الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التنوير

محمد أبو قمر

2021 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا اختلف النص مع العقل يؤخذ بالعقل ، هكذا كانت محاولة الفكر المعتزلي للتخلص من سلطة النص ، لكن ذلك لم يكن كافيا لوصف هذه الخطوة الإصلاحية الجبارة بأنها حركة تنوير ، فالتنوير هو عملية نقد متواصلة ومستمرة تحول دون تحول الأفكار الجديدة إلي سلطة جديدة أخري تحل محل سلطة النص المقدس ، وأظن أن أزمة الفكر المعتزلي والتي أدت إلي الانقلاب عليه هو أنه توقف عن نقد ذاته ومن ثم توقفت عند حدوده حركة تطور المعرفة ، أي أن ثورة العقل المعتزلي تحولت إلي نص سلطوي يصادر أي جهد معرفي يحاول البناء عليه وتطوير معارفه.
وأظن أن أزمة بعض حركات التنوير في مصرنا الآن تعود إلي :
1- هي أنها تتوهم امتلاكها للحقيقة المطلقة ولا تؤمن بنسبية المعرفة وتجنح إلي اعتبار منتجها المعرفي سلطة بديلة لا يجوز نقضه أو نقده .
2- جنوحها في أحيان كثيرة إلي محاولة التوفيق أو بالأحري التلفيق بين النص والعقل لكي - من جهة - تتجنب الصدام مع سلطة النص ، ومن جهة أخري لكي تبدو وكأنها أنجزت مشروعا تنويريا متفردا يحافظ علي ما يقال عنه الثوابت والقيم والتقاليد والخصوصية ، أي إمساك العصا من المنتصف.
3- أنها في أحيان كثيرة منشغلة فقط بنقد النص أو محاولة إعادة تفسيره أو تأويله ، أي أنها تدور حول النص دون أن تتحرك إلي الأمام لتأسيس رؤيا معرفية لا تكون حرفية النص محورها وإنما يتطور النص مع تطور أدواتها وآلياتها.
وأعتقد أن عملية الخروج من أزمتنا الحضارية تستلزم القطيعة المعرفية التامة لا بمعني محو الجذور أو إنكار التاريخ أو التأثير سلبا علي العقائد الدينية أو الإقلال من دورها علي الحياة الاجتماعية وإنما القطيعة المعرفية تعني كما أظن التأسيس لعقل آخر مرن ومنفتح ولديه القدرة علي تجديد ذاته بصفة مستمرة ولا يجنح للتلفيق أو محاولة التوفيق بين المتناقضات كبديل لذلك العقل القديم الثابت والمتجمد والذي تحجرت معارفه وأوقفت مسيرة الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24