الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آثار الحرب تنسف الله ووجوده.

اسكندر أمبروز

2021 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


استمرّت ظاهرة الحرب والقتال والصراع العسكري على مرّ العصور والتاريخ البشري , متبلورة بصور مختلفة وأشكال عديدة مُسَخِّرة لكل ما يملكه الانسان من أسلحة وعتاد وقوة عقلية وبدنية , وهذه الظاهرة الملعونة والرهيبة تحوّل البشر الى كائنات ممسوحة العقل والانسانية بشكل لا يصدّق , ففي وقت السلم , يعتبر قتل شخص آخر جريمة يحاسب عليها قانون أي دولة محترمة , ولكن ما أن تدخل ذريعة الحرب على الساحة الاجتماعية حتى يصبح قتل ذات الشخص (إن كان من صفوف الأعداء) أمراً محموداً وعملاً بطولياً !

ولكن ماذا عن فعل الحرب ذاته ؟ وما تبعاته ؟ ولو أجبنا على هذه الأسئلة لتبيّن لنا أنه يستحيل على اله كلي الخير والحكمة أن يأمر بفعل عبثي منحول كالحرب والاعتداء على الآخرين ! ولكن قبل وضع النقاط على حروف الفصام الديني , لنلقي نظرة سريعة على آثار الحروب منذ بدئ هذا الفعل مع بداية الحضارة البشرية والى اليوم !

فمن الآثار المعروفة لأي حرب هي الآثار التخريبية للاقتصاد , فأي حرب تُزيد النفقات العسكرية التي تفتقر إليها قطاعات الاقتصاد الأخرى , وتؤدي الى تدمير سبل العيش والبنية التحتية (مثل إمدادات المياه ونظام النقل والطرق والمنازل والمزارع والمصانع وغيرها) ,إضافة الى القيود المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية من خلال انعدام الأمن ومحدودية الحركة وتخصيص العمالة المدنية للجيش وكذلك هروب رأس المال والمستثمرين من الدولة , وآثار الاقتصاد الكلي مثل التضخم والقيود المتعلقة بالمدخرات والاستثمارات والصادرات وكذلك زيادة الديون.

كل هذا وأكثر ظهر بشكل أو بآخر على مرّ التاريخ في الحروب العديدة التي خاضتها البشرية.

وللحرب أيضاً آثار خطيرة أُخرى كالخسائر في الأرواح والضرائب كارثية على السكان. ولا يقتصر الأمر على الأرواح أو الموارد أو الديون , ولكنه يمتد ليطال ذهن السكان الذين عانوا من الحدث , سوائاً أكانوا منتصرين أم خاسرين , فالخاسر للحرب سيقضي بقية حياته في خرابها وظِل المنتصر الذي سيمسح الأرض بكرامته وينسف أي فرصة له للعودة للحياة الطبيعية , ناهيكم عن آثار الخسائر النفسية , من خسارة الأقرباء والأهل والأصدقاء , الى خسارة الموارد والتعرّض للصدمات النفسية التي تشكل مجتمعات مريضة نفسياً مشلولة عقلياً غير قادرة على الانتاج أو التطور أو العودة الى الحياة الطبيعية.

والمنتصر أيضاً سيقع في مصائب نفسية لا حصر لها , فهو أيضاً تعرّض للخسائر , سوائاً أكانت مادية أم معنوية , وتعرّض لصدمات أدت لتحوّله لكائن ممسوح العقل والانسانية , كالخوف وانعدام الأمن الناتج عن التجارب اليومية للحرب التي تترك آثاراً رهيبة , كاضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب والقلق وغيرها. والمنتصر يشترك مع الطرف الخاسر بحقد تجاه الآخر وكراهية تفوقُ أي كراهية , مولدة لشلل اجتماعي لا يمكن حلّه أو تجاوزه لقرون أو حتى على الإطلاق !

وآثار الحرب المذكورة هذه هي حرفياً غيض من فيض , فنتائج وتداعيات الحروب خطيرة وتدميرية لأي مجتمع و فرد , وهذه حقيقة. ولكن الأمر الفاضح لأي أيديولوجيا هو ترويجها لتلك الحرب ففي مقالي السابق (معايير الحكم على الأيديولوجيات وتصنيفها.) ذكرت عدّة عوامل تمكّن المرء من الحكم على الأيديولوجيات وتصنيفها من خلال عدّة عوامل , ولكن العامل الأخطر والذي يفضح أي أيديولوجيا هو عامل الحرب , والذي أردت ذكره في المقال السابق , ولكنني أردت أن أخصص له مقالاً خاصّاً نظراً لأهميته.

فأي فكر يبرر ويأمر ويحفّز ويجر الناس الى الحرب متجاهلاً ما تحمله من فساد وإفساد في الأرض هو فكر باااااااااااطل لا خير فيه , فلو ألقينا نظرة على دين بول البعير مثلاً ووضعنا هذا الفكر السفيه في ميزان عامل الحرب للحكم على الأيديولوجيات , سنجد دين رضاع الكبير يسقط ويرسب في هذا الاختبار بشكل يدفعنا لوضعه على رأس قائمة الايديولوجيات الباطلة والخطيرة والأفكار المنحطة !

فمن تشريع وأمر بالقيام بالحروب في مهزلة جهاد الطلب , والذي يعتبر لوحده كفيل بتصنيف دين بول البعير كأيديولوجيا سقيمة , فالحرب كما ذكرنا في البداية هي أخطر ما يمكن القيام به نظراً لنسفها الكامل لقيمة الانسان وحياته , حيث يصبح قتل الآخر في معركة أمراً يثاب عليه المرء , والموت في معركة أمراً ممجداً ! والذي يضرب الدين نفسه في مقتل كما ذكرت في هذا المقال سابقاً...
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=723368

وهذا التسفيه لحياة البشر المقترن بالحروب هو أسوأ ما يميز تلك الظاهرة البشرية الملعونة , وما أن تقدّس وتمجّد أي أيديولوجيا الحرب أو تأمر بها بشكل مباشر حتى تفقد مصداقيتها , حيث أنها تحكم على نفسها بالبطلان.

وهذا كلّه من مجرّد تشريع الحرب والأمر بالقيام بها , ولكن لم يكتفي دين بول البعير بهذا ! لا بل قدّم التشريعات والتبريرات الدينية الملعونة لأفظع الفظائع التي يمكن أن تقترن بالحروب , من استعباد الآخرين وسبيهم واغتصابهم , الى قتل الأسرى والإبادات الجماعية والتهجير القسري , تماماً كما نعلم عن أفعال كلب الصحراء من قتل قبائل بأكملها والأمر بسفك دماء "الكفّار" أي البشرية جمعاء تقريباً...الخ. والذي شرّع لهذه الأمور وأدلجها في دين رضاع الكبير , الى إذلال وتحقير المسيحيين واليهود ووضعهم تحت نعل المحتل الداعشي البهيمي في مسألة الجزية وعدم مجازاة من يقتلهم قانونياً ف"لا يقتل مسلم بكافر" كما في صحيح البخاري !

وحديث...

"انطَلِقوا باسمِ اللهِ وفي سبيلِ اللهِ تُقاتلونَ عدوَّ اللهِ لا تَقتلوا شيخًا فانيًا . ولا طفلًا ، ولا امرأةً"

والذي ورد على صورة

"انطلِقوا باسمِ اللهِ وباللهِ ، وعلى مِلَّةِ رسولِ اللهِ ، لا تقتُلُوا شيخًا فانِيًا ، ولا طِفًلا ولا صغيرًا ولا امرأةً ، ولا تغُلُّوا ، ضُمُّوا غنائِمَكُم ، وأصلِحُوا ، وأحسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المحسنينَ"

هو حديث ضعيف لا يصح استعماله أبداً , والترقيع به مرفوض من قبل أي دعدوش.

فكما لاحظنا , فهذا الفساد العقائدي الديني الداعشي لا يمكن تجاهله , وعلى ضوء كل ما سبق علينا أن نسأل...كيف لإله كلّي الرحمة والعلم والحكمة والخير أن يأمر بأفظع وأخطر وأكثر الأفعال شرّاً على مرّ التاريخ البشري ألا وهي الحرب ؟ فإما الله شرير خبيث مجرم يحب المجرمين وهو بالتالي ليس بإله وإنما شيطان وكائن عبثي لا يستحق سوى التحقير واللعن ليل نهار أو هو غير موجود من الأساس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر


.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو




.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا


.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس




.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر