الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة تصريف الاعمال...في الميزان

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 10 / 22
دراسات وابحاث قانونية


ان حكومة تصريف الاعمال تعد ضرورة يميلها الواقع لاستمرار عمل الدولة وديمومه مرافقها خلال فترات الانتقال السلمي للسلطه ، ولكونها – اي حكومة تصريف الاعمال الجارية – وجدت لاعتبارات الضرورة فأن الضرورة وفقاً للقاعدة القانونية والفقهية تقدر بقدرها ، وهذ معناه ان عمل هذه الحكومة مقيد بالضروريات الواقعية ، وقد حدد مفوض الحكومة الفرنسي (دلفولفيه) اعمال حكومة تصريف الاعمال (بانها تلك الاعمال التي يتم تحضيرها بواسطه اجهزة الوزارة ويقتصر دور الوزير على وضع توقيعه عليها فقط مع امكانية البت في الامور العاجلة والاستثنائية التي يملي الواقع العملي مجابهتها ) ، واوضح وزير العدل الفرنسي الاسبق (موريس فور) في معرض اجابته على احد اسئلة مجلس الشيوخ الفرنسي لتحديد طبيعه اعمال حكومة تصريف الاعمال بانها (تلك الاعمال التي تعالج اموراً وقضايا فرعية وثانوية لازمة لادارة المرفق العام ، كما تشمل حالات الاستعجال لمواجهة الامور الطارئه ) ، ووفقاً لما تقدم فأن اختصاصات حكومة تصريف الاعمال تنحصر بالاعمال الفرعية والثانونية اللازمة لادارة وتسيير المرافق العامة مع اتخاذ القرارات لمواجهة الظروف الاستثنائية والمستعجلة التي لايمكن تأجيلها لحين تشكيل الحكومة الدائمية ، وقد تتسع اختصاصات حكومة تصريف الاعمال وتنحسر وفقاً للظروف والاحداث وطبيعه النظام السياسي ، كما تتاثر هذه الاختصاصات تبعاً لسبب ظهور هذه الحكومه باعتبار ان صلاحيات الحكومة تكتسب مشروعيتها من ثقه البرلمان ، وبالتالي يضيق نطاق هذه الاختصاصات وتقتصر على الاعمال اليومية الثانوية اذا كانت الحكومة مسحوب الثقه منها من قبل البرلمان ، وتتسع اذا وجدت حكومة تصريف الاعمال بسبب استقالة الحكومة ذاتها باعتبارها لازالت تتمتع بثقه البرلمان ، او بسبب حل البرلمان نفسه كما هو الحال في العراق حيث قرر مجلس النواب في جلسته المنعقدة بتاريخ 31/3/2021 حل نفسه واعتباراً من تاريخ 7/10/2021 ، ورغم تحفظنا على حل البرلمان نفسه قبل ثلاثة من موعد الانتخابات التشريعية التي جرت بتاريخ 10/10/2021 لانه يفترض حل نفسه قبل (60) من موعد الانتخابات التشريعية استناداً للمادة (64/ ثانياً) من دستور العراق لسنة 2005 ، وترتب على ذلك اعتبار الحكومة مستقيله ومباشرة اختصاصات تصريف الاعمال اليومية ، ولم يحدد الدستور معنى ونطاق الاعمال اليومية لحكومة تصريف الاعمال الا ان المشرع حددت المقصود بتصريف الامور اليومية بموجب المادة (42/ثانياً) من النظام الداخلي لمجلس الوزراء رقم (2) لسنة 2019 المعدل التي جاء فيها ( يقصد بتصريف الامور اليومية اتخاذ القرارات والاجراءات غير القابله للتأجيل التي من شأنها استمرار عمل مؤسسات الدولة والمرافق العامة بأنتظام واطراد ، ولايدخل من ضمنها مثلاً اقتراح مشروعات القوانين او عقد القروض او التعيين في المناصب العليا في الدولة او الاعفاء منها او اعادة هيكلة الوزارات والداوائر ) ولناعلى هذا النص التعليق الاتي :
1. ان المشرع العراقي اخذ بفكرة حكومة تصريف الاعمال اليومية في حالات حددها نص المادة (42/اولاً ) وهي وردت على سبيل الحصر ( انتهاء الدورة الانتخابية لمجلس النواب ، سحب الثقه من مجلس الوزراء او رئيسه ، حل البرلمان ) .
2. ان نظام مجلس الوزراء حدد نطاق اعمال الحكومة في فترة تصريف الاعمال في الظروف العادية فقط وبهدف استمرار عمل مؤسسات الدولة والمرافق العامة بانتظام واطراد وذكر امثله لبعض الحالات التي لايجوز للحكومة خلال هذه الفترة التدخل فيها لانه اخرجها من نطاق الاعمال اليومية ، وهو بذلك – اي المشرع – ربط فكرة حكومة تصريف الاعمال اليومية بفكرة المرفق العام وهي احد ابرز نظريات القانون الاداري وبالتالي فهي لاتخرج عن الاعمال والقرارات اليومية والمألوفه التي تتم بشكل تلقائي وروتيني يومياً لتسيير امور المرفق العام كشراء القرطاسية وتوزيع الرواتب والعلاوات والترفيعات والصيانه ..الخ، والتي بدونها يخرق مبدأ استمرار ودوام المرفق العام وهي في الغالب تتم من القيادات الادارية مادون الوزير تلقائياً وهي لاتتضمن اي بعد سياسي او وجوب تدخل الحكومة لانجازها ، بحيث ان سياقات العمل الادارية المستقرة في المرفق كفيله بتصريفها دون تدخل من الوزير حتى .
3. اما الاعمال ذات الطابع السياسي او الدستوري كتعديل الدستور او اقتراح مشاريع القوانين او اصدار قرارات تنظيمية معدلة للتشريعات او ابرام الاتفاقيات و العقود الاستراتيجيه والقروض الكبرى ، وهذه الاعمال لايمكن لحكومة تصريف الاعمال مباشرتها الا في حالة الضرورة او الظروف الاستثنائية والتي اغفل نظام مجلس الوزراء الاشارة اليها، كما ان الدستور حصر الموافقة على الحرب واعلان الطوارىء بمجلس النواب ، ووفقاً لمعيار استبعاد الاعمال ذات البعد السياسي من نطاق الاعمال اليومية فلن يتمكن مجلس الوزراء من ممارسة معظم الاختصاصات المنصوص عليها في المادة (80) من دستور العراق لسنة 2005 ماعدا الاشراف والوصايا الاداريه .
4. ان ان الاعمال الادارية التي تمارسها حكومة تصريف الاعمال ليست مطلقه من وجهة نظرنا لانها يجب ان تقيد بمبدأ استمرار المرفق العام بأنتظام واطراد ومهام الضبط الاداري المتعلقه بالحفاظ على الامن العام والصحة العامة والسكينه العامة ، ولذلك نرى ان بعض القرارات ومنها على سبيل المثال قرار مجلس الوزراء الاخير المرقم (380) في 17/10/2021 الصادر بعد حل البرلمان والانتخابات التشريعية والمتضمن منح رئيس واعضاء مجلس القضاء الاعلى ورئيس واعضاء المحكمة الاتحادية العليا وللوزراء ومن هم بدرجتهم قطعه ارض سكنية بمساحة (600) متر في بغداد استثناءاً من مسقط الرأس والتعهد الشخصي ، يخرج من نطاق الاعمال اليومية لحكومة تصريف الاعمال لانها لاتدخل ضمن مهام تسيير المرافق العامة او من الامور المستعجلة او الضروريه فضلا عن كونها تشكل اعبائاً مالية على خزينه الدولة ولاتعدو ان تكون مجرد امتيازات ممنوحه لفئات معينه ، والاهم ان القرار المذكور خالف تشريع نافذ وهو قرار مجلس قيادة الثورة (المنحل) رقم (120) لسنة 1982 النافذ استناداً للمادة (130) من دستور جمهورية العراق ، حيث نص البند (اولاً) من القرار المذكور على منع تمليك او بيع قطع الاراضي او الوحدات السكنية المملوكة للدولة سواء كان ذلك من دوائر الدولة والقطاع العام أو بواسطة الجمعيات التعاونية لمن كان هو او زوجه أو أي من اولادهما القاصرين الذين لا يؤلفون اسرة مستقلة قد حصل على قطعة ارض او وحدة سكنية ...الخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر التطورات بملف التفاوض على صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلا


.. أبرز 3 مسارات لحل أزمة اللاجئين السوريين في لبنان هل تنجح؟




.. جامعة فيرمونت تعلن إلغاء خطاب للسفيرة الأميركية بالأمم المتح


.. مسيرة إسرائيلية توثق عمليات اعتقال وتنكيل بفلسطينيين في مدين




.. لحظة استهداف الاحتلال الإسرائيلي خيام النازحين في رفح بقطاع