الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشكر شفاء وحياة

عزيز سمعان دعيم

2021 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


باركي يا نفسي الرّبّ (مزمور 103: 1-5)

״بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ."
* الاعتراف بالفضل هو فضيلة، والشكر على كل خير هو واجب مطلوب منّا تجاه من يقدم لنا خدمة أو خيرًا، فكم بالحري علينا دومًا ودائمًا أن نشكر العليّ الذي يغمرنا ببركاته ونعمه ويحفظنا برعايته وعنايته.
* عندما أشكر الرّبّ وأعترف بأفضاله عليَّ، أدرك أنّ كل خير وبركة ونعمة هي من لدُن خالقي وباريَّ، ربي والهي، سيد الأرض والكون العظيم، أبي السماوي ومخلصي، عندها تمتلئ حياتي بطاقات ايجابية جبارة، وبينابيع حياة فيّاضة. فهو أتى ليكون لي حياة وليكن لي أفضل (يوحنا 10: 10).

״بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ.״
• النسيان نعمة إلهية، لكيلا نبقى عالقين في الماضي وهمومه ومشاكله وإحباطاته، وحتى لكيلا نعلق في نجاحاتنا الماضية وننسى أننا ما زلنا في بداية أو منتصف الطريق، وما زال أمامنا مشوار طويل لنحقق ما رتبه الرّبّ لحياتنا، كما يقول الرسول بولس "… إِذْ أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. (فيلبي 3: 13، 14).
• ومع هذا علينا ألا ننسى المعروف المُقدم لنا من الآخرين، بل نُقابله بالشكر والامتنان، وكم بالحري أن نتذكر دومًا بركات الرّبّ ونعمه العظيمة لنا في كل يوم ولحظة، فإن كنت تتنفس أشكره، وانطلق من هنا بالشكر على نِعَم الحواس، وتفاصيل الحياة الشخصية والعائلية والمهنية والمجتمعية وغيرها من تفاصيل الحماية والنعمة.

"الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ."
• الغفران: لا يُمكن أن تعيش حياة فيّاضة وأنت مُثقل بدينونة الخطيّة. كلّ منا بحاجة لغفران، بحاجة لأن نطرح نفوسنا أمام الرّبّ، متكلين على دفعه ثمن خطايانا على الصليب، وطالبين غفرانه الكامل والتام، عندها تمتلئ قلوبنا وحياتنا بالسلام، فتفيض حياتنا ينابيع رجاء وفرح بنعمته. "إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ." (1يوحنا 1: 9).

"الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ."
• الشفاء: غالبًا ما نربط الشفاء بمرض الجسد، ولكن تركيبة كياننا لا تتوقف على المادة المحسوسة الملموسة، الجسد، بل تمتد للنفس والروح، كيان مُثلث، كالخيط المثلوث الذي لا يُمكن فصله. فعندما نتحدث عن الشفاء، علينا النظر للإنسان بكلّ كيانه: جسد ونفس وروح. وحقًا في كلّ واحد فينا نوع من مرضٍ أو ضعف أو تحدٍ، لذلك كلّ واحدٍ منا يحتاج إلى الشفاء، ولا يستطيع أحد أن يعطي الشفاء التام والكامل لكيان الإنسان المُثلث التركيب غير ذاك الكائن الأسمى المُثلث الأقانيم. مكتوب "… أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ». (الخروج 15: 26).

"الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ."
• الفداء: في بعض الأحيان نغوص في أوحال العالم، أو نقع في حفرة أعدوها لنا، أو نعلق في مصيدة نصبوها لنا، والبعض منا قد يقضي فترة من حياته عالقًا في حفرته، دون أن يقدر على الصعود والخروج منها. لا تنظر إلى تحت بل إرفع عينيك إلى فوق، سترى حبل النجاة ممدودًا لك، وحتى في وسط أمواج البحر الغاضبة تطلع ستجد طوق النجاة ينتظرك. إن كنت في جُبّ الأسود أو عُمق الهاوية أو وسط الأمواج العاتية إرفع عينيك إلى من يستطيع أن يخلص واطلب المعونة، "أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي! مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ". (المزامير 121: 1، 2). وتمسك بالرّبّ يسوع المسيح "الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا." ( 1: 14).

"الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ."
• الإكليل: ربنا يتوج حياتنا بغنى مراحمه وينبوع ألطافه ورأفته. فعندما نلتصق فيه بالمحبة والعلاقة البنوية، تلتصق رحمته بنا وينمو خيره ويتزايد فينا "إِنَّمَا خَيْرٌ وَرَحْمَةٌ يَتْبَعَانِنِي كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، وَأَسْكُنُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ إِلَى مَدَى الأَيَّامِ." (المزامير 23: 6).
• إعلم أن ملك الملوك وربّ الأرباب ترك عرش مجده الجليل لكي يرحمك ويباركك. نعم، الذي لبس إكليل الشوك لأجلك سيُلبِسك إكليل جمال (اشعياء 62: 3) وتاج بهاء لمجد اسمه.

الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ،
• الشِبع: سيّد كلّ الأرض، "الْمُنْبِتُ عُشْبًا لِلْبَهَائِمِ، وَخُضْرَةً لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ، لإِخْرَاجِ خُبْزٍ مِنَ الأَرْضِ… وَخُبْزٍ يُسْنِدُ قَلْبَ الإِنْسَانِ." (مزمور 104) هو يشبع حياتنا بكل خير. فهو المعطي للبهائم طعامها ولفراخ الغربان التي تصرخ (مزمور 147). هو يسدد لنا كلّ احتياج "فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي." (مزمور 23: 2).
• لتطمئن قلوبنا في وعده المبارك «لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟ … فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. (متى 6: 25-26, 31-33).

فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ."
• التجديد: فيه استمرارية وعملية دينامكية، والرّبّ يجدد حياتنا بالنشاط والهمة، يطلق فينا طاقات ومواهب وقدرات مخفية. كثيرًا ما نظن أننا أنهينا المشوار، وانّ طاقاتنا ذابت وانهارت، ولكن سرعان ما تتدفق طاقات كامنة فينا تُشعلها وتَضُخها غنى نعمته الفائقة علينا، فهو الذي "يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ." (مزمور 23: 3). "إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ: الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ، هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا." (2 كورنثوس 5: 17)

الشكر والامتنان مطلوب تجاه كلّ انسان يخدمنا ويقدم لنا أي فضل، فكم بالحري لمن يغمرنا بغنى نِعَمِه وبركاته، وعينه علينا على طول الطريق، يحفظ ويبارك ويجدد الحياة. لنبارك ذاك الذي به نحيا ونتحرك ونوجد (أعمال 17: 27).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah