الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل بقي مايجمع بين عامة الناس والنخب الحزبية

صلاح بدرالدين

2021 / 10 / 9
القضية الكردية


طوال العشرة أعوام الأخيرة التي تلت قيام الثورة السورية ، التي اجهضتها – المعارضة الحزبية الرسمية – إرضاء للمانحين ، وغدر بها النظام الإقليمي الرسمي ، والمجتمع الدولي لتضارب المصالح بينه من جهة ، وبين ااهداف الثورة المعلنة منذ عامها الأول في تحقيق الحرية ، واستعادة الكرامة ، واجراء التغيير الديموقراطي ،واسقاط الدكتاتورية ، أقول طوال هذه المدة يدفع الشعب السوري الثمن ، ويتعرض الى المآسي ، والاهوال ، والكوارث الإنسانية ، والتهجير ، والنزوح ، واللجوء ، ويقدم مئات الآلاف من الشهداء .
الأحزاب التقليدية الإسلامية منها ، واليسارية ، والقومية ، وجماعاتها ، وميليشياتها المسلحة ، التي ركبت موجة الثورة ، وتسلقت وسيطرت على كافة المفاصل ، والمراكز ، لم يحصل ان قتل احد من قادتها في ارض المعارك الا نادرا وبالصدفة ، كما تحول المئات منهم الى – مليونيرية ، وأصحاب أملاك ، وحاذوا على جنسيات ، وجوازات سفر شرق أوسطية ، وأوروبية ، ولم يحرم أولادهم من نعمة التعليم المجاني في ارقى الجامعات .
وبما ان الوضع الاجتماعي للإنسان يحدد تفكيره ، وسلوكه السياسي ، فقد بقي السورييون البسطاء الطيبون ، المؤمنون باهداف ثورتهم أوفياء لقضيتهم ، صادقون مع انفسهم ومع الاخرين ، فقط الامر الوحيد الذي تغير لديهم هو فقدان الثقة بقادة ومسؤؤولي ( المعارضة ) ممن اوهموهم بالوعود ، والعهود ، ثم قلبوا لهم ظهر المجن ، وتركوهم مكشوفين للنظام ، وللمسلحين من افراد الميليشيات المتحكمون بسلطات الامر الواقع في مناطق عديدة من البلاد ، السورييون الاوفياء الشرفاء يعيشون في فقر مدقع ، لامعين لهم ، ولامساعدات، ولا رواتب ومكافآت .
مسؤولو الأحزاب وقادة الميليشيات المسلحة ( معارضين وموالين وبين بين ) يتلقون الرواتب ، والمعونات كما ذكرنا أعلاه ، ولديهم جهات مانحة من النظام الإقليمي الرسمي ، ومصادر مالية أخرى من سرقات الموارد النفطية ، والمنتوجات الزراعية ، وواردات المعابر الحدودية ، وكل ذلك يقع باطار مايعرف بالمال السياسي ، وهو الظاهرة الأكثر شيوعا في سوريا وبلدان أخرى بالشرق الأوسط ، وبمثابة رشوة ، او عملية شراء الولاءات ، وتجنيد الطاقات سياسية او عسكرية لافرق .
مفاعيل ودورالمال السياسي في صنع السياسات
المال السياسي اصبح أداة لصنع السياسة ، ووقف الثورات ، وتجنيد أحزاب وجماعات ، وهندسة المعارضات حسب مقاس الأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في الشرق الأوسط التعيس ، وذلك باسم الدين ، والقومية ، والمذهب ، وهو الان الاستراتيجية الوقائية للمنظومات الأمنية الحاكمة امام الانتفاضات الشعبية ، والثورات الهادفة لتحقيق الديموقراطية ، وهي من اجهضت ثورات الربيع عبر المال السياسي ، في مصر ، واليمن ، وليبيا ، وتونس ، وسوريا ، وكذلك الموجة الثانية منها في العراق ، والجزائر ،ولبنان .
المال السياسي هذا الوباء الخطير الذي أفسد الحياة السياسية في سوريا عموما والساحة الكردية خصوصا ، وحول الأحزاب الى حركات للردة ، والمسلحين الى ميليشيات متوحشة ، وبدل التقاليد النضالية لشعوبنا الى ثقافة الارتزاق ، وحل العهر السياسي محل الاستقامة ، والكذب والتضليل مكان الصدق ، والشفافية ، واخفاء الحقيقة مكان الوضوح ، والصراحة ، لم يعد اثر للقادة السياسيين التاريخيين الذين كانوا يقودون الأحزاب والنقابات ، والجماهير الغفيرة ، ويرهبون الدكتاتوريات بصمودهم ، واستقامتهم وعزة النفس لديهم .
يمكن لاي واحد منا ان يلحظ مسؤول أي حزب كردي سوري في طرفي الاستقطاب الثنائي ( ب ي د ، والانكسي ) يقول شيئا في الصباح ، ونقيضه بالمساء ، يمشي بجنازة يكون هومشاركا في القتل ، يعمل من الحبة قبة في أي موضوع ، يزايد ، ويراوغ ، ويضلل بلا حدود ، يطبل ليل نهار لمانحه ، وان اردتم معرفة الأسباب ففتش عن المال السياسي الذي حقق أهدافه على الأقل في أجساد مسؤولي الأحزاب .
المال السياسي أوقف الحوار الطبيعي السلمي المنتج في مجتمعنا ، ونبذ العلم ، والمعرفة ، وسد الطريق امام الابداع الفكري ، والثقافي ، والتطور السياسي المعرفي ، ويسعى الى تفكيك ، وتقزيم ، وشرزمة الحركة الكردية السورية ، ومنع إعادة بنائها على أسس سليمة ، ومدنية ، وديموقراطية ، وافسد غالبية المثقفين ، وحولهم الى مصفقين بالاجرة ، المال السياسي من الد أعداء عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع ،لانه ان عقد بنجاح سيوقف اللعبة ، ويفضح المستور .
المال السياسي افرز مظاهر سلبية مضرة في الحياة السياسية للكرد السوريين ، ضاعف من الحزبوية الضيقة على حساب – الكردايتي ، وأيقظ مشاعر الانتماءات مافوق القومية من عشائرية، وقبلية ، ومناطقية ، وشجع مروجي التفسير التآمري لتاريخنا ، ودفع مثقفين نفعيين الترويج للبطولات. الفارغة لوجهاء قبليين ظلاميين على حساب كفاح الحركة التحررية الكردية ، وحول الاخلاقيات الاصيلة الى مجرد سلعة في البازار ، ودفع بتحويل الخلافات الفكرية ،والسياسية الطبيعية باي مجتمع الى مصدر للعداوة ، والتناحر .
المال السياسي ضد الحوار الكردي الكردي ، وضد الحوار الكردي العربي ، وضد الحوار الكردي السوري مع المكونات الوطنية من تركمان ، ومسيحيين وغيرهم ، وضد كل ما يؤدي الى الوحدة الوطنية ، والسلم الأهلي ، والعيش المشترك بين الاقوام ، والتفاعل بين الثقافات .
لن ينفع اصلاح وترقيع ماافسده المال السياسي في الجسد الحزبي الكردي السوري ، يجب العمل من الان على إيجاد البديل هو الطريق الاصح ، والسير قدما في إعادة بناء الحركة الكردية السورية بالطريقة الديموقراطية ، ومن خلال توفير شروط عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع الذي سيستعيد الشرعية القومية، والوطنية ، ويحقق الوحدة ، ويفرز قيادة منتخبة لمواجهة مختلف التحديات الماثلة .
تتوسع الفجوة يوما بعد يوم بين عامة الشعب بغالبيته الساحقة من جهة ، وبين النخب الحزبية الكردية المعززة بالمال السياسي من الجهة الأخرى ، ليس في مجال التمايز الاجتماعي ، والمعيشي والسلطوي فحسب ، بل في مختلف الجوانب الفكرية ، والثقافية ، والوعي السياسي ، والمواقف ، والخطاب .
من الحكمة ان يتفهم أصحاب مصادر المال السياسي قلقنا على حاضرنا ، ومستقبلنا ، وعلى مصير حركتنا ، وان يعوا ان مايحصل لنا ككرد سوريين يمكن ان حصل لبعضهم بمراحل معينة ، وكيف كانت مرارتها ، ثم ان المظاهر السلبية الناتجة عن اهدار المال السياسي قد ترتد على الجميع عاجلا ام آجلا ، فالكرد السورييون وقفوا دوما مع الحق وطنيا وقوميا ، وكردستانيا ، ويستحقون العيش بامان ، كما يستحقون. حركة سياسية مستقلة حرة القرار .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بقبول مقترح -خارطة الطري




.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان