الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروعية تمويل الحملات الانتخابية

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 10 / 9
دراسات وابحاث قانونية


ان الانتخبات التشريعية تعتبر من اهم الممارسات الديمقراطية لانها تؤدي الى اختيار ممثلي الارادة العامة (الشعب) في الهيئة التشريعية والتي تضطلع بمهام تشريعية ورقابية مهمة ، ولاسيما في الانظمة البرلمانية كما هو الحال في العراق ، وحتى تكون المخرجات مشروعه لابد ان تكون المدخلات مشروعه ايضاً ، ونقصد في هذا المقال مصادر تمويل الحملات الانتخابية للاحزاب والتنظيمات والتحالفات السياسية ، وبالرجوع لاحكام المادة (33) من قانون الاحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 نجد انها قد حددت مصادر تمويل الحزب السياسي بـ ( اشتراكات اعضاءه ،التبرعات والمنح الداخلية ، عوائد استثمار امواله، الاعانات المالية من الموازنه العامة للدولة ) ، كما اجازت المادة (34) من القانون للحزب امتلاك العقارات لاغراض اتخاذها مقر له ولفروعه ، وحضر القانون المذكور على الاحزاب استلام التبرعات من المؤسسات والشركات العامة الممولة ذاتياً ومن الشركات التجارية والمصرفية التي يكون جزء من رأس مالها من الدولة ، وايضاً حضرعلى الحزب السياسي مزاولة الاعمال التجارية بقصد الربح الا في حالات محددة في القانون ، كما نظم القانون موضوع ايداع اموال الحزب في المصرف والسجلات والحسابات والزمها باعداد تقرير سنوي بحسابات الحزب يعده مكتب محاسب قانوني مرخص يرفع الى ديوان الرقابة المالية الاتحادي ويقوم هذا الاخير برفع تقرير ختامي عن الاوضاع المالية للاحزاب الى مجلسي النواب والوزراء ودائرة الاحزاب ( المواد 37،38،39) ، ولنا على هذه الاحكام الملاحظات الاتية :
اولاً : نصت المادة (29) من قانون انتخابات مجلس رقم (9) لسنة 2020 على ان ( يحضرالانفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام او موازنة الوزارات اموال الوقف اومن اموال الدعم الخارجي ) ، كما تضمنت المادة (11) من نظام الحملات الانتخابية رقم (5) لسنة 2020 على نص مطابق للمادة (29) من قانون مجلس النواب سابق الذكر ، والحقيقه ان هذا النص يتناقض مع المادة (33/ ثالثاً) من قانون الاحزاب انف الذكر التي اعتبرت الاعانات المالية من الموازنه العامة للدولة احد مصادر تمويل الحزب ، بل ان المادة (44) من القانون المذكور نصت على تولي دائرة الاحزاب تقدير المبالغ السنوية للاعانات المالية المقدمة من الدولة لدعم الاحزاب السياسية وترفع الى مجلس الوزراء للبت فيه وتضمينه في قانون الموازنه ، وهذا معناه ان الخزينه العامة واموال الدولة هي التي تمول الاحزاب السياسية ، بل انها بمجرد تسجيلها وفق احكام هذا القانون تمنح نسبه (20%) من مبلغ الاعانه الكلي توزع بالتساوي على الاحزاب المسجلة واصبح مجرد التسجيل كسب مالي للحزب وهذا يفسر العدد الكبير للاحزاب المسجلة رغم عدم فاعليتها اوشعبيتها ، في حين توزع نسبة (80%) من مبلغ الاعانه السنوي على الاحزاب الممثله في مجلس النواب وفقاً لعدد المقاعد التي حاز عليها مرشحوها في الانتخابات النيابية وكأن التمويل من المال العام اصبح مغنماً للاحزاب الممثله في مجلس النواب .
ثانياً : تبرر بعض الاتجاهات السياسية التمويل العام للاحزاب السياسية باعتبارها احد كلف الديمقراطية والتعدديه الحزبيه ، الا ان مضار التمويل العام المباشروحتى النسبي تفوق مبررات الديمقراطية بل على العكس قد تخرق مبدأ الديمقراطية مع سوء التوزيع النسبي للاعانات العامة للاحزاب ، اذ يعمل التمويل العام على ابقاء الاحزاب المشاركه في السلطه واضمحلال فرص الاحزاب والقوى السياسية الجديدة بالظهور ، فضلاً عن ذلك فأن هذه الاعانات السنوية لتمويل الاحزاب تحجب مبالغ مالية كان يفترض توظيفها لسد منافع وحاجات اجتماعية كالصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والخدمات العامة ، كما ان هذا الاسلوب يزيد من الفجوة مابين قيادات الاحزاب من جهة واعضاءه وجماهيره من جهة اخرى ، لان توافر التمويل العام يؤدي الى تفرد قيادات الاحزاب على اعضاء الحزب في قراراته وتوجهاته .
ثالثاً : حضرت المادة (29) من قانون انتخابات مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 ، والمادة (11) من نظام الحملات الانتخابية رقم (5) لسنة2020 تمويل الحملات الانتخابية من المصادر الخارجية وهذا امر ايجابي لمنع التدخلات الخارجية في العملية الانتخابية ، الا ان القانون والنظام لم تحدد اليآت مراقبه وتعقب مصادر التمويل الاجنبي للحملات الانتخابية ولم تضع العقوبات في حال ثبوتها، فضلا عن ذلك ، ان قانون الاحزاب ذاته اجاز في المادة (41/اولاً) منه قبول اموال عينية او نقديه من الاحزاب والجمعيات والمنظمات او الاشخاص او الجهات الاجنبية بموافقة دائرة الاحزاب ، وهذا استثناء يتعارض مع الحضر المطلق الوارد في قانون انتخابات مجلس النواب ونظام الحملات الانتخابية التي حضرت التمويل والدعم الخارجي للحملات الانتخابية .
ثالثاً: اجازت المادة (15/ثانياً) من قانون انتخاب مجلس النواب رقم (9) لسنة 2020 الترشيح الفردي ضمن الدائرة الانتخابية الواحدة الا ان هذا القانون ونظام الحملات الانتخابية لم يتطرق الى مصدر تمويل المرشح الفردي المستقل الذي لايحصل على تمويل من الخزينة العامة وفقاً لقانون الاحزاب ، وهذا طبعاً سيشكل بوناً شاسعاً بين امكانيات الاحزاب السياسية الكبيره التي قضت ردحاً من الزمن في السلطه وتمرست على تمويل احزابها وبين المرشح الفردي ، وهذا يخل باهداف القانون ذاته في ضمان المساواة في المشاركه الانتخابية وعدالتها ونزاهتها التي نصت عليها المادة (2) من القانون .
رابعاً: لما تقدم ندعو المشرع العراقي الى اعادة النظر باسلوب تمويل العام المركزي للاحزاب وتحويله الى اسلوب تمويل غير مباشر، مع ضرورة تحقيق العدالة بين مرشحي الاحزاب والمرشحين المستقلين من الجوانب المالية ، وضرورة الحضر المطلق للتمويل الخارجي للاحزاب والحملات الانتخابية ورفع الاستثناء الوارد في قانون الاحزاب السياسية لضمان شفافية واستقلال ونزاهة الانتخابات والحفاظ على ارادة الناخب الوطنية والله ولي التوفيق .د.احمد طلال البدري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين