الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله ليس هو الحل

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2021 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستكمل فى مقالتى هذه ما أنهيت به مقالى السابق وهى عبارة: الأديان تؤكد لك عزيزى المؤمن أن الله هو الحل، وأنت ‏بالتأكيد تؤيد ذلك والدليل أنك ترفع إليه صلواتك ودعواتك بالخير للمؤمنين وبالشر واللعنات وخراب وهلاك الغير مؤمنين، ‏وتؤمن بذلك أشد الإيمان والكلام واضح ولا يحتاج إلى تفسير أو تأويل أو فلسفة أو سفسطة، ويعنى هذا أنك تثق بأن ‏إلهك الله يسمع دعواتك ويستجيب لها سواء كان بالخير أو بالشر، وبوضوح أكثر فإنك عزيزى المؤمن تعبد وتؤمن بإله ‏الخير وإله الشر، لأن الله يهدى من يشاء ويضل من يشاء ويقف الله وملائكته مع بنى إسرائيل ليحارب أعداءهم ويقتل ‏المئات والألاف منهم فى حروب كثيرة، وجميع الأديان السماوية أو الإبراهيمية أعطاها الله لكم على أيدى أبوكم وجدكم ‏إبراهيم، وهذه الأديان تؤمن وتعتقد أيضاً بأن الله هو إله الخير والشر رغم أنف الجميع كما يقولون فى الأمثال!!‏

لست بحاجة أن تحتج بعصبية وتقول بأن الله إله الخير فقط أما الشر فهو من إبليس الشيطان، هذا كذب ومحاولة ‏لتجميل وجه الله والأديان لأن التاريخ يقص علينا فى كتب الله التى أنزلها على رسله وأنبياؤه الذين تؤمنون بهم، أن الله ‏صنع الكثير من الشر ضد الشعوب التى لم تؤمن بهم عهد إبراهيم وحتى الدين الأخير، وتستطيع عزيزى المؤمن وأعتذر ‏أننى لا أقول أخى المؤمن لأنك ترفض ذلك وبشدة لأن المؤمنين إخوة وغير المؤمنين هم خارج دائرة هذه الإخوة، أستكمل ‏وأقول أن تلك الكتب التى تقدسونها يأمر فيها إلهم الواحد بقتل غير المؤمنين وأعتبارهم أعداء الله وبذلك هم أعداءكم ‏ولزاماً عليكم محاربتهم وقتالهم وغزوهم فى بلادهم وسفك دماءهم ودماء شيوخهم وأطفالهم وسبى نساءهم ونهب أموالهم ‏وممتلكاتهم والتمتع بنسائهم.‏

هذا الكلام قاله الله ومحفوظ عنده ومكتوب قى كتبه التى أنزلها وأسأل أخى القارئ: تلك الأوامر والحروب والغزوات وقتل ‏الألاف من البشر, هل هى من الله أم لا؟؟ بالطبع أخى القارئ وعزيزى المؤمن لا تستطيع أن تنكر أو تمارس مبدأ التقية ‏بل ستقول: أنها أوامر الله ولا يمكننا عصيانه، إذن تشريد وتهجير وقتل الألاف من البشر، بإذن الله إله الخير وإله الشر ‏لكنك يا مؤمن تقول بأنك تنفذ أوامر الله لكن الشر هو من الشيطان الذى يوسوس لك ويجعلك تشتهى وتزنى وتكذب ‏وتسرق وتقتل وتزدرى بقية البشر لأنهم ليسوا مؤمنين بالله الذى لم يراه بشر، وأنت مطمئن وواثق من هذا الكلام لان الله ‏قاله لك وبذلك أستراح ضميرك لأن إلهك ألقى المسئولية على الشيطان الذى خلقه, أليس كذلك يا مؤمن؟؟؟

أعتقد أن كلامى بسيط وسهل الفهم لا يحتاج إلى شرح أو تفسيروتاويل من فقيه أو كاهن أو حاخام، لكنه من الصعب ‏على المؤمن الإيمان بأن الله يقوم بدورين أو إلهين إله الخير وإله الشر والأثنين واحد، وإلا أعتبرنا الله إله الخير ‏والشيطان هو إله الشر، وهذا بالطبع مرفوض من المؤمنين وغير المؤمنين لأن معرفتنا بتاريخ نشأة الشيطان والإنسان ‏حسب ما تقوله كتب الله ورسله، أن الله أخرج الشيطان من سماءه أو من ملكوته أو من جنته بعد أن كان ملاكاً مطيعاً ‏للأوامر الإلهية ويتعبد لله ويسبحه ويرسله الله فى إرساليات هامة مثله مثل بقية الملائكة، لكن بعد ظهور آدم وحواء ‏عصى الله وأصبح شيطان!!‏
‏ المثير للإنتباه فى هذه القصة أن الله عاقب الشيطان بأن جعله مثل إله أو ملاك الشر لا يوجد فرقاً كبيراً بين الأثنين ‏لأن الشيطان فى كلتا الحالتين يملك حرية نفسه وإرادته ومشيئته ويفعل ما يريد، وقام الله بتعيين الشيطان بسلطة إلهية ‏أن يتسلط على عقول وقلوب البشر أجمعين بإغوائهم لأرتكاب الشر ويعصون وصايا الله وأوامره، معنى ذلك أن الشيطان ‏يقوم بهذا العمل الشرير المكلف به من الله بمفرده ضد البشرية جمعاء؟؟؟
لا لا الله يعلم ما لا تعلمون، تخطيط الله أن الشيطان لا يعمل بمفرده أعطاه الحرية أن يصعد إلى السماء ويقوم بغواية ‏ملائكة الله، ومن أستطاع غوايته يصبح شيطاناً مثله وفى رواية أخرى أن الشياطين يتوالدون، لكن هذا لا يهمنا الله حر ‏والشيطان حر إذا جعلهم يتناسلون أو يسمح الله للشيطان بغواية الملائكة، لكن النتيجة الواضحة بين السطور وعلى ‏السطور التى أحاول أن يستوعبها القارئ من المؤمنين وغير المؤمنين هى: أن الله قادر على فعل الشر بل يقوم بفعل ‏الشر منذ الأزل وحتى اليوم، سواء فعله بنفسه أو بتوجيهه أو بأصدار أوامره للمؤمنين بأن يقتلوا غير المؤمنين لتكون ‏لهم جنة الفردوس بحورياتها ويتمتع بما لذ وطاب من ملذات الله التى أعدها للمؤمنين به وينفذون كلامه ولا يعصون له ‏أمراً، وفى الوقت نفسه الشياطين تعمل هى أيضاً ببذر وزرع الشر فى العالم أجمع.‏

أخوتى وأخواتى القراء والقارئات, أعزائى المؤمنين والمؤمنات أعتقد أن إستيعاب فكر الله ثم ثقافة الله التى ورثتموها عن ‏آبائكم وأجدادكم، تلك الثقافة وذاك الفكر لم تشكوا فيها ولم تفكروا أو تبحثوا عن تلك الغيبيات مثل الكثيرين بل آمنتم بها ‏وأنتم مغلقى الأعين، الآن جاء الوقت لتفكروا بجدية فيه بناء على ما كتبته فى هذه السطور من أفكار لم تفكروا فيها من ‏قبل، مخافة أن يغضب عليكم الله أو يسلط عليكم الشياطين أو يغضب عليكم رجال الدين ويخرجونكم من جنة الله كما ‏خرج أبوكم آدم وأمكم حواء وثالثهم الشيطان؟؟

القضية أو القصة واضحة جداً أنه من رابع وخامس المستحيلات أن يكون الإله متصفاً بتلك الشرور، يصنعها ويسلط ‏الشياطين علينا حتى نقع فى الخطية لأنه لا يعرف الغفران ولا الرحمة لأنها صفات أطلقها عليه البشر لتحسين صورته ‏حتى نتغاضى عن مساوئه وعيوبه وننسى الشر الذى يفعله، بل هناك حقيقة غائبة عنكم وعنى أيضاً إذ أنارت عقلى فى ‏هذه اللحظة أو أوحى بها إلىَ بعضهم، تلك الحقيقة هى أن الله لم يفعل خيراً بأى بشر ومن الظلم أن نصفه بأنه إله ‏الخير، لأنه منذ ولادتنا وحتى اليوم ما هو ذلك الخير الذى صنعه الله لى أو لك أو لكم؟؟

ألسنم معى أن كل الخيرات صنعها الغير مؤمنين كما يقول إلهكم وكتبكم؟ والأرض خير شاهد على ما يصنعونه يومياً من ‏خيرات ووسائل ترفيه وكل شئ نستعمله ونستهلكه فى حياتنا اليومية، البشر أياً كانت جنسياتهم وأعتقاداتهم هم الذين ‏صنعوا كل الخيرات التى يتمتع بها البشر فى أنحاء العالم، لا أريد أن أكرر الكلام باطلاً بل الحقيقة الناصعة الثانية والتى ‏لم تخطر على بالنا وعقلنا هى أن الله كان فى الماضى يصنع الشر ويقاتل البشر ويسفك دمائهم لأنهم لا يريدونه إلهاً ‏عليهم، وكان معهم الحق لأنهم كان بسطاء على الفطرة جهلاء لم تكن لديهم معرفة اليوم، كانوا من السذاجة أنهم كانوا ‏يصنعون تمثالاً ويعبدونه ويقولون عليه أنه إله!!‏

أكرر الحقيقة الغائبة وأتركها لكم فريضة حاضرة تفكرون وتتمعنون فيها: كيف يكون إلهاً ويصنع الشر ويطلب منى ان ‏المؤمن به أن أصنع الشر مثله وبديلاً عنه لأدافع عنه؟؟؟ ‏
كيف يكون إلهاً ويطلب منى عبادته وهو يرتكب الشر ويسلط علينا الشياطين لنرتكب الشر مثله؟
هل المملكة الغيبية كلها مصدر الشرور ولم نفكر فى مصدرها الحقيقى من قبل؟
هل أستوعبنا الآن أن الله ليس هو الحل بل الإنسان هو الحل؟

نعم وعلينا من الآن أن نتعلم كيف نستخدم عقولنا لنفكر بها بدلاً من الأعتماد على الآخرين وثقافتهم الغيبية!! ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعقيب
على سالم ( 2021 / 10 / 24 - 01:30 )
الاستاذ ميشيل نجيب , انا اتفق معك تماما فى كون الاديان عموما هى السبب الاول فى تخلف الشعوب والعباد وردتهم الحضاريه وجهلهم منذ قديم الازل , هذا بزنس عفن قذر دائما يتم بين رجال السياسه الاوغاد المستبدين الحراميه ورجال الدين المجرمين اللصوص الفاسدين الكذبه


2 - كنا نعتقد
ماجدة منصور ( 2021 / 10 / 24 - 09:08 )
كنا نعتقد بأن الله هو الحل !!الى أن عرفنا بأن الله قد أصبح هو المشكلة!!0
شكرا


3 - فكان أكبرَ مشكلِ
أنور نور ( 2021 / 10 / 24 - 18:48 )
لما جهلتَ من الطبيعة أمرها ** وأقمت نفسك في مقامِ معللِ
أثبتَ رباً تبتغي حلاً به للمشكلاتِ **** فكان : أكبر مشكلِ
من شعر - الزهاوي - - الشاعر العراقي الكبير


4 - أخو الجهالة
ميشيل نجيب ( 2021 / 10 / 25 - 11:14 )
إلى صاحب التعليق الثالث/
بعد التحية والسلام,
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
وألف شكر


5 - قال أبو العلاء
أنور نور ( 2021 / 10 / 25 - 12:57 )
الي صاحب التعليق 4
اِثنانِ أَهلُ الأَرضِ ذو عَقلٍ بِلا دينٍ , وَآخَرُ دَيِّنٌ لا عَقلَ لَهُ
هَفَتِ الحَنيفَةُ , وَالنَصارى ما اِهتَدَت , وَيَهودُ حارَت , وَالمَجوسُ مُضَلَّلَه

أبو العلاء / شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء

تحياتي