الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصوف اليهودي

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2021 / 10 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
95 - الكابالا

"القبالة" هى مذهب يهودى تصوفى، يعتزل فيه "القباليون" العالم بكل مشاكله المادية وسقطاته ليتكشّف لهم عالم الروح والأسرار والمعاني المستورة .. وأن هذا المذهب نتج عن تراكم لموروثات تاريخية بعيدة للمجتمع والثقافة اليهودية ولبعض المعارف والخبرات فى تفسير الكون والقوى الخفية، وذلك عن طريق النقل لبعض فنون السحر عن كهنة مصر القديمة، وفنون السحر الموروث أيام نفيهم وأسرهم فى بابل. واختلطت خبرتهم بعد ذلك بدلالات فيثاغوراس الصوفية للأعداد، وبثنائية الظواهر والأشياء كالليل والنهار والروح والجسد والخير والشر .. الخ، وهو ما يعرف بثنائية زرادشت Zoroastrian dualism، وكذلك اختلطت بالفلسفة الهللينية الموروثة عن أفلاطون أو ما يعرف بالأفلاطونية الحديثة متأثرين بمناخ الزهد والتقشف الذى ساد العصور الوسطى، وكذلك ببعض النصوص من سفر الرؤيا اليهودى التى تربط بين كل طوائف الأسينيين esséniens، الذين عُرِفوا بإسم " الإنطوائيين" أو " الصامتين". وقد وُلد المسيح فى زمن كان اليهود فيه متفرقين ومتوترين ومنقسمين إلى طوائف متنافسة أهمها طائفة الأسينيين Essenes وطائفة الفريسيين Pharisees وطائفة الصدوقيين Sadducees، وكان يترأس الطائفة الأسينية يوحنا المعمدان، الذى عمد المسيح حين بلغ الثلاثين من عمره حسب الأسطورة.
كما ارتبطت جذور مذهب "القبالة" فى مجال المعرفة الحدسية لحقيقة الكون والأرواح بمصطلح "الغنوصية" Gnostic، وهو مصطلح يونانى قديم gnôsis انتشر فى أواخر القرن الأول المسيحى للدلالة على الشريحة المارقة على المجتمع المسيحى الناشئ فى مدينة الإسكندرية، حيث كانت تدعى هذه الشريحة قدرتها على كشف المستور والأسرار الخفية. وهذا المصطلح يقابل مصطلح " الأدرية " فى اللغة العربية، من الدراية والمعرفة والعلم بالشيء. والأدرية مذهب من مذاهب الحدسيون الذين يكتسبون معارفهم بالإدراك الداخلى أو بالفراسة والإلهام insight، بمعنى إدراك الشيئ إدراكا مباشرا وتمييزه بوضوح دون دليل أو تحليل أو برهان عقلي أو منطقي، بما يعنى الإهتداء للحقيقة بالبصيرة والفطرة والإلهام والكشف. وهو نقيض مصطلح "agnostic - اللاأدرية"، حيث يعتقد أتباعه أن العقل عاجز عن مجاوزة حدود الخبرة الذاتية عند صاحبه، ومُحال عليه إقامة البرهان على أى شيئ يُفترض وجوده خارج تلك الحدود، ومن الفلاسفة اللاأدريين هربرت سبنسر وأوجست كونت، والفيلسوف كانت الذى كان يرى أن الإعتقاد بالله يبنى على الإيمان وحده وانتقد وقوض كل المحاولات العقلية لإثبات وجود الله . ويبدو أن بعض النصارى بمصر مع بدايات القرن الرابع الميلادى قد اتبعوا أفكار وعقائد الجماعات الغنوصية رغم محاربة الكنيسة لهم فى ذلك الوقت، وتصميمها على حذف كل مادخل على الأناجيل من تلك العقائد تصحيحا وتنقية لها. وفى ديسمبرعام 1945 وقريبا من نجع حمادى بصعيد مصر، اكتشف فلاح مصرى إسمه محمد على السمان جرة من الفخار، وعندما كسرها وجدها مليئة بالكتب والمخطوطات، وعندما تسلمتها الحكومة المصرية لاحقا وفحصتها، تبين أن الكتب والمخطوطات ترجع إلى الفترة بين أعوام 350 - 400 م.، وأنها تحتوى على تعاليم غنوصية، وأنه فى الغالب قد تم تهريبها من الإسكندرية وإخفائها عن أعين رجال الكنيسة، حيث كانت الكنيسة فى ذلك الوقت تعتبر تلك التعاليم نوعا من الهرطقة المسيحية الأرثوذكسية ... وهي مجموعة من النصوص تتألف من إثني عشر بردية اشتملت على اثنين وخمسين مقالة معظمها غنوصي، ولكنها اشتملت أيضًا على ثلاثة أعمال تنتمي إلى متون هرمس وترجمة جزئية لكتاب الجمهورية لأفلاطون. وتم ترجمة تلك الكتب والمخطوطات فى السبعينيات من القرن الماضى، وتم حفظها بالمتحف القبطى بالقاهرة.
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تنجو من قبضة أقصى اليمين.. وماكرون في أزمة! #منصات


.. نزوح للسكان من قرى كردية في العراق مع توسيع الجيش التركي عمل




.. لبناني انتقد حزب الله فتعرض لضرب مبرح! #منصات


.. السنوار تحت الأرض -لا يعلم- خسائر غزة.. ونتنياهو يُبعَث من ج




.. بالصواريخ بوتين -يشعل- كييف.. وزيلينسكي -يلجأ- لبولندا !| #ا