الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيه اختلافاً كثيراً _ الضعف التمثيلي و المشاكل اللغوية في صدر السَّجعيّة رقم 17 من ترتيلة البقرة

راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)

2021 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


سلسلة في #فقه_الخطأ_القرآني

بقلم #راوند_دلعو

يقول المؤلف المجهول للكتاب المسمى بالقرآن في السجعية رقم 17 من ترتيلة البقرة في سياق حديثه عن المنافقين ؛ الذين يتظاهرون بتصديق قثم بن عبد اللات ( محمد ) في حين يكذبونه في بواطنهم :

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17)

⛔ لو قمنا بعرض النص السابق على مذبح العقل و من ثَمّ معالجته بشيء من التأني و الحيادية لوجدنا فيه تشبيهاً غريباً من نوعه ...

🔰 و بيان ذلك كالتالي :

بعد أن شن مؤلف القرآن حرباً لا هوادة فيها على المنافقين في السجعيات السابقة ، يحاول هنا أن يشبه حالتهم النفاقية بحالة من أشعل النار فأضاءت ما حوله ، ثم إذا برب محمد يتدخل ليُطفئَها و يُغرق مشعلها بالظلام الدامس !!!

و هذا تشبيه فاسد ينطوي على خلل بنيوي بياني واضح، إذ هناك مفارقة صريحة و بَونٌ شاسع بين المشبه و المشبه به من حيث الكيف و الدراما و السيميائية ، مما يمنع قيام و تبلور ( وجه الشبه ) كجسر يصل ( المشبه ) ب( المشبه به ) ....

و كي يفهم الأخ القارئ مقصودي ، لا بد لي من ومضة خاطفة أتحدث فيها باقتضاب عن حالة المنافقين في يثرب.

🍄 ( شذرة توضيحية عن وضع المنافقين في يثرب )

كما نوّهتُ للتو ، فلكي أشرح مكمن الضعف في التشبيه السابق يجب علي أن أشرح معنى النفاق و طبيعة سلوكيات المنافقين اليثربيين و حالهم عند تأليف هذه السجعيات في مدينة يثرب.

فالمنافقون ( وفق السردية المحمدية ) بشرٌ عاشوا في يثرب بشكل طبيعي ، إذ كانوا في حالة من التعايش و الانسجام مع الوسط المحيط دون الحاجة إلى النفاق ، ثم استمر وضعهم على ذلك إلى أن سمعوا بدعوى النبوءة المحمدية فلم يصدقوها لعدم قيام الدليل على صحتها من وجهة نظرهم و بالتالي عدم اقتناعهم بصدق الرجل ... لكن ؛ و بسبب وصول محمد إلى رأس السلطة في يثرب ثم تَحَكُّمه بزمام الأمور فيها ، اضطر المنافقون إلى التظاهر بتصديق محمد و ذلك تفادياً للقمع و الإرهاب الذي مورس عليهم ، فحالهم كحال الغصن الذي مال مع الريح كي لا ينكسر ...

لذلك نجد أنهم اضطُّرُّوا إلى التظاهر بالإيمان بديانة محمد انسجاماً مع ظروف الواقع الجديد ؛ ذلك الواقع الذي منح أتباع محمد امتيازات لا يمنحها لغيرهم ، بينما جعل غير المحمديين تحت خطر الذل و التهميش و الإقصاء الذي وصل إلى حد الطرد و الاغتيال و التهجير إلى الصحاري ( كما حصل مع يهود بني قينقاع و النضير حيث قام محمد بتهجيرهم متذرعاً بأسباب واهية ، فمات الكثيرون منهم في الصحراء _ راجع سيرة ابن هشام ).

https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&idfrom=915&idto=918&bk_no=58&ID=469

🍄 فالنقطة المهمة التي أريد من القارئ أن يركز عليها من خلال هذه الومضة هي {{ أنَّ المنافق إنسان لم يبادر إلى اعتناق المحمدية ، و لم يذهب إلى محمد مبايعاً و لم يقتنع بهذه الديانة أساساً ... بل كان جالساً بأمان في بلده يثرب إلى أن جاء محمد و عصابته و قد قبضوا على رأس السلطة يتحكمون بزمام الأمور مما دفعه مضطراً إلى التظاهر بالإيمان بمحمد خوفاً من بطشه }}.

📛 و الآن ، و بعد أن أخذنا فكرة كافية عن حال المنافقين في يثرب ، فلنعد إلى السجعية القرآنية لنحلل التشبيه الوارد فيها في ضوء الومضة السابقة.

قال مؤلف القرآن :

مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ (17)

#الحق_الحق_أقول_لكم .... إنّ هذا تشبيهٌ تمثيلي ، شبه فيه مؤلف القرآن حالاً بحال أخرى ....

⬅️ الحالة الأولى :

هي حالة المنافق الذي يتظاهر بتصديق محمد بينما يكذبه في باطنه ....

⬅️ و الحالة الثانية :

هي حالة من أشعل ناراً فأضاءت له ما حوله ثم تدخل الله فأطفأها له ليغرق في الظلام الدامس !

و المراد من التشبيه الوارد في السجعية وفق ما ذهب إليه أغلب المفسرين ما يلي :

{♦️ تشبيه حالة التظاهر بالإيمان التي يبديها المنافق أمام الملأ ، بإشعال النور ....

♥️ ️ و تشبيه ما يبطنه المنافق من تكذيب لمحمد بالظلام الذي ذهب بالنور فأصاب صاحبه بالعمى } .

لكن هل هذا التشبيه التمثيلي سليم ؟ هل فعلاً تتشابه حالة المنافق ، مع حالة مشعل النار ؟

في الحقيقة لا .... فهناك نقطتان تصنعان المفارقة بين المشبه و المشبه به لينهار التشبيه عن بكرة أبيه ، و سأشرح ذلك كما يلي :

♥️ المفارقة الأولى :

لا يصح تشبيه حالة ( التظاهر بالإيمان التي يبديها المنافق ) بحالة ( مستوقد النار ) لعدم توفر المبادرة في حالة المُشَبّه ( المنافق ) .... !

و بيان ذلك أنّ المنافق لم يبادر إلى المحمدية و لم يعتنقها ، بعكس مستوقد النار الذي بادر إلى الحطب و أشعل النار ابتغاءً للنور .... فالمنافق لم يعتنق المحمدية و لم يؤمن بنورانيَّتها ، بل هي التي جاءته إلى عقر داره فاضطر إلى التظاهر باعتناقها تجنباً لشرها ....

و من هنا نلاحظ أن الفعل النفاقي لا مبادرة فيه بل هو سلبي وقائي اتقائي ، أما استيقاد النار ففعل ينطوي على مبادرة و انبعاث ، فقد انبعث إراديَّاً لإشعال النار ... و هذه مفارقة قاتلة تنسف أساس التشبيه ، إذ لا يصح تشبيه سلبية المنافق التي فرضتها عليه ضرورة التكيف مع الظرف الجديد بإيجابية المستوقد الذي انبعث بإرادته الحرة نحو إشعال النار ابتغاءً للنور.

♦️ المفارقة الثانية :

لو سايرنا المصطلحات القرآنية و افترضنا جدلاً أن الإيمان بمحمد بمثابة إشعال الضوء و تنوير المؤمن ، ثم عدنا لقراءة السجعية بتمعن و هدوء للاحظنا سقوطاً آخر للتشبيه في أودية المفارقات و ذلك من زاوية أخرى ...

و بيانه أن المنافق لم يؤمن حقيقة و بالتالي لم يُشعل النور أساساً ، بل إنه مجرد متظاهر بالإيمان ، فكيف يشبهه بصانع النور ( مستوقد النار ) ؟ !

فالتظاهر بالإيمان نوع من الكذب اضطر إليه المنافق ليتجنب إرهاب محمد ، فكيف يكون الكذب نوراً ؟ فالمنافق لم يؤمن ، و إنما يكذب على المحيط حيث يتظاهر بالإيمان ، فأين النورانية في هذا التصرف يا مؤلف القرآن ؟

و هنا نلاحظ مدى سذاجة هذا التشبيه الذي جعل من سلوك الكذّاب إنارة ، و من الكذّاب منيراً ، و من الكذب نوراً ، فألفَى النفاقُ على قباحته الشرعية استنارة !

و هذه مفارقة أخرى تمنع قيام التشابهيّة بين حالة المشبه و حالة المشبه به ، ليصبح التمثيل عبثياً فالكلام _ بلا شك _ ملقى على عواهنه !!!

و لو أردنا تصحيح التشبيه السابق بحيث يقترب من الانسجام مع حالة المنافق لقلنا ( مثلهم كمثل الذي اقتحم النورُ داره فدثَّر نفسه
ليبقى في غياهب الظلام )

📒 (ترقيع أقبح من تمزيق )

⬅️ حاول بعض الكهنة المحمديين ترقيع النص كي يستقيم التشبيه و ذلك من خلال الادعاء بأن منافقي يثرب قد آمنوا بمحمد على سبيل الحقيقة و الإخلاص ثم تراجعوا عن الإيمان به و كذبوه ... فحالهم حال من استوقد النار ابتداءً ثم انطفأت في النهاية .... فالاستيقاد حاصل بالإيمان الذي استقر في قلوبهم ، و الانطفاء حاصل بتركهم لهذا الإيمان.

⬅️ أقول :

و هذا كذب بواح بهدف ترقيع الخلل الواضح في التشبيه ... فلو آمن أهل يثرب حقيقة ثم تركوا الإيمان بمحمد لما صحت تسميتهم بالمنافقين أصلاً ، بل لتمّت تسميتهم بالمرتدين إذ هناك فرق واضح في القواميس العربية بين معنى كلمة ( مرتد ) و كلمة ( منافق ) ....

فالمرتد : هو الذي ترك الدين بعد أن اعتنقه بإخلاص و صدق.

أما المنافق : فهو الذي لم يقتنع بالدين أبداً ، و إنما تظاهر بالاقتناع تجنباً لبطش أهل الدين به.

⬅️ الحق الحق أقول لكم .... إنه ترقيع أقبح من تمزيق ؛ فلو سايرنا هؤلاء المرقعين ، و سلمنا بصحة ترقيعهم لوقع مؤلف القرآن في فضيحة لغوية مجلجلة ... فهذا يعني أن مؤلف القرآن لا يعرف الفرق اللغوي بين المرتد و المنافق !!!

فعلى المحمدي أن يختار لقرآنه أحد سقوطَين .... إما سقوط التشبيه القرآني في هذه السجعية ، أو سقوط مؤلف القرآن في اختبار اللغة العربية ، لأننا اكتشفنا للتو أنه لا يدري ما الفرق بين المرتد و المنافق !!!

و أحلاهما مر ... إذْ كلاهما يدمغ القرآن بالبشرية و القصور .... و لا ينسجم مع العصمة المفترضة للكمال المطلق !

🔄 تناقض :

لقد لاحظنا كيف تصبَّب المرقِّعون عرقاً و هم يحاولون إنقاذ التشبيه السابق من السقوط في فخ التباين .... و لمّا لم يسعفهم النص ادّعوا أن منافقي المدينة قد آمنوا بمحمد ثم كفروا ...

و لو أخذنا بكلامهم و تبنينا تفسيرهم لهذه السجعية لسقط القرآن في تناقض صارخ آخر ... إذ جاء في السجعية 13 من ترتيلة البقرة في سياق الحديث عن المنافقين قوله : ( و إذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ؟) ... فهنا كما نلاحظ يصرّح القرآن بأنهم لم يؤمنوا على سبيل الحقيقة و التصديق ! فكيف ينفي عنهم الإيمان في هذه السجعية ثم يشبّههم بمن استوقد النار و استجلب النور ( أي آمن وفق تفسير هذه الفئة ) في السجعية 17 ؟؟؟!!!

تناقض مُستحكم غير قابل للجمع و لا التلفيق بحال من الأحوال ... و هو اختلاف ( تناقض) من الاختلافات الكثيرة التي قال فيها القرآن : ( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ! و بذلك يضع القرآن معيار البشرية و يسقط فيه ... فالاختلاف واضح و صريح.

في الحقيقة لقد أصابتنا الحيرة مع هذا القرآن !! ... فتارة ينفي الإيمان عن المنافقين و يحكي لنا رفضهم و ترفُّعَهم عن مشابهة السفهاء الذين صدقوا محمداً ... ثم تارة أخرى يشبههم بمن استوقد نار الإيمان في قلبه !!!

و بما أن سقوط المحمدية مرهون بسقوط القرآن .... و سقوط القرآن مرهون بوجود خطأ واحد فيه ، فها نحن بصدد خطأ من عشرات بل مئات الأخطاء التي وضعتُ يدي عليها و التي لا مجال لترقيعها .... فتأمل يا رعاك الله !

كش ملك مات !!!

الرسم المرفق للفنان السوري فيصل إبراهيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليهود يؤدون صلوات تلمودية عند حائط البراق في عيد الفصح


.. الطفلة المعجزة -صابرين الروح- تلتحق بعائلتها التي قتلها القص




.. تأهب أمني لقوات الاحتلال في مدينة القدس بسبب إحياء اليهود لع


.. بعد دعوة الناطق العسكري باسم -حماس- للتصعيد في الأردن.. جماع




.. تأبين قتلى -وورلد سنترال كيتشن- في كاتدرائية واشنطن