الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسخرة زوال النِّعم.

اسكندر أمبروز

2021 / 10 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في العديد من المواضع يطبّل وعّاظ دين بول البعير وبشكل صارخ لفكر مضروب ومعتوه الى أبعد الحدود , في محاولات قذرة لتخدير العقل الجمعي ورمي الرماد في عيون أتباعهم للتغطية على معضلة الشر الخطيرة والناسفة للإله بصورته الداعشية بشكل كامل والتي ناقشناها في مقالات سابقة فيما مضى.

وهذه القضية الخطيرة التي يحاول الترويج اليها كلاب الدين النابحة هي مسخرة زوال النِّعم , فكم من انسان مؤمن مسكين عانى في حياته بسبب أوضاع مادّية صعبة , أو مواقف وظروف قاهرة , أو فاجعة سيئة أو إعاقة بدنية أو غيرها من السلبيات في هذه الحياة والتي تصيب الجميع ؟ إنهم كثر طبعاً , ونعلم أن معضلة الشر تنسف الإله بالكامل في هذا الموضع كما ذكرنا آنفاً , ولن أدخل فيها الآن بحكم تبيانها بشكل مفصّل سابقاً.

ولكن ما يميز أديان اله الدم ودين بول البعير خصوصاً , هو التبرير الأحمق والذي يزيد الطين بلّة في مسألة زوال النعم , ففي فقه الدواعش نعلم أن "كل نعمة لا تُشكر جديرة بالزوال" , وتزال من أصحابها لعدم شكرهم لإله الدم عليها , وإذا لم تلحظوا المصيبة في هذا النص اليكم التعليل...

فأولاً هنالك من لم يعو هذه النعمة أصلاً حتى يشكروا اله الدم عليها , فكم من شخص وُلد أصم وأعمى , وكم من شخص عاش ومات بفقر مدقع ؟ وكم من شخص ولد مريضاً ومات بسبب ذلك المرض في هذا العالم ؟ فكيف لهم أن يشكروا الإله على نعمة لم يحصلوا عليها ؟ وثانياً , إذا كان يشترط هذا الإله الشكر على النعمة فلماذا يبقيها على من لا يشكر ويكفر به ويلعنه ليل نهار كما نفعل نحن هنا ؟ ولو كان هذا كنوع من اعطائنا الدنيا لينسفنا في الآخرة , فماذا عن الكفّار الفقراء والمرضى وغيرهم ؟ لماذا أزال النِّعم عنهم ؟ ولماذا ينسفهم دنيا وآخرة ؟

وإن كان هذا الإله مطلقاً , فلماذا يقوم بالأمور النسبية ؟ فكافراً يمدّه بالنعم , وكافراً ينسف ! أي اله عبثي هذا ؟ وبعيداً عن الكفّار وعودة الى المؤمنين به , فلماذا يطالب هذا الإله بشكر الناس على النعم التي أمدّهم بها ؟ فهو إمّا بحاجة هذا الشكر ولهذا يطالب به , فهو بالتالي ليس بإله , فالإله لا يحتاج شيئاً فهو كامل متكامل , أو أنه لا يحتاج اليه ولكنه يطالب به على أي حال , فهو بهذه الحالة عبثي ويتسلّى بالناس وهذا ما ينسف عنه ألوهيته.

ولو قال قائل أن الله يعمل بطرق تفوق فهمنا كبشر أو أنه يتصرف تصرفات بشكل غامض بالنسبة لفهمنا المحدود , فعلينا أن نسأل هنا , لماذا ؟ لماذا يتصرف بطريقة لا يمكننا فهمها ؟ فهل يصعب عليه أن يشرح لنا بالضبط ماذا يريد أو ما الحكمة من فعله لأمر ما ؟ فلو كان هذا صعباً عليه فهو ليس بإله وقدراته محدودة ولا يمكنه حتى التواصل معنا بشكل مباشر وواضح وسليم لشرح الأمور , ولو كان يستطيع فعل ذلك وشرح الحكمة المبطّنة من كل هذا الشر الموجود وزوال النعم , فلماذا لا يقوم بذلك ؟ هل يخجل أو يستحي مثلاً ؟

وعدم قيامه بتوضيح الحكمة العظيمة تلك سيترك البشر ليرتكبوا ذات الأخطاء وذات السلبيات والأفعال التي أدت لحلول ذلك الشر الإلهي عليهم في المقام الأوّل دون فهمها , وبالتالي يستحيل على هذا الإله محاسبتهم عليها لا في يوم الحساب الخيالي , أو حتى في الدنيا , فكيف له أن يزيل النعمة عن شخص أو أن يصيبه بشر ما , دون أن يعرف ذلك الشخص أي جرم ارتكب ليستحق تلك العقوبة ! فالاستشهاد بمهزلة الحكمة الإلهية سيزيد الطين بلّة كما نرى...

ولو قال قائل أيضاً أن الأمر امتحان فهذا يبين مصيبة أكبر !!! فكيف لإله يعلم المستقبل أن يمتحن أحد ؟ لا بل هو وبفقه دين بول البعير قدّر للامتحان ونتيجته ومصير صاحبه قبل أن يخلقه , في مهزلة القضاء والقدر المعروفة , فهو إما لا يعلم المستقبل , فهو محدود العلم وبالتالي ليس بإله , أو هو يعلم المستقبل وقدّره بنفسه ولكنه يريد اختبار الناس ليتسلى , فيما يضعه في بوتقة العبثية والسخف , وهذا ينسف ألوهيته أيضاً.

وعلاوة على كل ما سبق , فأي اله يشترط الخير ؟ فمن يشترط الخير على الآخرين ويزيله لو لم يطبقوا شروطه , هو شخص شرير ورذيل ومنحط الى أبعد الحدود , وإزالة الخير عن الآخرين لأي سبب كان , هو الشر بعينه , وهذا ناهيكم عن الحاق الشر بالناس بشكل مباشر كما نعلم عن اله الدم بحكم نصوص السفالة الاسلامية.

فإزالة الخير تعني الشر , وهذا بعرفنا نحن كبشر , فما بالكم بإله كلي الخير كما يدّعون ؟ فهو إمّا اله مطلق الخير ولا يقوم بأي شر على الإطلاق , وهذا عكس ما نراه على ارض الواقع , أو هو اله نسبي الخير مزاجي التصرف عبثي الاستجابة فهو بالتالي اله شرير لا يستحق سوى التحقير واللعن.

فالأمر كما ترون يا إخوة , عبث الهي وغباء ثيولوجي واعوجاج لا منطقي سفيه ومضحك الى أبعد الحدود , وطبعاً لا إله ولا هم يحزنون , والمصائب وزوال النعم تصيب الكبير والصغير والمشاكل تطال الجميع , ولكن العتب على من يؤمن بخرافات سقيمة ملعونة لتبرير كل ما يحصل وإلصاقها بصديق خيالي مريض نفسياً , وعوضاً عن مواجهتها بالحكمة والتروي والعلم والعقل لحل الأمراض والمعضلات الاقتصادية وانتشال الناس من الفقر ومساعدة الآخر المحتاج على جميع الأصعدة , يقومون باستفراغ لنصوص ومهزلة دينية قذرة للإبقاء على الناس في حالة الهيجان الديني في إطار سخفه السقيم , وصدق ماركس صلى الله عليه وسلم حينما قال "الدين أفيون الشعوب".

ولكننا على إزالة هذا الأفيون لباقون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر


.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت




.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا