الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يخسر المرء حقه في حرية التعبير ؟

اسكندر أمبروز

2021 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حرية التعبير كانت ولا تزال إحدى أهم الأمور والمرتكزات التي تبنى عليها المجتمعات الحضارية والمحترمة , ونعي جميعاً أن حرية التعبير هي من أهم الأمور التي تفتقدها دولنا سوائاً بسبب حكومات قمعية أو بسبب حيونات دينية ومعتقدات خرافية سفيهة تحرّك المجتمع لينقلب على بعضه البعض وليقوم بإسكات من ينتقد تلك الخرافة.

وطبعاً من دون حرية التعبير أو غيرها من المرتكزات الأساسية لبناء مجتمع فاضل لا يمكن لأي دولة أو شعب النهوض أو الدخول في حلبة المنافسة العالمية واللحاق بركب الحضارة والتطور البشري المتسارع , فهي إضافة الى العلمانية واحترام العلم والديمقراطية وغيرها من القيم النبيلة , لا يمكن الاستغناء عنها أبداً مهما اشتد حدّة التعبير الذي يخرج من أي جهة كانت وهذه قاعدة أساسية.

ولكن هذه القاعدة لها شرط وحيد , وإن لم يتحقق فستتحول حرية التعبير لدى الفرد الذي لا يتماشى مع هذا الشرط من حق لا يمكن إنكاره , إلى ميزة يمكن نزعها ومحاسبته إن حاول الوصول اليها من جديد , وهذا الشرط هو أن لا تؤدي حرية التعبير الى الحاق الضرر المباشر وغير المباشر للأشخاص والأفراد في مجتمع ما.

فعندما يقوم دعدوش قذر بإلقاء اللوم في فعلته الإرهابية على تحريض من قبل كلاب رجال الدين النابحة , فعلينا أن نعي أن هؤلاء قد استغنوا عن حقهم في حرية التعبير وحولوا حقهم فيها الى ميزة يجب نزعها من قبل السلطات أو المجتمع المحيط بهم منعاً لتكرار الأفعال الإرهابية التي تسببت بها كلماتهم وتحريضهم , فخطاب الكراهية والبغض الديني المستمر سيؤدي بشكل دائم لهكذا نتائج كما نعلم , وبنائاً على هذا فعلى جميع الدول اليوم إسكات وإخراس كل رجل دين أيّاً كان دينه وخرافته اللعينة إن كانت لا تتماشى مع شرط حرية التعبير الوحيد.

وهذا طبعاً يمتد الى خارج الأديان الميتافيزيقية , ليطال الأديان المادية أيضاً , فكلمات هتلر وخطاباته العنصرية والتحريضية الخطيرة تسببت أولاً بعمليات قمع وإرهاب ممنهج من قبل الشعب الألماني نفسه , ضد اليهود متمثلاً بجرائم قوات الSA وإغلاقها لمحال اليهود في المدن الألمانية ومهاجمتها وتخريبها , إضافة الى ملاحقة المثليين جنسياً وتعريضهم لرعب وإرهاب لا يقل سوئاً عمّا لَحِقَ باليهود.

وهذا كلّه كان قبيل الحرب العالمية الثانية , وحتى قبيل استلام هتلر للسلطة , وطبعاً ما أن وصل هذا الصعلوك للسلطة رأينا ما رأينا من حروب وخراب ومجازر لا يمكن وصفها لغوياً من شدّى قبحها , وهذا كلّه بسبب خطابات وتحريض وكلام أثّر في الملايين وأدى لكل ذلك الخراب. فهتلر نفسه لم يقتل أحداً بشكل مباشر , وإنما بتحريض وكلام وخطابات وهذا قبيل استلامه للسلطة , وبعدها قتل بأوامر تم اتباعها من قبل الملايين الذين تم تعريضهم للخطاب النازي وغسيل أدمغتهم وتحويلهم لوحوش بكل معنى الكلمة...وكل هذا بسبب الكلام والخطابات والتحريض.

وفي الماضي القريب أيضاً , وبعد خطاباته التحريضية الخطيرة , تسبب ترامب بزوبعة سياسية وأعاصير اجتماعية خطيرة أحدثت من التفرقة والانقسام الاجتماعي ما أحدثت في الشعب الأمريكي , وتسببت بتظاهرات وتخريب وفتك بالمحلات التجارية والدخول الى صناديق الاقتراع من قبل مؤيديه وتهديد الديمقراطية الأمريكية نفسها , الى أن دفعت خطاباته تلك آلاف المؤيدين لاقتحام مبنى الكونغرس وتهديد الأمن القومي الأمريكي.

-----------------------------------------------------------------

فحتى السب والشتائم والقذف والسخرية من الأفكار والأفراد جميعها يمكن تقبلها شريطة أن لا تتسبب بإلحاق الضرر بالآخرين أو لا تحتوي على كراهية مبطنة وتحريض على الأذى سوائاً أكان تحريضاً مباشراً أم غير مباشر عن طريق شيطنة الأفراد ووضعهم في خانة الأعداء الذي يجب تصفيتهم أو غيرها من الطرق الخطيرة للي عنق الكلام وتوجيهه لخدمة مصالح تتعارض مع حرمة الانسان وحرمة حياته وحريته.

فمن يشتم يمكن الرد عليه بالمثل , ومن يسخر من الناس أيضاً يمكن الرد عليه بالمثل , ولكن من يحرّض على أذى الآخرين لا يمكن مجابهته بأمر مشابه أو النزول لمستواه , بل بإسكاته ومنع وصول رسالته السقيمة لأي شخص قد يقع ضحية لها ويحولها الى أفعال.

والخطاب الشرير والكلام المفسد والمخرّب للمجتمعات والتحريض على الآخرين , لا يمكن له الاختباء تحت مظلّة حرية التعبير على الإطلاق , فالتحريض على الأشخاص والآخرين والحث على الكراهية بشكل مبطن أو علني كما يفعل أتباع الخرافات الدينية من كلاب الدين , أو كما يفعل اتباع الأديان المادية من أيديولوجيات خطيرة ومفسدة , لا يجب أن يتم ضمانه أو تقبله من أي أحد , فهو خارج عن إطار حرية التعبير , ونعم يجب إسكاته , ومن يقول عكس ذلك أو من يضمن لهؤلاء الحق في نشر سمومهم وفسادهم الاجتماعي فهو متواطئ معهم سوائاً بإرادته أم بشكل عفوي , وهو أيضاً يجب إسكاته وعزله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر