الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله الظالم.

اسكندر أمبروز

2021 / 10 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الفكرة الكبرى التي تتمحور وتتشكل حولها نصوص وشيزوفرينيا الأديان البهيمية الثلاثة (اليهودية والمسيحية ودين بهائم الصحراء) هي فكرة الحياة الأُخرى والمقترنة بالعدل الالهي , ومع تميّز يهودي ملحوظ في هذا المجال , إلّا أن الديانتين الباقيتين المسيحية ودين بول البعير يتخذان من هذه الفكرة عاموداً أساسياً رئيسياً لبناء خرافاتهم فوقه , ولكن الآن سنرى أن هذا العامود ما هو إلّا خازوق ناسف للأديان من داخلها.

فدائماً ما يقوم دين بول البعير ودين عمو جيسوس بوضع أنفسهم محط السخرية والقصف المستمر أثناء محاولتهم التمسّح بالفلسفة والتفكير والمنطق , فهي تضرب نفسها كما رأينا في منشورات سابقة من خلال مهزلة القضاء والقدر والخطة الالهية وغيرها من الأمور في سويداء القلب , وقضية العدل الالهي والحياة الآخرة هي أيضاً فكرة وتناقض منطقي متضارب يمثل اطلاق النار على الأديان وانتحارها من تلقاء نفسها.

فالحياة الآخرة والمقترنة بالعدل الالهي المزعوم , هو الحجة التي يتبناها أتباع هذه الخرافات لتبرير ايمانهم , ولكن أين هو هذا العدل ؟ فلو نظرنا للنصوص الدينية والتراث المسيحي والإسلامي سنرى العجب العجاب.

فأولاً لو دققنا النظر في مهزلة العذاب الأبدي في جهنم المزعومة , نرى قمّة الظلم الإلهي في أبهى حلله ! فمن المعلوم أن العقاب من جنس العمل , فول قلنا أن أحدهم قتل شخصاً ما , فعقوبته المنطقية ستكون أن يتم قتله لاحقاً وجعله يعاني كما عانت ضحيته أثناء قتلها وينتهي الأمر , أو مثلاً تعذيبه لمدّة السنوات التي حرم منها ضحيته , فلو قتل شخصاً عمره 30 عاماً , فسيتم تعذيب الجاني لمدة 50 عاماً مثلاً حتى يعادل السنوات التي حرم منها ضحيته والتي كانت لتحيا لعمر ال80 مثلاً في هذ السيناريو الخيالي...

ورغم ساديّة وظلم هذا العقاب إلّا أنه فيه شيء من العقلانية , ولكن لو نظرنا لعقوبة الإله , فنجدها لا نهائية !! فمثلاً لو كفر أحدهم بهذا الإله , وظل يقترف أفظع الجرائم طيلة حياته , فمن العقلاني أن يكون عقابه مساوياً للسنوات التي قضاها وعاشها كافراً بوجود هذا الإله , وعقابه على الجرائم سيكون أيضاً مساو لمعاناة البشر المحدودة التي تسبب بها , فكفره كان محدوداً بسنوات عمره , واجرامه كان محدوداً بمعاناة ضحاياه , وليتم نسف وجوده بعد قضائه لسنوات العقاب !

ولكن هنا أيضاً نرى قمّة اللامنطق والظلم الالهي , فهو يعاقب الناس على جرائم محدودة الزمن والتأثير...بعقاب أبدي ! وهذا ينسف عنه صفة العدل بشكل كامل.

ثانياً الخطيئة الأولى.

عقاب آدم وحواء كما في الخرافة الدينية السخيفة , هو أحد أكبر وأفظع صور الظلم في التاريخ الأدبي (فالأديان ليست سوى قصص خيالية) , ونحن نعلم اليوم أن جرائم الآباء لا يحملها الأبناء , ومعاقبة الإله لآدم وحواء على خطيئتهم أو عصيانهم لأوامره , لم تنته بانتهائ وجودهما فقط , بل امتدت واستمرّت الى يومنا هذا بحسب الدجل الديني , فاليوم يولد المسيحي حاملاً للخطيئة الأولى , وبهيم الصحراء يولد أيضاً على ذات الأرض التي أُنزل اليها آدم وحواء كعقوبة , فمليارات البشر اليوم والذين يولدون ويموتون على هذه الأرض يعانون من عقوبة الحياة الدنيا كمعاناة آدم وحواء , رغماً أنهم لم يرتكبو أي فعل أو جريمة في حياتهم.

فمثل هذا الفصام كمثل معاقبة رجل وامرأة بالسجن المؤبد لقتلهم لشخص ما , ومن ثم تزاوجهم في السجن والإبقاء على أطفالهم في السجن بشكل مؤبد وأحفادهم وأحفاد أحفادهم الى مليارات الأجيال ! فلو كان هذا ما يسمونه بالعدل الالهي , فعليهم ايجاد كلمة أُخرى لوصف العدل لأن الكلمة فقدت معناها بشكل كامل في ظل هذا التخريف الديني.

ثالثاً , ارتباط العدل بالإيمان.

ولو نظرنا للحكم الإلهي على البشر يوم يُبعثون , نجد أن الحكم مرتبط بشكل كامل بالمهزلة الإيمانية , أو ايمان الشخص بالديانة السقيمة , ولا علاقة له بأعماله , حيث نعلم أن المسيحي لا يخلد بالنار , فنجاته منها في النهاية مرتبطة بإيمانه لا بأعماله , وذات الأمر نراه في دين بول البعير , ونرى هذا في مواضع مختلفة كالآتي...

"يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار, ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان." متفق عليه.

" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ "[النساء: 48]

فنرى هنا أن العقاب مقترن بالإيمان لا بالأفعال , فالمسلم والمسيحي مهما فعل , فهو ناج في النهاية وإن دخل جهنم بعرف نصوص هاتين الديانتين , فعقوبته فيها محدودة , ولكن من لا يؤمن لن يَسلَم حتى لو سخّر حياته كلّها لفعل الخير ! في ضرب كامل لأي مثقال ذرّة من عدل أو منطق حكيم , فوجود النار وعقابها لم يعد لتحقيق العدل بين الناس ومعاقبة المجرمين كما يدعي المؤمن الدعدوش , وإنما لشيّ من لا يؤمنون بهذا الدين المنحول , فلو وصلت جرائم المسلم عنان السماء لا يخلد في النار , ولو وصلت أفعال من لا يؤمن بهذا الإله قمّة الخير والإيثار فلن ينال الجنة وسيخلد في النار.

ودين رضاع الكبير يزداد غلوّاً في هذا الموضع , حيث أنه حصر العقاب على الجرائم بالضحايا من المؤمنين فقط ! وأما غير المؤمنين فهم عرضة للقتل والتعذيب والتنكيل والاذلال والاستعباد والسبي...الخ. كما نعلم جميعاً من نصوص دين بهائم الصحراء , وحتى الذمي المستأمن لا يلقى العدالة في هذه الحياة , فلا يقتل مسلم بكافر كما في البخاري ومسلم. وغير الذميين , أو غير أهل الكتاب من ملحدين ولا دينيين وبوذيين وهندوس...والخ. فعليهم Open season أو صيد مفتوح تماماً , لا عصمة لهم كما نعلم , لا بل يثاب المؤمن الدعدوش لو قتلهم وفتك بهم.

وعودة للحياة الآخرة , وفي صورة رهيبة من الظلم الإلهي اللعين , نرى هذا الحديث في صحيح مسلم..." يَجِيءُ يَومَ القِيامَةِ ناسٌ مِنَ المُسْلِمِينَ بذُنُوبٍ أمْثالِ الجِبالِ، فَيَغْفِرُها اللَّهُ لهمْ ويَضَعُها علَى اليَهُودِ والنَّصارَى فِيما أحْسِبُ أنا. قالَ أبو رَوْحٍ: لا أدْرِي مِمَّنِ الشَّكُّ."

المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2767 خلاصة حكم المحدث [صحيح]

وفي رواية أخرى "عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- مرفوعاً: «إذا كان يومُ القيامة دفع اللهُ إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا، فيقول: هذا فِكَاكُكَ من النار». وفي رواية: «يجيء يومَ القيامة ناسٌ من المسلمين بذنوبٍ أمثالِ الجبال يغفرها الله لهم»."رواه مسلم (صحيح)

"إذا كان يوم القيامة دفع الله إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا، فيقول: هذا فكاكك من النار." رواه مسلم

وفي صورة أخرى "إذا كان يومُ القِيامةِ أعطَى اللهُ تعالَى كلَّ رجلٍ من هذه الأُمةِ رجُلًا من الكُفّارِ ؛ فيُقالُ لهُ : هذا فِداؤُكَ من النارِ"

الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 778 | خلاصة حكم المحدث : صحيح


ونرى وبكل وضوح انعدام العدل التّام لدى الدكتاتور المريض نفسياً المسمى بالله , والتصاق صفة الظلم به بشكل لا انفكاك منه. وعدالة الإله المزعومة هذه هي محاولات تبريرية سخيفة لإبراز غباء الميثولوجيا الدينية بمظهر فلسفي محترم ولكنها أبعد ما يكون عن ذلك , فالله غير موجود , والنار غير موجودة , ولا حياة أُخرى لتصفية الحسابات ولا عدالة إلّا في هذا العالم , والادعاء عكس ذلك لا يحل المشكلة , فهو كما رأينا يزيد الأمور تعقيداً وانفصاماً , ويضعف موقف الأديان فلسفياً , هذا إن كان فيها فلسفة أصلاً , فهي لا تعدوا عن كونها فصاماً شيزوفرينياً بعيد كل البعد عن أي منطق وعقلانية.

وختاماً عليكم أعزائي أن تضعو كل ما سبق ذكره تحت ضوء مهزلة القضاء والقدر , والتي تنسف أي شيء له علاقة بالحساب والعذاب والنعيم وغيره , والتي بيّنتها في مقالات سابقة , فهي تجعل الله مجرد طفل سادي يتسلى بدمى اسمها البشر , على مسرح اسمه الحياة , في مسرحية هزلية محسوم مصير ممثليها من الدمى قبل أن يصنعها هذا الإله المختل من الأصل !

قال عدل الهي قال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي