الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة الاسلامية التونسية مالها وما عليها

كامل عباس

2021 / 11 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



مدخل:
يُعد الدين بحق جنين العقل البشري وهو ظاهرة من أعقد الظواهر التي عرفها التاريخ.. ذاد في التعقيد أمران 1- الفترة الطويلة التي استغرقها التطور لينتقل مركزه من الوحي الى العقل , 2- ارتباط الدين بالمقدس وتوريث ذلك من الآباء الى الأبناء .
اعتذر هنا من كل المؤمنين الذين قد تصطدمهم مناقشتي لنبيهم محمد كرجل غير معصوم عن الخطأ مع انني أعتبره من كبار المناضلين في التاريخ .
الاسلام بهذا المعنى كان أقرب للثورات الاجتماعية من الحركات الدينية وهنا خصوصيته كدين يمثل حلقة الوصل بين السماء والأرض حيث يعتبر محمد آخر الأنبياء .
لقد جمع النبي محمد بحكمة بين الجانبين الديني والسياسي عندما أشرف على تنظيم أول عقد اجتماعي بين المسلمين واليهود والمشركين في وثيقة المدينة التي ضمت سبع وأربعين بندا مكتوبا كانت بمثابة دستور تعايشي ينظم الحياة بين المسلمين وغيرهم. لكن الصراع على السلطة ظهر بعد وفاته مباشرة حيث كانت شخصيته ضابطا لهذا الصراع بشكل ممتاز, ومن خلال الصراع تمكّن أعداء الاسلام من تحوير تعاليمه من داخله كما جرى لكل الثورات في التاريخ ومن ثم أكلت الثورة أبناءها فيما بعد .
الاسلام والاخوان المسلمين .
بكل اسف لم يكن الاخوان المسلمون يوما هم ورثة دين العقل بل على العكس هم صريحين في تبنيهم دين الايمان ولم يكونوا يوما في صف الفقراء كما كان الني محمد وصحبه الأوائل جميعا , بل شعبويون بامتياز تهمهم مصالحهم بالدرجة الأولى ولما كانت السمة الأساسية لشعوب الشرق هي التعلق بالسماء لذا حاولوا ويحالون حتى الآن محاصرة خصومهم العلمانيين عن طريق اتهامهم بالكفر والالحاد.
لكن اذا انتقلنا الى الجانب السياسي من فكرهم في القرن العشرين لوجب علينا الاعتراف أنهم متشابهون مع التيارات الأخرى سواء الشيوعية والقومية التي ظهرت مثلهم في القرن العشرين تحت تأثير الحرب الباردة بين جبارين لكل منهما أدواته من اجل خدمة مصالح دولته . ولقد لعبت الثورة البلشفية – خصيصا بعد ان انتهت فترة صعودها وبدأ ترهل الثوار من على كراسي السلطة حيث السلطة مفسدة للثوار في كل زمان ومكان - الدور السلبي في تاريخنا العربي الاسلامي كما لعب الغرب هذا الدور قبلهم.
ان وهج الثورة البلشفية وانحيازها للفقراء والمستضعفين في الأرض أعمى ابصارنا كشيوعيين وقوميين واسلاميين. يبدو انبهار الاخوان في مقال للكاتب السعودي عبد الله حميد الدين نشره في جريدة الحياة بتاريخ 17 /1/ 2015 تحت عنوان – ارهاب الاخوان الناعم أساس تيارات العنف الديني- قال فيه حرفيا فيه
( استلهم الاخوان المسلمون منذ بداياتهم الفكر القومي الاشتراكي بصيغته النازية والفكر الماركسي بصيغته اللينينية وبلغ الاستلهام مداه مع سيد قطب حيث يشعر القارئ أمام كتابيه ظلال القران ومعالم في الطريق انه يقرأ في كتاب ما العمل لزعيم الثورة الروسية لينين او في كتاب كفاحي لهتلر وأخطر ما قام به الأخوان المسلمون بوعي او بغير وعي مزجهم بين الرؤية النازية الليينينية للعالم وبين الدين مما أضفى قداسة الاسلام بأكمله على ايدولوجية شمولية اقصائية عنيفة لذلك فما نسميه الاسلام السياسي هو في نهاية التحليل فكر شمولي لينيني نازي لثوب اسلامي ولا يمت للإسلام بصلة . )
ومع انني أعرف ان الكاتب يدافع عن وجهة نظر مصرية وسعودية مشتركة وكلامه كلام حق يراد به باطل وأخالفه تماما فأنا اعتبر ان لهم حقّ في العمل السياسي - ما داموا ينبذون العنف- بما فيه الوصول الى السلطة عن طريق انتخابات حرة ونزيهة , الا ان كلامه في هذه الفقرة يجب التمعن به .
حركة النهضة التونسية الاسلامية ما لها وما عليها
امامي تحليل سياسي تحت اسم - تقرير موقف - صادر عن مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات تحت عنوان مستقبل حركة النهضة : قراءة في أسباب الاستقالة ومآلاتها .
جاء في مقدمته
(في وقت تعيش فيه تونس أزمة سياسية غير مسبوقة بسبب الإجراءات التي أعلنها الرئيس التونسي قيس سعيد، أعلن أكثر من مئة قيادي من حزب حركة النهضة، فجر السبت 25 سبتمبر/ أيلول الجاري، تقديم استقالتهم الجماعية من الحزب بسبب ما وصفوه ب «الإخفاق في معركة الإصاح الداخلي
يناقش تقدير الموقف أسباب الأزمة التي تعيشها حركة النهضة، وعلاقتها بالأزمة
التونسية العامة، وأثرها في مستقبل الحزب السياسي والمؤسسي.
أردت أن أتفاعل مع هذه الدراسة لأسباب عدة أذكر منها بعجالة:
1- قراءتي لمستقبل المنطقة بعد نزول الجماهير فيها الى الشارع تطالب بالتغيير وموقف أنظمتها المشين بحق شعوبها واستقوائها بعالم خارجي يعشعش فيه الفساد ويقف بوقاحة ضد مطامح شعوب المنطقة في التغيير.
2- الوضع غير الصحي بين أكبر قوتين في البلدان ذات الحضارة العربية الاسلامية هما العلمانيون والاسلاميون ونهش لحوم الجانبين لبعضهما مما يضّر بحركة الشارع وبتحقيق اصلاحات لصالح الجماهير رغما عن الأنظمة وداعميها .
3- التشابه المذهل في وضع القوتين وسلوك الطرفين تجاه بعضهما في سوريا وتونس وهو ما أثّر ويؤثر حتى الآن على مجرى الثورتين في البلدين .
يحلو لي ان اصف حركة النهضة بانها الفصيل الأكثر تنوراً داخل الاسلام السياسي مع انها تنتمي الى المحور الأممي الاسلامي ممثلا براشد الغنوشي داخل تنظيم الاخوان المسلمين العالمي . هي تشبه الى حد ما رابطة العمل الشيوعي في سوريا والتي كانت تريد تجديد المحور الأممي الشيوعي ليصبح أكثر ثورية بينما يمثل اخوان سوريا وحزب بكداش الوجه الأممي لكلا الجانبين , لأقارن مثلا بين اخوان تونس ممثلا بالنهضة واخوان سوريا ممثلا بالجبهة الاسلامية ومن ورائها الاخوان المسلمون , فالجبهة الاسلامية في سوريا كانت تريد تطبيق شرع الله في الأرض, أي انها مع فهم المودودي وسيد قطب في كون الحاكمية لله تعالى , واخوان سوريا وان كانوا قد طرحوا أوائل هذا القرن ماسّموه ميثاقا مدنيا يعترف بقوى سياسية غير اسلامية, الا أن من يقرأ بين السطو ميثاقهم ولكهم خلال الثورة السورية سيستنتج ببساطة أن المهيمنية على الحركة في سوريا يريدون محاصرة اضعاف العلمانيين بإصرارهم على ما يسمونه في الميثاق مجتمع الربوبية واعتبار كل من يشك في ذلك (غير سوي ) هذا يعني ضمناً أنهم لا يعترفون بشركاء لهم في الوطن دهريين لا يؤمنون بيوم القيامة , وهم حتى اللحظة لم يتجرؤوا ليصارحوا جماهيرهم بهذه الحقيقة وهو انه لهم شركاء في الوطن علمانيون يجب محاسبتهم في الأرض على سلوكهم ولنترك لله محاسبتهم على عدم ايمانهم به . أي ان يكفوا عن اعتبارهم وكلاء لله في الأرض , لم اسمع عن حركة النهضة شيء من هذا فهي مستعدة بحق للتحالف مع العلمانيين ولا تحاول تشويههم في الشارع وهي مثلهم ضد الاستبداد ومستعدة للنضال معهم من اجل دولة مدنية تخضع لعقد اجتماعي ينظم العلاقة بين الجانبين, ولم اسمع ابدا عن حركة النهضة ترويجها لما يسميه الحاكمية لله تعالى , وهي بذلك أمينة لأطروحات النبي محمد وصحبه الذين فهموا الين الاسلامي بأنه دين العقل . وان كانت الحركة في أزمة الآن فهي نتاج معقد لجملة من العوامل على ما اعتقد .
بكل الأحوال لقد وُفق التقرير في وصف أحد جوانب الأزمة داخل حركة النهضة متمثلا بقوله : ، (وهناك حالة من عدم التوافق بين قيادات النهضة حول عدد من الملفات، وأهمها إصلاح البنية المؤسسية للحركة،
وخصوصا ما يتعلق بطبيعة المكتب التنفيذي وأهمية انتخاب أعضائه، إضافة إلى
بقاء راشد الغنوشي في قيادة الحزب، والاتهامات الموجهة له ب «التفرد بالقرار
وإصرار أنصاره على إعادة ترشيحه لدورات قادمة في حال تعديل النظام الأساسي
للحزب.ولعل أهم سبب في تعثر الإصاح الداخلي للحركة ما وصفه القيادي المستقيل
عبد اللطيف مكي بسيطرة دائرة ضيقة من المقربين من رئيس الحركة راشد الغنوشي على القرار، وتهميش مؤسسات الحركة، إضافة إلى الأزمة السياسية التونسية، التي فجرت ما تبقى من توافق داخل النهضة.) .
لكنه لم يشرح لنا اسباب تمسك الحركة بالغنوشي , أنا اعتقد ان السبب غير المباشر يعود الى البنية التنظيمية للحركات الاسلامية والشيوعية معا التي أشار اليها السعودي حميد الدين , من يقرأ اللائحة التنظيمية للنهضة فكانه يقرأ اللائحة التنظيمية لرابطة العمل الشيوعي وهي على نفس بنية تنظيم ما العمل , كل تلك الأحزاب تأخذ بما تسميه المركزية الديمقراطية وتطالب اعضاءها بالتقيد بوجهة نظر الحزب خارج الاطار الرفاقي وتفهم الديمقراطية على انها يجب ان تكون للطبقات الشعبية وتحرم منها البورجوازية ( ديمقراطية موجهة )ولم تفهمها يوما كمعطى انساني لكل الطبقات و وحتى الآن تعاقب هذه التنظيمات من يخرق التقيد بوجهة نظر الحزب ويدلي بوجهة نظره الخاصة خارج الاطار الرفاقي مع ان ذلك قوة للتنظيم وليس اضعافا له عندما تبرز رأيا مخالفا لراي المركز في بعض المسائل السياسية, نعم هنا مربط الفرس وظهور الغنوشي وبكداش في تلك الأحزاب كمعيقين لتقدمها بإحاطتهم لمواليهم وأبنائهم داخل التنظيم بسبب بيرقراطية تلك التنظيمات . وهكذا تكون احد جوانب الأزمة ليست مختصة بحركة النهضة الاسلامية فقط بل بكل الأحزاب في الساحة العربية والاسلامية ذات البنية التنظيمية البيرقراطية ومطلوب منها التجديد في هذا المجال استنادا الى ما بينته الحياة في هذا الخصوص واظن ان حركة النهضة ستكون في طليعة القوى التي ستجدد نفسها بعد هذه الأزمة .
جاء في التقرير ايضا : (يطمح الشعب التونسي إلى حالة من التغيير تضمن له سبل العيش الكريم، وتوفر له فرص التعليم والصحة والاستقرار، وبين طموحات الشعب وواقع النظام السياسي في تونس فجوة كبيرة تتعلق بعدد من الملفات؛ أهمها واقع الدستور التونسي والقانون الانتخابي والرؤية الاقتصادية، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة على تونس من بداية الثورة إلى الآن إحداث تغيير جذري في الملف الاقتصادي، ولأن النهضة موجودة في هذه المكونات فإنها تتحمل جزءاً من مسؤولية هذا الإخفاق، وبين طموحات الشعب وتطلعات الثورة، وأمام المعارك السياسية التي تعصف بتونس، وجدت النهضة نفسها أمام حالة من الفشل الداخلي من جهة، والشيطنة وعرقلة الجهود من جهة أخرى، التي أدت إلى الأزمة الحالية داخل تونس ).
أعتقد ان في الكلام ظلم الى حد ما لحركة النهضة والتغاضي عن ايجابياتها اذا ما قورنت ببقية تنظيمات الاخوان المسلمين وكل تنظيمات الاسلام السياسي من سلفيين وجهاديين يعملون بشكل سلمي. انه لظلم كبير أن نُحّمل حركة النهضة مشاكل الثورة التونسية مع انني لا أنفي انها حركة براغماتية في تحالفاتها ويهمها الوصول الى السلطة بالنهاية . لكن من خذل الثورات العربية هو المجتمع الدولي بشكل أساسي, اضرب مثلا على ذلك ثورة الشعب السوري الذي اشتركت في القضاء عليها روسيا وامريكا وتركيا والصين وايران واسرائيل معا ( بالطبع الى جانب المعارضة السورية التعيسة ) ذلك ما بدا من خلال مساعدتهم النظام السوري للوصول الى مهد ورمز الثورة وهو درعا البلد , يُلام المجتمع الدولي الذي تسيطر عليه حضارة رقمية تدافع عن مصالح الأغنياء بكل مكان من خلال البنوك وادارة هيئة الأمم المتحدة المغلوبة على امرها بحيث يهّم موظفيها الحصول على رواتبهم اكثر من السهر على حماية المدنيين من القصف العشوائي, هنا مربط الفرس وسبب تعثر الثورة السورية والتونسية والجزائرية والسودانية لأن المجتمع الدولي الحالي مع الفاسدين والأغنياء وليس مع الفقراء في العالم واكبر مثال على ذلك تجاوزهم هذا العام عن أي حديث عن اصلاح هيئة الأمم المتحدة في كل خطابات الزعماء في العالم حتى لايزعجوا امريكا وروسيا لأنهما لا تقبلا بإلغاء الفيتو فهو يساعدهما على تقسيم خيرات الشعوب بين الدول القوية .
هذا يعني ان علينا ان نقلع شوكنا بأيدينا , يلزمنا لذلك أن نعترف بأخطائنا كعلمانيين واسلاميين ونبدأ مرحلة جديدة.
مطلوب من العلمانيين مراجعة قناعاتهم حول علمانية فرنسية ومن بعدها سوفياتية تصر على فصل الدين عن الدولة , يختلف الدين الاسلامي عن بقية الأديان بكونه كما يصفه فقهاؤه دين ودنيا , الاسلام يحض معتنقه على العمل السياسي ولصالح الفقراء حتى يكون للسائل والمحروم حق في أموال الأغنياء .الاسلام يعتبر الفقراء جزء من الله تعالى وهو جزء منهم وعندما تخدم الفقراء فكأنك تخدم الله والعكس صحيح . ان صيحة الله أكبر تعني لكل مسلم عفوي أن من طغى وتجبر سيلقى حسابه بالنهاية . ان تعاوننا مع الاسلاميين الذين يعترفون بالأخر وينبذون العنف كل على ارضيته العقائدية - هم على ارضية ان الدين لخدمة الانسان ونحن على أرضية أن العلم لخمة الانسان- هو الطريقة الصحيحة التي تسحب البساط من تحت ارجل الارهابيين الاسلاميين الذين يلعبون بمشاعر المسلمين العفوية ويسيئوا للعالم ولأنفسهم وللمسلمين بإرهابهم .
اما ما هو مطلوب من الاسلاميين فهو اعتبار النهضة وسلوكها تجاه العلمانيين صحيح ويجب الاقتداء به
كامل عباس - اللاذقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا