكز هذه الأخلاق:
1- احترام الذات جسديا وفكريا.
2- احترام الآخر مهما كان دينه أو لونه أو عرقه أو جنسه...
3- النظر إلى الآخر كإنسان قبل كل شيء.
4- احترام البيئة(النبات، الحيوان، ...)
5- تقدير التراث المادي والمعنوي لكل شعوب العالم.
6- جعل سعادة الروح والبدن من أهم غايات الأخلاق.
7- جعل المغربي متشبعا بفلسفة العدالة سواء تعلق الأمر بالخيرات المادية أو الخيرات المعنوية.
8- جعل المغربي مؤمنا بفلسفة العلم وذلك فيما يفيد الصالح العام.
9- تقوم التربية الأخلاقية على قيم التعايش والاختلاف والتعدد.
10- جعل الحرية أهم قيمة أخلاقية، مع ربطها بالمسؤولية.
تبقى هذه المبادئ العشرة مداخل أساسية لربط المواطن المغربي بالأخلاق الكونية والإنسانية بعيدا عن أي تأطير إيديولوجي أو هوياتي.
-3-
لو كان هذا الحماس المنقطع النظير على التربية الإسلامية في وسائل التواصل الاجتماعي على التربية الفنية والموسيقية والتكنولوجية والعلمية وتعميمها على نطاق واسع لكنا أمة حية وناضجة وبنت عصرها. الحماس الزائد في جهة والفاتر والميت في ميادين أخرى يعبر عن مأساة أمة، عن ضياع بوصلة المسار الصحيح. كل الشعوب الحية التي خرجت من موتها الحضاري لم تلتفت إلى تراثها وحسب، بل توجهت رأسا إلى عصرها وحاضرها.
-4-

لا فرق بين التراكتور والحمامة. وجاء الوقت لكي تتحالف أحزاب المخزن والإدارة لسحق المواطنين معيشيا. وتلك الحرب الكلامية بينهما كانت مجرد تمثيل في المسرح السياسي. والمعين الذي خرجت منه الحمامة سنة 1978 هو المعين الذي خرج منه حزب التراكتور. هناك قواسم مشتركة كما جاء في بيان التراكتور وهو تطبيق النموذج التنموي بحرفيته ومنها تكريس الخوصصة الشاملة في الصحة والتعليم.
-5-

الأنظمة السياسية والحكومات لا تأتي من السماء كما دعت إلى ذلك نظرية التفويض الإلهي أو الانتماء الجنيالوجي، بل تنتجها إرادة الشعوب ( إذا كانت لديها إرادة). فإذا كانت هذه الشعوب تؤمن بالديمقراطية، فلا جرم أن أنظمتها وحكوماتها ستكون ديمقراطية، ولئن كانت الشعوب جاهلة ومعدمة ولا تؤمن بالديمقراطية، فحكوماتها ستكون ديكتاتورية وقمعية. كل الشعوب تنتج أنظمتها حسب مستوى الوعي السائد، وهذا الوعي ليس ستاتيكيا، فإما ينحدر إلى درجة الصفر، أو يصعد مع تنامي الوعي الطبقي والثقافي. فكلما تراكم الوعي الطبقي زادت حاجة الشعوب إلى الديمقراطية وإلى نظرية التعاقد الاجتماعي، وكلما انغمست الشعوب في الجهل والأمية والفساد (السياسي)، كلما تصالحت مع الديكتاتورية وتنامت فيها نزعة المازوخية السياسية وعقدة ستوكهولم. إن الشعوب التي تؤمن بالديمقراطية هي شعوب تاريخية وذات ذاكرة قوية وتؤمن بالتراكم، أما الشعوب التي تؤمن بالديكتاتورية فليس لها ذاكرة، وإن كانت لها ذاكرة، فهي ذاكرة الأسماك، إنها تنسى كل ضروب القمع والعسف التي تتعرض له من طرف جلاديها وقدرها أن تبقى أسيرة الجهل لتاريخ طويل، والأنكى من ذلك تتلقف (habitus) يشرعن العسف الذي تتعرض له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية