الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعاويذ البحارة

وديع بكيطة
كاتب وباحث

(Bekkita Ouadie)

2021 / 10 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


من المعلوم أنه لم يكن بالإمكان تصور حياة أسلافنا دون ديانة: حيث كانت الطقوس الدينية والعبادة تطبع يومهم وإيقاع سنتهم، وحياتهم إلى الممات بطابعها. كما كانت الرحلة البحرية محاطة بحماية آلهتهم. يعرف المرء عن الفينيقيين أنهم كانوا يزينون مقدمة سفنهم بأشكال لم يكن القصد منها الزينة فحسب بل تيمنا بها كآلهة للحماية.
تعتبر السفينة التي ترتفع مقدمتها فوق الماء عاليا على هيئة طائر الحسُّون رمزا للسفن الفينيقية. وهذا الشكل كان له وظيفة تتجلى في منح الحماية السماوية والحفاظ على استقرار السفينة. وغالبا ما كان يختار شكلا للحسون الإله القزم بيس الذي توفر بشاعته الحماية من الشر والأذى، وهو إله مصري قدس من قبل شعوب عديدة، كانت صورة الإله الصغير البشع موجودة في الألف الأولى قبل الميلاد عمليا في كل منطقة البحر المتوسط. وكان يتبع إلى الجن بيس في كل مكان الوجه المشوه المخيف أو وجه نصف حيوان، وله قوائم قصيرة، ولحية كثة، وعينان جاحظتان وسحنة أسد مرعبة أو بالأحرى له جلد أسد. عرف قزم الأسطورة كيف يتلفع بها. كان غالبا رأس الأسد يتدلى على صدر بيس الصغير على مبدأ دلالة الجزء على الكل.
لقد وثق الناس بتأثير بشاعته الخارقة في رد الشؤم والنحس عنهم وتمنوا تحقيق أمانيهم المختلفة بواسطته. في البداية كان بيس مسؤولا عن حماية غرفة الزوجية. بيد أن حصره في هذا المجال كان بالنسبة للذين يقدسونه شيئا يؤسف عليه، مما جعلهم يوكلونه بمهام أكثر تعقيدا ليترقى بعدها إلى الرقص والانبساط. وفي العصر المتأخر ألصق بـ"ورع وتقي الشعب" ملامح الآلهة العظام التي لم يكن من ضمن دائرتها عندما كان جنيا. ثم أصبح يقدس بشكل اتحاد شخصي مع أعلى الآلهة مثل بيس – آمون، أو بيس حورس. ولم ينته الحماس لهذا القزم المسخ أبدا، حتى المسيحية وجدت نفسها أخيرا مضطرة لدمج هذا المشاكس في التعاليم الجديدة العظيمة، بحيث أعطته دور "الخصم الشرير". (معذرة كولمبوس:117).
جرت عادة الفينيقيين أن يرمزوا لإله البحر "بوصايدون" بصورة لأسد البحر، كما وضعوا رأس حصان في مقدمة السفينة تتويجا لسفنهم مهيبة الطلعة. وفي هذا إشارة إلى إله البحر بوصايدون الذي يركن البحارة كثيرا إلى خيره ولطفه. تيمنا بالإله بوصايدون الذي يمتطي صهوة جواده وهو يسابق الريح منزلقا فوق الماء، فلقد أراد الفينيقيون أن يحذوا حذوه وهم فوق سفنهم يشقون عباب البحر بهمة. (معذرة كولمبوس:53).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ