الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العمالقة عرب بلاد الشام البائدة في العهد الروماني 2

علي احمد

2021 / 9 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الامبراطور سفيروس والمصاهرة مع الاسرة الحمصية
يتبوأ الامبراطور لوسيوس سيبتموس سفيروس Lucius Septimius Severus (145- 211 )، المولود في لبدة في ليبيا لاسرة بونيقية púnic - التسمية الرومانية للكنعانيين البحريين الذي اسسوا مستعمرات في شمال افريقيا واسبانيا اشهرها قرطاج ، وهي امتداد للمصطلح فينيقي الاغريقي Φοίνικες الذي اطلقه الاغريق على كنعانيي سواحل بلاد الشام-.
وبتقديري ان نجمه ما كان ليسطع لولا الدعم الذي تلقاه من الامبراطورين الذين سبقاه وهما ماركوس أوريليوس الاندلسي النشأة -مولود في اسبيخو قرب قرطبة- وابنه كومودوس –ربما من جذور مشرقية فينيقية كنعانية في شبه الجزيرة الايبرية، وما يدفع للتساؤل عما اذا كانا من أصول فينيقية باعتبار ان نهاية العهد السياسي الفينيقي 146 ق.م لا يعني نهاية للثقافي، كما انه يوحي بوجود صراعات اثنية وثقافية داخل الإمبراطورية اللاتينية العنوان والمختلفة عرقيا وثقافيا في المضمون- . توحي مسيرته بأن له صلات مسبقة مع بلاد الشام ثقافية كانت ام عرقية من خلال الزواج والخدمة وان التواصل بين شمال افريقيا وبلاد الشام لم ينقطع كاستمرار للثقافة الكنعانية المسماة فينيقية او بونية بحسب النظرة الغربية قديمها وحديثها القائمة على فرق تسد.
خدم سفيروس الامبراطورية كمسؤول في اسبانيا وشمال افريقيا وسوريا أي مناطق النفوذ الكنعاني قبل هزيمة القرطاجيين وانتهاء عهد سيطرتهم على البحر المتوسط، ولكنها بذات الوقت لم تنقطع عن دورها التجاري التاريخي فاهل المنطقة ذوو سيطرة عليها سواء من القرن الافريقي عبر الصحراء الكبرى او من سواحل الجزيرة العربية عبر بلاد الشام الى اوروبا هذا اضافة الى كون العرب التابعين اداة منيعة لسد النفوذ الفارسي ومنعه من عبور الفرات.
كان قائدا للجيش في سوريا عام 179، وقبلها تولى قيادة الفيالق في بانونيا – جهة الدانوب غرب المجر وشرق النمسا وشمال يوغوسلافيا بتوجيه من الامبراطور كومودوس Commodus.
سنحت لسفيريوس الفرصة لاعتلاء العرش بعد اغتيال كومودوس في سنة 193 التي توصف بسنة الاباطرة الخمسة واودت الى ما يوصف بالحرب الاهلية الرومانية 193-197، حيث لم يدم حكم برتناكس Pertinax 193الذي تولى بعد كومودوس سوى ثلاثة اشهر ليلقى حتفه على يد الحرس الامبراطوري (البريتوري) الذي عرض التاج لمن يدفع اكثر الأسعار ليشتريه، فكان من نصيب يوليانوس اغسطس Julianus Augustus ، وتولى الحكم بعده في الأول من حزيران 193. ثمة تشابه في صراع الجنرالات تحت حكم يوليانوس اغسطس التي على اثرها تولى سفيروس الحكم مع صراع الجنرالات فترة قسطنطين المقرون بالقسطنطينية وانتشار المسيحية. خلال تلك الفترة تمرد سفيروس في بانونيا شمال البلقان وبيسينيوس نيجرPescennius Niger في سوريا وكلوديوس البينوس Clodius Albinus في بريطانيا.
واعلن اغسطس ان سفيروس عدو للامة والتبرير الذي يساق هو انه اقربهم جغرافيا له واكثرهم خطورة، ولكنه يفشل في القضاء عليه ويعرض عليه المشاركة في الحكم، ولكن هيهات فقد تمكن سفيروس من تحييد البينوس في بريطانيا وتسميته قيصرا ويبدو انه ابقى في خلده القضاء على منافسه في الشرق في سورية بعد أن نجح في تحييد منافسه في الغرب ،وما عليه سوى أن يسيطر على العاصمة روما حيث يزحف على إيطاليا ويعرض على الحرس الامبراطوري (البريتوري) ان لا يناله العقاب في اغتيال كومودوس والتضحية بفريق المنفذين وعلى رأسهم القنصل ميسالا Messala كمخطط رئيسي. وبتولي سفيروس الحكم يصدر مجلس الشيوخ حكمه بإعدام يوليانوس ويجرد من املاكه. وفي ذات السنة يتقهقر نيجر Niger امام قوات سفيروس في معركة كيزيكوس قرب بحر مرمرة وفي معركة نيقية ويتحصن في إسوس حيث المعبر الاستراتيجي في لواء الاسكندرونة وهي نفس المنطقة التي انتصر فيها الاسكندر الكبير على داريوس الثالث 333 ق.م ولكن سفيروس يحقق انتصاره في العام التالي ايار 194 في ذات المنطقة حيث يفر خصمه الى انطاكيا ويقبض على الخصم ويقتل. وبعدها 195 يجتاح الفرات. ولكن بيزنطة (القسطنطينية) تبقى على تمردها أملا في تمرد البينوس حليف نيجر الظاهري ولكن الامل كان خاويا حيث يحاصرها حتى تسقط عام 196 وعندها يستفرد بخصمه الغربي وينتصر عليه في معركة لوغدونم Lugdunum ليون حاليا 197 ويرسل برأسه ورؤوس عائلته الى روما.وفي الشرق يعاود تدمير طيسفون (المدائن) في 197.
ويعتقد باحثون ان من تبعات هذه الحرب هو قلقلة المنطقة الغربية وحدوث تمردات محلية متواصلة أدت لضعف القدرات الرومانية على اخمادها، ولعل من بينها ما استدعى وجود الامبراطور سفيروس الذي مات في يورك ببريطانيا في 4 شباط 211.
تزوج سفيروس مرتين الاولى في 175 من باسيا مارسيانا Paccia Marciana في بعض المصادر توصف بذات اصول سورية، وتوصف في مصادر بفينيقية او ليبية وهي من لبدة ذات المدينة التي ولد فيها. ولدى التدقيق يبتبن انه لم يذكرها في مفكراته؛ ولكنه خلدها لاحقا عندما اصبح امبراطورا. يرجح انه لم ينجب خلال سنوات زواجه العشر، ولكن ما يستوقف هو أن التاريخ الاغسطي Historia Augusta يشير الى انجابه ابنتين، لكن لم يجر التحقق من صحة ذلك، وعما اذا كان الدفع هو الغمز بتاريخه كمأفون بالسلطة، ولكن يشار الى انها ماتت ميتة طبيعية في 186. وفي 187 أي السنة التالية لوفاة زوجته تزوج يوليا دمنه Julia Domna وهو بسن الثانية والأربعين. وفيما يقصه Historia Augustaفإن المنجمين تكهنوا بأنه سيعثر على عقيلة المستقبل في سوريا التي يلتقي فيها بالكاهن الأعلى في حمص غايوس يوليوس باسيانوس Gaius Julius Bassianus. ومن الدلائل على التأثيرات الثقافية المشتركة بغض النظر عن تسويق اسطورة زواجه فإنه بينما كانت الأولى ليبية المنشأ من أصول سورية فإن الثانية جوليا دمنا Julia Domna التي تزوجها في 187 كانت من حمص التي كانت آنذاك اهم محطة دينية للمشرقيين، ويعتبر ماكسيم رودنسن هذه الأخيرة عربية.
اهتم ابنه الامبراطور كركلا بحمص، وجعل منها مستعمرة رومانية، واثناء عهده توسعت واصبحت احدى اهم المدن في الرومانية الشرقية. ورغم ولع الحمصيين بالحرب ودعمهم للفيالق الرومانية بالرجال والرماة، الا انهم كانوا ايضا يصدرون القمح والعنب والزيتون لانحاء العالم الروماني، وكانت المدينة جزءا من خط التجارة الشرقية الذي مر عبرها للمتوسط وهو ما كان يدعم الاقتصاد الروماني. ولا استبعد انه كانت للعرب انذاك وظائف اخرى في الجيش الروماني، وللاشارة فإن الثموديين عملوا كمقاتلين في القوات الرومانية، وأيضا عمل العرب في النقل على الجمال، بالنظر لاكتشاف العديد من مستحثات الجمال في المستعمرات الرومانية الشمالية وبضمنها بريطانيا. وفي التاريخ القديم عملوا أيضا في النقل العسكري مع الاشوريين وأسهموا في النقل اثناء احتلال الفرس لمصر.
ورغم الانتقادات التي توجهها الدراسات الغربية للفترة السفيرية بوصفها سبب انحطاط الامبراطورية والتمردات لاحقا قبيل عهدها الذهبي واحسبها عرقية المنشأ، الا انني اجد أن الامبراطور كركلا(188-217) الذي خلف والده سفيريوس، وحكم بين الفترة 211 و217 م قد قام بإصلاحات ثورية تاريخية ، فهو صاحب المرسوم المعروف باسمه Edict of Caracalla أو القانون الانطونيني Antonine Constitution،والقاضي بوهب الجنسية لابناء الامبراطورية في اقاليم البحر المتوسط، ومساواتهم امام القانون. وهذه الاصلاحات لم تكن لتأخذ مكانة لولا ان جذوره العائلية ليست لاتينية، وانما لمشرقيته كونه من ابوين مشرقيين. ولتمرير هذه الاصلاحات كان لا بد من ربطها بالدوافع الاقتصادية كرفع الضرائب وتخفيض قيمة العملة.
اللافت ان الذي خلف كركلا هو ماركوس أوبيليوس ماكرينوس (Marcus Opellius Macrinus) (165—218) ويوصف بأنه بربري، تدرج هذا في مناصبه عهد الامبراطور سفيريوس، وابنه كركلا وهو ما يوحي بتأثيرات المفهوم السائد الاقربون أولى بالمعروف، حيث أصبح قائدا للحرس الامبراطوري بفضل دعم كركلا.
وهناك شكوك حول ضلوع ماكرينوس في مؤامرة اغتيال كركلا. ويبدو انه جاء في فترة مضطربة حيث يوصف بأنه أول امبراطور لم يسبق له ان تمتع بعضوية مجلس الشيوخ، وهذا مع الاشارة الى انه لم يحكم سوى 14 شهرا خلال الفترة 217 و 218. ولاستيعاب الوضع المضطرب فإن البارثيين الفرس بزعامة اردوان الخامس تمكنوا من هزيمة ماكرينوس في معركة نصيبين، فما كان منه سوى الخضوع وتقديم مبالغ طائلة من الاموال كتعويضات والتنازل عن الاراضي التي احتلها سلفه كركلا في بلاد الرافدين قبل ذلك بسنة. ولذلك ليس غريبا ان تبحث العساكر عن امبراطور بديل ليس بذي صلة بالمنطقة التي تعرضت للهزيمة. ومما يعزز الشكوك بضلوعه في اغتيال كركلا الذي تسبب بانتحار والدته جوليا دمنا، فقد طردت عائلة سفيريوس الى حمص، وكان أشهر وجوهها آنذاك يوليا مائيسا Julia Maesa 165-226. وهي شقيقة جوليا- كلاهما وصلتا درجة التأليه بعد مماتهما-،لكن الامبراطور لم يحرمها من نقل اموالها. تمكنت العائلة المنفية والمتربصة في حمص من حبك مؤامرة وحرضت خالة كركلا يوليا مائيسا Julia Maesa الفيلق الثالث الروماني الذي كان يتخذ مقرا في رافانا Raphana، - حرثا حاليا وهي احدى مدن التحالف العشر (الديكابوليس) قرب ام قيس شمال الأردن واحسب ان حرثا ربما كانت تلفظ *ارفانا < ارفا بابدال الفاء ثاء وهو دارج في اللغة واما النون الموصوفة في اللغة بزائدة سقطت مع الزمن - ضد الامبراطور بهدف استعادة العرش المغتصب لصالح حفيديها، من ابنتيها من زوجها السوري Gaius Julius Avitus Alexianus. ورشحت Elagabal (203-222 ) من ابنتها يوليا سحيمة Julia Soaemias ليكون امبراطورا. وهزم الفيلق الثالث وبعض الفيالق المتحالفة في الشرق ماكرينوس وابنه - بتقديري عماد القوة كان عربيا - ، ونصب الجبالوس Elagabal امبراطورا تحت اسم ماركوس اوريليوس انطونيوس اغسطس Marcus Aurelius Antoninus Augustus وحكم خلال الفترة 218- 222 . في صباه خدم ككاهن للرب اله الجبل Elagabal في حمص، ولما كان عمره لا يتجاوز 14 سنة، فقد ادعت الجدة والام انه ابن كركلا، ويؤخذ على هذا الفتى الذي حكم اربع سنوات انه هتك بالقيم الدينية وترتبط بسمعته الفضائح الجنسية وقد تزوج خمس مرات ومن بينها اقترف المحرمات بالزواج من احدى كاهنات عذاري فستال Vestal Virgin اللواتي كرسن حياتهن وعفتهن لابقاء شعلة النار المقدسة. ودفع هذا بالجدة لاستبداله بالحفيد الاخر الكسندر سفيروسAlexander Severus( 208-235) ، وهو في سن 14 سنة، واقنعته بأن يكون هذا وليا للعرش. واما مصيره فقد مات اغتيالا هو وأمه سحيمة على يد الحرس الامبراطوري بطريقة مزرية حيث سحلا في الشوارع والقيا في مجاري المدينة التي تصب في نهر التبر بروما ، وذلك عشية شائعات بمقتل ابن خالته المرشح لتولي مقاليد العرش بعده. حكم الكسندر سفيروس خلال الفترة 222-235 التي وصفت بالسلام والازدهار. وخلالها واجهت روما صعود الامبراطورية الساسانية. وتعرض لمحاولتي تمرد، وخلال محاولاته معالجة اخطار القبائل الجرمانية آثر السلام والدبلوماسية والرشاوى وهو ما ادى لنفور فيالق عدة، وحاك ماكسيموس ثراكس Maximinus Thrax مؤامرة لاغتياله هو وامه. وفي 235 ادعى ستة زعماء انفسهم اباطرة، الى ان تولى الحكم الامبراطور ماكسيموس ثراكس Maximinus Thrax، ولكنه قضى معظم سنواته في حروب لاخضاع الجرمان واندلعت اثناء عهده ثورة في شمال افريقيا 238 وانتهى قتيلا على ايدي جنده. واعتلى بعده العرش غورديان الثالث ولد في 225 وحكم بين 138-244 ولا يعرف سبب موته، ولكن بعضها تقول في الحرب ضد الفرس في العراق شباط سنة 244.

أسماء على صلة بالعمالقة

سحيم Sohaemus
تسمية سهيموس Sohaemus التي يدرج البعض على اشتقاق الاسم من السهم على الأرجح سطحية، وقليلة في التسميات التراثية مقارنة مع سحم و سحيم الذي لايزال دارجا في تسميات الخليج العربي. وفي اللسان سَهْمٌ وسُهَيمٌ: اسمان. سُحَيمٌ وسُحامٌ: من أَسماء الكلاب. بنو سَحْمَةَ: حيّ. وسُحامٌ: موضع. سُحَيم بن وُثَيلٍ الرِّياحِي وهو اسم منافس لغالب أبي الفرزدق الشاعر. وابنُ قَيْسٍ الجَرْمِيُّ وابنُ حَنْظَلَةَ السُّحَيْمِيُّ: صَحابِيَّانِ. وأُمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحانَ، وبنْتُ سُحَيْمٍ: صَحابيَّتانِ. الجلاعِمُ: بَطْنٌ من بني سُحْمَةَ فيما بين اليَمامةِ والبَحْرَيْنِ.
ويبدو ان للتسمية صلة اما بالسواد من جهة كما في مقاييس اللغة، كما وبافتراض ان اللفظ بالخاء فإن السُّخْمَةُ: السواد. والأَسْخَمُ: الأَسود. ومن جهة أخرى بالكلاب حيث يرد في اللسان ان سحيم وسحام من أسماء الكلاب وهو على صلة بتسميات العرب البائدة كما وتوجد صلة وثيقة بين قبيلة قضاعة أي كلب الماء وقبيلة بني كلب المنتسبة لقضاعة التي تنتسب لجرهم وجرم-قارن اشتمال الجرو في التسمية- تنتسب لقضاعة وربما لسحيم صلة بالكلاب قياسا من اللون الأسود بمعنى السمرة الطاغية على فخذ من بين جرهم، ففي اللوحات تظهر يوليا دمنة Domna Julia بسمرة وشعر اسود أجعد. وبالنظر الى ان جذر دمن له صلة بالسواد في اللغة العربية فهو ما يدفع لعدم استثناء ان تكون التسمية لها علاقة بالسمرة.
وللاشارة ففي شمال الأردن قرية قضاء اربد تدعى سحم قرب نهر اليرموك. والمفارقة ان ذات المنطقة كان لها الدور الحاسم في اعتلاء الجبالوس Elagabalus عرش الإمبراطورية من خلال تمردها الذي انتهى بمقتل الامبراطور ماكرينوس Macrinus وابنه.

حيران Hairan
الأسماء كثيرا ما يكون لها صلة بالموطن، ولهذا أيضا فمن غير المستبعد ان تسميات سحم Sohaemus وحيران (خيران / هيران Hairan حيث يتكرر الأول في أسماء العائلة الحمصية، والثاني في عائلة اذينة، لها صلة بالموطن، وهو الحرة الممتدة من تبوك حتى حوران نسبة للحجارة البركانية السوداء ولا علاقة للون الأبيض بمعنى الاحور في ذلك وتكرار الأسماء بالحاء مثل قصر الحرانة (الخرانة) شرق الأردن وحوران جنوب سوريا يوحي بأن اللفظ بالحاء وليس بالخاء.
ومن غير المستبعد ان يكون السميدعيون قبل ازدهار حمص اتخذوا من ام الجمال موطنا لهم التي كانت على الطريق التجاري النبطي قبل اندثار عهد الانباط- تسمية المنطقة بـ الهري ربما قديمة وعلى صلة بالحرة بابدال الحاء هاء، وللإشارة فيها قبر جذيمة، وأيضا فإن تحويلها لقاعدة عسكرية رومانية بعد القضاء على ثورة زنوبيا له صلة بأنها كانت القاعدة الخلفية للتدمريين في تحشيد القبائل-.

تسمية حمص Emesa تصحيف لهميسع - عمليق
تميزت حمص حتى منتصف القرن الماضي باحتفالات الربيع، وبضمنها طواف مواكب الصوفية في المدينة والضواحي. الاعياد عامة مقرونة بالخميس في بلاد الشام وان كان من اختلاف فهو في تعدادها او تسمياتها. ولكن الذي يستوقف بخصوص حمص هو طواف الصوفية وأيضا ما كانت الناس في حمص تقوم به في خميس النبات او البنات وهو يسبق أحد الشعانين. الاحتفال كان يقام عند سفح القلعة عند الغروب، ومن يريد معرفة حظه يصعد لبئر القلعة ويلقي حجرا إذا خلف دويا فهو محظوظ وان لم يصدر فخائب. وبتقديري ان طواف الصوفية ونشد الناس للقلعة انما هو من الموروث الطقسي المرتبط بقلعة شميميس شمال غرب سلمية التي كانت محجا للقبائل العربية قبل ظهور المسيحية التي قضت على الاعتقادات الوثنية في المنطقة.
لا يوجد في التراث ما يمكن الاعتماد عليه لتناقضه فمثلا قيل إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم، ويقول ابن الكلبي في نسب معد واليمن الكبير" ولد قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشذ بن سام نوح، ويقال قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نبت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل. وهو يتناقض مع مفهوم العرب العاربة قبل إسماعيل الذين يحدد التراث منهم عاد، وثمود، وطسم، وجديس، وأميم، وجرهم، والعماليق.
التسمية شمسيجيرامي الحمصي-شمسي جرهم الحمصي- Sempsigerami of Emesa تضم أسماء تتكرر في الانساب الحميرية. وتضم شمس وجرهم وهميسع. أي ان اسم الاسرة يضم شمس وجرهم (جرهمي Gerami) و هميسع Emesa، والصلة توحي بأن جرهم فرع من هميسع. كما يوحي بأن جرهم من عماليق كما هو لدى بعض النسابة بالنظر الى ان اسم هميسع يرتبط بالعمالقة وهو ابن حمير في الانساب اليمنية. ويرد في نسب معد واليمن الكبير لابن الكلبي-نسخة دير الاسكوريال" فولد الغوث بن ايمن بن هَمَيْسَع بن حمير انجب :جرهم وثعلبان ، بطن".
تسمية شمس جرهم (شمسي جرهم) لم تكن مقصورة على السلالة الحمصية فمثلا يرد كاسم والد امرأة ثرية من تدمر في 150 م وتدعى تمّا Tamma بنت شمس جرهم Shamshigeram بن مالك Maliku بن ناسُّوم Nassum.
على الأرجح ظهرت تسمية حمص مع استيطان قبيلة هميسع من العرب البائدة لها. والابدال في اللغة بين الهاء والحاء وارد في اللغة لقرب مخارجهما. وفي اللسان الْهَمَيْسَعُ : الْقَوِيُّ الَّذِي لَا يُصْرَعُ جَنْبُهُ مِنَ الرِّجَالِ . وَالْهَمَيْسَعُ : اسْمُ رَجُلٍ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : هُوَ جَدُّ عَدْنَانَ بْنِ أُدَدٍ ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ : أَحْسَبُهُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ ، قَالَ : وَقَدْ سَمَّى حِمْيَرُ ابْنَهُ هَمَيْسَعًا . وفي تاج العروس قالَ ابنُ عَبّادٍ: الهَمَيْسَعُ: الطَّوِيلُ منَ الرِّجالِ- قارن عمليق-
لفظة حمص في الاغريقية إيميسا Eμεσα توحي بكسرة على الحرف الأول، وباعتبار أن النسابة العرب احتفظوا باللفظ الاقدم فاللفظ المرجح هو هِمِيْسَع وبتأثير السلوقيين سقطت العين. واما قلب السين صادا فهو وارد مثلا يَوْمٌ عَماصٌ: كعَماسٍ. واستبعد ما يذهب اليه البعض من ان تسمية حمص مركبة من قسمين هما إيم و سيا وبمعنى ان الشطر الأول يعني اله الشمس او ان تكون ايميسا ارامية مركب من مقطعين هما حامات -صوبا بمعنى حصن صوبا نسبة لقلعة حمص وصوبا تعني محلة، ولكن من ذهب الى انها نسبة الى قبيلة ايمساني التي حكمت حمص خلال القرون الثلاثة الأولى للميلاد قارب الحقيقة، ولكن دون سند او معرفة بأن الأصل هو هميسع الوارد في انساب العرب البائدة. كما واستبعد ما يقوله ياقوت الحموي في معجم البلدان من ان من بنى حمص رجل يقال له حمص بن المهر بن جان بن مكنف والأرجح ان يكون لقبيلة هميسع الذي يرد باسم هميسع بن تيمن التي ربما على صلة بـ دمنة اسم عائلة يوليا دمنة او موطنها.

نهر العاصي
أسماه الاشوريون Arantu والمصريون اسموه Araunti. ويبدو انه من تسمية الأسد حيث العارِنُ: الأَسَدُ. واما تسميته بالعاصي فهي قديمة فمثلا ورد في التراث اسم عبد الملك العوصي الحمصي في اطار رواة الحديث. ويوحي اسمه بربط بين العاصي وحمص او بالأحرى بين عيسو(عيصو) او عوص والهميسع. ولهذا بتقديري ان ربط النهر بالعصيان مستحدث لاتجاهه شمالا عكس غيره من الأنهار، ولكن الأصل هو لعوص او عيصو وهما ربما من اصل واحد. يعد عوص أبو عاد من القبائل البائدة لدى العرب، في التوراة عيسو هو أبو الادوميين ويهم هنا ان من زيجاته كنعانيات وبسمة بنت إسماعيل اخت نبايوت وأيضا شقيقتها مَحْلَةَ بخلاف ان البعض يعتقد انها ذاتها بسمة- قارن الارتباط الثقافي في زواج يوليا دمنة العماليق العرب البائدة بالكنعاني البونيقي سفيروس-، ويبدو انهم زحفوا شمالا باتجاه الأراضي الأكثر خصوبة حول العاصي تاركين المجال لبني إسرائيل في الأرض الأكثر جفافا جنوبا، وليس نتيجة صراع كما صورها التراث والصورة التي ينقلها ابن خلدون في تاريخه تقول " ثم كثر نسل بني عيصو بأرض يسعين وغلبوا الجويّين على تلك البلاد وغلبوا بني مدين أيضا على بلادهم إلى أيلة. وتداول فيهم ملوك وعظماء كان منهم فالغ بن ساعور، وبعده يودب بن زيدح، ثم كان منهم هداد بن مدّاد الّذي أخرج بني مدين عن مواطنهم، ثم كان فيهم بعده ملوك إلى أن زحف يوشع الى الشام وفتح أريحاء وما بعدها وانتزع الملك من جميع الأمم الذين كانوا هنالك، ثم استلحمهم بخت نصّر عند ما ملك أرض القدس، ولحق بعضهم بأرض يونان، وبعضهم بإفريقية. وأما عمالق بن أليفاز فمن عقبه عند الإسرائيليين عمالقة الشام" . وما سبق بغض النظر عن البلبلة واقحام صراع ملبس فإنه يوحي بانتقال ما يوصف ببني عيصو والهميسع وربما الأخير لقبا للأول من جنوب بلاد الشام لشماله وصولا للاناضول – شاطئ البحر الأسود من أماكن روايات مقتل اذينة- وحتى شمال افريقيا، وما يؤكد على هذه الصلة النسب بين الاسرة الحمصية وزنوبيا التدمرية من جهة وما ينسبون لشمال افريقيا -موريتانيا وكليوبترا-.

قرى حمص
تستوقف بعض قرى حمص لعلاقتها بمؤسسيها مثل قرية شمسين التابعة لناحية حسياء في منطقة حمص للمقارنة شمس جرهم. كما وتستوقف قرى الدمينة الشرقية والدمينة الغربية، ولعلها على صلة بالموطن الأصلي كعادة الشعوب في نقل المسميات الى مواطنهم الجديدة، واصل الجذر ربما دمن او تمن. ومن الأول دمنة (يوليا) او تمن والد قحطان. ويرد في القاموس المحيط دَوْمِيْنُ، وقد تُفْتَحُ مِيمُه: قرية قُرْبَ حِمْصَ. وفي اللسان في حديث قصر الصلاة: وذكر دَوْمِين؛ قال ابن الأَثير: هي بفتح الدال وكسر الميم، قرية قريبة من حِمْص. لسان العرب. دَوْمانُ: اسم رجل. ودَوْمانُ: اسم قبيلة.
ودمينة من أسماء الاناث لدى العرب ورد هذا الاسم كأم للشاعر عبد الله بن عبيد الله ابن الدمينة الأكلبي في العهد الاموي. توفي مغدوراً جنوب مكة عام 130 ه. وليس صدفة ان توجد قرية دمينة غربية في منطقة القصير في محافظة حمص. وترد دمينة كاسم قريتين في اليمن. وأيضا دمنة منطقة سكنية تقع في لواء القصر، محافظة الكرك في الأردن. وتوجد دمنة في محافظة الدقهلية بمصر لها ذكر في الحروب الصليبية.
واما جذر تمن بافتراض ان الدال في اسم دومنة تاءً فيوحي بصلة لليمن، حيث يرد في اللسان تَيَمَّنَ تنَسَّبَ إلى اليمن. والتِّيمَنِيُّ أَبو اليَمن (* قوله «والتيمني أبو اليمن» هكذا بالأصل بكسر التاء، وفي الصحاح والقاموس: والتَّيمني أفق اليمن ا هـ. أي بفتحها) ، وإذا نسَبوا إلى التِّيمَنِ قالوا تِيمَنِيٌّ. ويقول ياقوت بن عبدالله الحموي مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع Abud E.J.Brill 1852– ص 223 تيمن وآخره نون موضع بين تبالة وجُرَش من مخاليف اليمن وتيمن أيضا هضبة حمرآء في ديار محارب قرب الرَبَدة، وقيل تيمن ارض بين بلاد بني تميم ونجران، وتيمن ذي ءطِلال واد الى جنب فَدَك في قول بعضهم، قال والصحيح أنه بعالية نجد.
ومما ورد في التراث أن قحطان من سلالة اسماعيل حكاه ابن إسحاق وغيره فقال بعضهم هو قحطان بن [ الهميسع ] تيمن بن قيذر [ بنت ] بن إسماعيل. واللافت أن من بين قرى حمص قرية تضم العديد من المواقع الاثرية، وتدعى قرية سمعليل وتبعد عن حمص 18 كم فاسمها من الارامية بمعنى اله إسماعيل. وهو يفسح المجال للتساؤل عما إذا كان لها صلة بما ورد في التراث عن نشأة مكة وعلاقة إسماعيل بجرهم. وأيضا ما يذهب اليه البعض من قراءة خرائط لمواقع محتملة في شمال غرب سوريا تمتد من حمص مرورا بحماة.

MAESA
يعتقد البعض ان مائيسا Maesa مشق من جذر ميس في العربية

MAMMAEA
يعتقد ان اقرب ما في العربية اليه Mama وهو اسم عربي قديم من اسم كعب بن مامة الايادي في الجاهلية شهير بالجود.

اغريبا Agrippa
في التاريخ الروماني يتكرر هذا الاسم ذو الصلة بالمشرق، ويميل البعض لربطه أحيانا باليهودية والاصل الايدومي. والواقع ان الاسم عربي اصيل شأنه شأن ولع العرب بالطوطمية والتسمية بالحيوانات لإخفاء الجوهر عن المظهر بحيث تصيب اللعنة المظهر ولا تصل للجوهر. اغريبا هو عقرب(عقربا)، وفي الأسماء النبطية يرد عقرب بن ابجر. ويرد اسم عقربان في رسم صخري شمال شرقي الأردن نقش فيه "من عقربان بن كسيت بن سعد للمرأة الجميلة التي قامت بالعزف على مزمار القصب". وفي تدمر يرد في نقش اسم يرحيا غريبا Yarhai Agrippa 243م . حرفيا يرخ -بمعنى القمر ومنه تاريخ- وعقرب.

السميدع

ما يذكره ابن خلدون -انظر العمالقة عرب بلاد الشام البائدة في العهد الروماني -يؤكد على حقيقة تاريخية وهي ان بعض قبائل العرب نزحت جنوبا من الجزيرة الفراتية للجزيرة العربية واليمن وبعضها استمر في بوادي الشام، وبينما يعتبر ان السبب هو طردهم من قبل النماردة -انظر الحروب الاشورية والبابلية الحديثة واجتياح شمالي الجزيرة- الا ان الواقع هو امتهانهم التجارة بدلا من الرعي والغزو والنهب ولما لتدجين الجمل في جنوب الجزيرة العربية من علاقة بذلك. والحقيقة الثانية هي ان الاسماعيليين لا يختلفون بالموطن الذي انسحب منه العمالقة وتاليا تحت اسم السميدعيين. وربما ان كان من خلاف ان السميدعيين العمالقة كانوا على زمن الاشوريين بينما الاسماعيليين زمن البابلية الحديثة. وهناك إشارة الى مواطن انتشار العمالقة في التوراة بجنوب فلسطين فيما لم يحدد لسان العرب وعمم وجودهم بالشام، وعن مكانهم في سفر التكوين 7:14 يرد زمن أَمْرَافَلَ مَلِكِ شِنْعَارَ " ثُمَّ رَجَعُوا وَجَاءُوا إِلَى عَيْنِ مِشْفَاطَ الَّتِي هِيَ قَادِشُ. وَضَرَبُوا كُلَّ بِلاَدِ الْعَمَالِقَةِ، وَأَيْضًا الأَمُورِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي حَصُّونَ تَامَارَ " واما امرافل فقد استبعد حديثا ان يكون حمورابي ويعتقد بعض الربانيين انه النمرود.
على ضوء المصادر التي تعتمد التوراة فإن فريقا من بني شمعون في عهد حزقيا ملك يهودا 727 – 699 ق.م قضوا على بقايا العماليق في جبل سعير، وسكنوا في أراضيهم. ولم يرد منذئذ، للعمالقة ذكر. وبتقديري أن السبب هو هجرانهم للمنطقة والتوجه شمالا أيضا الارتباط بالتجارة كنمط حياة على طوال الخط التجاري من جنوب اليمن وشواطئ عمان حتى الاناضول. وربما كان المركز قبل الانتقال لحمص في حوران. حيث يعتقد أن الادوميين في عهد الملك ارميا نحو 650 إلى 585 ق.م كانوا يتخذون من حوران ارضا واسمها ارض عوص. واما الإشارة الى اغارة السبئيين والكلدانيين عليها فهو إشارة الى هجرات جنوبية من اليمن واندفاع كلداني للجنوب لان موطن الكلدان على الأرجح من شمال غرب سوريا أي انطاكيا. ومن الدلائل على أهمية دور العرب البائدة على عكس ما ورد من إفناء للادوميين أن اسرحدون عام 671 ق.م تلقى دعما لوجستيا من العرب حيث "جمع ابل كل ملوك العرب وحملت عليها كل قرب الماء" وفي 525 قبل الميلاد أيضا يشير هيرودتس الى انهم ساعدوا الحكام الفرس من سلالة قمبيز حيث " ملأ العرب القراب بالماء وحملوا كل ابله بها" كما سهلوا عبور ارتحتششتا سنة 343 ق.م للزحف على مصر من شمالي الجزيرة العربية. وغني عن الذكر دورهم في الجيش الروماني ومنهم ثمود واستخدام الرومان الجمال في كل انحاء الإمبراطورية حتى في بريطانيا.
شأن غلبة اعتماد أسماء الحيوانات لدى العرب فإن سميدع بالاصل كانت اسما للذئب، ففي اللسان السميدع ، بالفتح : الكريم السيد الجميل الجسيم الموطأ الأكناف ، والأكناف النواحي ، وقيل : هو الشجاع ، ولا تقل السميدع ، بضم السين . والذئب يقال له سميدع لسرعته ، والرجل السريع في حوائجه سميدع .
نسب السميدع يوحي بصلة مع بالسويداء، وذكرهم ورد في سنة 183 او 186أو 196 من قبل غايوس دوميتيوس دكستر Gaius Domitius Dexter بمناسبة تعيينه قنصلا وناظرا على الـ السومائيذيني Somaetheni والتي ارجح انهم في العربية السميدعيون. واحسب ان دكستر كان من زعمائهم وحليفا للامبراطور سفيروس. و جرى ذكرهم في كتابات منطقة فيتروليس Vitrolles جنوب فرنسا مشيرة الى ان تُبال؟ Tubalos - Tu-ba-lu-من عدرا قرب دمشق كان زعيما للسميدعيين والـ أطا Atta – الاسم Tu-ba-lu ربما على صلة بمهنة العرب التقليدية وهي تجارة التوابل القادمة من الهند واليمن، واما Attaربما صورة مشوهة لـ طيء الطائي.
يقول اويكونوميديس السيبيادوس 1978 Oikonomides, Alcibiades N ان بني السميدع قبيلة عربية ازدهرت في حوران في القرن الثاني الميلادي، وكانوا يديرون مدينة ديونيسيوس سوادا Dionysias-Soada أي السويداء- ربط ديونيسيوس بالمدينة لشهرتها بالعنب وهو مرتبط بالخمر-. ومن الصعب الجزم عما اذا كانت تسمية السويداء بالاصل سميدع وتحورت مع الزمن لتتناسب مع لون حجارتها البركانية السوداء، وقوام ذلك هو عدم الاحتفاظ بصيغة سوادا Soada في التسمية وانما سويداء(سويدع) الأقرب الى سميدع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم