الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ختام القصة

بارباروسا آكيم

2021 / 9 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الجزء الأول من مقالتنا السابقة إستعرضنا مبررات الثورة الإيرانية من وجهة نظر آخرين  و طبيعة القراءة الكارثية لسلسلة التقلبات و الأحداث من قبل الحركات اليسارية سواء داخل ايران و خارجها

حيث كانت بوصلة (( اليسار ))  دائماً تتوجه بأتجاه تأييد الحركة الثورية الجديدة
الى درجة أن أحدهم قال :
ما أشبه هذه اللحية بتلك !!!
و أشار الى صورة كانت معلقة على الحائط *

و صادقا أقول ليس اليسار و التيارات التقدمية وحدها من حملت ذلك الحراك على هذا المحمل بل حتى الكثير من المفكرين الغربين و المؤسسات الإعلامية التي صورت بعضها الخميني على إنه غاندي العصر الحديث  وآخرين قالوا عنه مؤسس لاهوت التحرير الإيراني .. الخ

القصد ليس التسقيط من شخص و رفع آخر
بل قراءة موضوعية لحدث وقع في منطقتنا و كان حدث زلزالي بقوة ٤٠ درجة على مقياس رختر

اذا لنتعرف على أسباب الثورة الإيرانية من وجهة نظر مختلف رجال الدين و على رأس هؤلاء المدعوين للقراءة و التأمل هم من عاصروا تلك الأحداث زماناً أو مكاناً أو الإثنين

أسباب الثورة
حينما يتكلم رجال الدين عن الثورة الإسلامية لا يعطونك سبب إقتصادي محدد أو خلاف سياسي داخلي بعينه ، بل يشيرون الى مسألة عداء الشاه للإسلام و محاولته تغريب ايران و تبعيته للغرب  ! 
وهو مصطلح فضفاض و غير مفهوم
و لكنه بالنتيجة كان يداعب الغرائز البدائية ليس فقط للغوغاء في ايران بل حتى بعض القوى التقدمية في منطقتنا

لكن كإنسان فضولي أتساءل: مامعنى إن الشاه يريد تغريب ايران أو إنه يعادي الإسلام ؟

فحينها و بعد أن تسأل يعطوك من الدرر المكنونة

إن الشاه عدو الله جعل سن الزواج بالنسبة للمرأة الإيرانية ١٦ سنة !!!

فتسألهم و ما العيب في ذلك ؟
فيقولون هذا مخالف للشرع الذي يجعل عمر الزوجة الجاهزة للوطيء ١٣ سنة !!!
و الخميني جعله بالفعل ١٣ سنة

كذلك نْشر عدو الله للسفور في ايران !
هذا مع العلم إن محمد رضا بهلوي لم يكن مسؤولاً عن قانون السفور
بل كانت حكومة فروغي بناءا على مقترح من والده رضا شاه بمعنى إنه ورث تركة مرحلة سابقة
القانون المعروف بالفارسية : ( کشف حجاب در ایران )
وحتى حينما فرض نزع الحجاب كان لغاية
وهو دفع المرأة الإيرانية الى مقاعد الدراسة بالدرجة الاساس

هل تعلم يا صاح .. بأن أول إمرأة دخلت جامعة طهران كانت بإيعاز من رضا شاه

و لكن إذا أخذنا هذه العلة التي تحجج بها القوم كإشارة الى قمع الشاه للمظاهر الإسلامية ، فماذا فعلتم أنتم بالمقابل ؟
لقد فرضتم الحجاب قهراً في إيران على كل الإيرانيات حتى غير المسلمات منهن !

فإن كنتم ترون في الإجبار على السفور قمع ، فماذا عن من يجبر النساء بالقوة على الحجاب ؟! أو من إستخدم الأسيد لحرق وجوه غير المحجبات ؟ 

و للتأكيد على مسألة التعليم و الحجاب
فأول قرار اتخذه الخميني بخصوص النظام التعليمي كان عزل الجنسين في ايران

و في هذا يقول الخميني :

ما دام للقادة الدينيين تأثير وقوة في هذا البلد، فإنهم لن يسمحوا للفتيات بأن يدرسن في نفس المدارس التي يدرس فيها الأولاد، ولن يسمحوا للرجال بالتدريس في مدارس البنات. إنهم لن يسمحوا بالفساد في هذا البلد.

يعني الرجل يرى بأنه إختلاط الصبيان و البنات في المدارس مظهر من مظاهر فساد الشاه

هذا مع العلم أن الخميني نفسه افتى ابان الثورة بخروج النساء الى الشوارع ضد الشاه

لاحظوا: حينها لم يكن الإختلاط حرام لأنه كان ضد الشاه ، و لكن ما إن انتهت الثورة العظيمة حتى أمرهم بالعودة الى المنازل و عدم الخروج منها

و قد تستغربون لسبب آخر و ليس أخير
إن الشاه فتح الباب للحرية الدينية للطائفة البهائية !!!
و طبعاً هذه جريمة من وجهة نظر هؤلاء فكيف للمواطن الإيراني البهائي الذي نشأت ديانته في ايران أن يتعبد داخل ايران !؟!

و إن كان رأي هؤلاء لا يهمني بأي حال من الأحوال و لكني أسأل اولئك التقدميين المغرمين بتلك التجربة الثورية الرائعة ما رأيك أَخي الفاضل بهذه الأسباب المادية الموضوعية لهذه الثورة العظيمة ؟
و ما رأيك بالمنجزات اللاحقة ؟

ثم حتى نفهم شيء معين بالنسبة للقرارات الصارمة التي أصدرها رضا شاه بخصوص الحجاب و ضرب هيمنة رجال الدين على القرار السياسي

أن الإسلام السياسي في ايران لم يكن حمامة سلام
فمنذ البداية
كانوا قد حدّوا أسنانهم على الناس الى الحد الذي بدأوا يفرضون فيه رعبهم على الدولة من سنة ٤٦ الى سنة ٥٥ 
حيث عمدوا الى اغتيال كل من لم يعجبهم من رؤساء الحكومة
مثل عبد الحسين هجير  والجنرال رزم آرا وحسين علا وحسن علي منصور.
بل إغتالوا حتى المفكرين أصحاب الكلمة
مثل  إغتيال أحد أبرز منظري العلمانية الإيرانية ( أحمد كسروي ) سنة ١٩٤٦
الذي حاولوا اغتياله عدة مرات و أخيراً تمكنوا من قتله كما قرأت داخل قاعة المحكمة بسواطير تقطيع اللحم و الفؤوس
و العملية تورطت بها جماعة إرهابية تدعى فدائيان إسلام ( الصيغة الشيعية للنظام الخاص بالنسبة للإخوان المسلمين ) و المنفذ كان يدعى نواب صفوي و الذي تم إعدامه سنة ٥٦
و الذي عاد الخميني و أعتبره بطل سنة ٧٩
فدائيان إسلام هي نفسها التي جاء منها صادق خلخالي لمن لايعلم 

و الى هنا تنتهي حكايتنا البائسة مع الثورة الإيرانية المباركة
راجين عدم العودة لها و أن يجنبنا الله سبحانه شرورها
و أترككم مع زمن كانت فيه ايران بحق جوهرة الشرق

https://youtu.be/dF47rrHd7wo








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شهادة للتاريخ
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 21 - 18:25 )
حزب البعث العراقي يستعين بالخميني للتحريض على أنظمة المنطقة

https://youtu.be/8FtiP6YjKZg


2 - دور الشاه التخريبي في العراق
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 21 - 18:41 )
عبد الغني الراوي و ارتباطاته بالشاه

https://youtu.be/7rSP7EjwK2s


3 - مصيبة ان لا يميز الناس التقدمي من الرجعي
منير كريم ( 2021 / 9 / 21 - 22:54 )
تحية للاستاذ باربارروسا اكيم
مقال رائع وخاتمة جميلة
مارايك بحزب تودة الايراني الذي ايد هذه الثورة الرجعية الهمجية ؟
حينما سقط الشاه كنت طالبا وقلت للشيوعيين العراقيين بان الشاه تقدمي والخميني رجعي فجن جنون من كنت اتحدث اليهم
مصيبة ان لايميز المرء بين الرجعي والتقدمي
هذا يدل على مقدار مايحمل شعار العداء للامبريالية من سوء وتخريب
واحيانا اقول ان ضعف الاحساس الديمقراطي عندنا قادنا ويقودنا للهاوية
شكرا لك


4 - السيد منير كريم المحترم
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 22 - 09:08 )
والله يا سيدي التقدمية و الرجعية هي مسألة نسبية في حالة الشاه

لأن الشاه دعم كل الأنشطة التخريبية في المنطقة
دعم ملى مصطفى في الشمال و دعم محسن الحكيم و دعم حزب الدعوة و دعم الجماعات الشيعية المسلحة في البحرين

فالموضوع يعتمد _ تقدمي أو رجعي _ بناءاً على ماذا ؟

إذا كان على واقع ايران الداخلي فهو كان تقدمي
و لكنه كان كارثة على المنطقة من حيث احياء النعرات الطائفية و القومية و العرقية

لكن كمقارنة بينه و بين الخميني
فطموحات الشاه كانت أقل بكثير من طموحات الخميني في التوسع
يعني الشاه في حياته لم يسعى الى بناء نماذج خارج ايران تكون تابعة لإيران
كل ما هنالك كان يرسل ميليشياته و رجال دينه الى اي دولة يستشعر منها الخطر
أما الخميني رفع شعار تصدير الثورة صراحة الى الجميع

تحياتي و تقديري


5 - معيار التقدمية
منير كريم ( 2021 / 9 / 22 - 10:19 )
الاستاذ باربار روسا اكيم المحترم
معيار التقدمية داخلي وهو العلمانية والتنوير والانفتاح على الحضارة المعاصرة وانظمة من هذا النوع قابلة للتطور الى انظمة ديمقراطية ليبرالية
اما نظام الخميني فهو رجعي فكرا وممارسة ومعاد للحضارة المعاصرة
لدى الشاه كانت مخاوف من الشيوعية بفضل التجاور مع الاتحاد السوفيتي وانتشار الحركات والانظمة العسكرية الموالية للسوفييت في المنطقة مما جعل الشاه يستخم مايدعى بصراع القوى في الاوسط ومنها كان الدعم العسكري لقابوس ضد المتمردين في ظفار
صراع القوى اسلوب لامبدأ له تستعمله الدول المختلفة
شكرا لك


6 - السيد منير كريم المحترم
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 22 - 11:31 )
في الحقيقة لا أتصور بأن الشاه كان سبب دعمه لمختلف القوى الرجعية إنه كان يخاف من الإتحاد السوفيتي

لأنه في العراق مثلاً دعم الشاه ملى مصطفى حتى فقط في النهاية يحصل على خط التالوك في شط العرب أما علاقات العراق بالاتحاد السوفيتي فلم تكن على قائمة المباحثات

طيب إذا كان الشاه لا تحركه أي أطماع سوى ابعاد الخطر السوفيتي
فما معنى المطالبة بالبحرين
هل كانت البحرين ضمن حلف وارشو مثلاً ؟
كل هذه دول الخليط الفارسي تسبح في الفلك الأمريكي
فما الذي أخاف الشاه من البحرين ؟

أنظر يا صديقي
التاريخ لابد أن نقرأه بإنصاف
الشاه إكتوى بنار هو من أضرمها
التقدمي الحقيقي لايدعم قوى رجعية من العصور الوسطى
لأنه النار التي ستشعلها في بيت جارك ستحرق بيتك ايضاً
و هذا ماحصل مع الشاه
و ماحصل مع السادات
وماحصل مع صدام
و ماحصل مع بشار الأسد
كلهم حصدوا من سيئات أعمالهم


تحياتي و تقديري


7 - power politics
منير كريم ( 2021 / 9 / 22 - 14:30 )
الاستاذ بارباروسا اكيم المحترم
لانصل الى نتيجة في هذا الموضوع اذا خلطنا السياسة الخارجية ونهج النظام الداخلي فتوجد العديد من الامثلة والامثلة المضادة
معظم دول العالم مبتلاة بمرض الميكافيلية وصيغتها المعاصرة سياسات القوة والتي تستند الى الغاية تبرر الوسيلة
النقاش يدور حول التقدمية والرجعية وهي تقيم على اساس داخلي
وحسب نفس المعايير الواردة في التعليق السابق فان الشاه تقدمي والخميني رجعي
رجعي بالفكرة والوسيلة والهدف , لايوجد فيه شيء تقدمي للشعب الايراني
شكرا جزيلا


8 - السيد منير كريم المحترم
بارباروسا آكيم ( 2021 / 9 / 22 - 17:45 )
بالعكس نهج السياسة الخارجية يجب أن يكون متسق مع السياسة الداخلية
و لذلك هناك أوطان و هناك حدود و هناك قنوات دبلوماسية للتعامل بين الدول
و التعامل مع الأزمات يكون من خلال هذه القنوات الرسمية

و إلا سيتحول الوضع الى غابة و هذا ما هو حاصل الآن

تحياتي و تقديري