الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كن حكيما

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2021 / 10 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أولا: (تقبل الأقدار) ، فيما يتصل بأي شيءٍ لك فيه بهجةٌ أو منفعةٌ أو تحبُّه حُبًّا جَمًّا لا تنسَ أن تُضيف هذا إلى مواصفاته:(ما هي طبيعة هذا الشيء؟) بادئًا من أدناها شانًا. إذا كنت شغوفًا بكوبٍ فخَّاريٍّ معيَّن قُل لنفسك إنه كوبٌ من الفخَّارومِنْ ثَمَّ فإذا انحطم لم تأسف لانحطامه. وإذا كنت تُقبِّل ولدك أو زوجك فقل : إنه كائن إنساني هذا الذي تُقبِّله ؛ ومِنْ ثَمَّ فإذا مات طفلك ، أو زوجك ، لم تذهب نفسك عليهم حسرات ...( إبيكتيتوس) .
ثانيا : (كن منسجما مع ذاتك) ، إذا كنت معتزمًا القيام بعمل ما، ذكِّر نفسك بطبيعة هذا العمل. فإذا كنت ذاهبًا لكي تستحمَّ فتمثَّل في نفسك ما يحدث في الحمامات العامة؛ ثمة من يُرشِّشُ الماء، والبعض يتدافعون بالمناكب ، وآخرون يسبُّ بعضهم
بعضًا، وهناك من يسرق. وهكذا سوف يتسنَّى لك الاضطلاع بشأنك على نحوِ آمِن إذا قلت لنفسك : لقد اعتزمتُ الآن أن أغتسل وأن أحفظ إرادتي في انسجام مع الطبيعة. وليكن هذا دأبك في أي عملٍ آخر؛ فبذلك إذا ألمَّت بك في اغتسالك أيُّ عوائق سيمكنك أن تقول : (لم يكن مقصدي الاغتسال فحَسْب ، بل قصدت أيضًا أن أحفظ إرادتي في انسجامٍ مع الطبيعة ، ولن يكون لي أن أحفظها هكذا إذا أنا تبرمتُ مما يحدث.) (إبيكتيتوس) .
ثالثا : (انتبه لأحكامك)، ليست الأشياء ما يُكرِبُ الناس ولكن أحكامُهم عن الأشياء. الموتُ مثلًا ليس مُريعًا، وإلا لكان سقراط أيضًا رآه كذلك. وإنما المريعُ هو الحكمُ بأن الموت مريع؛ لذا فعندما ينتابنا الإحباط أو الاضطراب أو الحزن فإن علينا ألَّا نلوم غير أنفسنا؛ أعني غير أحكامنا نحن. أن يلوم المرء الآخرين على ما أصابه … ذلك من شيمة الجاهل. أمَّا بداية العلم فأن تلوم نفسك وأمَّا تمام العلم فألا تلوم نفسك ولا غيرك.» (إبيكتيتوس) .
رابعا : (حكمة الموت) ما أتعسـه حـقـا ذلـك الرجـل الـذي لم يـدرك عـبر حياتـه الطويلـة أن المـوت لـيـس بالأمـر الـذي يتعيّن عليـه أن يخشـاه . فالمـوت إمـا أن يدمـر الـروح البشريـة تمامـا ، وهـو في هـذه الحالـة أمـر لا يستحق الاهتـمام ؛ وإمـا أنـه يأخـذ الـروح إلى مـكان تخلـد فيـه إلى الأبـد ، وهـو في هـذه الحالـة أمـر مـرغـوب فيـه . وليـس هنـاك احتمال ثالـث ، فلماذا يتعيّن عـلي إذا أن أخـاف ، مـا دامـت الحيـاة بعـد المـوت سيان ؟
خامسا (لا يمنعنك سوء الآخرين من عمل الخير ) لا ينبغي أن نتباطأ في عمل الفضل رغم كثرة المتلقين ناكري الجميل ، أولا لأننا مسئولون عن زيادة عددهم كما قلنا ، ثانيا- أن الأرباب الخالدة ذاتها لا تكف عن عطائها وكرمها اللامنقطع لوجود ملحدين ينكرونهم ، والأرباب تفعل وفقا لطبيعتها ، فتمنح الإحسان لكل موجود حتى الذين شوهوا إحسانهم ، دعونا نحذو مثال الآلهة بقدر ما يسمح لنا عجزنا البشري ، ودعونا نمنح الإحسان بدلا من إقراضه ، والمخادع من يفكر في الرد وهو يمنح من يستحق . ونتحول إلى ما هو أسوأ ! وإذا كان الأبناء والزوجات مبخلة ، فإننا ما زلنا نتزوج ونبني أسرا ، ونثابر في مواجهة تجاربنا في الحياة حتى ونحن عائدون من الحرب بعد هزيمة ، ومن البحر بعد غرق سفينة ، فمن الأنسب أن نثابر في منح الإحسان للناس ، وإذا لم يمنح المرء على أسس فلن يرد له ، وليكن العطاء مقابل الرد ؛ حتى لا يكون هناك ذريعة لناكر الجميل ، والذي عليه أن يخجل لعدم السداد وإن كثيرا من الناس لا يستحقون رؤية نور النهار وما زالت الشمس تشرق ، وكثيرا منهم يلعن يوم مولده ، وما زالت الطبيعة تدفع بنسل جديد ، وتسمح لمن لا يطيقون وجودهم بالاستمرار في العيش .(سينيكا) .
سادسا : (ضرورة المواجهة ) ينبغي على الحكيم ألا يشكو كلما اشتبك مع الحظ ، مثلما ينبغي على الشجاع ألا يسخط إذا حمي وطيس الحرب ، ذلك أن الشدائد نفسها هي فرصةٌ لكلٍّ منهما : لواحدٍ كي ينال المجد ، وللآخر كي يؤكد حكمتَه ويقَوِّيها ، من هنا تستقي الفضيلة اسمها ؛ لأنها قويةٌ صلبةٌ بحيث لا تَقهرُها الشدائد ولا أنت يا مَن تمضي قدمًا على درب الفضيلة قد بلغت ما بلغت لكي تُسلم نفسك للمباهج أو تُفسدها بالملذات، بل اصطَرِع بعنفٍ وضراوةٍ مع كل ضروب الحظ الجامح؛ حتى لا تقهرك الضراء ولا تفسِدك السراء، اتخذ الطريق الوسط بصلابةٍ لا تهتز، فكلُّ ما يحيد عن الوسط يُزْرِي بالسعادة ولا يجني ثمرة جهده ، إنَّ قَدَرَك بيديك … بيدي صنف القدر الذي تَوَدُّ أن تُشكِّله لنفسك لأن كلَّ ما يبدو عسيرًا هو عظةٌ أو تقويمٌ أو عقاب .(بوئثيوس) .
سابعا : تذكر أنك من طبيعة فانية وأنك لن تعمر طويلا ، وهو ما جعلك ترتقي ، عن طريق تقصيك للطبيعة ، إلى اللامتناهي والأزلي وتتأمل فيما يوجد ، وفيما سيوجد ، وفيما وجد .
الهدوء عند أغلب الناس فتور ، والانفعال هیجان .
الحياة العادلة خالية تماما من الاضطراب ، والحياة الجائرة يملؤها الاضطراب بدون هوادة .
من بين الخيرات التي توفرها لنا الحكمة من أجل تحقيق الحياة السعيدة ، الصداقة أعظمها جميعا ۔
إننا نولد مرة واحدة ، ولا ينبغي أن نأمل في ولادة أخرى ؛ ويترتب على ذلك أن الخلود متعذر بأي وجه من الوجوه , فأنت إذن ترجی التمتع ، يا من لست سید مصيرك ! إننا نفنى في حياتنا من فرط الانتظار ، وكل واحد منا يضنى من فرط العمل .
كما أننا نحترم تقاليدنا الخاصة ونعتبرها حسنة وجديرة بالثناء من قبل الناس أو غير جديرة بذلك ، فإنه يجب علينا أيضا أن نحترم تقاليد الآخرين إن كانت أخلاقهم سوية .
لا أحد يختار الشر عن قصد ، ولكن يغرينا الشر بظهوره في شكل الخير فيغيب عنا الشر الأعظم الذي سيعقبه ، وننخدع بذلك .
الإنسان الذي ينبغي أن نعتبره سعيدا حقا هو الشيخ الذي قضى حياة جميلة ، لا الشاب ، إذ لا يزال هذا الأخير معرضا في الغالب لتقلبات الدهر ، بينما يكون الأول في شيخوخته كما لو كان في مرفأ يخزن فيه الخيرات التي كان لا يأمل في الماضي أن يفوز بها والتي أصبحت من نصيبه .(أبيقور) .
ثامنا : (محدودية معارفنا) إننا لمحدودون في كل شيء ، وهذه الحالة التي تتوسط الاقصيين كائنة في جميع قوانا ، إن حواسنا لا ترى شيئا قصيا ، الفرط في الضجيج يصمنا ، والفرط في الضياء يبهرنا ، والفرط في البعد أو القرب يحول دون النظر ، والفرط في الاسهاب او الايجاز يجعل الحطاب غامضا، فرط الحقيقة يروعنا : (اعرف من الناس من لا يفهمون كيف انك تطرح من صفر فيبقى لديك صفر) . المبادئ الأولى تفعمنا باليقين . والفرط في اللذة يزعج ، والفرط في الايقاع الموسيقي يستقبح . والفرط في الاحسان يثير الحفيظة فتود لو ان لديك ما تفي فوق دينك . نحن لا نشعر لا بالحرارة القصوى ولا بالبرودة القصوى ، الصفات المتطرفة عدوة لنا فلا نحسها : اننا لا نشعر بها بل نكابدها. ريق الشباب ومنحنى الشيخوخة يحجبان الفكر ، كذلك كثرة العلم ويسيره ، وأخيرا أن الأشياء المتطرفة هي بالنسبة إلينا كأنها لم تكن ، ونحن بالنسبة اليها كأننا لم نكن ، فهي تفوتنا أو نفوتها نحن ، تلك هي حالنا الحقيقية ، وهذا ما يجعلنا عاجزين عن المعرفة الأكيدة وعن الجهل المطلق ، نحن مبحرون في وسط رحب ، أبدأ قلقون حيارى ، مندفعون من طرف إلى طرف آخر ، ما أن ننتهي إلى مستقر ونحسب أننا تمسكنا به ورسونا حتى يتهزز وينهزم فإذا ما تأثرناه تفلت من متناولنا وزل" وفر فرارا أبديا , لا نستوقف شيئا ليقف ، وهذه الحال هي حالنا الطبيعية ولكنها اكثر ما تكون معاكسة لهوانا. نتحرق لنجد قاعدة ثابتة واساسا أخيرا دائما فنشيد فوقها برجا يتسامى حتى اللانهاية ، ولكن أساسنا ينهار بكليته ، وتنفتح الارض حتى اجوافها القصوى . فلا نبحثن اذن عن ضمان وثبات ، أن عقلنا ليخيب أبدأ بتقلبات المظاهر ، ليس باستطاعة شيء أن يثبت المتناهي بين اللا نهايتين فهما تحصرانه وتفران منه. (بليز باسكال) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |