الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألكسندرا كولونتاي: أيقونة الحركة النسوية العمالية.

عدنان زقوري

2021 / 11 / 2
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


يقول الروائي الروسي ماكسيم غوركي:" يوجد في روسيا شيوعيان اثنان فقط: لينين ومادام كولونتاي."
إذا كان مصطفى حجازي، يرى في كتابه:" سيكولوجية الإنسان المقهور"، بأن أضعف حلقة في سلسلة العنف الهرمية، هي المرأة، باعتارها الخيط الرابط بين عنف النظام على الإنسان المقهور، وعنف هذا الأخير على المرأة. فإن هذه القاعدة لا يقاس عليها؛ لأن المرأة في ظل هذه السلسلة من العنف قد تتحول إلى ذات متمردة، ذات لا تقبل التسلط الاجتماعي الذكوري، بل إنها قد تجمع النضال السياسي والنضال الاجتماعي معا. تلك هي ألكسندرا كولونتاي.
ولدت ألكسندرا دومونتوفتش سنة 1872، لأب عقيد في الجيش الروسي بمدينة سان بطرسبرغ. وتزوجت بعدُ المُهندسَ فلاديمير كولونتاي.
ما معنى أن تكون يساريا؟ معناه أن تكون مناصرا لحقوق الإنسان، ملازما منافحا عن الطبقة الكادحة المستضعفة، اليسار تجاوز للعرق والطبقة والجندر. ليست ألكسندرا كولونتاي سوى نسخة طبق الأصل من إرنستو تشي جيفارا، فيما يخص البيئة الأسرية، والطبقة الإجتماعية، إنها نعمة البورجوازية، حظوظ السماء، في زمن قلما تولد في أسرة بروجوازية. بيد أن الإنسانية تتخطى كل أشكال الرفاه، في مقابل وجود طبقة لا تحيا إلا لتسحق يوما بعد يوم.
إنه المنعطف الذي اتختذته ألكسندرا، في ظل تحولات تاريخية في روسيا: التحول من الإقطاع إلى الرأسمالية، والملكية الخاصة. انتقال المئات من الأقنان للانخراط في العمل المأجور، وظهور الطبقة البروليتاريا.
البدايات:
يقول هنري ديفيد تورو:" التمرد وعدم الانصياع هو عماد الحرية الحقيقي، أما الطاعة فهي الأساس للعبيد."
الطبقة العاملة تتوسع، وطغيان الرأسمالية يتزايد، في ظل هذه الظروف برزت الحلقات الماركسية، التي أسست حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي عام 1889. كانت ألكسندرا من بين المنضمين الأوائل للحركة، ربطت مصيرها بمصير الطبقة الثورية الصاعدة. ضريبة نشاطها السياسي كان الانفصال عن زوجها، الهائم، الحالم، الناعم في أحضان البورجوازية. لكن الفكر والإيديولوجيا أثمن من علاقة حب، قاعدتها السطوة الفكرية على المرأة، وامتلاك حريتها. لذلك اختارت مادام كولونتاي حياة النضال والعمل السياسي على حياة التملك العاطفي. وفي ذلك تروي في مذكراتها:" غير أنّ الرجل كان يسعى باستمرار إلى فرض ذاتيّته علينا وتكييفنا حسب مبتغاه. فاضطرمت الثورة في داخلنا، رغم كلّ شيء، وتحوّل الحبّ تكراراً إلى قيدٍ يقيّدنا، وشعرنا أنّنا مستعبدات وحاولنا التّحرّر من قيد الحبّ. وبعد نضالاتٍ متواصلة مع المحبوب انعتقنا أخيراً وتدافعنا نحو الحريّة. وسقطنا مجدّداً في الوحدة والتعاسة والوحشة. لكنّنا كنّا ننعم بحرّية السعي وراء فارس أحلامنا - العمل.".
يقول تشي غيفارا:" أينما وُجدَ الظلم فذاك موطني."
غادرنت ألكسندرا روسيا نحو ألمانيا، بغية دراسة الاقتصاد السياسي، بيد أن المبادئ لا تغيرها الجغرافيا ولا الظروف الشخصية. سرعان ما انضمت إلى الحركة الاشتراكية الديمقراطية الألمانية، لتوثق صلتها هناك بأعلام الحركة النسوية الماركسية، مثلُ: البولندية روزا لوكسمبورغ، والألمانية كلارا زكتن.
رائدة الحركة النسوية العمالية:
لم تكن المرأة في المجتمع الروسي، مجرد ضحية للعقلية الذكورية - سلطة الزوج والأخ والأب – بل كانت أيضا ضحية الاستغلال الرأسمالي خصوصا العاملات في المصانع. ضحية من جانبين: اقتصادي واجتماعي.
بعد عودة ألكسندرا من ألمانيا إلى روسيا، إبان اندلاع الثورة الأولى عام 1905، توجهت إلى العمل النسائي، إدراكا منها للعلاقة الجدلية بين الصراع الطبقي واستغلال المرأة، وإيمانا منها بمقولة كارل ماركس:" لا يمكن تحرير المرأة إلا من خلال تحرير الطبقة العاملة بأسرها." عملت بادئ الأمر على تأسيس الحركة النسوية المطالبة بالمساواة بين الرجال والنساء، ولم يكن ذلك إلا من خلال رفع الوعي السياسي والاجتماعي لدى العاملات، فأسست نادي النساء العاملات من أجل تدارس قضايا المرأة العاملة، وأخذت تطالب بإنشاء أجهزة حزبية متخصصة للعمل بين النساء. هذا أسهم ومكن المرأة العاملة من طرح مطالبها وقضايها في أول مؤتمر نسائي لعموم روسيا سنة 1907. وكان لها الدور الفعال في تنظيم أول عيد عمالي للمرأة سنة 1911.
ما بعد الثورة البلشفية:
انضمت ألكسندرا كولونتاي إلى الحزب البلشفي برئاسة فلاديمير أوليانوف لينين، بعد قطع صلتها بالمناشفة*.
بعد نجاح الثورة البلشفية، وانهيار الحكم القيصري. عينت وزيرة للشؤون الاجتماعية في أول حكومة بلشفية برئاسة لينين، وبذلك كانت أول امرأة تشغل منصب وزير. ومن أهم إنجازاتها، في فترة منصبها الوزاري:
- إلغاء التعليم الديني للفتيات في المدارس الرسمية.
- تشكيل لجنة هدفها وضع قانون الضمان الصحي المجاني الشامل لجميع سكان روسيا.
- إنشاء المكتب المركزي لرعاية الأمومة والطفولة.
- إيواء الأيتام في مؤسسات خاصة بالمشردين.
- تحسين أحول مشوهي الحرب...
الرحيل:
توفيت ألكسندرا كولونتاي في موسكو سنة 1952، عن سن يناهز الثامنين سنة، لتترك خلفها إرثا
نضاليا – سياسيا واجتماعيا – قوامه التجاوزات الذاتية، ونكران ذات من أجل أن يحيا العالم بعيدا عن نير الاستغلال والاضطهاد والفوارق الطبقي، والتملك الآدمي. من أجل استقلالية المرأة وحريتها، أن تكون ذاتا واعية، مالكة لا مملوكة.

*المناشفة: جماعة سياسية يرأسها يوليوس مارتوف، تكونت سنة 1903، بعد انقسام حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي إلى بلاشفة ومناشفة. كان أساس هذا الانقسام ان المناشفة ذهبوا إلى أن الطبقة العاملة الروسية لم تتطور سياسيا بشكل كاف، وأن الاشتراكية لا يمكن أن تتحقق إلا بعد فترة من الحكم الديمقراطي البورجوزاي. بينما أيد البلاشفة تشكيل نخبة من الثوار المحترفين لتكون بمثابة البروليتاريا من أجل الاستلاء على السلطة فيما يسمى بالعنف الثوري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في


.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة




.. الشرطة الفرنسية تطلق غازاً مسيلاً للدموع على متظاهرين متضامن