الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع إحياء طريق الكباش

هويدا احمد الملاخ

2021 / 11 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يرجع تاريخ طريق الكباش الفرعوني الى 5000 عام ق . م، حيث استخدمه ملوك مصر القديمة في المراسم الدينية و احتفالات تتويج الملوك ، كما انطلقت نفس الطريق كافة الاعياد القومية ، وفى مقدمتها أعياد الآوبت كل عام، وهى أعياد الحصاد عند المصري القديم .
كان للطريق الحضاري مكانه مميزة لدى المصريين القدماء لأنه يربط بين معبد الاقصر ومعبد الكرنك لمسافة تمتد لنحو 2700 متر و بعرض 76 مترا، وجاء التصميم الهندسي للطريق عبارة عن ممر فسيح محاط على جانبيه بعدد 1200: 1300 تمثال على شكل أبي الهول ولكن برأس كبش ، وهذه الرأس ترمز إلى المعبود "آمون" ، وتم نُحت تماثيل الطريق من كتلة واحدة من الحجر الرملي ، ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه ومقام على قاعدة من الحجر مكونة من أربعة مداميك من الحجر المستخدم ، وتقدر المسافة بين كل كبش وكبش اربعة أمتار، وطول الكبش الواحد حوالي 2.50 متراً .
حرص المصري القديم على تصميم التماثيل على هيئتين الأولى علي شكل جسم أسد ورأس إنسان ( أبو الهول)، لان الأسد يرمز في التاريخ الفرعونى إلى الشمس التي قدّرها الفراعنة كثيراً، والثانية علي شكل جسم الكبش ورأس كبش كرمز من رموز الإله ( أمون رع)، ، أحد الرموز الرئيسة فى الديانة المصرية القديمة، وهو بحسب معتقدات ذاك الزمان صانع الحياة ، كما زين الفراعنة الطريق بين كل كبش وآخر دائرة مزروع بها زهور ومربوطة بقنوات مياه لري الزهور، ومن اجل حماية الطريق اقام المصربين القدماء سد حجري ضخم كان يحمي الطريق من الجهة الغربية من مدينة الاقصر العاصمة السياسية في الدولة الحديثة (الأسرة 18) والعاصمة الدينية حتي العصر الروماني.
أطلق المصري القديم على هذا الطريق اسمان الاول "وات نثر wat-ntr" وتعني طريق الإله ، والثاني (تا مي رهنت) يعني طريق الكباش.
لاشك أن طريق الكباش من اروع الاعمال التاريخية والحضارية ولكن تدمرت وانهارت بفعل عوامل الزمن ومرور آلاف السنين عليه، وبناء المواطنين منازلهم على الطريق عقب سرقة تماثيله الشامخة على مر العصور المختلفة، وبالتالي اختفت معظم تماثيل طريق الكباش نتيجة الاهمال والتدمير الذى لحق بها فى اعقاب عصر الفراعنة ، ولم يتبق منها فى عصرنا الحالي سوى 300 كبش فقط من عدد الكباش الأصلية.
إن التسلسل التاريخي والزمنى لاكتشاف الطريق واعمال الحفر فى تاريخنا الحديث والمعاصر يبدأ بالعالم المصري المخضر الدكتور زكريا غنيم اول من اكتشف الطريق المدفون تحت الارض وازال غبار الزمن من على اول مجموعة اكتشفها تقدر بنحو 8 : 14 تماثيل عام 1949 م ؛ كما قام الدكتور محمد عبد القادر خلال الفترة من 1958م- 1960 م بالكشف عن أربعة عشر تمثال ، وقام الدكتور محمد عبد الرازق 1961م – 1964م بالكشف عن اربعة وستون تمثال ، وواصل الدكتور محمد الصغير خلال الثمانينيات والتسعينيات حتى بداية الألفية الثالثة عمليات البحث والتنقيب لاكتشاف بداية ونهاية مسار الطريق وفى عام 2002م توصل الى معرفة حقيقة الطريق كاملاً بطول 2,7 كم ومزين بالكباش ، كما استطاع تحديد الطريق القديم الأصلي بدقة ، لكنه مدفون تحت نجع صغير اسمه نجع "أبو عصبة" وحمل راية الاكتشاف الأثري والسعي في تحقيق الحلم.

وفى عام 2004 م تولى الدكتور سمير فرج رئاسة المجلس الأعلى لمدينة الأقصر والتي تم تحويلها إلى محافظة في عام 2009 وعين كأول محافظ لها ، فقام على الفور باستئناف اعمال اكتشاف طريق الكباش، ليتحقق حلم الأقصريين والمصريين، واسند الى الدكتور منصور بريك مهمة إعادة إعمال الحفر للكشف عن باقي الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن، بالإضافة الى العمل على صيانة الشواهد الأثرية المكتشفة ورفعها معماريا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور، لكن بعد اندلاع ثورة 25 يناير 2011 م توقف العمل لنقص الاعتمادات المالية.
بعد ثورة يونيو 2013 م طرحت وزارة الآثار المشروع من جديد ، وفى عام 2017 م بالتحديد بدأ استكماله بشكل عملي، تمهيدًا لوضعه على الخريطة السياحية ، لكن ظهرت عدة تحديات وقفت عائق امام استكمال المشروع مثل وجود الطريق وسط منطقة سكنية، وانتشار المباني والأراضي الزراعية حوله، لذلك جرى إعداد خطة لإنقاذ الكباش من تلك الأوضاع الصعبة.
فجاء عام 2019 م ليتحول الحلم الى حقيقة ويتم إزالة المئات من المباني الحكومية والمنشآت المعيقة للطريق، والعمل على تعويض أصحابها وتوفير أماكن بديلة لهم .
وختاما ..
* نجحت الملحمة الاثرية المصرية فى استكمال الكشف عن الطريق الأثري القديم وترميمه وكذلك ترميم الكباش حتى يرى الطريق النور، بالتوازي مع ترميم «معبد الكرنك».
* تستعد مصر لإبهار العالم بافتتاح طريق الكباش الجديد الذى سيصبح اكبر متحف مفتوح فى العالم بحفل افتتاح أسطوري بعاصمة السياحة العالمية الأقصر بحضور رؤساء وملوك 80 دولة.
* هذه الملحمة الحضارية انجزت بأيادي مصرية خالصة من علماء وأثريين من بداية الكشف فى منصف القرن العشرين حتى عصرنا الحالي حيث تم الاستعانة بأبرز المرممين من مختلف محافظات مصر، نظرا لحجم العمل الهائل
* كما تدريب العشرات من جيل الشباب من خريجي كليات الآثار ومعاهد الترميم وضمهم إلى التجربة المصرية المعاصرة فى الحفاظ على التراث .
* وتم التغلب على الصعوبات والتحديات التى واجهت فريق العمل من بينها العمل تحت الشمس الحارقة في الأقصر، لان عمليات الترميم في كانت فى مناطق مكشوفة، لكنها لم تؤثر على اتمام ملحمة الترميم والتنقيب
* يعتبر مشروع احياء طريق الكباش نقلة حضارية وأثرية هائلة للحكومة المصرية لأنه سوف تساهم في إثراء القطاع السياحي والاستثماري خلال الفترة المقبلة.
* يمكن أن تحتل الاقصر المرتبة الأولي في سوق سياحة المؤتمرات عالميا وإفريقياً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس