الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين بمنطق جذري 1

زكي بوشوشة
كاتب

(Zaki Bouchoucha)

2021 / 10 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في زمن يعرف عودة قوية للديني في شتى المجالات ، و بكل الأشكال ، لا نملك إلا مسايرة معطيات الزمن و التعايش مع متطلباته ، و في هذه الحال نحن مطالبون بتسليط الضوء على هذا العائد و كشف حقيقة هذه العودة ، اهي حقا عودة للبدأ ، للقيم الانسانية المطلقة التي جاء بها الدين و جاء لاجلها و انطلق منها أم أنها طبقة جديدة تغلف الدين و تزيد الطبقات المتراكمة فوقه ، و تحجبه عنا أكثر و تزيد مهمتنا تعقيدا ؟؟
الامر بالغ التعقيد فعلا عند محاولة فصل الاصيل من الدين عن الاضافات و الشوائب و التراكمات المحيطة به و فوقه و الملتصقة به ، لهذا فلن ينفعنا ابدا البدء في البحث من داخل الدين بل سنبدأ من سؤال أكثر جذرية :
لو أن هناك دين ( انساني ، مطلق ، عام ، عالمي .) فما شكله و ما قيمه و ما هي جوانب المعرفة فيه و ما حدودها ؟
كتصور مبدئي سنقول ان دينا بهذه المواصفات يجب أن يكون :
خارج عامل التراكم : بل في اعمق درجات الجذرية حتى يحق القول أنه إنساني ، اي أنه يتجاوز الفوارق بين الأفراد ، الفوارق الطبقية و المعرفية و الجنسية و الثقافية التي اكتسبها الإنسان بالوراثة و كل ما يفرق الأفراد بعضهم عن بعض الى الارضية المشتركة إلى الامر الذي لا خلاف عليه , فكل ماهو مقبول او معلوم او ضروري عند فرد او فئة دون الاخرى هو لاشك عرضي في الإنسان و ليس جوهري .
خارج عامل الزمن : بل هو مواكب لكل الازمان ، او بالاحرى مواكب لسيرورة الزمن ، او بعبارة أخرى متحرر من متغيرات الزمن .
خارج علاقات الاستثناء : فهو لا يقوم على الحالات الخاصة و لا يجب ان تعيقه حالات خاصة ، اي لا يعمم استثناءا و لا يستثني تعميمه أي حالة .
خارج التنوع الجغرافي : فهو لا يخضع لتغيرات الجغرافيا ، و ليس محكوما بها .
هكذا هو تصورنا للدين ، لكن كيف لهذا التصور و هذا المثال ان يتجسد في الواقع و ان يلامس الواقع و يؤثر فيه و يغيره ؟؟ عندها حتما سيذوب الصوري في الواقعي و يجري في مجاريه و يتلون بألوانه ، فلا يمكن أن نجد ماهو مجرد و مثالي في الواقع ، و لكن مظاهر لهذا الامتزاج و هذا التداخل بين العالم الواقع و العالم المفارق للواقع فقط ، تماما كما هو الوضع في الجسد و الروح حيث لا جسد للروح ولا الروح عضو من اعضاء الجسد و لكنها ظواهر نسميها الحياة تظهر عندما يلتقي المادي ( الجسد ) مع غير المادي ( الروح ) .
لنقرب الصورة بمثال مبسط : و سننطلق من ان الماء بإعتباره اشبه الموجودات بالدين حسب التصور الذي قدمناه ، فهو ما ينزل من السماء ليحيي الارض ، يجري في تعرجات وديانها يملأ منخفضاتها ، يعبأ في الاواني ، إنه اكثر الأمور شفافية حيث لا لون له ولا ذوق ولا رائحة و لا صوت و لا شكل بل يأخد صفات الأرض او الاناء الذي نزل فيه فيبث فيه الحياة . هكذا هو الماء الذي يعرفه كل إنسان او كل حي لأن شرط من شروط الحياة و يعجز الجميع عن تعريفه إلا بالنفي ( لا لون ، لا شكل ....) و أي محاولة تعريف دون ذلك هي وصف للاناء الذي يحمل الماء أو للبيئة التي يجري فيها ، و هنا يقع الإشكال التاريخي الكبير ، فيما يخص الفتوحات الاسلامية ، فهي بالمجمل كانت تعريفات للبيئة التي نزل فيها الإسلام ، أما فيما يخص الفتوحات العسكرية التي قامت بقوة السيف فالاشكال اعمق ، فهي بمثابة تحطيم لكل أشكال الاواني المحلية الأخرى و الغاء لباقي البيئات الأخرى في محاولة تعميم البيئة الواحدة .
هكذا نكون بفقدان أثار الثقافات الأخرى فقدنا جزءا كبيرا من المواد التي تسمح لنا بفصل شروط الدين الجوهرية عن مظاهره العرضية المرتبطة بالبيئة التي نزل فيها ، و سنضطر للبحث عن اساليب اعمق في سبيل هذا البحث .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السماء ليس فيها أديان
طاهر مرزوق ( 2021 / 11 / 15 - 21:48 )
الأستاذ/ زكى بوشوشة
بعد السلام والتحية,
أختلف معك فى أن الدين نزل من السماء مثل الماء ليحيى البشر، لأن الأديان ليس فيها جديد لأن الأخلاق هى سلوكيات بشرية ولا علاقة لها بغيبيات السماء، وكل الوصايا الموجودة بها كانت وما تزال موجودة فى التاريخ البشرى واساطيره وهى وصايا إنسانية بسيطة لا تحتاج عناء النزول من السماء.
لكنى أتفق معك فى أن الغزوات وليس الفتوحات أحتراماً للمعنى الحقيقى للأحداث، فالغزوات الإسلامية العسكرية بقوة السيف قامت بالفعل بتحطيم كل ما عداها من أديان، وأنفرد الإسلام بالجزيرة العربية وقام محمد وأصحابه بتحطيم كل البيئات الأخرى لينفرد بالحكم، ولم يأتى محمد بثقافة أفضل من ثقافات الشعوب الحضارية المجاورة، وفى الوقت نفسه سبقته الشعوب فى أخلاقياتها وتشريعاتها الأنسانية والدينية.
ولا ننسى أن أخلاق المسيح كانت هى الأفضل ولا تقارن بأخلاق محمد، ورغم أعتراف محمد بذلك إلا أنه رفع نفسه حتى على المسيح الأسمى منه حسب ما يقوله القرآن فى ولادته الإعجازية والتى تسمو فوق بقية البشر كما قال محمد، لكن المسلمين ومحمد يرفضون تعظيم أحد إلا محمد.. رسول الله!!
شكراً

اخر الافلام

.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت


.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا




.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية