الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحياة بلا خطة هي؟

عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

2021 / 11 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


وهل كانت ستبقى مستمرة منذ بلايين السنين بطريقة عشوائية محض، بلا تنظيم أو قوانين أو خطة ما، حتى لو كانت نسبية وغير كاملة؟ الاستمرارية بحد ذاتها قانون، والقانون هو تنظيم وفقاً لخطة محددة. إذا كانت الحياة خطة، تنظيمات وقوانين ثابتة نسبياً وذات استمرارية، فماذا تكون هذه الخطة، ومن هو واضعها؟

خطة الحياة هي أن تحيا الكائنات الحية الحياة، بأنسب طريقة ممكنة. لا خطة للحياة أبعد من ذلك- أن تحيا الحياة. وكيف تحيا الكائنات الحية حياتها بأفضل الطرق الممكنة؟ ماذا تفعل على وجه التحديد لكي يتحقق لها ذلك؟

لا شيء. لا شيء كثير. مجرد أن تترك نفسها تعيش حياتها بصورة طبيعية ولا تخلق الموانع المصطنعة في سبيل ذلك. في قول آخر، الحياة آخذة مصيرها بيدها منذ مليارات السنين ولا تتركه لأي أحد كان، حتى الكائنات الحية ذاتها. هذه الأخيرة مجرد تعيش خطة الحياة، التي ليست من وضع يدها ولا حتى تملك سيطرة تذكر عليها.

للحياة خطة وضعتها الحياة ذاتها. والكائنات الحية مجرد تفصيلة صغيرة من تفاصيل خطة وضعتها الحياة ذاتها، وحتى لم تترك للكائنات الحية مهمة تنفيذها بأنفسهم. هي التي بيدها تتولى تنفيذها من داخلهم. الحياة قد غرست في كل كائن حي بذرة الحياة- ما نعرفه بالغرائز- يستحيل أن يفلت من قبضتها بدرجة فارقة إلا بمفارقة الحياة ذاتها. الحياة تحكم الكائنات الحية بقبضة غريزية فولاذية لا مهرب منها سوى بمفارقة الحياة.

ولماذا نحيا الحياة؟

ببساطة، لأننا أحياء. ونحن أحياء لأننا نحمل فينا جينات الحياة. هذه الأخيرة تنفذ فينا، شئنا أو أبينا، سنة أو خطة الحياة. أو نحن أسرى لدى الحياة، أو عبيداً لها، وإن لم يكن بالمطلق. كل الكائنات الحية تعيش الحياة لأنها حية. وهي حية لأنها تحمل جينات الحياة. وهذه الجينات تربطها بالحياة على نحو لا فكاك منه سوى بمفارقة الحياة طوعاً أو كرها. نحن، البشر، لا نملك إرادة أن نحيا، وإن كنا بدرجة ضئيلة نملك إرادة أن نفارق الحياة.

ومن واضع خطة الحياة؟

لا أحد، الحياة ذاتها. حين درس داروين بعض الكائنات الحية من بيئات مختلفة، لاحظ اختلافات فيما بينها تكافؤ بيئاتها المختلفة. وقد خلص إلى قانون بسيط: الكائنات الحية تتكيف بأشكال متباينة حسب البيئات المتباينة، وأفضلها تكيفاً هي أنسبها في البقاء حية مقارنة بغيرها. فإذا كانت الكائنات متكيفة ومتغيرة أفقياً عبر الجغرافيا، إذن فهي كذلك أيضاً رأسياً عبر الأزمنة. وقد كان. ثبت علمياً أن كل الكائنات الحية لم تأتي إلى الحياة بصورها الحالية، التي هي مجرد الحلقة الحالية في سلسلة تطور وارتقاء ممتدة منذ بلايين السنين. وماذا يعني ذلك؟ يعني أنه لم تكن هناك حتى خطة للحياة من قبل وجود الحياة، لأن الحياة لم تبدأ أصلاً كحياة بل صدفة كونية بمجرد أن تهيأت تدفقت من تلقاء نفسها حتى بلغت صورتها الحالية وأصبحت ذات خطة معلومة.

خطة الحياة، قوانينها، مطبقة في كل الكائنات الحية بلا استثناء، يشترك فيها النبات مع الحيوان مع الإنسان. والاختلافات تكمن في البيئات وأصول الأنواع المختلفة، أو في منحنيات التكيف والتطور المتباينة بحسب النوع والبيئة.

وماذا عن الخالق وخطة الخلق؟

تلك خطة بشرية، ينظم بها البشر على وجه الحصر "شؤون" حياتهم وليس "حياتهم" ذاتها، ولا تمت للحياة الكونية بصلة. الخطة الكونية تحيط بقوانينها الكون كافة، ولذلك سترى قوانين الحياة سارية في النبات والحيوان والإنسان بنفس القوة والأثر في كل مكان. على العكس، الخطط البشرية لا تسري قوانينها سوى وسط البشر في بعض الأماكن والأزمنة، وليس في كل الكائنات الحية ولا حتى كل البشر في كل مكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألعاب باريس 2024: اليونان تسلم الشعلة الأولمبية للمنظمين الف


.. جهود مصرية للتوصل لاتفاق بشأن الهدنة في غزة | #غرفة_الأخبار




.. نتنياهو غاضب.. ثورة ضد إسرائيل تجتاح الجامعات الاميركية | #ا


.. إسرائيل تجهّز قواتها لاجتياح لبنان.. هل حصلت على ضوء أخضر أم




.. مسيرات روسيا تحرق الدبابات الأميركية في أوكرانيا.. وبوتين يس