الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوضعيةُ المنطقية : البداية و النهاية

عادل عبدالله

2021 / 10 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الوضعية المنطقية: البداية و النهاية

" يكفي الفيلسوف من الطموح، أن يتم توظيفه كأجيرٍ يؤدّي عملاً يدوياً ثانوياً في تنظيف الطريق قليلا ، وإزالة بعض القمامة التي تكمن في طريق المعرفة "
هذه هي العبارة التي قالها John Lock فهرعَ على إثرها و بهديٍ منها جمعٌ من الفلاسفة العظام ليرتقوا بمذاهبهم من رتبة الفلسفة الى رتبة العلم و التجربة.
هكذا عزم " كانط " على أن " يضع نهاية لخطأ لا متناهٍ .. بأنْ يسهم المرء في تنمية العلوم " فكان كتابه الشهير " نقد العقل المحض "
ثم خطا هيجل خطوة بالاتجاه نفسه حين عمد الى كتابة مؤلفه الأعظم " عِلْم ظهور العقل " مفوّضاً " كارل ماركس " حقَّ القول " إنّ مكانة الفلسفة من العالم الواقعي تشبه الى حدّ كبير مكانة الممارسة الجنسية من الاستمناء " لتبلغ هذه المحاولات غايتها في كتاب هوسرل " الفلسفة بوصفها علماً صارما "
و لئن كانت هذه المحاولات كلّها أعمالاً فلسفية جبارة أغنتْ العقل البشري و وسّعت آفاقه، فإن محاولة متطرفة جسور استثمرت مضمون تلك العبارة نفسها لتعلن أنّ عبارة جون لوك غير منصفة في تعاملها مع مكانة الفيلسوف و الفلسفة، لأنّ الوضع المنصف لهما هو طردهما من العقل البشري و الحياة الإنسانية على حدّ سواء.
و هكذا استخدم الوضعيون المناطقة "مبدأ التحقق" الذي يمكن بموجبه اعتبار السؤال علميًا "إذا وإذا فقط " كان يمكن التحقق منه تجريبيًا. و لذا فإن أسئلة ميتافيزيقية مثل "هل الله موجود؟" أسئلة ببساطة لا معنى لها.
يقول أحدُ الباحثين " أدى التزام معظم الفلاسفة بالوضعية إلى استبعاد الإيمان بالله منذ البداية ، وشهد منتصف القرن العشرين تضاؤلَ نسبة الفلاسفة المؤمنين إلى ما يقرب من الصفر"
أمّا سبب التزام الفلاسفة بالوضعية فهو الإعلان على أنّ العلم لم يعد يُنظر إليه على أنه المصدر الأساسي للمعرفة ، إنّما هو المصدر الوحيد للمعرفة.
في مثل هذا الوضع المعرفي المترع بالروح العلمية التجريبية كتب الفيلسوف " آلفن بلانتينجا " كتابه الأشهر " الله والعقول الأخرى God and Other Minds " الذي عدّه الفلاسفة و الباحثون لعنةً على التجريبية و الوضعية و المنطقية.
يقول بلانتينجا في كتابه : إن افتراض "الله موجود" ليس افتراضا يمكن إثبات صحته أو خطأه ، على الأقل ليس بنفس طريقة الادعاء العلمي مثل "سرعة الضوء تبلغ 186000 ميل في الثانية." بدلاً من ذلك ، يعتقد أن مشكلة الله مماثلة لمشكلة العقول الأخرى ، التي يؤكد وجودها كل شخص تقريبًا على الرغم من عدم وجود أية أدلة تجريبية.
هذه هي الفرضية المركزية للكتاب. يجادل بلانتينجا بأنه على الرغم من أنه لا يمكن للمرء إثبات وجود عقول أخرى تجريبياً ، إلا أنه لا يزال من المنطقي الإيمان بها ، وينطبق الشيء نفسه على وجود الله. ويترتب على ذلك أنه يجب أن تكون هناك قواعد للمعرفة خارج التحقيق التجريبي. وهكذا كان هذا الاستنتاج لعنة على الفكر الوضعي ، الذي تدور نظريته المعرفية بأكملها حول افتراض القدرة المطلقة للتحقيق التجريبي.
بحلول أواخر السبعينيات من القرن الماضي ، تم الاعتراف إلى حد كبير بأنّ الوضعية المنطقية في موقف لا يمكن الدفاع عنه. حتى "أنّ أ.ج. آير " و هو أحد أعلام الوضعية المنطقية قال " حسنًا ، أفترضُ أنّ أهم عيب ... هو أن كل ذلك كان خاطئًا... يجب أن نكون حريصين على عدم التقليل من الدور الذي لعبه Plantinga في هذا التغيير الذي أحدثه في قلب تصور الوضعيين "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل