الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس : أبواب التطبيع مُغلقة.

فريد العليبي

2021 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


صرح أحمد ونيّس وزير خارجية تونس الأسبق، خلال برنامج إذاعي إن تونس لا تعتبر "إسرائيل" عدوا لها ، مما فُهم منه أن التطبيع معها يلوح في الأفق التونسي ، فالسيد ونيس كثيرا ما ينظر اليه إعلاميا على الأقل بإعتباره حكيم السياسة التونسية ، المُمسك بخفاياها والقادر على استشراف اتجاهات سيرها ، وهو الحريص دوما على إبراز انتمائه الى مدرسة بورقيبة الديبلوماسية ، لإضفاء الصدقية على وجهات نظره ، والارتقاء بها الى مرتبة الحقيقة التي لا تقبل الشك .
والفكرة التي عبر عنها رائجة ، وهى إنه إذا كان بورقيبة من أوائل السياسيين العرب الذين دعوا الى التفاوض مع " إسرائيل " والتعايش معها ، طبقا لقرار التقسيم رقم 181 ، الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1947 ، وهو ما عارضه فيه الرؤساء والملوك العرب وقتها ، بينما قبل بعضهم بما هو أقل قيمة منه بعد ذلك ،مُعترفين برجاحة العقل البورُقيبي ، فما الذي يمنع تونس اليوم من إعادة الاعتبار الى تلك السياسة ، في ظل تزاحم الدول العربية أمام باب التطبيع ، خدمة لمصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية الخ .؟ خاصة أنها تمر بأزمة اقتصادية قاسية، ومن شأن التطبيع أن يفتح أمامها أبوابا مُغلقة ليس في " إسرائيل " وحدها ،وانما أيضا في أمريكا والاتحاد الأوربي اللذان يشهران في وجهها سياسة العصا والجزرة ،على خلفية إجراءات الرئيس قيس سعيد يومي 25 جويلية و22 سبتمبر2021 ، بل ربما سهل ذلك عليها الاقتراب أكثر من بعض الدول العربية نفسها ، خاصة الخليجية التي سارت في طريق التطبيع وتريد تعزيز صفوفها بدول عربية أخرى ، في ظل توجس من الخطر الإيراني ورغبة في الحيلولة دون استكمال تشكل الهلال الشيعي ، الذي ترسم بعض ملامحه الآن المدافع الهادرة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المنطلقة نحو أهدافها من اليمن السعيد .
واللافت أنه في نفس وقت تصريح ونيس كان عيساوي فريج وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الصهيونية يقول من جانبه إن دولا عربية وإسلامية جديدة تُزمع الانضمام الى اتفاقات أبراهام مع " إسرائيل " ، وهي قطر وتونس وعمان، فضلا عن ماليزيا، لكي تلتحق بدول عربية أخرى كانت قد سلكت طريق التطبيع .
وفريج هو من فلسطيني 1948 ، وقيادي في حزب ميريتس المتحالف مع رئيس الحكومة الحالي بينيت ، ومن بين المهام المكلف بها جلب الأقطار العربية كافة الى حضيرة اتفاقية ابراهام ، وهو الذي كان قد قال سابقا في تصريح مثير "كل دولة عربية في الشرق الأوسط، حتى الدول المعادية، لدينا علاقات مباشرة وغير مباشرة معها ...وأنه في المستقبل كل دول الشرق الأوسط ستكون داخل اتحاد يجمع بينها" ، وهذا التصريح فيه قدر غير قليل من الصحة فقد تبين أن هناك سوقا مزدهرة للمبادلات التجارية السرية بين بعض الدول العربية و"إسرائيل" ، وفيما يخص تونس معلوم أن سلطة بن علي سهلت مثل تلك المبادلات، وأقامت نوعا من العلاقات الديبلوماسية، وعندما جاءت الترويكا رفضت حركة النهضة الإسلامية في البرلمان إقرار قانون يعتبر التطبيــع جريمة تستحق الملاحقة القضائية ، بما يعنيه ذلك من ترك الباب نصف مفتوح أمام تلك الأنشطة السرية وفي نفس الوقت تلافي غضب الشعب .
ولا يُعرف حتى الآن سر تزامن تصريحات الوزير التونسي الأسبق والوزير الصهيوني الحالي ، غير أنه فُهم من الأقوال أن هناك إشارات دالة على رغبة قوى خارجية في توجيه السياسة التونسية ناحية دخول نادي المطبعين ، في مقايضة بالضغوط المتفاقمة الهادفة الى الرجوع بتونس الى ما قبل 25 جويلية ، وكان لافتا ما عبر عنه بعض النواب خلال مداولات الكونغرس الأمريكي من انزعاج من تصريحات قيس سعيد النارية ضد التطبيع .
ومن المُرجح أن تلك التصريحات والاشارات والتنبيهات والضغوطات لن تجدي نفعا ، ولن تجد لها صدى عند رئيس الجمهورية ، الذي ظل حتى الآن يفعل ما يقوله ، صادقا مع عهوده ، وهو الذي صرح مرارا أن التطبيع خيانة عظمى ، وهو العارف أيضا أن كل خطوة في اتجاه التطبيع تعنى خسارة التفاف شعبي عارم حوله ، كان هو حتى الآن الحصن الذي وفر له الصمود أمام الضغوط المشار اليها وجعله يقف في موقع الند للند مع الراغبين في كسر شوكته والتمكين لخصومه ، وهذا معناه أن أبواب التطبيع في تونس ستظل مغلقة ، طالما ظل الشعب يُريد والرئيس يُصغي اليه وتونس تُحقق ما تبتغيه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل