الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 10 / 22
المجتمع المدني


تطبيق العدالة في سورية يشبه مضغ العلكة ، ففي بعض الأحيان نبصق العلكة ، لنستبدلها بأخرى ، وبين العلكة الأولى و الثانية نفقد توازننا ، فتكون أحكامنا بمزاج العلك .
نعيش في بلد متطور يستعمل الطائرات المسيّرة كالطائرات الورقية ، يراقبها ، لكن ليس بالضرورة أن تنجح الطائرة دائماً في الوصول إلى هدفها، هناك طائرات أخرى ، و أوقات أخرى. فلتصادر الأردن طائرة مع المخدرات الثمينة لكننا لن نتوقف .
يقال أن القاضي العادل ، و المفتي العادل أرادا أن يردعوا أبناء السّاحل عن الجريمة ، وقاموا بشنق أربعة وعشرين شخصاً حتى الموت بتهمة التسبب بالحرائق . أحد القتلى يشبه أبي ، و آخر يشبه جارنا أبو علي . هؤلاء الفقراء الذين شنقوا كانوا يقومون بتقليد فصلي من أجل صنع الفحم وبيعه ، فالحياة ضيقة، و العوائل كبيرة، ومصدر الربح قليل .
حتى تصبح قاضياً في سورية عليك أن تدفع ثمن المنصب ، و قد كان ثمن المنصب حتى عام 2000 لا يتجاوز في بعض الأحيان 400 ألف ليرة سوريّة ،يستدينها من حظي بالمفتاح ، و يعوضها بأقل من عام.، لكن هناك بعض القضاة وصلوا إلى المنصب بجهودهم الشخصية أي واسطة أمنية كبيرة أو واسطة أسدية ، أو مخلوفية .
عندما أنشأ القضاة السوريون منظمة :" القضاة السوريين الأحرار ". أرسل لي أحد القضاة من تركيا طلب صداقة ، وكنت أعرفه شخصياً ، وفي مرة كنت أترافع أمامه في قضية فأحسست نفسي أنني في حظيرة فقد كان أحد أقاربنا وسيطاً عند القاضي ، وهذا القريب كان موصوفاً من قبل العائلة بأنه مختل .
أحياناً وكما قال أحدهم عندما ناقشته: من أين له ذلك؟ قال لي: الرزق بيد الله ، الله وسّع رزقه فأصبح متعهد بناء وقاض في نفس الوقت ، آمنت بقول صديقي ، و أسرعت في الذهاب إليه عن طريق وساطة كي يبيعنا شقة من أجل ابنتي بالأقساط . لم ننجح في شراء الشّقة لأن القاضي العادل قال: هم أغنياء ، فليدفعوا الثمن كاملاً!
هذا القاضي العادل يعيش في تركيا، وقد حصل على الجنسية التركية ، رغم أن جذوره كرديه ، لكنه كان مستعرباُ هو ومجموعة من أقاربه ، و اليوم بعض أقاربه في أوربا عاد إلى كرديته، فالاستعراب هنا لا يطعم الخبز.
أرسل لي المحامون الأحرار للانضمام لهم ، كنت أعرف بعضهم ، لكن بالصدفة رأيت أحدهم على اليوتيوب ، وهو له مركز هام، ومستفيد حالياً ، تعاطفت معه عندما بكى وشرح ظروف سجنه ، لكنني نهضت واقفة مستغربة عندما قال أنهم شطبوا اسمه من المحاماة رغم ذلك ترافع في المحكمة وتحداهم. لا. أيها البطل . لن يمرّ الأمر عليّ ، فعندما طالبت بتقاعد زوجي الذي عمل 35 سنة في المهنة شحطوني ، وعندما استدعوني لشطب قيدي كنت أمامهم كالصرصور . أين أنت أيها العظيم؟ هذه سورية الأسد !
لدي متلازمة لم يكشف عنها بعد هي متلازمة الشك بكل أمر سوري ، فعلى سبيل المثال عندما أقرأ على بروفايل أحدهم على الفيس أنه خريج كلية الفنون الجميلة يتبادر إلى ذهني فوراً : كم دفع ياترى؟ هل قبل بالواسطة ، أم بالدفع . أحياناً أريد أن أقضي على سوء نيتي ولا أستطيع .
أعود إلى قصّة المحامي البطل ، الذي يموّله الاتحاد الأوروبي ، و هو نشيط جداً ولديه فريق ، ويسجل على بروفايله القضايا الدولية التي ربحها . لو كان هذا المحامي قد دافع عن ال24 مشنوقاً حتى الموت لكان فك سجنهم، فهو على حد تعبيره قادر أن يرافع حتى عندما يشطب اسمه . . هناك متلازمتان في سورية الأولى تخص " الببوكين " الضعفاء مثلي ، وهي متلازمة الشّك ، والثانية متلازمة البالون ، حيث ينتفخ البعض كالبالون ، وهاتان المتلازمتان في ازدياد عن طريق العدوى ، حتى أن 24 شخصاً قتلوا كي لا ينشروا العدوى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟


.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا




.. اعتقال حاخامات وناشطين في احتجاجات على حدود غزة


.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل




.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة