الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان (1-4)

راندا شوقى الحمامصى

2021 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


"من خلال هذه المَلَكة [العقل] يدخل الإنسان في ذات ملكوت الله." (عبد البهاء، باريس، 1913)
لقد أُستخدم مصطلح العقل بفضفاضية جدا في مجال علم النفس، من كونه ما يعادل كل شيء عقلاني الى كونه مصطلح عام يشمل العمليات المعرفية ككل. و حتى في اللغة اليومية نسمع المصطلح يُستخدم بطريقة معرفية فضفاضة للدلالة على الناس الذين هم أذكياء، مثل أن نقول، "لديه عقل حسن ". ومع ذلك في هذه المقالة أود أن أبيّن أن العقل مصطلح يدل على مَلكتين إثنين للإنسان. على سبيل المثال، في الكتابات البهائية المقدسة، بينما يُستخدم مصطلح العقل أيضا في اتصال مع القوة الرشيدة للإنسان، فإنه يدل أيضا على المقدرة الروحية التي تسمو على مثل هذه الملكات العقلية. وهكذا، في الإستخدام العام، فإن للمصطلح معنيان مختلفان على الرغم مما يؤسف له أنهما كثيرا ما يكونان متبادلين، مع دلالة أن الثاني (الروحى) يكون مدرجاً ويُفقد تحت المعنى الأول، مما تسبب في عدم وضوح وحجاب طبيعة العقل السامية الرفيعة.
إذن، في هذه المقالة، وبعد سرد تاريخي عن الإشارات إلى العقل في الفلسفة اليونانية واليهودية والإسلامية واللاهوت، جنبا إلى جنب مع شرح العلاقة بين العقل والقدرة النبوية للمظاهر الإلهية (الرسل)، و سأقدم سردا للعقل من المنظور البهائي، ومن ذلك نستنتج أن هناك نوعان من مصادر المعرفة. ثم سأعطي شرحاً لما ينبغي أن يكون الغرض من وجود مثل هذه المقدرة، وتحديد إثنين من الشروط الأساسية لاستخدامها. و أخيرا، سأحاول أن أبيّن كيف للعقل أن يُستخدم عن طريق المناجاة و التأمل وتوظيف الخيال في التخيل الموجّه (الصور الإرشادية). 2[فى هذه المادة أود أن أشير الى القدرة العقلانية بالعقل Mind و القدرة الروحانية بالعقل/البصيرة Intellect].
العقل كتفكير منطقى و كمَلكةَ روحية Intellect as Reason and as a Spiritual Faculty
هناك العديد من الأوصاف لعقل الإنسان كمعادل للتفكير المنطقى (رشد)، مثل تلك الموجودة في المقطع التالي لحضرة بهاء الله حيث يتم تصنيف العقل مع الفهم و الإدراك:
"وإنّي لأرجو من فقهاء البيان وعلمائهم، أن لا يقتفوا أثرهم في هذا الطّريق، وأن لا يرد منهم في زمن المستغاث على الجوهر الإلهيّ، والنّور الرّبّانيّ، والجمال الأزليّ، ومبدأ المظاهر الغيبيّة ومنتهاها، ما ورد في هذا الكور. وأن لا يعتمدوا على عقولهم وعلومهم ومداركهم. وأن لا يتخاصموا مع مظهر العلوم الرّبّانيّة الّتي لا تتناهى." (كتاب الإيقان، 96 )
ومع ذلك، فقد أُعترفَ بأصل هذا النوع من العقل أيضا و وصف بأن وجوده و سببه هو روحي، مما يجعله ظاهرة خارقة للطبيعة أو ميتافيزيقية بدلا من أنه ظاهرة مادية بدنية، كما يوضح ذلك حضرة عبد البهاء:
... "فالرّوح القدس سبب حياة الإنسان الأبديّة وعلّة قوّته الكاشفة (العقل) ونفوذه الرّوحانيّ وحكمته البالغة وحركته العلويّة. .... " (خطب عبدالبهاء في أوروبا وأمريكا، 29/10/1911 )
و يُقارِن العقل أيضاً بالنور: "... وأمّا نور العقل فهو يُظهر الأشياء ويكشفها ويدركها في آن معًا. ومن ثمّ فنور العقل أعظم الأنوار...." (م.س. 5/11/1911). و"إن جميع القوى و سمات الإنسان هي بشرية وراثية في الأصل – و نتائج لعمليات الطبيعة - ما عدا العقل، الذي هو خارق للطبيعة." (ترجمة من: Abdu l-Baha, FWU, p. 60 ). و هذا هو السبب أن ... "النمو و التطور (الروحانى) تعتمدان على قوى الفرد الفكرية والعقلية، وليست على عمره أو طول أيامه". (حضرة عبد البهاء، ( ترجمة من: Abdu l-Baha, SWA, p. 141 ).
وفي مقطع إستثنائى، حضرة عبد البهاء يعطينا مزيداً من التبصر في الحقيقة الروحية للعقل حيث يتحدث عن ثلاثة حقائق في الكائن البشري، وهي المادية physical و العقلانية rational، و الروحية spiritual. فالحقيقة المادية مشتركة مع الحيوانات، و الحقيقة العقلانية هى المسؤولة عن ملاحظة أسرار العِلم، و الحقيقة الثالثة للإنسان مستوحاة من الروح القدس و تسمح للرؤية أن تحدث عابرة الزمن، فضلا عن أنها تهب الحياة الأبدية:
"الإنسان موهوب بحقيقة ظاهرية أو مادية. و أنها تنتمي الى العالم المادي، عالم الحيوان، لأنها قد نشأت من العالم المادي. و هذه الحقيقة الحيوانية للإنسان هى القاسم المشترك مع الحيوانات. فالجسم البشري هو مثل ما هو فى الحيوانات يخضع لقوانين الطبيعة. ولكن الإنسان وُهب بحقيقة ثانية، هى الحقيقة العقلانية أو الفكرية، و أن الحقيقة الفكرية للإنسان تهيمن على الطبيعة. لقد كانت جميع هذه العلوم التي نتمتع بها أسراراً خفية و عويصة للطبيعة، مجهولة الجوهر، ولكن تم تمكين الإنسان لاكتشاف هذه الأسرار، و أخرجها من حيز الغيب و أحضرها الى حيز الشهود. و لا يزال هناك حقيقة ثالثة في الإنسان، و هى الحقيقة الروحية. و التى من خلالها فإن المرء يكتشف الكشفيات الروحانية، فهى قدرة سماوية غير محدودة بالنسبة الى القدرة الفكرية فضلا عن العوالم المادية. وتُمنح تلك القوة للإنسان من نفث الروح القدس. فهى حقيقة أبدية، حقيقة غير قابلة للتدمير، حقيقة تنتمى إلى ما هو إلهي، و الى ملكوت ما فوق الطبيعية؛ و هى حقيقة بها منار العالم، و حقيقة تمنح الإنسان الحياة الأبدية. فهذه الثالثة ، هى الحقيقة الروحانية التي تكتشف الأحداث الماضية و ترى على مدى آفاق المستقبل. إنها شعاع شمس الحقيقة. و بها يستنير العالم الروحاني، و يتنور بها كامل الملكوت. فإنها تتمتع بعالم الغبطة، عالم ما كان له بداية و الذي لن يكون له أي نهاية." {ترجمة من} (Abdu l-Baha, FWU, p. 51) وهذه هى الحقيقة الثالثة الروحية للانسان التي تشير إلى الإستخدام الثاني للعقل المذكور أعلاه.
من ورقة بعنوان:
العقل البشري The Human Intellect
وجهة نظر مستوحاة بهائيا A Bahá íInspired Perspective
بقلم أدريان جون ديفيس By Adrian John Davis
Hamid Abdalla ترجمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24