الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتّى حنّا؟!

سليمان جبران

2021 / 9 / 30
المجتمع المدني


لمة الكاتب في رثاء أخيه حنا))

في الماضي، كما كتبتُ في "ملفّات الذات" ، كانتْ للوالد صداقة "تليدة" وأخرى "مطرفة" في قرية الرامة: "في الرامة المجاورة كان للوالد بيتان، أكثر من أقارب. البيت الأوّل صداقة "تليدة" موغلة في القدم، قبل أنْ نولد، وقبل أنْ يتزوّج الوالد حتّى. قد أعرض لها ذات يوم . ."
واليوم، وقد توفي أخي الأصغر حنّا، وجدتني ملزما بكتابة سبب تسميته هذه. لم يسمّ الوالد أصغر الإخوة الصبيان حنّا على اسم أحد تلاميذ المسيح، كما يخطر في بال من يسمع هذا الاسم لأوّل مرّة. لم يكنْ والدي متديّنا، ولا مقرّبا من رجال الدين حتّى. سمّى ولده السادس حنّا على اسم صديق له عزيز من الرامة المجاورة، عرفه، في الماضي ، يوم رحل إلى الرامة، هو وأخوه وأخواته، في رحلة غريبة!
وفاة أخي حنا ضربتني في الصميم. يموت أصغر إخوتي لأحمل حزنهم جميعا؟ لا يعرف الموت ترتيبا ولا قانونا. كنّا ستة إخوة وأختين، فلم يبقَ منّا سواي أنا وأختيّ. ما هذه الفوضى التي يسمّونها قضاء وقدرا. لا منطق في الموت ولا ترتيب. ولذا يخافه الناس ربّما؟!
كبر أخي حنّا، زوّج ولديه وبنته حتّى. لكنّه في نظري وتصوّري ظلّ صغيرا! واليوم بعد رحيله عنّا، أسأل نفسي: لماذا لم يكبر حنّا في مفاهيمي أيضا؟ ألأنّه أصغرنا، يظلّ صغيرا وإن كبر، أم بسبب قصيدة "حنّا الصغير" التي لا تفارق مخيّلتي كلّما التقيتُ بِهِ؟
في قرارة ضميري، أحسد من كلّ قلبي من يستطيع ذرف الدموع. وطالما سألتُ نفسي: أيّهما أشدّ وآلم: حزن من يذرف الدمع، أم حزن من تجفّ عينه، فلا يصيبه إلّا وجع رأس قاتل؟ ألمْ يقلْ الشعراء في مثل هذه المناسبات"بكاؤكما يشفي وإنْ كان لا يُجدي.."
يقولون إنّ الموت حقّ. فما وجه الحقّ في موت إخوة خمسة وبقاء الثالث في هذه الدنيا، ليذوق لوعتهم حميعا، حتّى لوعة حنّا أصغرهم؟!
حنّا أخي لم يحبّ المدرسة، ولم يحبّ التعليم. لا أعرف لماذا، وهل الذنب ذنبه هو، أم ذنب من علّموه في الصفوف الدنيا؟ لكنّه كان يحترم كلّ المتعلّمين إذا اتّخذوا العلم وسيلة لفهم الحياة لا للمباهاة. ترى، هل أسف في قرارة نفسه على أيّام الماضي، أيّام المدارس، بعد فوات الأوان؟
رحل حنّا عن هذا العالم، ومن منّا لا يرحل، صغيرا كان أو كبيرا؟ "لا يرجع الماضي إليّ ولا من الباقين غابر" ! ونحن، الناس جميعا، نحسّ النار كلّما كانتْ أقرب إلينا. جميعنا على هذا الطريق. لكنّ الناس لا يحسّون الفقد إلّا إذا كان الفقيد قريبا. هذه هي الحياة، هذا هو مصير الناس جميعا.
بعد وفاة حنّا، سمعنا الكثير من المعزّين. لم يزدنا ذاك شيئا عن حنّا. من مثلنا يعرفه، وقد عايشه الأيّام الطويلة؟
كيف أزور البقيعة بعد وفاة حنّا؟ هل البقيعة إلّا حنّا؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - له الرحمة
نبيـــل عــودة ( 2021 / 9 / 30 - 10:54 )
رثاء مؤثر ما اصعب الفراق وما اصوب قولك ان الموت لا ينتظم حسب الأكبر لكنه يضرب عشوائيا
، رئاء مؤثر

اخر الافلام

.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: يجب إنهاء الحرب التي تش




.. الأمم المتحدة تنهي أو تعلق التحقيقات بشأن ضلوع موظفي -الأونر


.. أخبار الصباح | حماس تتسلم الرد الإسرائيلي بشأن صفقة الأسرى..




.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟