الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء أمل -11-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 10 / 30
المجتمع المدني


نهرب من الواقع أحياناً ، فنذهب إلى واقع آخر ، و إذا كانت قصة الدول النفطية اليوم هي مع شخص تبنتّه، ورفعت من شأنه ، لكنها لم تُجِد تربيته ، فثار وتمرد ، وبقي كما كان على عشقه الأسدي ، ثمل اليسارين العرب بجرأته الفريدة ، و تابع " الثورجيون " السوريون قصة سقوطه ، مع أن قتلهم لم يكن له قيمة من قبل دول النفط. ليت تلك الدول تلاحق سيد وطننا بنفس الطريقة! أتحدث عن جورج قرداحي نموذج المثقف العربي اليساري . . .
أمام ذلك الفراغ نعود إلى أمل ، في هذه المرة القصة حقيقية يمكننا الإشارة إلى الأسماء لولا الضرر الاجتماعي . نصف أنفسنا بالنّسويات ، ونقول لا . نبكي النساء المقتولات ، لكننا لم نجرّب أن نحاسب المرأة عمّا تفعله .
تقول أمل وهي تصفع نفسها: أجريت تجربة على المرأة فصّحت مقولة أنّها ناقصة عقل ، لكنّها زائدة دين . كانت أمل تتخبط في الشّرح، ثم صرخت : كلّها سياسة ، الشريعة، و التشريع ، و القضاء .
عندما كنت أمارس نقص عقلي كامرأة خرجت في مظاهرات سلمية لدعم الثورة السورية ، لعب بعقلي الناقص شاب كان يخرج في المظاهرات ، قال لي: الجلباب يجعلك حرّة ، فتجلببت، و كلفني بتربية أولاده ، وعندما لم يستطع الانفاق هربت، خلعت النقاب ، بدأت أبحث عن رجل آخر .
صديقتي أمل أيضاً كانت متزوجة ، ولديها طفل معاق ، و عدة بنات شابات لم يبلغن الثامنة عشرة . كانت تشاركنا المظاهرات ، في يوم من الأيام قالت لي: هل ترغبين بالسفر إلى أوربا ، أجبتها بنعم قالت حضّري ثمانية ألف دولار ، ولم يكن معي المبلغ فأقمت حملة تبرعات، تصدّق علي الناس . لم أكن أعلم أن الذّهاب إلى الغرب سهلاً إلا بعد أن أتى علي، و حسين إلى بيروت ، قبضا الثمن ، وعقدنا زواجنا عليهما . صديقتي طلّقها زوجها ريثما تحلّ أمورها ثم يستعيدها قرب برج إيفل ، جرت الأمور بيسر ، وعمل لنا علي وحسين لم شمل ، كنا نذهب معاً إلى مدرسة اللغة ، كنت أنا وزوجي المفترض نعيش في نفس المكان ، وهذا شرط لإتمام أوراق الإقامة . كن نناضل على الفيس بوك وندعم حقوق المرأة، والحرية، و الكرامة. كان لساننا طويلاً ، وفعلنا دنيئاً .
أنا وصديقتي أمل لدينا كبت جنسي ، عندما نرى رجلاً لا نفارق المكان ، لكن ابنة أمل صبحت فوق الثامنة عشر ، و التقت بشاب صايع أحبّها هي و أمها معاً ، و الطريقة الوحيدة لدوام الحبّ هو أن تزوجه ابنتها . في تلك الأثناء انضم زوج أمل الحقيقي إلى العائلة ، قالت له لا تقترب مني ، لم تعد تصلح لي . طبعاً لم يكن زوجها خروف المسيح فهو من طينتها ، كان يريد أن يقسم مرتب رعاية ابنها المعاق ، و آخر ماكان يفكر به " الشرف" .
اشترت أمل منزلاً بالأقساط ، أخرجت زوجها من حياتها، و أدخلت صهرها ، كان أمين أسرارها لدرجة أن الرقم السري للبطاقة البنكية كان معه .
حجّب الصهر زوجته ، أصبح يسجنها في الحمام ، و أمها و أختها يقولون لها : تستحقين . أنت لا تطيعينه، ثم أصبح يأخذ زوجته إلى الغابة يربطها إلى شجرة ، ويصوب تجاهها السلاح، ثم أصبح يخرج مع أختها بالسيارة ، وهي تتوسل لأختها أن لا تخرج معه، ثم تزوج أختها فطلبت الحماية لها ولأولادها ، أنشأت صفحة على الفيس بوك ،دخلت إلى صفحتها لا تبدو متوازنة .
سحب الصهر جميع المال الوجود عند أمل بالبنك . انقطعت أخبار زوجته الثانية ، أخت الأولى . بدأت أمل تدعو زوجها للغداء ، وتساهم في تصحيح العلاقة .
أنا أمل صديقة أمل المطلقة ، ليس لي أبناء ، ولست على قيم ، لكن لو رزقت ببنت ، فسوف أكرّس لها حياتي ، وسوف أستعيد قيمي .
سألت أمل المطلّقة: هل زوجت بنتك للرّجل الذي أحببته أنت ، فأجابتني : زوجي كما الدّب يأكل ويشرب وينام ، وكان الرجل شاباً، لا أعرف إن كان لدي ميل تجاهه، لكنّني توقعت أن يكون مناسباً لا بنتي .
سألتها: لماذا قربتم منه كثيراً ، ولماذا لم تقفي مع ابنتك عندما هددها بالقتل ؟
أجابت : ابنتي عنيدة ، كان يجب أن يكسر رأسها حتى يلين
لا تسأليني لماذا سلمته رقم البنك فأنا اعتبرته كابني ، وابنتي هذه مخطئة لأنها طلبت الحماية ، و ابنتي الثانية وقعت تحت الإغراء ، و الله غفور رحيم .
كنت مرّة في طريقي مع أمل المطلّقة ، مررنا من قرب جامع الإيمان فتشهدت وقالت لي: الحمد لله على نعمة الإسلام.
تأثرت بقصة أمل المطلّقة، وحزنت على ابنتها التي طلبت الحماية، دخلت إلى صفحتها على الفيس بوك ، تبدو شابة جميلة ، لكنها غير متوازنة ، و الشباب الصايع يتابعها قائلاً : هل تتزوجيني؟
تبكي أمل المطلّقة لأن لجنة حماية المرأة منعتها من رؤية ابنتها المحمية و أحفادها ، لا أدري لماذا تريد رؤيتهم وهي التي تسببت بالمأساة . قد تسألون : مادور الأب؟ وصفت أمل الأب بالدّب ، وهو فعلاً غير موجود ، محاصر بزجاجة المشروب ولا يعرف ماذا يجري في هذا العالم ، فكانت أمل الأم هي كل شيء ، ورغم أنها زائدة دين لم تستطع حماية عائلتها ، لكن اطمئنوا هي تعيش حياتها، لم تدخل في حالة اكتئاب، ساعدها الإيمان على الصبر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل