الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون فى تركيا وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر

محمد فُتوح

2021 / 11 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الإسلاميون فى تركيا .. وتعريض المكتسبات العلمانية للخطر
------------------------------------------------------------
المتأسلمون كما هم ، لا يتغيرون بتغير الزمان ، ولا بتبدل المكان ، فمشكلات الأمس يتحمسون لها ويطرحونها اليوم ، لا يكلون ولا يملون التكرار، مع أن العقل والمنطق يقولان ، أن كل شىء قابل للتغيير ، فالحقيقة الوحيدة الثابتة هى التغير .
هم فى مصر ، كما هم فى السودان ، فى الصومال ، فى أفغانستان ، فى الجزائر وباكستان . لا يختلفون من حيث الدوافع والآليات والأهداف ، حتى لو غلفت هذه الأهداف بصبغة من الديمقراطية والتسامح والعدالة وحقوق الإنسان. فهم فى النهاية ينتظرون أى موجة عابرة يركبونها ، كى توصلهم إلى سدة الحكم ، الحكم الإسلامى ، والخلافة الإسلامية.
وإسلاميو تركيا لا يختلفون عن ذلك ، ولا يخرجون عن هذا النص.
إن تركيا الآن ، يتربص بها الفكر الأصولى الاسلامى ، بأطيافه المختلفة ، والتى تود قلب نظام الحكم العلمانى ، الذى أسسه كمال الدين أتاتورك ، بعد قضائه على الخلافة الاسلامية 1923 .
نذكر منذ سنوات قضية كابلان ، رئيس منظمة الخلافة الاسلامية فى تركيا ، الملقب بخليفة كولونيا ، والذى اتهمته المحاكم الجنائية فى استانبول ، بالتآمر لقلب نظام الحكم فى تركيا ، والتخطيط لتدمير ضريح أتاتورك .
وهناك بعض الأحزاب ، كحزب الوطن الأم المعارض ، الذى يحاول مغازلة بعض التوجهات الإسلامية فى تركيا ، ويعمل على إرضائها من أجل رفع الحظر المفروض على الحجاب فى الجامعات وبين الموظفات فى المصالح الحكومية . والإغراء الذى يقدمه رئيس حزب الوطن الأم ، هو أنه بالتعاون مع حزب العدالة والتنمية ، وتصويت كل من أعضاء الحزبين معاً ، يمكن الحصول على أغلبية الثلثين اللازمة لأى تعديل دستورى ، ولكن الطيب أردوغان رفض هذا العرض ، رغم أنه هو الآخر ، يسعى الى استعادة الخلافة الاسلامية .
فى عام 1995 تمكن حزب الوفاء الإسلامى من الوصول إلى السلطة ، ولكنه لم يتوافق مع النظام العلمانى فكان مناهضاً لهذا النظام ، لذا فقد تم حظره فى عام 1998.
إن أردوغان نفسه ، كانت لديه ميول لإجراء بعض التعديلات على حساب الدستور العلمانى ، ولصالح التوجهات الإسلامية التى ينتمى إليها ، إلا أن الذى منعه من فعل ذلك ، هو رغبته فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى.
ان تنامى التيارات الإسلامية فى تركيا يشكل تهديداً للمكتسبات العلمانية . ولأن الاسلاميين لا يتغيرون فى أى مكان يذهبون اليه ، فانهم يقومون بشغل الناس والهائهم ، بالقضايا الشكلية غير الجوهرية ، فبدلاً من التركيز على قضايا مثل البطالة والسكن والعلاج ، وغيرها ، نجد أنها تركز على قضايا مثل إرتداء الحجاب أو عدم إرتدائه .
إن الكثير منا يتذكر عام ، 1991 حيث أثارت النائبة " مروة قاوقجى " ، وحجابها ، تلك الأزمة الكبيرة التى تسببت فى كثير من اللغط والإرباك.
إن التوجهات الإسلامية فى تركيا ، تشكل عائقاً كبيراً فى قبول تركيا عضواً فى الاتحاد الأوروبى . فتركيا تسيطر عليها رغبة قوية ، فى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى لإنعاش اقتصادها ، وحل كثير من المشكلات الأخرى . لذلك فهى تبذل قصارى جهدها للوصول إلى تحقيق هذه الرغبة . ولكن أوروبا لديها مخاوف عديدة ، من انحراف التوجهات الإسلامية ، وما يمكن أن تنذر به من أخطار.
لقد أعلن بعض قادة أوروبا عن مخاوفهم ، على مدى سنوات ، من انضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبى . وأعلنوا صراحة أن الاسلاميين هم السبب الرئيسى ، فى بقاء تركيا خارج الاتحاد الأوروبى ، بسبب المشاكل التى يتيرونها من حين لآخر ، بأفكارهم وممارستهم وتحالفالتهم ، وأوضحوا أنها مجازفة محفوفة بالأخطار ، لن يقدمون عليها ، تحت أى ضغوط .
وعلى الجانب الآخر ، هناك مَنْ يرى أن تركيا إذا رُفضت ، ولن يتم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبى ، فمن المحتمل أن يتحول الإسلام الذى مازال معتدلا ، إلى صورة أكثر تزمتاً وتطرفاً ، وهذا بدوره سيرتد بالأخطار ، والأضرار على الدول الأوروبية بدرجة كبيرة.
لقد تحولت أوروبا إلى العلمانية ، ونجحت فى فصل الدين عن الدولة ، منذ ذلك الحين وهى تخطو خطوات مهمة على طريق الديمقراطية وفى مجال حقوق الإنسان. أما تركيا ، وبعد هذا الميراث العلمانى ، الذى تحقق على يد مصطفى كمال أتاتورك ، منذ إنشاء الجمهورية التركية عام 1923 ، فقد حققت بعض المنجزات وطفرت بعض الطفرات ، ولكن خطواتها تتعثر من وقت لآخر ، بسبب تدنى حقوق الإنسان والمسألة الكردية من ناحية ، ومن ناحية أخرى بسبب تذبذب التيارات الإسلامية ، وتململها من النظام العلمانى ، التى تجد تلقى صعوبة فى هضم هذا النظام وتمثله.
إن هذا المشهد من شأنه أن يؤدى إلى تأخر تركيا وتخلفها ، وفقدانها لكل المزايا والمكتسبات التى حققها لها النظام العلمانى.
الى أى مدى ، سيفلت النظام العلمانى الذى يحميه الجيش ، من الأنياب المتربصة
التيارات الاسلامية ؟؟ . فهى تيارات انتهازية ، تلبس طاقية " التقية " ، وتشتغل بتكتيكات ربما لا ترضيها تماما ، وذات نفس طويل ، ولا تيأس سريعا ، وحلم الخلافة
لا يفارقها ، ولها تحالفات فى كل مكان ، وتمويلات ، وذخائر ، وهى تعتقد اعتقادا راسخا لا يتزعزع ، أن العلمانية فى تركيا ، أو فى أى مكان آخر ، هى عدوها الأول .
من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " 2002
---------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال