الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلسوف الكلب

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 10 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ديوجانس Διογένης، أو ديوجين بالعربية، فيلسوف يوناني، يُعتبر من أبرز ممثلي المدرسة الكلبيّة الأوائل. ولد في سينوب Sinope بتركيا سنة ٤١٣ قبل الميلاد، ولذلك يعرف بـ "ديوجين السينوبي Diogenes of Sinope" ودرس في أثينا وتابع دروس كسينياد Xéniade وانتيستنيس Antisthène. قال عنه الشهرستاني صاحب كتاب الملل والنحل: «كان حكيما فاضلا متقشفا لا يقتني شيئا ولا يأوى إلى منزل.» عاصر الملك فيليب الثاني وإبنه الاسكندر المقدوني، والذي روي أنه قال «لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ديوجانس»، كما عاصر إفلاطون وله معه عدة حكايات شيقة.
ديوجين، إسم لامع في تاريخ الفكر الصوفي والفلسفي اليوناني، وهو أحد جواهر الوعي البشري النادرة. عندما كان الإسكندر الأكبر في طريقه إلى الهند، سمع بهذا النمودج الغريب من الفلاسفة وذهب للقائه. كان ذلك صباحًا في فصل الشتاء، وكان ديوجين مستلقيًا على ضفاف النهر، يتشمس عارياً على الرمال. لقد كان رجلاً غريبا يتسم بحرية لا حدود لها، بروح شفافة ينبثق منها دائماً جمال ليس من هذا العالم. "سيدي، قال الإسكندر، لقد سمعت عنك الكثير وأود أن أفعل شيئًا من أجلك، هل هناك أي شيء أستطيع القيام به ؟ "
أجاب ديوجين بكل بساطة : "نعم، تنحي جانبا، فأنت تخفي عني الشمس ". ولم يغضب الإسكندر لهذه الوقاحة أمام الإمبراطور الشاب، بل تابع حديثه قائلا معجبا : " إذا سنحت لي فرصة أخرى للعودة إلى الأرض بعد موتي، سأطلب من الله أن يجعلني ديوجين بدلا من الإسكندر".
يضحك ديوجين ويقول "من يمنعك أن تكون ديوجين منذ الآن ؟" فيرد الإسكندر متحسرا " مهام كبرى تنتظرني ولابد من إنجازها "، فيقول ديوجين " ما هي هذه المهام العظيمة ؟ لأشهر، رأيت الجيوش تتجمع في المدن والقرى، فلماذا كل هذا الهرج والمرج؟ "
أجاب الإسكندر: أنا ذاهب إلى بلاد الفرس
- ثم بعد ذلك
- بلاد الهند
- ثم بعد ذلك
- ما تبقى من بلاد العالم
- ثم بعد ذلك
- سأنزل عن حصاني وأنزع درعي وأرتاح.
فضحك دوجين وقال له متهكما : ولماذا لا تفعل ذلك منذ الآن، مثلي تعال واستلق معي على الرمال ودعك من السيطرة على العالم.
ثم ضحك ديوجين مرة أخرى وقال له : "أنت مجنون! أنا مستريح هنا والآن ولم أتحكم في العالم، ولا أرى ضرورة لذلك. إذا كنت تريد في النهاية الراحة والاسترخاء على أي حال ، فلماذا لا تفعل ذلك الآن؟ من قال لك أنه قبل أن تستريح عليك أن تسيطر على العالم؟ أنا أخبرك، إذا لم ترتاح الآن ، فلن تفعل ذلك أبدًا. في كلتا الحالتين، لن تتمكن أبدًا من السيطرة على العالم، وستموت في الطريق، الجميع يموت في منتصف الرحلة ".
أكد له الإسكندر أنه سيتذكر ذلك وشكره كثيرًا، لكن في الوقت الحالي، لا يستطع التوقف عن مهمته. ومات الإسكندر فعلا في منتصف الرحلة. لم يعد إلى وطنه أبدًا ، لقد مات في الطريق.
لقد تم تناقل هذه القصة الغريبة على مر القرون بروايات خيالية مختلفة، والتي بموجبها توفي ديوجين أيضًا في نفس اليوم. وتلاقوا معا مرة أخرى في طريقهم إلى الله عابرين النهر. كان الإسكندر يمشي إلى الأمام قليلا، عندما سمع شخصًا يسير خلفه، استدار ورأى ديوجين، قال وهو يحاول إخفاء إحراجه : " ها نحن نلتقي مرة أخرى، لإمبراطور والمتسول."
أجاب ديوجين: "هذا صحيح، لكن أعتقد أنك لم تفهم بعد ولا تعرف من هو المتسول ومن هو الإمبراطور. أنا أستطيع أن أواجه الله لأنني عشت حياتي، التي وهبني الله كاملة وفرحت واستمتعت بها، لكنك ضيعت حياتك كلها وقضيت على حياة مئات الآلاف من الرجال والنساء في حروب عبثية ومن أجل مجد وهمي، أعلم ، أنك لا تستطيع حتى مواجهتي؛ أنت لا تجرؤ على النظر حتى في عيني متسول. لقد ضاعت حياتك كلها ".
بغض النظر عن هذه الأسطورة الخيالية، والتي تستند مع ذلك إلى بعض الحقائق التاريخية المبالغ فيها، فإن دويوجين شخصية تاريخية حقيقية رغم غرابته وخروجه عن كل ما نعرفه من التقاليد المتعلقة بالثقافة والفكر اليوناني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات التشريعية في فرنسا : هل يمكن الحديث عن هزيمة للتج


.. فرنسا : من سيحكم وكيف ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. سائل غامض أخضر اللون ينتشر على أرضية مطار بأمريكا.. ما هو وم


.. فشل نظام الإنذار العسكري.. فضيحة تهز أركان الأمن الإسرائيلي




.. مقتل وإصابة العشرات من جراء قصف روسي على عدة مدن أوكرانية عل