الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الدين والتربية والأخلاق

وهيب أيوب

2021 / 9 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تتوالى وتتزايد جرائم القتل في المجتمع العربي الفلسطيني في إسرائيل، ويكاد لا يمرّ يوماً دون جريمة قتل جديدة أو أكثر، ومنذ بداية العام 2021 سقط أكثر من تسعين قتيلاً بينهم 12 امرأة، ناهيك عن العنف و"الطوشات" العائلية في بعض المدن بين الفينة والأُخرى.
فهل هناك من حلّ ...؟
أقول رأيي في هذا الموضوع بكل صراحة ووضوح، دون مسايرة أيّ من الطوائف الدينية أو سواهم. وأقترح بعض الحلول.
أولاً؛ وكما ذكرت سابقاً في أكثر من مرّة، أن المشكلة الجوهرية والأساسية في مسألة استشراء العنف والجريمة في المجتمع العربي، ترجع بشكل أساسي إلى مسألة التربية والثقافة والأخلاق التي يحملها هذا المجتمع، وهي التربية والثقافة الدينية الطائفية التي تتشرّبها الأجيال في البيوت والأماكن الدينية، وفي الأخصّ مساجد المسلمين، كونهم الأكثرية وأنهم يتصدّرون تلك الظاهرة وهذا الغلو في العنف، حتى فيما بينهم.
إن إصرار الأديان على أنها تدعو للسلام والمحبة والتسامح والأخلاق الحميدة هو محض كذِب وافتراء ونفاق، وليعلم الجميع أن لكل دين وطائفة أخلاقها الخاصة وإلهها الخاص أيضاً، والله ليس واحداً لدى الجميع، كما يشيع المتدينون المنافقون من كافة الأديان والطوائف!
عند اليهود مثلاً؛ من غير المسموح لليهودي بحسب الكتاب المقدّس؛ أن يأخذ الربا من أخيه اليهودي، لكن مسموح أخذه من الأغيار، كذلك لدى المسيحيين والمسلمين والدروز وسواهم أيضاً أشياء مشابهة، وإن صيغة التعامل والأخلاق تنحصر بين أهل الجماعة المؤمنة بذات العقيدة أنفسهم، لا مع الأغراب!
وجميع الأديان والطوائف، كلٌّ منها يدّعي الحقيقة المُطلقة التي لا شكّ فيها، وأن كلٌّ منها يدّعي دخول الجنّة والآخرون جميعاً كفّار وإلى نار جهنّم.
وهذي في الحقيقة والواقع ليست بأخلاق إنسانية شاملة، بل هي أخلاق فئوية عنصرية تُحابي نفسها، وبنفس الوقت موجّهة ضد الآخر المُختلف.
في اليابان مثلاً؛ أصبح من ضمن مناهج التربية والتعليم دروس وحصص تربية أخلاقية إلزامية للطلاب، وكيفية التعامل الإنساني الأخلاقي مع الجميع، في البيت والشارع والمدرسة والعمل والأماكن العامة دون أي تمييز، وهناك قصص رمزية تُقدّم للأطفال في المراحل الأولى؛ تتناول شتى مناحي الحياة وعن الالتزام بالنظام والقانون والنظافة ومعاملة الآخرين، كما تتضمّن عن كيفية الرفق بالحيوان.
فأين يكمن الحلّ لتلك المعضلة وبناء مجتمع بالفعل متعايش ومُسالم، بدل النفاق والتكاذب ...؟
أولاً؛ من المستحيل الطلب من تلك الأديان والطوائف تغيير عقائدها الدينية، فهذا غير ممكن واقعياً، ولكن من الممكن عدم توريط الأجيال الصاعدة بتلك الثقافات وحشو رؤوسهم بتلك المعتقدات المؤدّية للكراهية والتفرقة العنصرية، وتلقينهم إياها يومياً، فهذا لا يمكن أن يُنتج واقعاً؛ إلا الذي نراه ونسمعه من عنف وقتل يومياً.
والحلّ برأيي بقدر ما هو سهل ومتاح، بقدر ما يحتاج إلى التخلّي عن المكابرة والنكران أولاً، وقناعة وجرأة وإرادة، وقرار من الأخصائيين والتربويين المسؤولين في المجتمع الفلسطيني، ويكمن الحل، وهو كأحد العوامل الأساسية والمهمة في تنشئة أجيال مسالمة غير عنفية، في اتباع النموذج الياباني؛ من خلال مطالبة وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، والضغط بإدخال دروس التربية الأخلاقية في مناهج التعليم كدروس إلزامية لكل الصفوف، بدل دروس الدين والتراث والقصص الأسطورية الخرافية، التي أتخموا فيها الأجيال منذ قرون، بالاستماع إلى خطباء وشيوخ المساجد وتحريضهم الدائم على الكراهية والعنف؛ وباتوا يتقيؤونها اليوم، جرائم قتل وسلوكٌ مُشين!
وهذا ما أقترحه أيضاً على لجنة أولياء الأمور المركزية في الجولان المحتل، وهذا يمكن تحقيقه؛ بالتوجّه للوزارة ذاتها ومطالبتها بإدماج مدارسنا ضمن هذا السياق التربوي، من خلال إلزام جميع الصفوف بتلقي حصص في التربية الإنسانية الأخلاقية الشاملة، بدل دروس التراث "المعتّي"!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - خلط الاوراق لا يجدي
حسيب المندلاوي ( 2021 / 9 / 24 - 15:58 )
استاذ ايوب التعميم و خلط الاوراق لا ينفع و بل يجب التحديد ، العنف الحالي الذي يشهده مجتمعك الفلسطيني له علاقة تحديدا بالدين الاسلامي ، و انا حسب اطلاعي على التعاليم المسيحية استطيع ان أوكد لك جازما ان لا علاقة البتة للعنف الذي تشهده الدول العربية و الاسلامية لا بل في كل انحاء العالم بالدين المسيحي،، بل هو خلاف التعاليم الذي جاء بها المسيح ، اما بالنسبة للدروز فانا لست مطلع على ادبيات الدين الدرزي


2 - توضيح
وهيب أيوب ( 2021 / 9 / 25 - 08:09 )
الأخ حسيب المندلاوي، ليس هناك أي خلط للأوراق كما تفضّلت، فأنا أتحدّث عن الأديان بشكل عام والقيم الأخلاقية التي تحملها، وأنت مُحق من حيث أن الإسلام هو من يتصدّر اليوم ظاهرة العنف، وأنا ذكرتُ ذلك، ولكن لا تنسى ما مارسته المسيحية والكنيسة في القرون الوسطى من قتل وإبادة باسم الدين المسيحي، والحروب بين الكاثوليك والبروتستانت أثناء حرب الثلاثين عاماً الشهيرة أبادت ثلث سكان أوروبا، وواقع المسيحية المُسالم اليوم ناتج عن هزيمة الكنيسة وتحجيم دورها من خلال الثورات التي قامت ضدها والتي أدّت لفصل الدين عن الدولة وإقامة الدول العلمانية، وهذا ما ندعو له اليوم في الدول الإسلامية، ونسعى لتحقيق الدولة العلمانية وتحييد الدين وشيوخه عن السياسة والمجتمع كما حصل في أوروبا....تحياتي

اخر الافلام

.. الأوقاف الإسلامية: 900 مستوطن ومتطرف اقتحموا المسجد الأقصى ف


.. الاحتلال يغلق المسجد الإبراهيمي في الخليل بالضفة الغربية




.. مراسلة الجزيرة: أكثر من 430 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى في


.. آلاف المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون المسجد الأقصى لأداء صلو




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك